السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

روايات تحكي قصة الوطن وأشعار ترمِّم جدار الغربة

روايات تحكي قصة الوطن وأشعار ترمِّم جدار الغربة
2 نوفمبر 2007 02:02
تغيرت أمور كثيرة في الأدب الألماني، ففي الماضي كان النقاد ينظرون إلى الأدب الذي يكتبه الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا باعتباره أدب العمال الضيوف، ولم يكن السبب في ذلك أن الكتاب كانوا يتناولون في أعمالهم موضوعات ترى في أوساط المهاجرين، بل لأن المهاجرين كانوا يعتبرون أجانب يعيشون لفترة ما في ألمانيا، ثم يعودون بعد ذلك الى وطنهم، هكذا كان الألمان ينظرون اليهم ، وهكذا أيضا كان الكتاب ينظرون الى أنفسهم· ولكن سرعان ما تغير هذا الموقف وخاصة بداية من السبعينات، إذ لم يعد أحد يطالب بعودتهم، بل باندماجهم، على رغم ذلك ما زالت صفة ''التركي الأصل'' أو ''السوري المنشأ'' تلحق باسم الكاتب أو الفنان، بل إن مخرجاً ناجحاً مثل فاتح أكين ما زال يُعامل باعتباره تركي الأصل، مع أن أفلامه تحقِّق نجاحاً نقدياً وجماهيرياً كبيراً، وتحصد الجوائز في المهرجانات العالمية، مثل فيلمه ''الاصطدام بالجدار'' الذي توِّج بالدب الذهبي في ''البرلينالا'' عام ،2004 أو أحدث أفلامه وهو ''على الجانب الآخر'' الذي تم الاحتفاء به في مهرجان ''كان'' هذا العام· وإذا نظرنا إلى أدب المهاجرين العرب في ألمانيا، سنجد أن أبناء الجيل الثاني استطاعوا أن يفرضوا وجودهم الأدبي والثقافي، على الرغم من عدد الجالية العربية القليل نسبيا مقارنة مع دول أوروبية أخرى· جوائز وقد شق عدد من الأدباء الألمان من أبناء المهاجرين من البلدان العربية طريقهم في الكتابة أبرزهم شيركو فتاح ورائد صباح، كذلك ما يكتبه أنيس حمادة وعبد اللطيف اليوسفي، وقد فاز شيركو فتاح بجائزة ''هيلده دومين لأدب المنفى'' التي تمنحها مدينة هايدلبرج الألمانية كل ثلاثة أعوام، وتبلغ قيمتها 15 ألف يورو، ومُنحت الجائزة له عن روايتيه ''على الحدود'' و''العم الصغير''، لما تتميزان به من ''وصف مؤثر للعنف والحرب واجتياز الحدود بين العوالم''، غير أن التكريم جاءه باعتباره كاتباً ''كردياً عراقياً'' يعيش في المنفى الألماني، على رغم أن شيركو فتاح ولد في برلين (الشرقية سابقاً)، وقضى الجزء الأكبر من طفولته في فيينا وبرلين الغربية حيث درس الفلسفة وتاريخ الفن· في أعمال شيركو فتاح كثيراً ما يكون الشرق الأوسط مسرحاً للأحداث كلياً أو جزئياً، حيث تدور أحداث روايته الأولى مثلا في شمال العراق وبغداد، وتشكل كلاً من ألمانيا والعراق خلفيات أحداث روايته الأخيرة، وفي قصته ''دوني'' الصادرة بفيينا عام 2002 تدور الأحداث بين الجزائر والنمسا التي يسترجع فيها جوتهارد الشخصية المحورية في العمل أحداثا من ماضيه عبر حوارات ونقاشات عديدة مع الراوي· وإذا كانت العراق حاضرة بقوة في أدب شيركو فتاح إلا أنه يرى نفسه