السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«إسلاموفوبيا» مائدة العشاء!

12 فبراير 2011 20:41
لاشك أن خطاب البارونة سيدة وارسي، نائب رئيس حزب "المحافظين" بالمملكة المتحدة، في ليستر خلال شهر يناير الماضي، الذي صرحت فيه بأن "الرهاب من الإسلام نجح في امتحان مائدة العشاء"، قد أطلق أنواعاً من الجدل والنقاش حول العديد من موائد العشاء في عموم بريطانيا. وكانت "وارسي" تؤكد، بمعنى آخر، أن كون المرء معاديّاً للإسلام أصبح أمراً شبه مقبول في دولة، هي في الحالات العادية، متسامحة ومنفتحة، وهنا المفارقة. ونرى في Faith Matters، وهي منظمة مكرّسة لإيجاد تماسك مجتمعي بين الجاليات الدينية في المملكة المتحدة، أن "وارسي" على حق فيما يتعلق بتنامي الشعور المناهض للمسلمين وتاريخ المملكة المتحدة المتسامح والمنفتح، على حد سواء. نقول هذا وقد لاحظنا بشكل ملموس مشاعر معادية للمسلمين لدى بعض قطاعات المجتمع. فعندما ننشر، مثلاً، مواد بحثية عن الجالية المسلمة نتسلم بشكل منتظم مراسلات من أناس يتفوّهون بأسوأ الصور النمطية عن المسلمين. إلا أن هناك أناساً أيضاً داخل مجتمعات الإيمان وخارجها ممن يحاولون مد يد التواصل لبناء الجسور مع الجاليات المسلمة، حيث إنهم يفهمون أن تبادل اللوم والتنافر والتنابز لا يبني مجتمعات مستدامة صحية. ولعل ما يدعو للقلق أكثر من التصوير النمطي هو توجه البعض نحو إفشال اندماج المسلمين في المجتمع من خلال إنشاء مدوّنات ومواقع على الإنترنت وجماعات على "الفيسبوك" تطلق لغواً وهراء معاديّاً للمسلمين. وقد حضرت حفلات جامعية وحفلات عشاء يُنظَر فيها إلى المسلمين على أنهم الجالية "المشكلة"، وحيث موضوع نقاش الأمسية هو التطرّف الإسلامي، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى جدل حول جميع المسلمين. ومن المفيد الدفع بهذه القضايا إلى مقدمة النقاش، على رغم أن مجرد إبراز القضايا والسماح لها بالبقاء "معلّقة في الهواء" يمكن أحياناً أن يضرّ بالتماسك المجتمعي. ولهذا السبب، فمن الأساسي أن تأخذ منظمات المجتمع المدني وغيرها، العاملة في مجال دعم العلاقات بين كافة شرائح المجتمع، ملاحظات "وارسي" على محمل الجد. ومن الأساسي كذلك أن تدعم الحكومة البريطانية التفاهم والحوار من خلال أجندة "المجتمع الكبير"، المصمّمة لتمكين المجتمعات المحلية من اتخاذ المزيد من القرارات بنفسها، والسماح للشركات الخاصة والمؤسسات الخيرية بأن توفر الخدمات التي توفّرها الدولة عادة. وأهمّ من ذلك أن تستمر الحكومة نفسها في رعاية العلاقات المجتمعية القوية وأن تشجّع التكامل الصحي من خلال العمل كميسّر للأفكار الاجتماعية الجيدة. وقد صرحت البارونة "وارسي" كذلك في خطابها بأن المسلمين يجري تأطيرهم في معسكرين، "المعتدل" و"المتطرف"، بدلاً من النظر إليهم كأفراد. وهذا أمر مهم بشكل خاص حيث إنه يؤثر على المجتمعات المسلمة وعلى الرؤية الذاتية للشباب المسلم البريطاني. والسؤال: كيف نستطيع إذن الحدّ من اللغو المتحامل ضد الآخر حول مائدة العشاء؟ من الأساس تشجيع التنوع في المجتمعات المسلمة حتى يتسنى لنا مجابهة الصور الهشّة والمشوهة عن المسلمين، التي تبطّن الحوار المجحف. ويعني تنوع المجتمعات المسلمة، فكريّاً أو من حيث الممارسة والخلفية أن عناصر كهذه تحتاج لأن يتم تشجيعها ونشر أفكارها في حملات دعائية عبر الصحافة والإعلام. وإضافة إلى ذلك، فإن المجتمعات التي تحافظ على هوياتها أحادية الثقافة تحتاج لحوافز اجتماعية، مثل ميزانيات الجاليات الصغيرة، التي تدار على مستوى محدود من قبل السلطة المحلية بالشراكة مع السكان، حتى يتسنى التواصل والاشتراك مع مجتمعات أخرى. ويعني ذلك أيضاً أنه يتعين على السياسيين التأكيد على أن العمل مع مجتمعات متنوعة وتطوير روابط معها يزيد من قدرة الشخص على التعامل مع عالم يزداد عولمة. ونستطيع جميعاً أن نسهم في محاربة تحاملاتنا الداخلية، والأولوية اليوم هي العمل لكي يتخلص المسلمون من تبعات وأعباء كونهم الجالية الدينية التي يكثر التحامل عليها، واستهدافها، دون وجه حق. فياز موغال مؤسس ومدير منظمة Faith Matters ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©