الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلم والقيم الأخلاقية

27 أكتوبر 2007 01:53
السؤال الذي ما انفك يتواتر على أذهان الناس في السنوات الأخيرة يتعلق بمسؤوليات العلماء والباحثين تجاه المجتمع والحياة بصورة عامة فهل تترك الحرية التامة للعلماء إجراء تجاربهم وأبحاثهم دونما قيد أم أن طريق العلم بات يحتاج إلى قواعد تضبط مساره وتحدد وجهته ثم ما هي مسؤولية العلماء والباحثين تجاه مجتمعاتهم بصورة خاصة واتجاه البشرية ومستقبل الحياة بصورة عامة ؟ لقد تباينت الأجوبة على هذا السؤال وتعددت حوله الإجابات على نحو يؤكد خطورة المنعطف المهم الذي أشرفت الإنسانية على اجتيازه بفضل الاكتشافات العلمية والابتكارات التكنولوجية المتطورة فهناك من يقول إن الحرية عنصر مهم من عناصر الابتكار وإن العلم لم يبلغ مرحلة متطورة جدا كالتي يعيشها اليوم إلا بفضل الحرية التي اتسم بها البحث العلمي وتطبيقاته ولقد كان الوضع الطبيعي والمعقول هو أن يرتبط العلم بالسلم لا بالحرب إذ أن العلم نتاج العقل والعقل لا يعترف بلغة العنف في فض المنازعات بل يحتم المنطق السليم في أي خلاف ، وفي عصرنا الحاضر ازداد هذا التداخل لصوقا وذلك للتغلغل المتزايد للتطبيقات العلمية والتكنولوجية في حياتنا مما جعل العلم يتصل اتصالا مباشرا بالأخلاق بحيث أصبحنا لا نجد مفرا من البحث في النتائج الأخلاقية للعلم وأصبح العلم قوة تؤثر في حياتنا ومسارنا العلمي، لذلك فان الموضوع من الخطورة ما يتجاوز نطاق اهتمام العلماء فالمشكلة تتعلق بمصير النوع البشري كله وهذه المسألة اخطر من أن تترك في أيدي العلماء حتى وأن كان وعيهم عميقا واخطر بالطبع في أيدي السياسيين أو أصحاب المصالح الاقتصادية فمثلا مشكلة التسلح التي هي واحدة من اخطر المشاكل جميعا تضع أمامنا الخيار واضحا فإما أن يمضي العالم في طريق التسلح في ظل نظام المنافسة والعداوة الحالي فنقع جميعا في الهاوية في ظل حرب عالمية شاملة لا تبقي ولا تذر و أما أن نعيد النظر في أهدافنا العلمية المتزايدة من أجل تحقيق رخاء عام وشامل وهذا يقتضي تغييراً أساسياً في طبيعة النظام الذي يسود المجتمع الإنساني ، وباختصار فان طريق التقدم العلمي الذي شاهدناه ويشهده العالم اليوم سيضعنا أمام طريقين لا ثالث لهما ، طريق السلامة وطريق الندامة وليس من خيار سوى السير بالطريق الأول لأننا إذا اخترنا الطريق الثاني فلن نكون هناك لكي نندم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©