الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلاف «الكوريل» بين روسيا واليابان

12 فبراير 2011 20:40
يبدو أن روسيا واليابان تتجهان في علاقتهما نحو مرحلة من البرود الدبلوماسي الواضح، خاصة بعد الاجتماع المشترك الذي كان يهدف إلى تسوية نزاعهما الطويل حول جزر الكوريل التي ضمها الاتحاد السوفييتي في عام 1945، بحيث انتهى الاجتماع يوم أول أمس الجمعة بتبادل الاتهامات وبنبرة حادة بين الطرفين. فالجزر الأربع المجاورة لشمال اليابان تظل آخر ما تبقى من الصراع الموروث من الحرب العالمية الثانية، وهي السبب الأساسي الذي يحول دون توقيع روسيا واليابان رسمياً على اتفاق إنهاء حالة الحرب بينهما، والتي لم تطوَ منذ الحرب العالمية الثانية. فاليابان لم تقبل أبداً الاحتلال السوفييتي للجزر التي تطلق عليها "الأراضي الشمالية"، فيما تصر روسيا أن نقل الأراضي إلى سيادتها كان بموجب اتفاقيات إنهاء الحرب بين الحلفاء الغربيين والاتحاد السوفييتي والتي رتبت لنظام ما بعد انهزام دول المحور. ومع أن القضية الشائكة كانت دائماً في الظل ولم تخرج إلى الواجهة سوى في مراحل معينة، فإن الرئيس الروسي سعى إلى إحيائها في شهر أكتوبر الماضي بعدما أصبح أول رئيس روسي يزور الجزر البعيدة، متعهداً بضخ استثمارات كبيرة في الاقتصاد المحلي. ووسط عاصفة من الغضب اجتاحت اليابان عقب زيارة الرئيس الروسي إلى الجزر المتنازع عليها، والتي تعتبرها طوكيو جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وامتداداً طبيعياً لها، وافقت موسكو على عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية لمناقشة طرق حل المشكلة والانتقال إلى المفاوضات التي أجلت لفترة طويلة لإنهاء حالة الحرب الرسمية بين البلدين والمستمرة منذ الحرب العالمية الثانية. لكن ما جرى هو انهيار المباحثات بين وزير الخارجية الروسي، ونظيره الياباني بسبب تشدد الطرفين وتمترسهما وراء مواقف مسبقة لا تقبل التغيير. وفي هذا الإطار قال "لافروف" في مؤتمر صحفي مشترك طغى عليه التوتر واتسم بنبرة حادة: "عندما تهيمن المواقف المتطرفة في اليابان وتساندها القيادة السياسية في ذلك، فإنه طبعاً من غير المجدي الاستمرار في أية مباحثات حول الموضوع"، مضيفاً أن "موسكو تنطلق من مسلمة واضحة مفادها أن الحوار لن يكون ممكناً ولن يجري في أجواء إيجابية، إلا إذا تخلت طوكيو عن خطابها المعادي ضد روسيا، كما أن التوقيع على مجموعة من الاتفاقات طويلة الأمد لن يكون سهلاً أبداً مهما كانت الظروف". وقد رد وزير الخارجية الياباني على تصريح نظيره الروسي قائلاً: "إن الأراضي الشمالية هي جزء أساسي من اليابان". ويشتكي المسؤولون الروس من استخدام اليابان قضية جزر الكوريل العالقة بينهما لتأجيج المشاعر القومية المعادية لروسيا بدلاً من المضي قدماً للوصول إلى تسوية معقولة ترضي الطرفين. وكان وزير الخارجية الياباني قد وصف زيارة الرئيس الروسي إلى جزء الكوريل بأنها "عمل لا يمكن السماح به". ويرى المحللون الروس الذين يدعمون في عمومهم الموقف الروسي الرسمي، أن القادة اليابانيين يسخرون الموضوع لأغراض سياسية داخلية. هذا الرأي يعبر عنه "سيرجي ميخاييف"، رئيس مركز الظرفية السياسية في موسكو قائلاً: "إن المسؤولين اليابانيين غيروا لهجتهم لتصبح أكثر تشدداً استجابة لضغوط بعض القوى المتطرفة في الداخل"، مضيفاً أن "الموقف الروسي تشدد منذ زيارة ميدفيديف إلى الكوريل، لكن ألا يحق للرئيس الروسي الذهاب إلى أي مكان يريده في روسيا؟". وقبل اللقاء الوزاري الذي جمع البلدين في الأسبوع الجاري، كان ميدفيديف قد صرح أن جزر الكرويل هي "جزء لا يمكن فصله عن روسيا"، وأمر القوات المسلحة الروسية بتعزيز دفاعاتها في الجزر ونشر كل ما يمكن من أسلحة متطورة لحمايتها. وفي محاولة منه لتهدئة التوتر كان وزير الخارجية الروسي قد اقترح، بعد فشل المباحثات الثنائية، أن تتولى القضية لجنة مشتركة بين الجانبين تؤلف من مؤرخين لبحث الملف. لكن نظيره الياباني رفض الفكرة، معتبراً أنها "بدون آفاق". هذا وتريد روسيا التركيز على إحداث منطقة حرة في الجزر يمكن أن تتحول إلى بوابة حقيقية لتدفق الاستثمارات اليابانية إلى المناطق الروسية الشرقية غير المتطورة لكنها الغنية بالموارد الطبيعية، وهو ما تؤكده "إلجينا مولدوياكوفا"، مديرة مركز الدراسات اليابانية في موسكو قائلة: "إن الفكرة هي الانتقال إلى تسوية حول الجزر تتيح تعزيز التعاون الاقتصادي والرقي به إلى مستوى أعلى. لكن المواقف المتصلبة متمثلة في إصرار اليابان على ضرورة استعادة الجزر وتمسك روسيا من جانبها بالسيادة عليها، لا تسمح بأي حل لقضية الجزر على الأقل في المدى المنظور". فريد وير موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©