الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرلمانيات العربيات··· خطوات في تمكين المرأة سياسياً

البرلمانيات العربيات··· خطوات في تمكين المرأة سياسياً
29 أكتوبر 2007 03:20
يثير وضع المرأة جدلاً واسعاً عند الحديث عن تمثيل النساء في البرلمانات العربية ومشاركتها السياسية، عقود طويلة مرت على بداية مشاركة المرأة في بعض الدول العربية، أو بلدان الشرق الأوسط، ورغم ذلك فإن أوضاعها لا تختلف كثيراً عن البلدان الأكثر حداثة في ذلك· إن تمثيل النساء المحدود لا يقتصر فقط على البرلمانات الوطنية أو القومية، بل إنه يمتد إلى المجالس البلدية أو اللجان المحلية التي تمثل المجتمعات على مستويات عدة· نتائج انتخابات المغرب الأخيرة، أعادت الجدل إلى الساحة السياسية مرة أخرى حول تمثيل النساء، خاصة بعد فوز 34 امرأة فقط للغرفة السفلى· شكلت النساء في اللوائح الانتخابية نسبة 3 بالمائة، ونسبة 5 بالمائة من قائمة المرشحين ككل· في مقابل ذلك فازت النساء بـ50 مقعداً من أصل 550 بمجلس النواب التركي، ويحدث ذلك للمرة الأولى في تاريخ المرأة التركية، ويشكل ثاني أكبر دولة في تمثيل النساء ببرلمانات المنطقة بعد العراق حيث توجد 70 امرأة في البرلمان· بشكل عام المرأة في منطقة الشرق الأوسط ككل وفي العالم العربي خاصة، تعاني من ظروف وأوضاع سياسية واجتماعية وثقافية غاية في الحساسية والتعقيد، تحد من قدرتها على خوض المعترك السياسي وتزيد من التحديات والعقبات التي تواجهها مقارنة بالرجل الذي يعيش تحت نفس الأوضاع، الأمر الذي يؤدي إما إلى إحجامها عن المشاركة السياسية أو إلى عدم وجود الدعم الكافي لها، وبالتالي امتناع الناخب من التصويت لها لتمثيله في المجالس المحلية المختلفة أو في البرلمانات على المستوى الوطني· من أبرز هذه التحديات، الأعراف والتقاليد الاجتماعية والثقافة السائدة، التي تدفع إلى الاعتقاد بعدم قدرة المرأة على التعاطي مع الشأن العام، وذلك لقلة خبرتها أو انعدامها، مقارنة بالرجل الذي يتمتع بخبرة عامة وسياسية أفضل، وما لهاذا الأمر من انعكاس على الناخب من الجنسين· يقود ذلك إلى تحد آخر -قد يكون نتيجة أو سبباً في نفس الوقت- وهو قلة عدد المرشحات أو المشاركات سياسياً، مقارنة بأعداد الرجال الكبيرة، فعلى سبيل المثال، فإنه من بين أكثر من 800 مرشح للانتخابات في سلطنة عمان، فإن عدد المرشحات لا يزيد عن 25 امرأة، وهذا بالطبع يعطي فرص فوز ضعيفة· هناك أيضاً أسباب هامة أخرى تشكل في حد ذاتها عقبات في طريق المرأة، منها الأوضاع السياسية العامة في الشرق الأوسط وغياب الديمقراطية، وحرية التعبير، وتقييد حرية الصحافة والإعلام، وغياب مفاهيم مثل التعدد واحترام الاختلاف والحوار، وهي أمور تؤثر على تطور ونمو الوعي السياسي لدى المواطن· يضاف إلى ذلك أيضاً أن الرجال هم قادة المؤسسات السياسية والأحزاب، وهم أغلــب أعضائهـــا، ولهذا فإن موضوع المرأة لا يشــكل أولويــة، وإن كانت قيادات الأحزاب مثلاً توليها أهمية خاصة، فإنها تخشى من الخسارة إذا ما وضعت على قوائمها نساء أكثر من الرجـــال، لأنهـــا تدرك تجــذر مشكلة عدم الثقــة بالمرأة لدى الناخــب في ظل أعراف اجتماعية لا تجدها نــداً للرجـــل· تبتعد الكثير من النساء عن المشاركة السياسية لاتقاء الكثير من العواصف ضدهن، فهناك من جهة بعض التفسيرات والفتاوى الدينية التي تحد من مشاركة المرأة في الحياة العامة وتمنعها من الاختلاط بالرجال أو تولي مناصب عامة، وهناك أيضاً البعد الأسري والعائلي الذي لايخلو من تعقيد حيث تواجه المرأة بتحديات من داخل أسرتها· وإذا أمكن حل مشكلات عميقة أخرى تطال المرأة مثل الأمية والفقر والمرض المنتشرة بين النساء أكثر من