ألمانياً، ويرفض انتسابه إلى وطنه الأصلي، وهذا ما أكَّده في أحد مقالاته حيث يقول عن نفسه: ''أظر إلى نفسي على أنني ألماني، حيث ولدت ونشأت في ألمانيا الشرقية، ثم انتقلت مع أسرتي إلى ألمانيا الغربية، وتعد علاقتي بالعراق واهية إذا ما قسنا إجمالي فترة إقامتي به وإلمامي باللغة الكردية العربية بلهجتها العراقية، فقد أمضيت بعضاً من طفولتي هناك، كما قمت فيما بعد بزيارات متفرقة إليه، لكن لم تكن هذه الأمور كفيلة بخلق عاطفة حقيقية داخلي نحوه كوطن، فالمسافات المكانية وأيضاً الفروق الثقافية شاسعة لدرجة يصعب معها تكوين ألفة حميمة· لذا يظل هذا البلد بالنسبة لي مجرد أرض الطفولة (كما هو الحال مع ألمانيا الشرقية بالنسبة لي)·'' أما الأديب الشاب ''رائد صباح'' المولود عام 1973 بألمانيا لأبوين من أصل فلسطيني فقد صدر له إلى الآن عملين الأول عام 2002 بعنوان ''الموت هدية'' والثاني عام 2004 وعنوانه ''الرياح تحمل ألمي منه''، ويروي قصة المعلِّمة الفلسطينية ''أم محمد'' ذات الأربعة أبناء ومعاناتها المستمرة عند نقاط التفتيش لكي تتمكن من الوصول إلى المدرسة التي تعمل بها· الموت هدية وتقدِّم قصة صباح ''الموت هدية'' سيرة ذاتية متخيلة لشاب فلسطيني في التاسعة والعشرين من عمره يقوم بدور الراوي، ويناقش النَّص الدوافع وراء إقدام بعض الشبان الفلسطينيين على القيام بعمليات فدائية· وهناك أيضا الشاعر الغنائي أنيس حماده الذي ولد عام 1966 بمدينة هامبورج لأب فلسطيني وأم ألمانية، ودرس العلوم الإسلامية والفن، وفي سن السادسة عشرة أمضى الشاعر عاما في بغداد، ثم أمضى فصلاً دراسياً بمدينة الإسكندرية عندما كان طالباً جامعياً، وأشعار أنيس حماده متنوِّعة ولا يمكن التعرُّف من جميع أعماله على ازدواجيته الثقافية فأحيانا يتعرَّض في أشعاره لفلسطين أو لعلاقة الأنا الألماني بالآخر الأجنبي، وأحياناً يتناول موضوعات ألمانية بحتة، إلا أن مقالات أنيس حماده والتي تختلف في لغتها ومضمونها عن أشعاره تكاد تهتم فقط بالقضايا المشتركة بين ألمانيا والمنطقة العربية وخاصة فلسطين وترجع كتابات أنيس حماده إلى أوائل التسعينيات، حيث صدرت له قصة قصيرة ساخرة تنتقد الإعلاميين الألمان في تغطيتهم لأحداث الشرق الأوسط· وبالنظر إلى كتابات ''أنيس حمادة''، نجده يكتب عدة أنواع أدبية كالشعر الغنائي و قصص الأطفال والمقال وتمتاز أشعاره بتعدد موضوعاتها، فأحيانا يتعرض لموضوعات عامة كالوحدة أو الحب أو العنصرية أو القضية الفلسطينية ومعظم ما يكتب حمادة يقوم بنشره على الموقع الالكتروني الخاص به· وإذا نظرنا إلى أدباء الجيل الثاني من العرب في ألمانيا، نجد أنهم في تناولهم لموضوعات ذات علاقة بالشرق الأوسط ينظرون إليه بنظرة أقل انغماساً في الأحداث، لذا نجد أن لغة الخطاب والسرد عندهم من زاوية أكثر بعدا من الجيل الأول·
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©