السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سالم جوهر: الطين ينبض بين أصابعي

سالم جوهر: الطين ينبض بين أصابعي
15 ابريل 2016 04:17
إبراهيم الملا (الشارقة) انطلاقاً من مدرسة العروبة في الشارقة ووصولاً إلى كلية الفنون الجميلة في بغداد التي تخرج فيها بدرجة امتياز، وحتى استقراره في إمارة رأس الخيمة، كانت مادة الخزف بالنسبة للفنان التشكيلي الإماراتي سالم جوهر هي خامة اليد وطاقة الرؤيا، وكانت أيضاً بمثابة تجسيد لدهشة العين، وذاكرة الطفولة باكتشافاتها المبكرة التي ستتحول بعد ذلك إلى مجسمات ناطقة بما يعتمل في روح وبصيرة صانعها. كان الفنان الرائد سالم جوهر، من أوائل المنتبهين في بدايات الحركة التشكيلية المحلية لجماليات النحت البارز وما يمكن أن تهبه طراوة الطين من تكوينات غنيّة وطيّعة قبل أن تستوي وتجمد في الأفران ذات الحرارة العالية، وتتهيأ لمرحلة أخرى من التزويق والنقش والصقل في قالب من السيراميك اللامع والمغمور بضوء الوجد، وحياكة الأنامل المرهفة. في الحوار التالي، يستعيد جوهر جانباً من سيرته الفنية وعلاقته بمادة الخزف والجدرايات النحتية، ويبدي رأيه أيضاً حول واقع وطموح الحركة التشكيلية في الإمارات. يشير جوهر إلى أن مشاركته الفنية الأولى محلياً كانت في معرض جمعية الإمارات للفنون التشكيلية الأول في قاعة أفريقيا في الشارقة، العام 1981، متأثراً في أعماله المبكرة بإبداعات خزافين كبار تتلمذ على أيديهم في بغداد مثل الفنان العراقي الراحل سعد شاكر، والفنان القبرصي فالانتينوس كارلامبوس، مؤسس أكاديمية الفنون الجميلة في العراق، مذّاك لم ينقطع جوهر عن الإنتاج الفني، بل ظل يطارد هاجسه في التجريب والمغامرة الإبداعية، مشيراً إلى أن حلمه بإنشاء متحف خاص في منزله يضم جميع أعماله الفنية هو حلم ماثل أمامه، ويسعى لتحقيقه خلال السنوات القليلة القادمة. وعن سبب اختياره مادة الخزف في مجمل أعماله، أوضح جوهر أن مادة الخزف تجمع بين الرسم والنحت، كما أن الخامة الأساسية فيه وهي الطين، وضعته في المجال الروحي المطلوب لخلق علاقة حميمية وفطرية بين الفنان والخامة التي يشتغل عليها، وصولاً إلى المنتج النهائي الذي لن يخلو في هذه الحالة - كما أشار - من دفق إنساني وعاطفي يتخلل إلى هذه المادة الجامدة ويمنحها تكويناً نابضاً وموحياً وقريباً من وعي وذائقة وتفاعل المتلقي. وأضاف جوهر أن التحولات التي يختزنها الطين في داخله، هي بذاتها تحولات مثيرة للدهشة ابتداء من استثماره في الجانب الاستهلاكي كبضاعة طويلة الأجل على يد الصنّاع والحرفيين، عندما يتحول بعد معالجات خاصة إلى فخّار، ومروراً باستثماره فنياً في الأعمال الخزفية ومنحوتات السيراميك، بحيث لا يقوم الفنان بتكرار عمله، بل تظل المنحوتة الواحدة هي تحفة فنية مستقلة بذاتها. وأوضح جوهر أن جذور الصنعة الفنية لمادة الخزف تعود إلى العصر العباسي، ثم انتقلت للعصر الفاطمي مع ازدهار الزخرفة والطابع التزييني، حيث يتم إلصاق خامات معدنية على الخزف، فتكتسي ببريق ولمعان لافت للأنظار، مستطرداً أن التقنية ذاتها تستخدم اليوم في أعمال السيراميك. ونوه جوهر بأنه يستقي مواضيع أعماله من ديناميكية الطبيعة المحيطة به، مستوحياً شكل الأصداف البحرية والفطريات والنباتات الصحراوية والألوان الزاهية والمتداخلة في البيئة الجبلية، إضافة إلى أن الكتل الدائرية التي يعتمدها في أغلب منحوتاته هي كتل مستوحاة من مفهوم استمرارية الحركة، ومن شكل الكرة الأرضية بما تحتويه من ثراء بصري وروحي وآركيولوجي. وحول راهن وطموحات الحركة التشكيلية في الإمارات، قال جوهر: «إن هذه الحركة شهدت قفزات نوعية وكبيرة ومذهلة مقارنة بالبدايات، خصوصاً أنه كان من الجيل المؤسس لها، واختبر الصعوبات والمشاقّ التي واجهها مع زملائه الفنانين في تلك الفترة التكوينية»، مضيفاً أن الجيل المؤسس حظي في السنوات الأخيرة باهتمام ورعاية ودعم المسؤولين والجهات الثقافية في الدولة، ولكنه ما زال بحاجة - كما قال - إلى التفريغ الوظيفي، وإلى جهود رسمية أكبر لاقتناء أعمال رواد الفن المحلي، وتغطية النفقات الكبيرة التي يتطلبها إنتاج الأعمال المكلفة مثل الخزفيّات والجداريات والمنحوتات، وغيرها من الأعمال الفنية التركيبية ذات المواصفات الخاصة والمتطلبات الباهظة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©