الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن والفراغ السياسي في الشرق الأوسط

12 فبراير 2011 20:40
قرار مبارك التنحي، بعد ثلاثة عقود في السلطة، وضع إدارةَ أوباما أمام فراغ سياسي كان يملؤه ذات يوم حليف قوي، مما خلخل الشرق الأوسط على نحو يطرح أخطاراً بقدر ما يطرح آمالاً بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. وفي ما بدا تخفيفاً لأجواء الفرح التي غمرت شوارع القاهرة، حذر أوباما ومسؤولون أميركيون آخرون من أنه لئن كانت ثورة مصر مثيرة للعواطف، فإنها لم تكتمل بعد، في وقت تولى فيه الجيش مسؤولية إدارة البلاد. واليوم، ستضطر إدارة أوباما لتغيير الأدوار – من إدارة مواجهة سياسية متقلبة أصابت حليفاً إقليمياً بالشلل إلى ضمان تنفيذ جنرالات مصر الحاكمين، والذين تدرب العديد منهم في الولايات المتحدة، للتغييرات السياسية والقانونية من أجل ضمان انتخابات نزيهة في وقت لاحق من هذا العام. وفي هذا السياق، قال أوباما: "هذه ليست نهاية المرحلة الانتقالية، بل بدايتها". وقد أثارت استقالة مبارك تساؤلات عبر الشرق الأوسط. ففي إسرائيل، حيث تابع المسؤولون الحكوميون بقلق انسحاب أحد شركاء البلاد العربية القلائل إلى منتجع سياحي على البحر الأحمر، كان الشعور الغالب هو مزيج من الخوف والقلق بشأن ما إن كانت ثورة مصر ستعني مزيداً من العزلة لتل آبيب في المنطقة. وفي هذه الأثناء، بدأت إدارة أوباما تنظر إلى ما أبعد من القاهرة، تماماً مثلما قامت بقلب صفحة تونس بسرعة بعد رحيل بن علي، وسط الاحتجاجات الشعبية قبل نحو شهر. ويقول مسؤولون أميركيون إن الركود الاقتصادي، وهيمنة فئة الشباب على التركيبة السكانية، والإحباطات السياسية، التي تغلي في بعض البلدان العربية كلها عوامل قد تشكل الشرارة لتفجير تغيير سياسي واسع يمكن أن يفضي إلى رحيل حلفاء في المنطقة لصالح حركات معارضة غاضبة مناوئة للغرب. ولعل التحدي الآن هو كيف يمكن تشجيع انتخاب حكومات تستجيب لاحتياجات الناخبين وتراعي مصالح الولايات المتحدة في الوقت نفسه. وفي هذا الإطار، أوضح "بن رودز"، نائب مستشار الأمن القومي لشؤون التواصل الاستراتيجي، أن الإدارة الأميركية قامت خلال الأيام الأخيرة بالاتصال هاتفياً بمسؤولين عبر العالم العربي لتؤكد لهم أن الولايات المتحدة تنوي "الالتزام بتعهداتها" إذ قال: "بالإضافة إلى رسالة التطمين تلك، كنا أيضاً واضحين، علانية وسراً، بأن أفضل ترياق ضد الاحتجاج هو إصلاح يفتح المجتمعات". لكن عضواً "جمهوريا" في الكونجرس لديه اطلاع على تقارير الاستخبارات قال إن وكالات التجسس الأميركية رأت مؤخراً مؤشرات على أن زعماء آخرين في الشرق الأوسط كانوا مستائين جداً من معاملة الولايات المتحدة لمبارك. وفي هذا الإطار، قال المشرع الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه حتى يتحدث حول هذا الموضوع بصراحة: "لقد استشاطت البلدان الأخرى غضبا؛ إنهم غاضبون منا جدا" . وكان مبارك، الذي خرج من الحركة الوطنية العلمانية التي أنتجت عبد الناصر والسادات، يضع خمسة رؤساء أميركيين أمام اختيار صعب: إما الدفع في اتجاه قدر أكبر من الديمقراطية في بلد محوري ومؤثر أنجب الإسلام السياسي المعاصر، أو الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. وعلى مدى عقود، اختارت الحكومة الأميركية الطريق الأخير، وهو سجل يمكن أن يقلب العملية السياسية التي قد تنبثق من ميدان التحرير في القاهرة ضد الولايات المتحدة. كما يرجح أن يؤثر على موقف مجموعات معارضة رئيسية مثل "الإخوان المسلمين"، الذين مازالت معارضتهم لإسرائيل مستمرة، في شكل أي شيء يحل محل حكومة مبارك. وقد ترك مبارك خلفه المؤسسات والقوانين الجامدة، ومن ذلك مرسوم الطوارئ الذي يقيد العديد من الحريات المدنية، وجيش قوي لديه مصلحة في استقرار البلاد. وفي هذا السياق، يقول "توم مالينوفسكي"، مدير منظمة "هيومان رايتس ووتش" في واشنطن، وهو واحد من عدد من المستشارين الخارجيين الذين استدعاهم البيت الأبيض خلال الأسابيع الأخيرة قصد استشارتهم بخصوص مصر: "إن تشديد أوباما على أن الأمر إنما يتعلق بالطريقة التي تُحكم بها مصر، وليس بمن يحكم مصر - والذي كان أمراً غير مهم بالنسبة له - هو في الواقع الشيء الصائب الذي ينبغي التشديد عليه الآن"، مضيفاً "سيكون ذلك مصدر إلهام بالنسبة لحركات المعارضة، ولكنه قد يكون شيئاً يجعل الحكومات أكثر تشدداً وصرامة ربما". وقال جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس "الشيوخ"، (وهو ديمقراطي عن ولاية ماساتشوسيتس): "أعتقد أنه لا يجدر بأحد أن ينجرف كثيراً مع نشوة النصر اليوم"، مضيفاً "فثمة جيش يتولى زمام الأمور سيتعين عليه أن يثبت أنه يعرف كيف يدير هذا النوع من الانتقال"، مضيفاً إن النموذج الذي يقدمه مبارك قد يجعل زعماء المنطقة غير المنتخَبين، وبخاصة أولئك المدعومين من قبل الولايات المتحدة، أكثر رغبة في تبني إصلاحات سياسية. وقال كيري: "إن السؤال هو كيف سيستجيبون، وعلينا أن نعمل معهم حول كيفية القيام بذلك"، مضيفاً: "إن هذا هو التحدي الذي يواجه الشرق الأوسط!". سكوت ويلسون واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©