الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جائزة الشيخ خليفة للكتاب الإماراتي إلى محمد بن راشد

جائزة الشيخ خليفة للكتاب الإماراتي إلى محمد بن راشد
1 ابريل 2008 02:35
تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، افتتحت أمس أعمال المؤتمر السنوي الثالث عشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الذي يقام، تحت عنوان: ''الخليج العربي بين المحافظة والتغيير''·· وذلك بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي· وحضر افتتاح المؤتمر عدد من الوزراء وكبار المسؤولين والخبراء والمختصين في شؤون الخليج، وسعادة عبدالرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية· وأكد معالي عبدالرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون خلال المؤتمر أن استراتيجية التغيير أو التحول في المنظومة الخليجية العربية اعتمدت منهج التحديث والتجديد المتدرج لا منهج الطفرة الفجائية· ومن جانبه، شدد الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز في كلمة ترحيبية ألقاها نيابة عنه السيد عبدالله حسين المدير التنفيذي بالمركز على أن التحديات الداخلية في دول الخليج العربية والتحولات التي تشهدها مجتمعاتها أصبحت اليوم ضاغطة أكثر من أي وقت مضى، وتفرض الحاجة إلى التغيير· وقال إن اختيار مقاربة بعدي المحافظة والتغيير في التجربة الخليجية، هدفه دراسة نموذج التغيير السياسي المناسب للمجتمع الخليجي بغية الوصول إلى آليات تؤدي إلى توسبع هامش المشاركة السياسية للمواطنين الخليجيين، وعلى نحو يكرس دوراً أكبر من قبلهم في صنع القرارات العامة· كما يهدف المؤتمر إلى تحليل المتغيرات السياسية المؤثرة في حالتي إيران والعراق باعتبار تماسهما الإقليمي مع دول المجلس، وأيضاً لفهم التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية والتعليمية في العالم· واعتبر السويدي أن التفاعل والنقاش الداخلي الوطني الحر في كل دولة على حدة، هو الذي يحدد معالم طريق الإصلاح وتوسيع تجربة المشاركة الشعبية مراعاة للمسارات السياسية الوطنية ووضعاً في الاعتبار لمختلف الخصوصيات التي تنفرد بها كل دولة، مشيراً إلى استحالة وجود خطة أو وصفة إقليمية شاملة لتحديد مسار أو اتجاه الإصلاح السياسي، ومن ثم تعميمها وضمان نجاحها في منطقة الخليج· وأوضح السويدي أن دول مجلس التعاون تمكنت من تحقيق تناغم وانسجام بين التكيف مع الحداثة والحفاظ على القيم والبنيات الاجتماعية والثقافية التقليدية· كما أن القيادات الحالية فيها أثبتت عدم خشيتها من دراسة التغيير ومواجهته، مشيراً إلى أن دولة الإمارات أصبحت بفضل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''، تمتلك مقومات عديدة تمكنها من السير في طريق التطور السياسي· وأكد العطية أن استراتيجية التغيير أو التحول في المنظومة الخليجية العربية اعتمدت منهج التحديث والتجديد المتدرج لا منهج الطفرة الفجائية، واعتمدت صيغة التشاور والتوافق العام نائية بنفسها عن اللجوء لآليات العنف أو الصراع· وأوضح أن جوهر هذا التغيير المجتمعي ظل على الدوام يتأسس على مرجعية حاكمة، ينطلق منها ويعود إليها، هي الإسلام عقيدة وتراثاً ومنظومة متكاملة للقيم ومحدداً أساسياً لتشكيل الهوية والوعي الجماعي دون أن يعني ذلك انعزالاً أو انغلاقاً لا ينتج على القيم الإنسانية