الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان··· تحركات سياسية على خط الهجوم

اليابان··· تحركات سياسية على خط الهجوم
29 أكتوبر 2007 03:24
بعد أسابيع معدودة على الحادي عشر من سبتمبر، أرسلت اليابان سفناً إلى المحيط الهندي من أجل توفير الوقود وغيره من وسائل الدعم للقوى الغربية التي تخوض الحرب في أفغانستان· كانت تلك المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي ترسل فيها اليابان قوات لها إلى الخارج من أجل دعم نزاع عسكري خارجي، وإن لم يكن لها دور قتالي فيه· ووصف صناع السياسة الأميركيون اليابان حينها بأنها حليف وفيٌّ ومستعد للمساهمة بالجنود· إلا أنه بحلول الأول من نوفمبر، ينتظر أن تعود السفن اليابانية إلى وطنها، ولهذا فالأميركيون يخشون أن تقوم اليابان، وبعد أن خطت خطوات هامة على طريق التخلص من السياسات العسكرية السلبية لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بالتراجع عن دورها كحليف في الأمن الدولي· والحال أن في هذا القلق الكثيرَ من التهويل والمبالغة، فاليابان أبدت وتبدي رغبة والتزاماً بالمساهمة في الأمن العالمي· من المستبعد اليوم، وبشكل متزايد، أن يتم تجديد القانون المرخِّص للمهمة في أفغانستان، ولاسيما بعد الفوز الصادم لحزب اليابان الديمقراطي، الذي عارض التجديد، في انتخابات الغرفة العليا للبرلمان الصيف الماضي· ثم إذا كان الحزب الديمقراطي الليبرالي المحافظ الحاكم مازال مصمماً على إعادة الترخيص للدور العسكري، فإنه يواجه معارضة عمومية هامة وطريقاً وعرة في البرلمان· وأمام هذا الوضع، يحذر بعض المسؤولين والخبراء الأميركيين من أن عدم تجديد المهمة سيؤشر على تراجع خطير عن مسؤوليات اليابان في العالم ويضعف التحالف الأمني؛ فيما اتهم آخرون زعيم حزب اليابان الديمقراطي ''أوزازا إيشيرو'' بأنه عديم المسؤولية، بل و''معاد لأميركا''؛ ولكن تلك التعاليق خرقاء وجائرة؛ فصحيح أن ثمة إمكانية حقيقية لعودة اليابان إلى دور أمني أصغر، غير أن مهمتها في أفغانستان هي الاختبار الخطأ لمدى إمكانية الاعتماد على اليابان كحليف· أما فيما يخص ''أوزاوا'' فلو يستمع الأميركيون جيداً إلى كلامه، لوجدوا أنه يسعى لتوسيع الدور الأمني العالمي لليابان، وليس تقليصه· إن ما تراه الولايات المتحدة كتراجع من جانب الصين عن المسؤولية العالمية، إنما هو في الواقع شيء آخر تشترك فيها الأحزاب الليبرالية والمحافظة في اليابان، للقرار الأميركي القاضي بغزو العراق· فما يحدث الآن هو أن هذه المعارضة التي كانت مدفونة في وقت من الأوقات بعناية وراء مظهر التضامن بين أعضاء التحالف، أخذت اليوم تطفو على السطح· لقد كان ''أوزاوا'' وحزبه صريحين جداً في الطعن في مبررات حرب العراق، فوصفاها بأنها حرب تفتقر إلى تبرير دولي واضح· وحسب روايات موثوق بها، فإن رئيس الوزراء الياباني ''فوكودا كازو'' يقتسم هذه الرؤية، وإن سراً، وذلك على غرار آخرين في الحزب الديمقراطي الليبرالي· وينبغي على المسؤولين الأميركيين المنتقدين لحزب اليابان الديمقراطي بسبب سعيه لتجنب دور أمني أكبر لليابان، أن يتذكروا أن الحزب دعم قانون محاربة الإرهاب عندما تم تمريره عام ،2001 ولكنه رفض دعم تجديده لاحقاً بعد اندلاع حرب العراق؛ إذ يرى أعضاء كبار في حزب اليابان الديمقراطي أن الهدف الأصلي للمهمة اتسخ مع مرور الوقت بالعمليات العسكرية في العراق· فرغم أن المسؤولين اليابانيين والأميركيين ينفون حدوث أي تغير في المهام، غير أن البنتاجون يعترف بأن السفن اليابانية تنخرط في مهمات متعددة، وبأنه من غير الممكن عزل الوقود وفق طبيعة المهام، وتضيف النسخة الجديدة للقانون المقترح من قبل الحزب الديمقراطي الليبرالي بشكل واضح دور سلاح البحرية وتختزله في دعم عمليات محاربة الإرهاب، ممـــا يعد اعترافاً غير مباشر بعدم وجـــود فصل واضح عن حرب العراق· يدعو ''أوزاوا'' منذ وقت طويل إلى دور أمني أوضح بالنسبة لليابان خارج حدودها، فدعا الحكومة إلى إرسال قوات لمساعدة الحلفاء في حرب الخليج في،1991 وكان وراء تشريعات سمحت بالمشاركة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة· والحال أن قوات حفظ السلام اليابانية تقتصر على المهام غير القتالية، فعلى الرغم من جنوح الحكومة نحو دور أمني أكبر، إلا أنها مازالت متشبثة بتفسير بند يحظر المهام القتالية، ولكن ''أزواوا'' يرى أن الحظر الدستوري لا ينبغي أن يشمل أنشطة الأمم المتحدة· هذا الشهر، اقترح ''أوزاوا'' أن ترسل اليابان قوات لحفظ السلام، بدلاً من قوة بحرية، إلى أفغانستان والسودان، وذلك تحت رعاية قوات الأمن الدولية المرخص لها من قبل الأمم المتحدة؛ غير أن المثير للسخرية هو أن المحافظين الحاكمين يرفضون ذلك بوصفه أمراً غير دستوري، مجادلين بأنه سيشكل عملاً دفاعياً جماعياً وليس دفاعاً عن النفس· وهو ما رد عليه ''أوزاوا'' بالقول: ''إذا كان يراد لليابان فعلاً أن تكون حليفة للولايات المتحدة، فينبغي أن تحافظ على رأسها عالياً وتسعى إلى منح النصح اللازم للولايات المتحدة''· ولهذا الغرض، يضيف ''أوزاوا'': على اليابان أن تكون مستعدة لوضع نفسها أكثر على الخط، وذلك عبر اقتسام مسؤولية حفظ السلام، وليس إرسال بضعة سفن بعيداً عن الخطر· وهذه أفكار ينبغي على المسؤولين الأميركيين أن يتبنوها، بدلاً من أن ينددوا بها· صحفي أميركي متخصص في الشؤون اليابانية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©