الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب الشيوعي الصيني··· دور جديد للجيل الخامس

الحزب الشيوعي الصيني··· دور جديد للجيل الخامس
28 أكتوبر 2007 02:24
من ناحية المظهر، لم يكن ثمة ما يميز الرجلين عن بقية الحضور؛ فقد كانا يرتديان بذلتين زرقاوين داكنتين وربطتي عنق حمراوين، تماما على غرار زملائهما السبعة في المنصة· وحين قام الرئيس ''هو جينتاو'' بتقديمهما وأعضاء آخرين في أعلى جهازٍ لصنع القرارات في الحزب الشيوعي إلى العالم، لم تفارق الابتسامة شفتيهما، ولكن من دون أن ينبسا بكلمة· أحد هذين الرجلين يتم إعداده وتدريبه ليصبح الزعيم المقبل لأكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان؛ والواقع أن ''كزي جينبينج'' و''لي كيكيانج'' ليسا عضوين جديدين في أكثر جهاز سياسي نخبوية في الصين فحسب، وإنما يعدان أيضا النجمين الصاعدين الأصغر سنا -في الرابعة والخمسين والثانية والخمسين على التوالي- من بين الجيل المقبل الذي يأمل قيادة الصعود المتواصل للصين كقوة عالمية· وحسب محللين للشؤون السياسية الصينية، فإن الرجلين قدِما من خلفيات مختلفة -أحدهما من الساحل الجنوب الشرقي الذي يشهد طفرة اقتصادية كبرى، والآخر من الحزام الصناعي الشمالي- إلى منصبيهما الجديدين في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي، وهو ما يؤشر إلى رغبة في الديمقراطية داخل الحزب الشيوعي اليوم· و''كزي'' - يشغل منصب زعيم الحزب في منطقة شنغهاي التي تعرف دينامية كبيرة- هو ابن رئيس وزراء سابق، ومتزوج من مغنية مشهورة· وقد سطع نجمه واكتسب سمعة جيدة في الأقاليم الساحلية الجنوبية التي كانت من أول الأقاليم التي تحررت من مراقبة الدولة وعاشت تجربة الإصلاحات والاستثمارات الخارجية والتحديث السريع· أما ''لي'' -يشغل منصب زعيم الحزب في إقليم لياونينج الصناعي والفقير منذ ثلاثة أعوام-فقد تدرج في المسؤوليات الحزبية من القاعدة في ''العصبة الشبابية الشيوعية'' فاكتسب تجربته السياسية في العمق الصيني الفقير والمحافظ· ورغم أن ''كزي'' متقدم بفارق بسيط جدا على ''لي'' في التنافس على خلافة ''هو'' في غضون خمس سنوات (يذكر هنا أن ''هو'' قدَّم ''كزي'' قبل ''لي''، في إشارة صغيرة ومهمة في آن واحد إلى التراتبية)، إلا أن مسألة الخلافة ليست محسومة سلفا· وفي هذا الإطار، يقول ''لي تشينج'' -الذي يراقب تنافس القيادة في الصين من مؤسسة بروكينجز في واشنطن-: ''لقد تركوا الباب مفتوحا أمام المنافسة، وهو أمر غير عادي في النظام السياسي الصيني''، مضيفا ''غير أن الكثير من الأشياء يمكن أن تحدث خلال السنوات الخمس المقبلة''· ويواجه كلا المرشحين الأوفر حظا مهمةً صعبة خلال الولاية الرئاسية الثانية لـ''هو''؛ ذلك أن لا أحد منها معروف أو يحظى بالشعبية على نحو خاص؛ ولذلك، فإن كل واحد منهما مطالَب بخلق سمعة لنفسه من دون مزاحمة مَن هم أكبر منهم سنا أو الشرود عن خط الحزب· وقد أثبت المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي، الذي اختتم أعماله يوم