العليا ولا يتفاعل مع الحضارات والثقافات من كل منهل ومنبع يأخذ منها ويعطيها مثلما انفتح عليها وأعطاها من قبل التراث العربي والإسلامي عبر القرون· وقال العطية إن العولمة وثورة المعلومات والاتصال وفضاء المعرفة تفرض على المجتمعات الإنسانية بما فيها المجتمعات الخليجية العربية في حتمية الاستجابة لتحدياتها، والتأقلم والتفاعل مع مقتضياتها، وذلك بحكم كونها فترة فارقة من التاريخ الإنساني تسعى فيها مختلف النظم والمجتمعات إلى تلبية احتياجات شعوبها وتحقيق مصالحها من خلال الاحتفاظ بالأنماط التقليدية في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ثم الابتكار والتجديد و التغيير· وأشار أمين عام مجلس التعاون إلى أنه في إطار المنظومة الخليجية العربية ليس ثمة ما يمثل قوى الاستمرارية أو قوى المحافظة بكل دلالاتها مثل الإسلام الصحيح المعتدل عقيدة وشريعة وتراثاً وقيماً وسلوكاً، وذلك لأن الإسلام في بنيته ومقاصده الصحيحة يمثل منظومة اجتماعية وثقافية متكاملة صاغت وبلورت عبر قرون ملامح الهوية لشعوب المنطقة العربية والإسلامية· وشدد على أنه مع التسليم بالمكانة المركزية التي يحتلها الإسلام عقيدة وتراثاً في تحقيق الاستمرارية وبدوره الحاسم في الحياة السياسية في منطقة الخليج العربي، فإنه من الضروري في ظل الظواهر البغيضة التي تنكر على الإسلام اعتداله وسماحته تأكيد الوشائج القوية بين قيم الإسلام وقيم الديمقراطية، وبين قيم الإسلام وثقافة الحوار وثقافة السلام ونبذ التطرف والإرهاب واحترام الآخر وحقوق الإنسان وتمكين المرأة وحماية الطفل وسد كل الفجوات المزعومة بين مبادئ الإسلام وشريعته السمحاء وبين الأطروحات المعاصرة للنظام الديمقراطي التعددي المنفتح· وأضاف العطية أنه في إطار المنظومة الخليجية العربية أيضاً ترتبط آفاق التغيير وأدواته على المستويين المؤسسي والمجتمعي ارتباطاً وثيقاً بتطور الاقتصاد وتطور التكنولوجيا وبجودة التعليم وحرية وسائل الإعلام والتعبير، ولذلك فإن عولمة الاقتصاد والتجارة تفرض على المنظومة الخليجية العربية استراتيجية في التغيير والتحول تتأسس على صناعات المستقبل مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والثروات الاستخراجية والارتقاء بالقدرة التنافسية، وتحليلاً للاتجاهات والتحولات الاقتصادية المعاصرة في المنظومة الخليجية· وقال إن هذا التحليل يكشف عن استجابات مهمة تتمثل في الانتقال التدريجي من اقتصاد الموارد إلى اقتصاد المعرفة وهو تطور يفرض أشكالاً جديدة من التنمية القائمة على اقتصاد المعرفة تقوم على أسس الإبداع والابتكار وتجويد التعليم وسياسات التنمية البشرية ككل· جائزة الشيخ خليفة للكتاب الإماراتي إلى محمد بن راشد منح مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أمس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ''جائزة الشيخ خليفة للكتاب الإماراتي لعام ''2008 عن كتاب سموه ''رؤيتي''· وتسلم الجائزة نيابة عن سموه·· سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي من الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز خلال فعاليات المؤتمر السنوي الثالث عشر · وقال مدير عام المركز إنه تم منح الجائزة لكتاب ''رؤيتي'' تقديراً للقيمة الكبيرة التي يمثلها في مجال إثراء المعرفة في حقول السياسة والاقتصاد وما يعكسه من حكمة تترجم