الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تكريس عزلة كوبا

30 أكتوبر 2007 03:17
دافع الرئيس الأميركي ''جورج بوش'' يوم الأربعاء الماضي بقوة عن فكرة جلب الديمقراطية إلى كوبا؛ غير أنه حين قال للشعب الكوبي إن عليه ألا يتوقع المساعدة من الولايات المتحدة قبل أن يقوم هو بنفسه بتحرير كوبا، ورفضه إدخال أي تغيير جوهري على سياسة الولايات المتحدة، فإنه بذلك يعرقل عملية الدمقرطة التي يسعى إلى دعمها· ففي الخطاب الذي ألقاه بوزارة الخارجية، لوح بوش للشعب الكوبي بعدة جزرات، ومن ذلك أجهزة الكمبيوتر، والربط بشبكة الإنترنت، والمنح الدراسية من خلال ''الشراكة من أجل شباب أميركا اللاتينية''، والأهم من ذلك، المنح والقروض والتخفيف من الديون من خلال ''صندوق الحرية من أجل كوبا''· ولكنه رهن كل هذه الأشياء بشرط حدوث الإصلاح؛ حيث يرغب ''بوش'' في ''أن تتمتع الأحزاب المعارضة بحرية التنظيم والتجمع والتحدث، إضافة إلى حق استعمال الأمواج الإذاعية''، و''صحافة حرة ومستقلة تمتلك قوة ممارسة عملها من دون رقابة''، وإزالة ''الخناق الذي تفرضه الحكومة على النشاط الاقتصادي''· إنها في الواقع أهداف رائعة ونبيلة؛ غير أن تجارب عمليات الانتقال الديمقراطي عبر العالم تُظهر أن الحكام المستبدين لا يسقطون إلا عندما يتقوى الشعب الذي يقمعونه، وذلك بمساعدة من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأفراد من خارج بلدانهم؛ فعلى سبيل المثال، فإن البلدان التي أصبحت ديمقراطية وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي، من بين بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، هي تلك التي كان لها اتصالات كثيرة وقوية مع جيرانها في أوروبا الغربية، وبالتالي، فمن غير الواقعي أن نتوقع من الكوبيين أن يحوِّلوا بشكل سحري حكومتهم السلطوية إلى ديمقراطية بمفردهم· ولذلك، فنحن لن نرى معارضة سياسية حقيقية وقوية أو صحافة حرة ومؤثرة في كوبا قبل أن نساعد الكوبيين على بناء مجتمع مدني· كما أننا لن نرى حركة مهمة نحو الديمقراطية من دون إدخال تغييرات على قيود السفر الصارمة التي تضعها الولايات المتحدة، والتي تحول دون التواصل بين الأفراد وتبادل الأفكار التي يمكن أن تحشد الدعم للديمقراطية والمنافسة داخل كوبا· وفي الوقت نفسه، توفر الولايات المتحدة صمام أمان يسمح لأكثر الكوبيين إحباطا وعائلاتهم بالهرب بدلا من الكفاح من أجل الدفع بتغييرات في الوطن· انضم إلى ''بوش'' في دعوته بوزارة الخارجية العديدُ ممن ولدوا في كوبا، ممن كان يمكن أن يكونوا إصلاحيين، مثل وزير التجارة ''كارلوس غوتيريز''، وعضو مجلس الشيوخ السابق ''ميل مارتينيز''، والنائبة ''إيانا رو ليتينن''، والنائب ''دياز بلارت'' عن فلوريدا· والحق أن بوش شدد على ضرورة وأهمية أن تشجع بلدانٌ أخرى منظماتها غير الحكومية على العمل مع المجتمع المدني الكوبي ومساعدته؛ غير أنه من الصعب الدعوة إلى التحرك من دون إعطاء القدوة· فقد قال بوش ''إن الولايات المتحدة ستحافظ على الحظر (الذي تفرضه على كوبا) طالما حافظ النظام على احتكاره للحياة السياسية والاقتصادية للشعب الكوبي''· لقد تغلب ''فيديل كاسترو'' على إدارتين لبوش وما مجموعه تسعة رؤساء أميركيين، ومن خلال مواصلة السياسات المتشددة، فإن الرئيس ''بوش'' إنما يساهم في ترجيح احتمال بقاء عائلة ''كاسترو'' في السلطة خلال ذكرى مرور خمسين عاما على الثورة الكوبية في الأول من يناير ،2009 وقد قال الرئيس بوش إن هدفنا في كوبا هو الديمقراطية، غير أن هدفنا ينبغي أن يكون الديمقراطية والاستقرار معا· فلا أحد ـ وبخاصة الشعب الكوبي ـ يرغب في أن تراق الدماء أو تحدث كارثة إنسانية· وعليه، فمن أجل تشجيع الدمقرطة وعملية انتقال ديمقراطي سلمية، يجب على الولايات المتحدة أن تبدأ حوارا مع كل من شعب كوبا وحكومتها· في خطابه، قال بوش إن الحكومة الكوبية ''تعزل شعبها عن الأمل الذي تجلبه الحرية، وتحبسه في نظام لطالما خذله''· والواقع أنه من خلال الحفاظ على الوضع الراهن، فإن الولايات المتحدة إنما تعزز هذه العزلة وتكرسها· زميلة مؤسسة بروكينجز، ورئيسة سابقة للمصالح الأميركية في كوبا ينشر بترتيب خاص مع خدمة واشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©