السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منى عثمان طبَّبت الحيوانات ثم أسكنتهم المخيلة

منى عثمان طبَّبت الحيوانات ثم أسكنتهم المخيلة
16 مارس 2010 21:25
تلعب مرحلة الطفولة دوراً بارزاً ينعكس بصورة إيجابية أو سلبية على حياتنا ومستقبلنا، فهي مرحلة تكوين الشخصية والتعرف على الذات. كما تقدم قصص الأطفال في هذه المرحلة مساهمة فائقة الأثر، فهي أداة الأطفال التي يكتسبون من خلالها مفردات لغوية غنية، وأخيلة ترتقي بتفكيرهم وقدراتهم ومداركهم، علاوة على ما تمدهم به من تسلية ومرح ومتعة...فكم من طفل اعتاد منذ صغره على أن يغوص في بطون الكتب ليبتلع ما فيها من معلومات ومعارف، ليصبح في كبره فيلسوفا أو كاتبا أو مخترعا عبقريا يشار إلى علمه بالبنان!! هؤلاء العظماء والمبدعون الذين تركوا بصماتهم العميقة في التاريخ، لا يختلفون في آدميتهم عنا، نحن العاديين من البشر، بشيء، لكنهم تربوا على حب العلم واحترامه والاغتراف منه دون شبع. في حين أغفل سواهم آلاف الكتب والقصص، وتركوها في المكتبات يعلوها غبار فوق غبار، وحصروا تفكيرهم بعالم الترفيه الذي لم يحسنوا استخدامه، متشبثين بالألعاب الإلكترونية والأفلام الكرتونية التي تغرس فيهم قيم الخوف والعنف والعدوانية... الدكتورة الإماراتية منى عثمان هي طفلة كبيرة وظلت محتفظة بعشقها لعالم قصص الأطفال، فلم تترك قصة علمية أو دينية أو خيالية أو حتى بوليسية، إلا قرأتها، حتى تغذت روحها ولغتها وخيالها، كبرت وكبر معها هذا الحب الذي دفعها لتأليف قصص للأطفال.. بدايات جميلة ... تتحدث د. منى عن اكتشافها للأديبة الموجودة في داخلها حيث تقول: “تربيت في أسرة متعلمة تحث على القراءة منذ سن مبكرة، حيث كانت والدتي، رحمها الله، تشتري لي ولإخوتي قصصا كنا نتسابق على قراءتها، فاعتدت على أن أقرأ، وكبرت على هذا الحال، وعندما تزوجت وأنجبت أطفالي السبعة، كنت أقص عليهم قصصا قبل النوم، بعضها مما قرأته، وبعضها الآخر ألفته بالصدفة، فتنبهت للأمر بعدما قال لي ابني الصغير “ماما القصص إللي بتحكيها أحلى من القصص إللي في التلفزيون”. حينها بدأت بتأليف قصص للأطفال، وكان ذلك منذ 9 سنوات”. قصص متعددة الأغراض تشرح منى طبيعة القصص التي تؤلفها “أول قصة ألفتها كانت بعنوان “الحمار مطرباً”، طرحت فيها قضايا اجتماعية كالظلم والفساد وكيفية محاربتهما، وقد حظيت هذه القصة باهتمام كبير من دار المعارف للنشر، لدرجة أنهم قاموا بطبعها لدورتين متتاليتين، ثم ألفت مدينة الفجر، التي تزرع في نفوس الأطفال قيمة حب الوطن، ودخلت هاتان القصتان في مجموعة قصصية تسمى “مكتبتي” مع مؤلفين آخرين. ثمَّ شاركت في مجموعة قصصية أخرى تسمى “المكتبة الخضراء للأطفال”، عن قصة بلاد النهر التي اختارها الناشر فيما بعد لتمثل كمسلسل تلفزيوني للأطفال، وتبث على قناة صوت القاهرة، ثم ألفت قصتي “الجزيرة المهجورة”، و”الأميرة المخطوفة”، وتعتبر هذه القصص الثلاث