خبرة تنموية فريدة ومتميزة على المستوى العالمي· ويعد هذا أول إعلان عن الجائزة التي ستمنح سنوياً لأفضل كتاب إماراتي من قبل مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تشجيعاً للمؤلفين المحليين للكتابة في مختلف القضايا التي تهم الإمارات، وإيماناً بدور الكتاب في تعزيز ثقافة التنمية والمسؤولية تجاه مستقبل أفضل للإنسان العربي· العطية: الاحتلال الإيراني لجزر الإمارات يعيق تشكيل إطار إقليمي أكد الدكتور عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون أن احتلال إيران للجزر الإماراتية يشكل عائقاً أساسياً أمام تشكيل إطار إقليمي يضم دول مجلس التعاون الست واليمن والعراق وإيران، وذلك خلال تعقيبه على ورقة غسان العطية· وكان غسان دعا في ورقته إلى إيجاد ترتيبات أو نوع من البنية الإقليمية على نحو يضمن إيجاد أطر للتعاون اقتصادياً وأمنياً بين دول المنطقة· وأشار الأمين العام لمجلس التعاون إلى حجم العوائق التي تقف دون التفكير في هذا الإطار الإقليمي المقترح، نظراً للعـــــــــوائق السياسية والموضوعية التي تحول دون احتواء إيران وفي مقدمتها استمرار احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وعدم استجـــــابتها للجهود الخليجية والعربية الضاغطة من أجل حل هذه المشكلة المزمنة والمحورية في علاقات الطرفين الخليجي والعربي، والإيراني· هذا إضافة إلى عائق آخر هو حجم الاحتقان وعدم استقرار الحالة القائمة في العراق· مؤتمرات المركز اهتمامات وأولويات درج مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على تخصيص مؤتمره السنوي لقضايا استراتيجية ذات صلة بالتحديات التي تواجهها المنطقة، وفي مقدمة موضوعات اهتمام مؤتمراته القضايا والتحديات المتصلة خاصة بمنطقة الخليج، وبالوطن العربي في سياق عام· وقد عقد المركز مؤتمره الســـــــنوي الأول عام 1995 تحت عنوان: ''إيران والخليج والبحث عن الاســــــتقرار''، والثاني 1996 عن: ''أمن الخليج في القرن الحادي والعشرين''، والثالث 1997 حول: ''ثورة المعلومات والاتصالات وتأثيرها في المجتمع والدولة في العالم العربي''· في حين خصص المركز مؤتمره الرابع 1998 لـ''لتحديات القرن الحادي والعشرين: التعليم وتنمية الموارد البشرية''، وعنون المؤتمر الخامس 1999 بـ''هكذا يصنع المستقبل''، وخصص المؤتمر السادس 2000 لـ''القيادة والإدارة في عصر المعلومات''، والسابع 2002 لـ''تنمية الموارد البشرية في اقتصاد مبني على المعرفة · وأما المؤتمر الثامن 2003 فكان موضوعه: ''التقنية الحيوية ومستقبل المجتمعات البشرية: التحــــــــديات والفرص''، في حين خصص التاسع لـ''الخليج··· تحديات المستقبل''، وكان موضــــوع المؤتمر العاشر 2005: ''الإعلام العربي في عصـــــــر المعلومات''، والحـــــــادي عشر 2006: ''التحولات الراهنة ودورها المحتــــــمل في إحداث التغيير في العالم العربي''، وخصص المؤتمر الثاني عشر 2007 لـ''النظام الأمني في منطقة الخليج العربي: التحديات الداخلية والخارجية''· خلايا نحل··· في الكواليس! لفت انتباه المشاركين التنظيم الدقيق، على رغم كثرة عدد الحضور، والعمل المنسق من قبل مجموعات عمل المركز، خاصة من قبل المركز الإعلامي الخاص بالمؤتمر، الذي وضع تحت تصرف الإعلاميين كافة التسهيلات، المناسبة لأداء عملهم· كما تميزت خدمات الترجمة الفورية خلال الجلستين