الرجال وهي ضمن أعلى النسب في العالم، فإنها مع بعض الإجراءات ستساعد على تمكينها، وستساهم مع بعض الحلول المقترحة للدفع بها نحو مشاركة فاعلة، وتمثيل صادق، تتمثل في نشر الوعي بأهمية دور المرأة في الحياة العامة، والعمل على تأهيل النساء وتدريبهن لشغل مناصب عامة، والدفع بهن إلى الساحة السياسية لإثراء تجربتهن وكسب ثقة الناخب· ولهذا يجب العمل على إقناع قيادات الأحزاب والمؤسسات المدنية والسياسية الأخرى بضرورة ترشيح النساء وتكثيف وجودهن على قوائم الانتخابات، وتوليهن مناصب متقدمة في قيادات الأحزاب والمؤسسات، من جانب آخر العمل مع وسائل الإعلام المحلية على إبراز المرأة وإظهار النماذج الناجحة والفاعلة التي أحدثت تغييراً في المجتمع· والتنسيق مع الجمعيات والمنظمات الدولية لتنظيم برامج وورش عمل خاصة بها ومن ثم متابعتها وتقييمها، كما أن الربط بين مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقـــة بقضية مشاركــة المرأة وتفعيلها، سواء في البلد الواحد أو على المستويين الإقليمي والدولي، يؤدي إلى دعم المرأة سياسياً ومعرفياً· توجد بأغلب الدول جمعيات ومنظمات معنية بقضية المرأة وحقوق الإنسان، كذلك توجد وزارات تهتم بشؤونهن، وهي جمعيات في الغالب تعمل دون تنسيق مشترك، ولذا فهي تحتاج إلى تنسيق فيما بينها لبناء استراتيجية وطنية محددة زمنياً هدفها زيادة تمثيل المرأة في المجالس والبرلمانات، وتشكل لجان خاصة تنبثق عن الوزارات والجمعيات تتابع وتقيم الخطوات، وعلى هذه اللجان أولاً أن تتعرف على النساء الراغبات في المشاركة السياسية، ومن ثم تدريبهن وتأهليهن لأدوار مختلفة ومتعددة في الحياة العامة· على مستوى الدول العربية هناك الجامعة العربية التي بها لجان ومكاتب متخصصة بشأن المرأة يمكن العمل معها من أجل التعاون الإقليمي والاستفادة من تجارب الدول العربية الأخرى التي حققت نجاحاً أفضل من غيرها، كما أنه توجد مجالس عليا للمرأة بالكثير من الدول العربية التي يمكنها أن تنظم دورات للتدريب، ومن جهة تقوم مع الجمعيات النسائية والجهات الأخرى بالضغط لزيادة حصص النساء بالمجالس· على المستوى العالمي، تعاملت الكثير من المنظمات مع جمعيات محلية ونساء من العالم العربي، وفي السنوات الأخيرة نشطت مؤسسات غير حكومية أميركية مثل المعهد الوطني الديموقراطي، والمعهد الجمهوري الدولي في أغلب الدول العربية ونظما نشاطات مشتركة، كتدريب النساء في بلاد الشام والخليج وشمال أفريقيا على الحملات الانتخابية، كما أن المعهدين استمرا في تنظيم مؤتمرات وورش عمل تساند النساء بأساليب ذات خبرة وتجربة في هذا المجال، مثل هذا الجهد يجب أن يستمر حتى تظهر نتائجه، ويمكن أن تدخل هذه المنظمات وغيرها كشريك للمؤسسات المحلية أو الإقليميــة لتحديـــد أولوياتها واحتياجاتها· من جهة أخرى أصدرت الأمم المتحدة تقارير غاية في الأهمية مثل تقارير التنمية الإنسانية التي اعتبرت مشكلة المرأة أولوية، واقترحت حلولاً عملية يمكن الاستفادة منها بشكل مباشر؛ وهناك منظمات تابعة للأمم المتحدة مثل صندوق المرأة التي تعمل بالفعل في المنطقة، ويمكن استغلال ذلك في تشكيل شبكة من العلاقات، لتكثيف الجهود وتحديدها، وبالتالي العمل في اتجـــاه واحـــد، بدلاً من تشتت الجهـــود وإهدارهـــا دون تركيز على قضيــة بعينها· إن التنسيق المشترك والربط بين هذه المنظمات والأفراد لاشك سيقود إلى حل مشكلة المرأة من الجذور، ومن الهام لنجاح ذلك إدراك المرأة أن الطريق طويل والنضال مستمر، وأن الصبر والزمن مطلوبان لإحداث تغيير فعلي على أرض الواقع· كاتبة وصحفية عمانية ومديرة البرامج بمنتدى الخليج للمواطنة خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©