اجتماعية خيالية تهدف إلى غرس قيم أخلاقية ودينية ووطنية مثل الصدق والأمانة والشجاعة، وحب الوطن، ونصرة الضعيف، ومساعدة المسنين وغيرها”... تتابع منى “ثم ألفت مجموعتين قصصيتين سميت الأولى (معاً في خدمة البيئة)، وقد اشتملت على 4 قصص عالجت فيها قضايا بيئية مهمة مثل أضرار الأكياس البلاستيكية، والطريقة الصحية للتخلص من الفضلات، وطرق ترشيد استهلاك المياه، وغيرها من المواضيع البيئية. أما المجموعة الثانية فقد سميتها (الحيوانات من حولنا) وهي اشتملت على 5 قصص علمية تتضمن معلومات علمية بحتة استمديتها من الموسوعة العلمية الخاصة بالحيوانات، وراعيت فيها أن تلبي حاجات الطفل الترويحية والتثقيفية، فيتسلى بقراءتها، ويتعلم معلومات علمية جديدة ومفيدة”. متعة من دون عناء ... من الطريف في قصص منى أنها تسمي أبطال قصصها بأسماء أولادها فهد وعبدالرحمن وليلى وخالد وريم وأمنية وعمر، وذلك بدافع حبها لهم، ورغبتها في جذبهم نحو قراءتها، ولكنها تعترف آسفة بأنَّ أولادها يحبون أن يسمعوا من والدتهم عما تتحدث القصة دون أن يلجأوا إلى قراءتها إلا في القليل النادر، شأنهم شأن غيرهم من أبناء جيلهم. وتعلق منى على ذلك بقولها: “يبدو أنَّ أبنائي كالأطفال الآخرين تغريهم الأفلام الكرتونية المصورة بألوانها وأصواتها الجميلة، فلا يكلفون أنفسهم عناء القراءة التي من وجهة نظرهم لن تحقق لهم نفس المتعة”!! وتؤكد منى أنها تركز أثناء تأليفها للقصص على أن يكون أسلوبها مشوقاً جذاباً وسلساً يغذي الروح والعقل معاً، ويمنع النفس من الشعور بالملل، كما أنها تنتقي ألفاظاً وعبارات جديدة، لكنها مفهومة وتتناسب مع المرحلة العمرية التي تستهدفها القصة، والتي تتراوح بين 8-15 سنة. منى عثمان في سطور منى عثمان محمد صادق 49 عاماً. متزوجة ولديها 3 بنات و4 أولاد. حصلت على درجة البكالوريوس في الطب البيطري من جامعة القاهرة. ودرجة الماجستير في الطب البيطري عن رسالتها في أمراض الأسماك، ودرجة الدكتوراة في الطب البيطري عن رسالتها الهندسة الوراثية للأسماك من الجامعة نفسها. تنقلت للعمل في متنزه العين للحياة البرية بين عدة مواقع، فقد عملت مسؤولة عن مبنى الأحياء المائية لمدة عشر سنوات، انتقلت بعدها إلى العيادة البيطرية لمعالجة الحيوانات وتخديرها، وإجراء عمليات جراحية لها لمدة 3 سنوات، ثم انتقلت إلى قسم الحضانات لتعمل على تكثير الحبارى لمدة عام واحد. قبل أن يستقر بها المقام في المركز التعليمي في المتنزه لتؤلف قصصا عن حيواناته وتقصها على الأطفال. يوميات أبو منجل على الرغم من أن منى تفضل كتابة القصص الاجتماعية والوطنية التي تفيض بالمشاعر الإنسانية الجميلة، ولا تخلو من الخيال وروح المغامرة والفكاهة، لكن طبيعة عملها، كطبيبة بيطرية في متنزه العين للحياة البرية، قيدتها بكتابة قصص علمية عن الحيوانات، تخبرنا عن ذلك بالقول: “بحكم عملي فقد توجهت إلى تأليف قصص علمية جديدة عن حيوانات المتنزه، لأقدمها