بتماسك واضح، إضافة إلى التزام معظم مقدمي الأوراق بالوعاء الزمني المخصص لهم، ما جعل إدارة الجلسات أكثر انسيابية· الإصلاح المتدرج في الخليج العربي الخيار الديمقراطي ومقاومة التغيير السياسية في الجلسة الأولى التي ترأسها د· محمد موسى بن هويدن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، ألقى الورقة الأولى الدكتور علي فخرو، وزير التعليم والصحة الأسبق في البحرين، حول: ''تحديث التعليم وتطوير المناهج''، وبدأها بالقول إن مسألة تحديث التعليم والمناهج تبدو اليوم موضوعاً حيوياً ضاغطاً في المنطقة الخليجية، والعربية بشكل عام· وذلك لكونها جزءاً من عملية حداثة أوسع في المجتمع العربي تتضمن الحداثة السياسية، التي تقتضي إحداث نقلة نوعية إلى النظام الديمقراطي الذي يتبنى حقوق الإنسان وإتمام عملية الإصلاح في المجالين الديني والتراثي، وإعادة قراءة التاريخ بشكل نقدي وجذري· وكذلك الحداثة الاقتصادية (التكنولوجيا والتواصل والعولمة)، والحداثة الفكرية (إعلاء العقلانية والحريات على أنواعها) والحداثة الاجتماعية، وسوى ذلك من تحديات ومطالب تحول ضاغطة على اللحظة العربية الراهنة· ثم ألقى د· مايكل هدسون، أستاذ العلاقات الدولية، بمركز الدراسات العربية المعاصرة، بجامعة جورج تاون ورقة بعنوان: ''الإصلاح السياسي المتدرج في الخليج''· وذهب هدسون إلى أن الحراك والتحول الاجتماعي السياسي في الدول الخليجية، عرف خلال الثلاثين سنة الأخيرة، دوافع ومحفزات عديدة كان في مقدمتها التطور الاقتصادي الهائل، والطفرات الحاصلة في النمو السكاني، وبزوغ فئات اجتماعية صاعدة تتلمس أدواراً جديدة أكثر فاعلية مثل النساء والشباب· كما ظهرت تحديات اقتضت الالتفات إليها مثل انجذاب قطاعات من الشباب نحو الراديكالية، والاختلالات المتنامية في طبيعة التركيبة السكانية للعديد من دول المجلس· وقد أدت كل هذه التحولات الداخلية المتسارعة مشفوعة بالتدافعات السياسية الإقليمية والدولية إلى بزوغ الخيار الديمقراطي ومحفزات تجاوز النسق السياسي والاجتماعي التقليدي· ولكن حتى إذا كانت الديمقراطية هي الحل لمواجهة ضغوط الحاضر، واستحقاقات المستقبل في دول الخليج، فعن أي نموذج ديمقراطي نتحدث؟ وأيها الأنسب في ضوء الخصوصيات السياسية والاجتماعية الخليجية؟ وهل يجوز الحديث عن نموذج ديمقراطي وحيد أوحد يصلح لجميع الحالات، وتحت كل الظروف والمحددات التاريخية؟ أم مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمنطقة ستكون وصفة عبور ونجاح لأي مسار إصلاح أو دمقرطة؟ وبكلمة أشد اختصاراً وأدق معنى··· هل النموذج الديمقراطي الذي طالما تحدثت عنه إدارة الرئيس بوش، في واشنطن، يصلح، لتعميمه، أو تعويمه على الحالة الخليجية؟ وانتهى هدسون إلى أن دول الخليج تشترك في ثلاث خصائص لابد من مراعاتها، وهي أنها متجانسة، وذات مستويات دخل مرتفعة، وترتبط بتحالفات مع الولايات المتحدة ما يجعلها تتمتع بمظلة حماية أمنية تفتقر إلى مثلها بقية دول فضائها الإقليمي المضطرب· وهذه الميزة من شأنها تحفيز المزيد من فرص الاستقرار والازدهار في المنطقة· وشرط ذلك هو تجاوز أية معوقات اجتماعية من خلال تكثيف الاستثمار في مجال التنمية السياسية والإنسانية، بحيث يرتفع هامش المشاركة والتقبل الشعبي للقرار العام· أما الورقة الثالثة في الجلسة الأولى فقد ألقاها الأستاذ محمد خلفان الصوافي