الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محادثات السلام في دارفور·· والمفاوضات الموازية

محادثات السلام في دارفور·· والمفاوضات الموازية
28 أكتوبر 2007 02:25
في الأسبوع الماضي أقبل مجهولون على قتل 10 من جنود الاتحاد الأفريقي المنتشرين في إقليم دارفور، وأياً كان الفاعل وراء هذه الاعتداءات، فإن هناك من يعتقد أن القصد وراء هذا الفعل هو تحسين موقفه في محادثات السلام المقرر بدؤها خلال الأسبوع الحالي· وتثير الهجمات هذه، أسئلة جدية بشأن الأساليب المتبعة حتى الآن لتسوية هذا النزاع، فلطالما ظلت طاولة المفاوضات السلمية حكراً على حملة السلاح في كلا طرفي النزاع وحدهم، فمن المؤكد أن أياً منهم لن يتردد في اللجوء للسلاح والقوة بغية تحسين موقفه التفاوضي في تلك المحادثات، وفرض نفوذه عليها، لقد أصبح لزاماً علينا الكف عن مكافأة العنف، ولن يتحقق ذلك إلا بإعطاء قدر أكبر من المشاركة للجمهور العريض من السكان المدنيين غير المسلحين، كي تكون لهم كلمتهم ورأيهم في المحادثات هذه، وفي كيفية استعادة السلام المفقود· وكما حذر الاتحاد الأفريقي، فإنه ليس لأي مجموعة من المجموعات المسلحة أن تعتقد أنها سوف تكتسب نفوذاً أكبر لها داخل المحادثات السلمية، جراء انتهاكها لاتفاق وقف إطلاق النيران، وإقدامها على الاعتداءات الدموية العسكرية، لكن وبما أن صوت الفعل أعلى من جميع الكلمات كما يقال، فقد اقتصرت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الدعوة إلى طاولة المحادثات دائماً على الجماعات المسلحة وحدها، باعتبارها الأكثر استعداداً للجوء إلى العنف· وعلى رغم وجود محاولات لمشاركة واستشارة العناصر غير المسلحة، إلا أنه لم تبدر أي مؤشرات على قدرة هذه العناصر على أن يكون لها أي تأثير يذكر على المحادثات، المؤسف أن هذا الاتجاه ليس قاصراً على محادثات السلام في دارفور وحدها، فقد جرت العادة على دعوة الجماعات المسلحة وحدها لطاولة المحادثات المباشرة· لكن ومهما يكن، فقد حان وقت القول إن هذا النهج لن يفعل شيئا سوى تقويضه لعملية السلام نفسها، لأنه يوفر حافزاً لمختلف الجماعات المتنازعة ويدفعها دفعاً إلى حمل السلاح· وفي الحقيقة فإن استعادة الأمن والاستقرار والازدهار لهذه المناطق التي مزقتها الحروب والنزاعات، إنما تعتمد اعتماداً كبيراً على مشاركة كافة الأطراف التي يمسها النزاع، وليس على مشاركة المتحاربين فحسب؛ ومما لا شك فيه أن إنجاح أي من عمليات السلام، يستلزم أن تحظى الاتفاقيات المبرمة بقدر كبير من شرعية الأغلبية السكانية العامة· وإدراكاً لهذه الحقيقة، فقد بذل من الجهود -تحت أفضل الأحوال- ما يهدف إلى إجراء مفاوضات موازية أخرى غير رسمية ولا مباشرة، ضمت المجموعات المدنية غير المسلحة، وكذلك النساء ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الممثلة للمواطنين المحليين، إلى جانب اللاجئين وغيرهم· والقصد من المفاوضات الموازية هذه، تضمين دورهم في المحادثات الرسمية الجارية بين العناصر المسلحة المتحاربة· وبهذا نصل إلى القول إن مبادرة ''الأمن التشاركي'' تدعو إلى توسيع أكبر لقاعدة المشاركة الاجتماعية في عمليات السلام، وتتركز جهودها بشكل خاص على رفع مستوى مشاركة النساء، مع ملاحظة أنهن يمثلن الفئات والطبقات الاجتماعية الأوسع التي لم تحمل السلاح في مجتمعاتها؛ وبالتالي فهن عادة أكبر ضحايا النزاعات المسلحة التي تدور في بلدانهن، وفوق ذلك فإن لهن رؤاهن وتجاربهن الخاصة الفريدة، فضلاً عما لهن من قيم يستحيل بناء السلام من دونها· والملاحظ أن المتفاوضين عادة ما يعمدون إلى تهميش دور النساء وغيرهن من الجماعات غير المسلحة حرصاً منهم على استمرار النزاع ومواصلته· وخلال الأسابيع الماضية كنت في العاصمة السودانية الخرطوم حيث عملت مع مجموعة من النساء يمثلن مناطق النزاع الثلاث في الإقليم، إلى جانب كونهن ينحدرن من مختلف الانتماءات العرقية والسياسية ومن شتى التجارب والرؤى الاجتماعية· وقد جلسن معاً وشاركن في تحديد أولوياتهن للسلام، ليس ذلك فحسب، بل أبدين التزامهن بالتعاون المشترك على امتداد مختلف الانتماءات العرقية والثقافية والدينية والسياسية والجغرافية التي تفصل بينهن· لكن وعلى رغم جدية عملهن وخروجهن بالكثير من الآراء والمقترحات المثمرة، إلا أنه ليس متوقعاً أن ترى جهودهن النور في طاولة المفاوضات المزمع عقدها في السابع والعشرين من شهر أكتوبر الجاري· غير أن هناك عدة طرق لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في المحادثات هذه، بحيث تشمل الجماعات غير المسلحة، ومن بين هذه الطرق على سبيل المثال، المطالبة بوقف العنف والاعتداءات وتسريح الجماعات المسلحة كشرط استباقي لإجراء مفاوضات أوسع نطاقاً تهدف إلى اقتسام السلطة والثروة وإعــادة بناء حياة المجتمع المدني في الإقليم· كما يمكن تخصيص مقاعد على طاولة المفاوضات المباشرة نفسها للمجموعات التي لم تحمل السلاح غير أن لها دوراً مقدراً في عملية صنع السلام· ولعل الخطوة الأكثر جذرية في هذا المنحى أن يوجه منظمو المفاوضات، الدعوة للجماعات غير المسلحة أولاً وتكليفها بمهمة وضع جدول أعمال المفاوضات قبل انضمام الجماعات المسلحة إليها· وبهذا نضمن إحداث تحول جوهري في بنيـــة حوافز القـــوة والتأثير في هذه المفاوضات، بما يحد من تكرار لجوء الجماعات المسلحة للقوة والعنف من أجل زيادة نفوذها داخل المفاوضات، على غرار ما حدث في الاعتداءات الأخيرة على جنود الاتحاد الأفريقي· مديرة مبادرة ((Inclusive Securit بواشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©