الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلان عن «الدولة المبكرة»!

16 مارس 2010 23:22
تصريح وزير خارجية فرنسا أرعب الحكومة الإسرائيلية، حيث قال: "بإمكان المرء أن يتصور إعلاناً قريباً للدولة الفلسطينية، والاعتراف الفوري بها من قبل المجتمع الدولي حتى قبل التفاوض على حدودها". تخاف إسرائيل من أن يتطور ذلك التصريح ليصبح مبادرة شاملة من قبل الاتحاد الأوروبي، وتحذر تل أبيب أنه بوجود توجه كهذا لن يكون للفلسطينيين، أي حافز على استئناف المفاوضات. إلا أن هذا الجدل غير مقنع، ولو اعترف المجتمع الدولي بدولة فلسطين، فمن الأرجح أنه سيفعل ذلك دون أن يعترف بالتحديد بالحدود التي تطالب بها تلك الدولة، تماماً مثلما لا يعترف المجتمع الدولي بالحدود التي تدعيها إسرائيل. لم تقبل الولايات المتحدة على سبيل المثال أبداً مزاعم إسرائيل بالسيادة على أي جزء من القدس. إضافة إلى ذلك، فإن الاعتراف الرسمي لا ينهي الاحتلال، ولا يحل مشكلة اللاجئين ولا مشكلة القدس وجميع هذه القضايا تتطلب مفاوضات، ولكن إيجاد دولة بشكل مبكر سيضع مفاوضات كهذه على أساس دولة مقابل دولة، وذلك أمر له أهميته من نواحٍ متعددة. الأمر الأهم في المفاوضات المستقبلية هو قضية الأمن، وما إذا كانت قوات الأمن الفلسطينية تستطيع منع الهجمات على إسرائيل. وإذا لم تتمكن هذه القوات من ذلك فلن تنسحب إسرائيل من الضفة الغربية، بغض النظر عما يقوله المجتمع الدولي. جرى خلال السنوات الماضية امتداح أداء قوى الأمن الفلسطينية المدرّبة بإشراف أميركي، والعاملة تحت سلطة الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه، لكن في غياب التقدم باتجاه دولة حقيقية، فإن ما يُنظَر إليه اليوم على أنه "عملية أمنية ناجحة" سوف يذوب مع مرور الوقت ليُنظر إليه كتواطؤ فلسطيني، أصبحت فيه قوات الأمن "شرطة لحماية الاحتلال". وتساهم الدولة المبكرة كذلك بحل قضايا اللاجئين والقدس والحدود. بالنسبة للاجئين، من الواضح أن عدداً قليلاً جداً من الستة ملايين لاجئ فلسطيني سوف يعود في يوم من الأيام إلى إسرائيل. إلا أن ذلك صعب جداً لأن يستوعبه الفلسطينيون سياسياً. يمكن تيسير هذه الصعوبة إلى حد ما في مضمون الدولة حيث أنه من غير المقبول أو الممكن أن تطالب أية دولة أن يُسمح للملايين من مواطنيها أن يصبحوا مواطنين في دولة أخرى. أما فيما يتعلق بالقضايا الحدودية والأمنية، فقد كان الإسرائيليون أحياناً غير قادرين على سماع نبرة المفاوضات السابقة، ففشلوا في إدراك كم هو مهين لكرامة الفلسطينيين ألا يتمكنوا من السيطرة على أجوائهم، أو أن تتم مبادلة الأراضي على أسس غير متساوية. أما في مضمون مفاوضات (الدولة مقابل الدولة) فسوف يكون هناك نوع من التطور الطبيعي نحو التناسق الذي صنع مفاوضات إسرائيل مع الأردن ومصر. الأمر ينطبق كذلك على القدس حيث سيكون مضمون الدولة مقابل الدولة داعماً للحاجة لإيجاد أسلوب للتشارك في السيطرة على الأماكن المقدسة وجعل القدس عاصمة للدولتين. إضافة إلى ذلك تقدّم الدولة المبكرة أسلوباً للحد من احتمال أن تتخذ "حماس" خطوات لإفشال المفاوضات. لحسن الحظ، أن مضمون (الدولة مقابل الدولة) يوفر أسلوباً للتعامل مع الأحوال الخِلافية التي تواجهها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة). بذلك تصبح مطالب أن تقدم "حماس" اعترافاً مسبقاً بإسرائيل، بدلاً من اعتراف واحد بدولة مقابل دولة، ومطلب أن تقبل "حماس" اتفاقيات سابقة جرى التفاوض عليها مع غريمتها منظمة التحرير الفلسطينية، المتطلب المعياري لاستمرارية المعاهدات الدولية بين كيانات الدول عندما يتم انتخاب حكومات جديدة. بوجود الدولة المبكرة، تتوفر فرصة، قد تمكن الفلسطينيين من ترتيب بيتهم الداخلي، وأن تكون لهم دولة بشرعية كافية لربط الشعب الفلسطيني من خلال المفاوضات. وأخيراً يجب ملاحظة أن تحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين بالنسبة للقيادة الفلسطينية دون موافقة إسرائيل سيشكل عملاً حازماً يعزز قدرتها على القيام بتنازلات صعبة في المفاوضات. لهذه الأسباب جميعها، ورغم أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية قبل توقيع اتفاقية مع إسرائيل لا يشكل حلاً سحرياً، فإنه فكرة بنّاءة إلى درجة كبيرة قد تجعل من المفاوضات الناجحة احتمالاً حقيقياً. جيروم سيغال مدير مشروع استشارات السلام بجامعة مريلاند ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©