السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأوروبيون في أفغانستان··· أوان اقتسام العبء حان

الأوروبيون في أفغانستان··· أوان اقتسام العبء حان
30 أكتوبر 2007 03:17
هل تتذكرون ''فيهرماخت''؟ لقد كانت قوة قتالية يحسب لها ألف حساب، والواقع أن الجيش الألماني الحديث ''بونديسفهر'' فعال وقوي أيضا، غير أن المشكلة تكمن في تردده في القتال أو حتى وضع نفسه في أماكن خطرة· قد يبدو ذلك طبيعيا بالنظر إلى التاريخ؛ فقد ساهمت الولايات المتحدة في إنشاء مؤسسات ألمانيا الحديثة لهذا الغرض بالضبط ضمانا للسلام· غير أنه في أفغانستان، حيث يشارك 3200 ألماني ضمن قوات الناتو التي تعيش ظروفا صعبة، فإن لمسة من الـ''بونديسماخت'' أمر مستحب ومرحب به· أفغانستان اليوم بلد منقسم؛ فالجنوب والشرق يعدان منطقتين خطيرتين نظرا لظهور قوات طالبان هناك مجددا؛ وهو ما تسبب في تكبد الناتو لخسائر مهمة؛ أما الشمال والغرب، حيث تتركز جهود حفظ السلام، فيعدان أكثر هدوءا· وفي ظل هذه الأوضاع، حدث توتر بين دول التحالف التي تحارب على الخطوط الأولى وتلك التي لا تشارك في العمليات الحربية· المجموعة الأولى، التي تحارب طالبان في إقليم ''هيلمند'' وغيره، تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وهولندا· أما الثانية، فتضم في جزئها الأكبر ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا· وفي هذا السياق، يقول ''جوليان ليندلي'' -خبير عسكري في أكاديمية الدفاع الهولندية-: ''في أفغانستان ينهار التضامن بين أعضاء الناتو بشكل يبعث على القلق''، مضيفا قوله ''لا فائدة من التخطيط لعمليات قوية على الصعيد العالمي، إذا لم تكن ثمة رغبة في اقتسام العبء· إن الكثير من الجنود الألمان يشبهون إلى حد كبير أفراد شرطة مرور مدججين بالأسلحة''· وقد فقدت كندا، التي تشارك بـ2500 جندي ضمــن قوات الناتــو في أفغانستان، 71 جنديا، وهو ما يمثل ضعف الخسائر البشريــة الألمانيــة بثلاث مرات، وضعف الخسائر البشرية الإيطالية بسبع مرات· أما بريطانيا والولايات المتحدة، فقدت فقدتا نحو 80 و450 جنديا على التوالي، وهي أرقــام تشي بالكثير· لقد تطورت المهمة الأفغانية، غير أن التفويض الذي منحته منظمة الأمم المتحدة لقوات الناتو البالغ تعدادها 40000 رجل هناك يتحدث فقط عن ''حفظ الأمن'' لغرض دعم ''جهود إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية''، ولكنه لا يأتي على ذكر محاربة التمرد أو الإرهــاب· والحال أنــه في ظــل قيــام طالبان بتنظيم صفوفها واستئناف عملياتها واستمرار تدفق الدعم عليها من المناطق الحدوديــة الباكستانيــة، فقد أصبح من شبه المستحيل الحديث عن الأمن دون الحديـث عن القضــاء على المتمردين· وفي هـذا الإطار، يقول الجنرال ''دان ماكنيل'' -القائد الأميركي لقوات الناتو-: ''الآلاف'' من مقاتلي طالبـان قُتلوا هـــذا العــام''؛ في حين يحدد ضبــاط آخرون العدد في نحو 5000 مقاتل· الحقيقة أن الولايات المتحدة وقوات خاصة أخرى مشاركة في عملية ''الحرية الدائمة'' المنفصلة التي قادتها أميركا ساهمت مساهمة فعالة في هذه النتيجة، ولكن مع ذلك، فلا يمكن القول إن الناتو ليس في حالة حرب في أفغانستان· وهي الحقيقة التي يرفض الأوروبيون الاعتراف بها، تماما مثلما لا تبدو العلاقة بين المذابح في مدريد أو لندن أو أمستردام من جهة والإرهاب الأفغاني-الباكستاني من جهة ثانية ثابتة ومقنعة بالنسبة لكثير من الأوروبيين· فهذا الشهر، وافق البرلمان الألماني ''البونديستاغ'' على تمديد مهمة القوات الألمانية في أفغانستان لفترة عام آخر، فالتأييد الألماني الهش لإرسال قوات إلى هناك كان مربوطا بشروط منذ بداية المهمة، ومن ذلك أن القوات الألمانيــة إنمــا توجد في أفغانستان من أجل مساعدة الأفغان في مجالات الأمن وإعادة الإعمار والإدارة الجيدة، على اعتبار أن القوة الناعمة تنتصر· الواقع أن الجنرال ''ماكنيل'' لا يختلف مع هذا الرأي إذ يقول ''الحل العسكري وحده لا يكفي''؛ غير أن أفغانستان، وبعد ست سنوات على إسقاط طالبان، تمر من مرحلة مفصلية؛ فوحدها إدارة أفضل، وشرطة أقل فسادا، وتقدم مادي، سيهمش طالبان· غير أن المهمة ضعيفة الموارد هذه، والتي يتوقف عليها مستقبل الناتو، تحتاج إلى قوات تنهض بتحديات المرحلة، كيفما كان نوعها· أما التأويل الضيق والمتصلب للتفويضات، فلا يخدم وضعا متغيرا· وفي هذا السياق، يقول سفير الولايات المتحدة في كابول ''ويليام وود'': ''إن الالتزام تجاه أفغانستان يتعين أن يكون التزاما كاملا، مضيفا ''ولذلك، فلا بد من التخلي عن بعض الشروط، ومن المؤكد أنه سيكون من الأفضل لو استطعنا التعاون جميعا حول نفس المهام''· يتعرض وزراء الدفاع في الدول الأعضاء في الناتو، المجتمعون في هولندا هذه الأيام، لضغوط من قبل وزير الدفاع الأميركي ''روبرت جيتس'' من أجل توفير المزيد من القوات وطائرات الهيلوكبتر، وكلها أمور ضرورية في الواقع، إلا أنه على مستوى أعمق، يتعين على أعضاء الناتو البت بشأن مدى استعدادهم لتحمل المسؤولية ومواجهة الخطر بشكل جماعي· فلو كانت ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا على سبيل المثال أكثر مرونة، لكان بالإمكان تشكيل احتياطي استراتيجي للجنوب المضطرب· من بين التعليقات التي سمعتها أنه لا جدوى من أن تطالب الولايات المتحدة بأن يقاتل حلفاؤها ويموتوا في جنوب أفغانستان، في وقت ترفض فيه النقاش حول دور باكستان في العنف· والحقيقة أنه قول سليم وفي محله، غير أنه حان الأوان لإحضار الـ''بونديسماخت''، ولتتغلب أوروبا على سراب السلام والهدوء، وتعترف بأن الأوضاع حاليا خطيرة وتتطلب تضحيات وميزانيات دفاع مهمة· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©