نيابة عن الدكتور خالد الدخيل وكانت بعنوان: ''عقدة الإصلاح السياسي في الخليج العربي'' وجاء فيها أن دول الخليج العربي خلال السنوات الثلاثين الأخيرة عرفت تحولات اقتصادية واجتماعية واضحة، إلا أن هناك توجهات محافظة لم تساير هذا التغيير· ولعل الجانب الأهم والأكثر تعبيراً عن التوجه المحافظ لمجتمعات الخليج هو الجانب السياسي· وفي الوقت الذي تتغير فيه البنية الاجتماعية للمجتمع الخليجي بوتائر متسارعة فإن البنية السياسية ما تزال تقاوم فكرة التغير بشكل واضح· وهو ما يخشى معه أن تتشكل نتيجة لذلك هوة بين مجتمع المطلوب منه أن يستمر في التغير وبين بنية للسلطة السياسية مطلوب منها أن تحافظ على نفسها· والحقيقة أن النموذج الخليجي للتغيير والمحافظة -يقول الدخيل- لا يعني أن دول الخليج العربية تمثل حالة استثنائية عن بقية الدول العربية، إذ إن الدول العربية بصورة عامة تمثل هذا النموذج العصي على التغيير، وهو جزء لا يتجزأ من جدلية المحافظة والتغيير عربياً· وأول ما يلفت النظر هو غياب الإصلاح السياسي كجزء من برنامج إصلاحي متكامل في أغلب دول الخليج العربية، على رغم أن العوامل المشجعة على الإصلاح بشكل عام والإصلاح السياسي بشكل خاص، كثيرة ومن أهمها الاستقرار السياسي والشرعية التي تتمتع بها النظم السياسية في هذه الدول· أما ما يجري حتى الآن فهو أن المجتمع الخليجي -كما يبدو- يسبق الدولة أو النظام السياسي على طريق التطور والإصلاح، وتبقى فكرة الإصلاح باعتبارها عملية متكاملة ومستمرة متعثرة في هذه الدول حتى اللحظة· والأكثر من ذلك أن هذه العملية تبدو كأنها استجابة، بوجه ما، لضغوط خارجية، بدلاً من أن تكون استجابة لضرورات اجتماعية وسياسية محلية ضاغطة· وذهب الدخيل إلى أن عملية الإصلاح السياسي ستبقى مجرد استجابات سريعة من دون برنامج متكامل للإصلاح السياسي في دول الخليج، وستبقى غير مدروسة، وعرضة لظروف طارئة تفرضها في الغالب عوامل سياسية وتدافعات وتفاعلات خارجية، سواء أكانت إقليمية أم دولية· لماذا غابت الأحزاب غير الطائفية في العراق ؟ المشهد السياسي المتشظي في إيران ركز المتحدثون في الجلسة الثانية في مؤتمر مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على قضية التحولات السياسية في إيران والعراق· و كان د· محجوب زويري، رئيس وحدة الدراسات الإيرانية، في مركز الدراسات الاستراتيجية بالأردن، هو أول المتحدثين في الجلسة الثانيـــــــة التي عقـــــــــــدت برئاســــــة د· عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، وكانت ورقة زويري بعنوان: ''الخلاف بين المحافظين والإصلاحيين في إيران''، وقد نبه في مستهلها إلى أربع حقائق حول إيران في مرحلة ما بعد الثورة، وهي أن إيران جمهورية حسب الدستور، وفي الوقت نفسه ثورية حسب الدستور أيضاً، ودولة ريعية تعتمد إلى حد بعيد في مداخيلها الوطنية على عائدات صادرات النفط، وأخيراً فإن إيران غير منسجمة اثنياً وقومياً في داخلها، ومع محيطها· وفي ضوء هذه المعطيات، ووضعاً في الحساب المسار الذي مرت منه إيران الجمهورية، فإنه يمكن القول إن المحافظين في إيران هم الفئة السياسية التي جاءت بالثورة، وهم يعتمدون على ثلاثة مشروعيات سياسية، هي: ولاية الفقيه، والمذهب الشيعي الاثني عشري، وسلطة رجال الدين· كما يمتلكون قوة اقتصادية هائلة، وخاصة أنهم استمالوا عقب الثورة