مواطنون هوايتهم إعداد سيارات السباق ورحلات السفاري

لا ينحصر الإبداع في مجال معين أو علم معين، فأي لمسة جمال نراها أو نشعر بها في حياتنا اليومية تعد عملاً إبداعياً، فالإبداع يعد أحد المؤشرات المهمة التي تساهم إلى حد كبير في الاستدلال على أهمية وتميز ما تقدمه لمجتمعك، فكل إنسان لديه قدرات إبداعية ولكن القليل من الأشخاص هم الذين يسعون لتوظيف هذه القدرات ويسعون لتطوير أنفسهم ونشر إبداعهم، فالإبداع لا يقتصر على أشخاص من دون غيرهم، فهذه نظرة خاطئة للأمور وعلى الفرد أن يذكر نفسه بذلك كلما شعر باليأس أو الفشل خلال تحقيق شيء خلاق· بعض الناس مهرة بالفطرة، والبعض الآخر يملك مهارات تبقى حبيسة داخله لأنه لم تُتح له الفرصة لاستخدامها أو تطويرها، فعن طريق العمل الجماعي والنقاشات المستمرة قد يظهر البعض مهاراته الخفيّة، هذه المهارات يمكن تحسينها من خلال الصقل والتدريب تحت مظلة الصبر والإصرار على المتابعة· جمعتهم الهواية عندما يتعلق الأمر بمجموعة من الشباب المواطنين جمعت بينهم الهواية والرغبة في تحقيق شيء مختلف فلابد من تقسيم الأدوار والمهام بينهم بما يتناسب مع القدرات التي يتمتع بها كل عضو منهم بما يتماشى مع المهام المطلوبة، وهذه المهام تتحدد عند تفكير المجموعة في إقامة مشروع استثماري إبداعي، قد يكون غريباً بعض الشيء على البعض·· مجموعة من الشباب المواطن وصفوا بالرفاهية والترف وعدم الرغبة في العمل هم من قاموا بهذا المشروع·· ! هذا ما حدث بالفعل حتى أن نجاح الفكرة شجع شباباً مواطنين آخرين ليقوموا بتجربتين مشابهتين لها، حتى أصبح الآن لدينا ثلاثة مشاريع مميزة ومتشابهة الى حد كبير لعدد من الشباب المواطنين وذلك بالمنطقة الصناعية بالعين· قصة نجاح إماراتية بدأت فصول الحكاية منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، كما يشير عبد الرحمن مبارك عبد الله الذي لم يكمل دراسته التي وصل فيها الى الصف الثاني الثانوي، عندما اجتمع بأربعة شباب من أصدقائه لديهم الرغبة نفسها في ممارسة عمل يحبونه وهو عمل ''ميكانيكا السيارات'' وشكلوا فريقا ضمهم بقيادة عبدالرحمن، في البداية دار في اذهانهم فتح ''كراج'' خاص بهم، لكن الفكرة كانت صعبة بسبب التكاليف والاحتياج الى استقطاب العمالة وغيرها من الأسباب، واجتمع الرأي على ان تستفيد المجموعة من وقت الفراغ لديها في عمل ينمي هوايتها ويصقل خبرتها من خلال احد الكراجات التي يتعامل معها احدهم، حيث كان زبوناً مميزاً لذلك الكراج خاصة وأن صاحب الكراج في مثل سنهم، ذهبوا لصاحب الكراج الذي لم يمانع بل رحب بالفكرة واعرب عن استعداده لمساعدتهم، بعد ذلك اليوم بات الأصدقاء يعملون في ذلك الكراج بالمنطقة الصناعية بالعين في أوقات الفراغ· وأضاف عبد الرحمن: من خلال التجربة والخطأ استطعنا ان نكتسب خبرات كثيرة في وقت قليل نسبياً، خاصة أننا نرغب في تعلم هذه المهارات التي يتمتع بها أهل هذه الصنعة، ويواصل عبد الرحيم: لشعورنا بأننا قطعنا شوطاً كبيراً في اكتساب المهارات، وصلنا الى فكرة إيجاد كراج خاص بنا، نستطيع من خلاله الابتكار والتطوير على الاقل