الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشحن البحري يخشى وصول سفينة «التعافي» متأخراً

الشحن البحري يخشى وصول سفينة «التعافي» متأخراً
13 فبراير 2012
يرسو عدد من أساطيل سفن الشحن فارغة قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لماليزيا وسواحل هونج كونج. كما تطفو عشرات السفن الجديدة خالية بالقرب من أحواض بناء السفن العملاقة في كوريا الجنوبية والصين في واحدة من أسوأ الفترات التي يعيشها سوق قطاع الشحن البحري العالمي. وحتى وقت قريب، كان سعر إيجار السفينة التي تحمل سلعا عامة مثل خام الحديد أو القمح نحو 15,000 دولار في اليوم، السعر الذي لم يتجاوز سوى 6,000 دولار حالياً. وبالرغم من أن ذلك ربما يُعزى إلى الركود الاقتصادي العالمي، إلا أن العامل الأكبر يتمثل في الفائض الكبير في السفن الجديدة. ويتسبب ذلك في جلب الضغوطات المالية لمالكي السفن وللبنوك الأوروبية التي مولت معظمها والتي تعاني بالفعل من أزمة الديون الأوروبية. وفي مثل هذا المناخ، لا تأمل شركات القطاع الكبيرة في تعاف سريع. ولم يتمكن أصحاب السفن خلال فترة انتعاش السلع العالمية التي استمرت حتى شتاء 2008، من الإيفاء بطلبيات الشحن الكثيرة بالسرعة المطلوبة. ونظراً لما يستغرقه بناء السفن من طول وقت لم يتم تسليم هذه السفن التي تسببت في الفائض، إلا في الوقت الحالي. ولا يعني الفائض تراجع أسعار الإيجار فحسب، بل تراجع أسعار السفن أيضاً. وربما تكون البنوك الأوروبية الكبيرة أكثر الخاسرين في نهاية الأمر، لا سيما أن العديد منها يعاني من خسارة كبيرة نتيجة امتلاكها الكثير من السندات الحكومية من اليونان وإيطاليا ودول أوروبية أخرى تقع تحت وطأة ديون ضخمة. ويقدر بازل كاراتزاس، مدير مؤسسة “كار ـ تزاس” للاستشارات البحرية العاملة في مجال الوساطة والاستشارات المالية للسفن في نيويورك، قروض السفن لدى البنوك الأوروبية بنحو 500 مليار دولار وأن هذه البنوك تواجه خسارة قدرها 100 مليار دولار لإعادة هيكلتها. وفي وقت تعاني فيه البنوك الأميركية من خسائر ضخمة نتيجة قروض المنازل التي تقل قيمتها عن قيمة الرهونات العقارية، تواجه نظيراتها الأوروبية خسائر محتملة تقدر بمليارات الدولارات من القروض التي قدمتها لشراء السفن. وأكثر ما يثير قلق هذه البنوك، إمكانية إلغاء هذه الديون وكيفية التعامل معها من وجهة النظر الحسابية. ودأبت البنوك الأوروبية منذ فترة طويلة على لعب دور رائد في مجال تمويل بناء السفن لكبرى الشركات العالمية، بيد أن بعضها توقف فجأة عن توفير هذه التمويلات. ولجأت بعض البنوك في ظل معاناتها للحصول على رأس المال للإيفاء بمتطلبات الاحتياطي الصارمة التي يطالب بها المنظمون الأوروبيون، إلى محاولة جمع الأموال عبر عرض نسبة من التخفيض للشركات التي تدفع مقدماً. ووفقاً لبعض خبراء تمويل السفن، توجد سوق ثانوية أخرى لتقديم قروض السفن، لكن ليس بمعدلات الخفض الكبيرة التي تكره البنوك تقديمها. و”كوميرز بنك” الألماني و”مجموعة لويدز المصرفية” البريطانية، من ضمن البنوك الأوروبية التي أعلنت خفض معدل تعرضها لقروض السفن. ويبحث “سوسيتيه جنرال” الفرنسي، أيضاً عن طرق تكفل له خفض ما بحوزته من قروض السفن ليركز بدلاً من ذلك على