للأطفال الذين يتوافدون من المدارس وغيرها إلى المتنزه، حيث أقصها لهم مع عملية تمثيل بسيطة أستخدم فيها دمى أشبه ما تكون بمسرح عرائس، حيث أسميت هذه المجموعة القصصية حديثة العهد بـ”يوميات أبومنجل في حديقة الحيوان”، وقد اشتملت لغاية الآن على 7 قصص، كل قصة تحكي عن حيوان أو أكثر من الحيوانات الموجودة في المتنزه، فقد تناولت حيوان المها العربي، والقرد والحمار الوحشي والزرافة والدب والأسد والثعبان والأورنجتان، أو ما يسمى بإنسان الغابة، وهو حيوان شبيه بالغوريلا، وها أنذا أتابع التأليف لأستوفي حيوانات المتنزه جميعها”... وتسترسل منى: “تتناول هذه المجموعة القصصية العلمية مغامرات فكاهية يقوم بها الحيوان الذي هو بطل القصة، وفي نفس الوقت تتحدث القصة عن طبيعة هذا الحيوان وغذائه والأمراض التي تصيبه، وغيرها من المعلومات العلمية البحتة التي أستقيها من الموسوعة العلمية للحيوانات”... تشعر منى بفرح وسعادة وهي تمارس فناً تحبه، وتحقق ذاتها من خلاله، فالكتابة بالنسبة لها عالم المبدعين الجميل. وقد فوجئت عندما وجدت قصصها التي اشترتها منها دار المعارف للنشر في مصر قبل سنوات معروضة في معرض الكتاب الدولي في أبوظبي، وشعرت بسعادة كبيرة، خصوصا أن أبناءها افتخروا أمام زملائهم بأن والدتهم هي المؤلفة لهذه القصص. تعتقد منى أنها لا تحتاج لأكثر من الخلوة والتفرغ من الأعباء والأشغال الحياتية لتكتب قصصها، فعند انشغالها تمتد كتابة القصة لأسبوع وعندما تكون متفرغة نوعاً ما لا تستغرق عملية تأليف القصة أكثر من ساعات معدودة، بالإضافة إلى ضرورة وجود نوع من الراحة النفسية الذي يؤثر في الإبداع الفكري والتعبيري على حد تعبير منى. 2009 عام الغوريلا تفيد منى بأنه يتم اختيار حيوان في كل عام على المستوى العالمي ليسمى هذا العام باسمه، ويعطى اهتماماً مميزاً عن غيره من الحيوانات، لذا كان العام الماضي 2009 هو عام الغوريلا، مما دفعها إلى تأليف قصة عن الغوريلا تخبرنا عنها: “ألفت سلسلة قصصية ثلاثية عن الغوريلا، وسميتها على التوالي (عقدة ساتي النفسية)، (خريطة الكنز)، (حفل زفاف جوجو)، وهذه جميعها قصص فكاهية طريفة توضح نواحي علمية بحتة في حياة الغوريلا، مثل سلوكه وغذائه والأمراض التي يمكن أن تصيبه، ومدة الحمل والرضاعة للوليد الصغير، وغيرها وقد ترجمتها من العربية إلى الإنجليزية. وقام الأستاذ سعد صابر، الذي يتولى تدريس مادة الفن في إحدى مدارس العين، متبرعا برسم الغوريلا بطلة القصص الثلاث، وهي تؤدي مغامراتها المختلفة”. تصمت منى لبرهة، وتتابع حديثها بشيء من الغصة: “للأسف عملية نشر هذه القصص وغيرها مما ألفت مكلفة جداً، ولا يمكنني تحمل أعبائها، وكم سينتابني الفرح، لو وجدت من يتبناها بالنشر، فهدفي ليس ربحياً بقدر ما هو رغبة جامحة في أن ترى قصصي النور، وأن يقرأها كل طفل ويستفيد من المعلومات الموجودة فيها”.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©