ترجمة الافكار التي كانت تدور في رأس كل واحد منا من خلال عمله بيديه· ويضيف بعد ان أوجدنا الكراج الخاص بنا بدأنا في اصلاح سياراتنا، عند مواجهة أي عطل فني فيها ثم سيارات الأصدقاء، واكتسبنا خبرة وثقة بأنفسنا من خلال الممارسة ومرور الأيام، وقال إنه وزملاءه كانوا في رحلة برية وفجأة تعطلت السيارة، وكم كانت فرحتهم عندما أعادوها للعمل بفضل جهودهم وخبرتهم· ثقة الزبائن ويضيف شهاب مطر الكتبي عضو الفريق أنهم أصبحوا يجيدون العمل بحرفية أكثر، حيث بدأوا اصلاح سيارات الناس واستطاعوا ان يوجدوا لهم زبائن، واضاف معربا عن سروره بنجاحه الذي حققه مع زملائه: نحن الاربعة فرقنا العمل والدراسة، لكن جمعتنا الهواية وحب الابداع، واشار الى صعوبة تلك المرحلة والمعاناة التي شعروا بها حتى استطاعوا ان يكسبوا ثقة الزبائن، وقال لقد كان طلبا صعب المنال، لافتا الى انه لابد ان تبذل الكثير من الجهد حتى يثق بك الاخرون، وخاصة عندما يعرفون أن من يصلح السيارة مواطن لسان حالهم يقول ''اننا كمن جاء يتعلم الحجامى في رؤوس اليتامى'' فيبتعدون عنا الى ان وصل بنا الامر اخيرا الى مرحلة اقناعهم بأننا قادرون على أداء هذه الخدمة بجودة عالية· تزويد السيارات ويضيف فيصل محمد القاضي عضو الفريق: فعلا بدأ يأتينا الزبائن الذين كان معظمهم من الشباب ونقوم بتصليح اعطال سياراتهم وهكذا·· الى ان جاءت مرحلة شكلت منعطفا كبيرا في عملنا الذي نقوم به كماً ونوعاً، لافتاً الى بداية اهتمامهم بتزويد السيارات وخاصة سيارات السباق المشاركة في البطولات الرسمية او تهيئة السيارات للمهام الصعبة، للسير في الطرق شديدة الوعورة ولمسافات طويلة نسبيا كرحلات السفاري، مشيراً إلى أن نجاحهم على المستوى المحلي في هذا المجال وتحقيق أرقام متقدمة في السباقات السنوية في مختلف دول المنطقة أدى الى فتح الباب على مصراعيه امامهم وانتشار صيتهم خاصة وسط الشباب والمهتمين بمثل هذه الرياضة في المنطقة، حتى اصبح لديهم زبائن من قطر والسعودية والبحرين والكويت وعُمان، واشار الى ان مشاركتهم في السباقات التي تنظم في دول الخليج أكسبتهم شهرة واسعة واصبحوا من المصادر الرئيسة في دول المنطقة لإعداد السيارات للسباق وهذا ما جعلهم يشكلون فريقاً متكاملاً من الشباب يضم الآن 14 شاباً و6 من الآسيويين يعملون كمساعدين في إصلاح وتجهيز السيارات· تجهيز سيارات السفاري وقال يعقوب مبارك عضو الفريق إن الامر الثاني الذي امتهناه وأجدنا فيه هو تجهيز السيارات لرحلات السفاري، مشيراً إلى أن هذه الرحلات تتطلب زيادة قدرة المحرك اضافة الى زيادة سعة مبرد الماء او باضافة آخر ليتحمل حرارة الجو، كما يتم ايضــــــا تغيير نظام التعليق بالكامل اضافة الى الاطـــــارات ونوعية مقاعد الركاب اضافة إلى تــــوفير وسائل الامن والسلامة في الســيارة، واشار الى ان هذه السيارات تقطع مســـــافة 180-200 كيلو متر طرقاً رملية ووعرة تتـــطلب جهوداً وتجهـــــيزات كبيرة، وان الامر الثــــالث الذي نعــــمل به أيضاً هو تصليح الأعطال العادية للسيارات التي يحضرها اصحابها، ونقوم بإصلاحها وتسليمها للزبون· إشادة