تقديم الاستشارات لشركات الشحن البحري. وفي غضون ذلك، يراقب مالكو السفن بقلق شديد مؤشر “بولتيك دراي” المتخصص في أسعار الشحن، الذي بلغ أقل معدل له منذ يناير 2009. وصاحب تراجع أسعار الشحن، تراجع في أسعار السفن نفسها. وسفينة “سامهو دريم” التي تم بيعها مقابل 137 مليون دولار في بداية 2008، لم تتجاوز قيمتها سوى 28,3 مليون دولار عند شرائها في هونج كونج منتصف يناير 2012. وبما أن حمولة السفن من التجارة العالمية آخذة في زيادة تتراوح بين 2 و3% سنوياً، يزيد الفائض من السفن من الأعباء الواقعة على قطاع الشحن البحري. وما يزيد الوضع سوءا تسليم عدد كبير من السفن لمالكيها في يناير من العام الحالي، التوقيت المعمول به كعرف في القطاع. ويتعرض المشترون الذين يرفضون استلام سفنهم، لفقدان مقدم الدفع الذي يبلغ في بعض الأوقات 40% من قيمة الشراء الكلية. لكن أصبح من الصعب الحصول على قروض من البنوك لدفع نسبة الـ 60% المتبقية، خاصة في ظل تراجع الأسعار الحالية مقارنة بوقت توقيع عقد الشراء قبل 4 أو 5 أعوام. وكادت أسعار الشحن تتساوى مع تكاليف التشغيل في الوقت الراهن للعديد من شركات الشحن البحري، مما يجعل التوفير بغرض تسديد سعر السفن أمراً بالغ الصعوبة، حيث يقود ذلك إلى زيادة عدد السفن القديمة غير الصالحة للعمل وبالتالي انخفاض معدل الفائض. وبلغ إجمالي القروض المقدمة لشراء السفن حول العالم نحو 100 مليار دولار في السنة الماضية بانخفاض قليل مقارنة مع السنة التي سبقتها. ويُذكر أن ثلاثة أرباع هذه القروض في السنة الماضية، كانت بغرض إعادة التمويل أو إعادة هيكلة قروض سابقة عانى المشترون في سدادها. وتتركز أكبر أسواق سفن الشحن، في نقل خام الحديد إلى مصانع الحديد والصلب الصينية المتعطشة لمثل هذه المواد. لكن وفي ظل بطء قطاع العقارات في الصين الذي قاد إلى تقويض طلب الحديد، تراجع معدل الطلب الصيني بصورة مفاجئة منذ أكتوبر الماضي. وأشار هارلي سيدين مدير الغرفة التجاري الأميركية في جنوب الصين، إلى البطء الشديد الذي يسود قطاع العقارات ليجد المطورون صعوبة في إقناع البنوك بالاستمرار في تمويل المشاريع التي بدأ العمل فيها بالفعل. ونتج عن الفائض في السفن بجانب العوامل الموسمية، عدم الاعتماد على قطاع السفن كأحد مؤشرات الاقتصاد العالمي. كما أدى سوء الأحوال الجوية قبالة البرازيل وأستراليا الوجهات التي يتم شحن خام الحديد والسلع الأخرى إليها، إلى تردد شركات الشحن في التوجه ناحيتها والانتظار لعدد من الأيام لحين توقف العواصف. وما يزيد الصورة سوءاً، ارتفاع تكاليف شحن الحاويات من الصين إلى أميركا وأوروبا خلال بداية العام الحالي، نظراً لاستعجال المصانع في تجهيز الطلبيات قبل عطلة أعياد السنة الصينية الجديدة التي تمتد لشهر كامل، على الرغم من موسمية هذا الارتفاع. وحتى في حالة عدم بطء وتيرة التجارة العالمية خلال الأشهر القليلة المقبلة، لا يزال الطريق طويلاً أمام قطاع الشحن البحري ليتماشى فيه الطلب مع العرض. وفي غضون ذلك، تظل مئات سفن الشحن العاملة في نقل البضائع المختلفة والحاويات والسلع المبردة، طافية باستمرار على المياه في انتظار العملاء. نقلاً عن: «إنترناشيونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©