طبقة التجار و''البازار''· هذا إضافة إلى كونهم متغلغلين في المشهد السياسي الإيراني، وفي بنية السلطة في طهران، كما يسيطرون فعلياً على المؤسستين الأمنية والعسكرية· أما الإصلاحيون فهم الفئة التي برزت بعد فترة إعادة البناء عقب الحرب العراقية- الإيرانية، وتركز في رؤيتها على مساعي تحويل إيران من الثورة إلى الدولة، وهم يسعون إلى الإصلاح وتغيير صورة إيران في الخارج من خلال طرائق ما يسمى بـ''سياسات تصحيح الصورة''· وذهب زويري إلى أن المشهد السياسي في إيران يتسم بالتشظي، بسبب الضغوط الخارجية والتغيرات الداخلية· ويشهد التياران الرئيسيان، المحافظ والإصلاحي، انقساماً واستقطاباً حادين في التوجهات والمنطلقات الأيديولوجية، مؤكداً في خاتمة ورقته أن الحديث عن المشروع الإصلاحي في إيران، الذي بدأ مع محمد خاتمي قد انتهى، فقد أفل نجمه، وهو يعيش أزمة حقيقية· وعن المشهد الإيراني نفسه ألقى د· منصور فرهانج، أستاذ العلاقات الدولية، بجامعة بينينكتون الأميركية ورقة ثانية أثار فيها بعض أوجه وصور وتعقيدات المشهد السياسي الإيراني مستعيداً الظروف والملابسات التاريخية التي اكتنفت اندلاع الثورة الإيرانية في نهاية السبعينيات، مؤكداً أنها لم تفاجئ الكي جي بي والسي آي أيه والعالم الخارجي فقط، بل فاجأت الثوار أنفسهم، داخل إيران· كما استعاد المحاضر في ورقته صوراً من التجاذبات والتدافعات اللاحقة التي عرفتها إيران بفعل تحديات الحرب العراقية- الإيرانية خلال الثمانينيات، ونتيجة لمحاولات إعادة التأسيس والبناء في مرحلة ما بعد تلك الحرب· وأبرز فرهانج تنامي نفوذ التيارات المحافظة، والتجاذب القائم في إيران بين تكييفين للحالة هناك، أحدهما ترمز إليه رؤية رفسنجاني التي تركز على التنمية الاقتصادية وتحديث البنى التحتية دون إعطاء أولوية للتنمية السياسية، والثاني ترمز إليه رؤية خاتمي الإصلاحية الأكثر انفتاحاً، والتي تكشفت عن مفارقة واضحة، هي قطع أشواط على طريق التحديث السياسي والمفهومي، والإخفاق في ترجمة ذلك على أرض الواقع· ثم قدم د· هينير فورتك، وهو زميل أول بالمعهد الألماني للدراسات العالمية، ورقة: ''غياب الأحزاب غير الطائفية عن الساحة السياسية العراقية''، حيث استعرض خلفيات الأوضاع السياسية الحالية في العراق· واشار إلى أن قسوة النظام السابق للغزو الأميركي، أدت إلى نوع من صراع الولاءات والهويات·وقدم آخر الأوراق في الجلسة الثانية د· غسان العطية، السياسي العراقي ومدير المؤسسة العراقية للتنمية والديمقراطية، وفيها تحدث عن العراق بين الماضي والحاضر، حيث أعاد التذكير بأنه منذ توحد مناطق العراق الثلاث، حدث نوع من الدمج الوطني الناجح، ولم يكن ثمة اعتبار لهويات الناس الطائفية أو المذهبية، غير أن هذا الاندماج والانسجام الوطني العراقي وئد في نهاية الخمسينيات، وخاصة بعدما أدت ممارسات نظام صدام إلى تعرض البلاد لصدمات متلاحقة، بفعل التجاذب والضغوط السياسية القاسية الداخلية معطوفة على مراكمة الأخطاء الخارجية، ابتداءً من حرب إيران وصولاً لحرب احتلال الكويت · وفي النتيجة أدى التدافع السياسي الذي أعقب سقوط نظام صدام إلى بروز تحدٍّ آخر موروث عن عهده، ألا وهو افتراق الكثير من رؤى قوى المعارضة التي عاشت لفترات ممتدة خارج العراق مع الوقائع والمتطلبات على الأرض·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©