أشاد فريق الشباب بدعــــم ســـمو الشـــيخ منصــور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة ورعايته للأنشطة والبطولات والمسابقات الشبابية، وأكدوا أن رعايته لمثل هذه الأنشطة تجسد اهتمامه بالشباب وحرصه على رعاية مصالحهم· الاستفادة من وقت الفراغ طالب عبدالله محمد عضو الفريق، الشباب المواطنين بأن يسعوا للحصول على مهنة او حرفة من خلال تنمية هواية يمارسونها وقت الفراغ أياً كانت تلك الهواية ليستفيدوا منها معنوياً ومادياً، وقال إنه يرحب بالشباب الذين يرغبون في الانضمام الى فريقه، معرباً عن استعداده لتدريبهم وتعليمهم المهارات المطلوبة، وقال: يكفي أن 90% من المنطقة الصناعية يملكها او يستثمر فيها أجانب، وطالب الشباب بالاستثمار في القطاع الخاص في كافة المجالات التجارية والصناعية والفنية والخدمات لدفع الاقتصاد الوطني بأيدي أبنائه الشباب، مشيراً إلى أن الفرص كثيرة، وطالب الدولة بدعم التعليم الفني لخلق طاقات مواطنة قادرة على العمل في قطاع الخدمات الفنية التجارية والصناعية مسلحة بالخبرة والعلم· زبون من عُمان إلى الربع الخالي قال ناصر الحجري، زبون من ولاية البدية بسلطنة عمان، جاء لتجهيز سيارته في الوقت الذي نعد فيه هذا التحقيق والتقينا به في الكراج، إن السيارة التي يطلب تجهيزها سيعبر بها الربع الخالي، حيث يقطع حوالى 160 كيلو مترا في اراضٍ غـــــاية في الوعـــــورة، واشـــــاد بمهـــــارة الشـــــباب الامر الذي دفعه لأن يحضر من سلطنة عمان الى هنا في العين لإجراء التعديلات المطلوبة· شروط ومقاييس قال عادل فاضل عضو الفريق بشأن تجهيز السيارات للبطولة، إن ذلك يختلف من بطولة الى اخرى مشيراً إلى أن كل بطولة لها شروط ومقاييس، وأن الأمر الأساس يكمن في توفير شروط الامن والسلامة، واوضح قائلا: نبدأ بتعديل المحرك وهذا يتطلب تركيب قطع غيار وتبديلها بأخرى لاجراء التزويد وعادة ما نجلبها من الولايات المتحدة الاميركية او استراليا، ونقوم نحن بتأمينها للزبون، وبعد ان نقوم بتركيب القطع الجديدة نقوم بتجريب السيارة، لمعرفة مدى صلاحيتها للمشاركة في المسابقة وموافقتها للمواصفات والمقاييس المطلوبة، بعد تأهيلها بالشكل المناسب، ولفت الى انه يتم زيادة قدرة المحرك بشكل يتماشى مع قوانين المرور والترخيص النافذة في الدولة، يلي ذلك دخولها البطولة، وقال انه هو وزملاءه حققوا عدداً كبيراً من الجوائز والكـــــؤوس من خلال مشـــاركاتهم في المسابقات التي عقدت خلال السنوات الخمس الماضية، واشار الى مسابقات تل مرعب وتل الساد، الامر الذي شجعهم على الاستمرار في هذا المجال والتميز فيه، لتنقلب الهواية الى عمل حقيقي ومصدر رزق مثمر· الجدوى الاقتصادية حول الجدوى الاقتصادية من المشروع أكد هزاع سعيد محمد عضو الفــــريق أنه وزملاءه هواة في الأساس ويعملون في وظــــائف حكوميــــة وأنهـــــم يعملـــــون هـــــنا فـــــي وقت الفـــــراغ، مشـــــيراً إلى أن تكلفــــة تجهـــــيز ســـــيارة الســــباق ما بـــين 150-200 الف درهـــــم وتجهــــيز ســــــيارة الســــفاري مـــــن 50 -80 ألف درهم·