الأحد، أنه الفرصة التي كان ''هو'' يأمل أن تتاح له لفرض هذا التوجه؛ حيث وافق المندوبون بالإجماع على تضمين دستورِ الحزب الشيوعي نظرياتٍ عزيزة على قلبه مثل ''التنمية العلمية'' و''المجتمع المتناغم''، مؤيدين بذلك تشديده على البرامج الاجتماعية والبيئية للتخفيف من التأثيرات السلبيـــة للنمو الاقتصادي السريع· وفي هذا السياق، قال ''زو زيكسين''، -يعد أحد أهم صناع السياسات الاقتصادية في الصين- إن إشارات ''هو'' المتكررة إلى ''التنمية'' الاقتصادية، بدلا من ''النمو'' الاقتصادي، تبرز ''الاختلاف الكبير من حيث المفهوم'' عن السياسات السابقة التي كان هدفها الأساس هو دعم سياسة خلق الثروات في الصين· ومن جانبه، قال زو -نائب رئيس ''لجنة التنمية والإصلاح الوطني''-: ''اليوم لا نشدد على النمو الاقتصادي فحسب؛ وإنما على العلاقة أيضا بين النمو والبيئة والتوزيع المنطقي للفوائد الاقتصادية''· تجدر الإشارة هنا إلى أن الكوارث البيئية المتكررة واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء كانت من بين المشاكل التي تعهد ''هو'' بتناولها ومعالجتها خلال ولايته الثانية، وبذلك يكون ''هو'' قد نأى بنفسه مرة أخرى عن مقاربة ''النمو بأي ثمن'' التي كان يتبناها سلفه ''جيانج زيمين'' كزعيم للحزب ورئيس للبلاد· وقد يكون ''الجيل الخامس'' الأصغر سنا من الزعماء الصينيين، والذي يعد ''لي'' و''كزي'' من أبرز شخصياته، مؤهلا أكثر لمثل هذه المهام مقارنة بأسلافهم· فإذا كان المهندسون هم الذين طغوا على الطبقة السياسية الصينية حتى الآن، فإن نوعا جديدا من الزعماء المقبلين تدربوا في تخصصات متنوعة· فـ''لي'' مثلا تدرب على المحاماة· وعلاوة على ذلك، فقد وجدت دراسةٌ حديثة لكبار المسؤولين في أكبر أربع مدن في الصين أن ثلاثة أرباعهم تخصصوا في الاقتصاد أو الإدارة أو العلوم الاجتماعية أو القانون أو العلوم الإنسانية· ومع ذلك، فإنه من غير الواضح حتى الآن ما إن كان ذلك سيجعلهـــم أكثر استعـــدادا من الزعماء الأكبر سنا لتبني قدر أكبر من الديمقراطية، أو على الأقل الانفتاح في السياسة الصينية· وفي خطابه الافتتاحي الأسبوع الماضي، كرر ''هو'' عبارة ''الديمقراطية داخل الحزب'' عدة مرات؛ كما أكد المسؤولون على أن الانتخابات الخاصة باللجنة المركزية للحزب والتي يبلغ عدد أعضائها 200 عضو تميزت بالتنافسية وتعدد المرشحين· والحال أن المرشحين كانوا يفوقون عدد المقاعد المتنافَس عليها في اللجنة المركزية بثمانية في المائة فقط عندما قام المندوبون بالتصويـــت يــــوم الســــبت، وذلـــك حســـب مـا أوردته وكالة الأنباء الرسمية، وهو ما لم يترك مجالا كبيرا للتنافس· ويقول البروفيسور ''لي'' زميل مؤسسة ''بروكينجز'': ''إن ضم مرشحيْن للخلافة المقبلة هو تقدم طفيف''، قبل أن يضيف، ''ولكنهم لم ينتخَبوا على أي حال· لقد كان هذا المؤتمر الحزبي خاضعا لمراقبة شديدة، وهو بذلك يظل صندوقا مغلقا يصعب فك شفرته''· مراسل كريستيان ساينس مونيتور في بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©