السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد مكّن المرأة من حقوقها لتمارس دورها الحقيقي في المجتمع

زايد مكّن المرأة من حقوقها لتمارس دورها الحقيقي في المجتمع
2 نوفمبر 2007 03:59
حظيت المرأة الإماراتية في عهد زايد بكل ما كانت تطمح إليه من تقدير واحترام وحب ورعاية واهتمام وفرص للنجاح والتقدم، وخدمات وعناية للنهوض بها، فعندما نتحدث عن المرأة في عهد زايد نتوقف بالإشارة إلى موقف سموه -رحمه الله وطيب ثراه- من المرأة عموماً·· فقد احترم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان المرأة أماً وزوجاً وأختاً وبنتاً وإنسانة، ووجه بالاهتمام بها من واقع الشريعة الإسلامية ومن واقع المنطق، فكفل لها كل أشكال الرعاية والاهتمام في دستور الدولة، كما اتضح ذلك جليا وسجل التاريخ شواهده فيما تحقق للمرأة الإماراتية من تقدم وتطور وإنجاز في عهده -رحمه الله، واليوم تحل علينا الذكرى الثالثة لرحيل نصير المرأة وفقيد الوطن، لنتذكر معها بعضا من إنجازات سموه -رحمه الله- في مجال المرأة، في هذه اللقاءات السريعة· مكانة عصرية معالي علي بن سالم الكعبي رئيس مجلس أمناء مؤسسة التنمية الأسرية، والذي رافق زايد في سنواته الأخيرة، تعرف عن قرب على مدى الحب والاهتمام الذي يكنه زايد ويقدمه للمرأة الإماراتية، فقال الكعبي: إن ما حققته ابنة الإمارات من إنجازات سوف يظل واحدا من أبرز الفصول في السجل الناصع لمؤسس الدولة وباني نهضتها الحديثة، فما تحقق للمرأة وما استطاعت أن تحققه بدعم زايد اللامحدود، وما وفره لها من ركائز تشريعية واجتماعية كثير، فالمسافة واسعة بين ما كانت عليه المرأة قبل عصر زايد وما أصبحت تعيشه اليوم· ولعله من قبيل الحقيقة المجردة القول بأن ما تحقق لبنت الإمارات في مجتمعها الحديث يتطلب تحقيقه بالنسبة لقرينتها في مجتمعات أخرى سنوات عديدة من الجهاد والصمود، لذلك سوف تظل مكانة المرأة الإماراتية المعاصرة وساماً ضمن أوسمة إنجازات زايد -طيب الله ثراه- هذا القائد الذي بدافع من ضميره وبقناعة ذاتية بادر بالإعلان عن توجهه والتصريح بما ينشده لبنت الإمارات، لقد حدد في ذلك المسار وصاغ من أجل ذلك المنهج ورفع اللواء وتقدم الركب وقاد المسيرة نحو ما يستوجب عمله من أجل الارتقاء بالمرأة واستمر في مساندته لها، يبارك على الدوام ثمار كل مرحلة وحصاد كل مجال تثبت فيه وجودها أو تبرهن منه على تميزها مؤكدة بعطائها مدى بعد رؤيته -رحمه الله- وعمق ثقته فيها وفي قدرتها· وأضاف الكعبي: برغم ما وصلت إليه المرأة من مكانة وما نالته من حقوق، فقد ظل دعم زايد -طيب الله ثراه- مستمراً حتى النهاية وظل يقول دوماً: (إن ما تفعله دولة الاتحاد وتسعى لتحقيقه لبنت الإمارات، هو في الحقيقة تعويض عما فاتها، وتكريم للأمهات والجدات في شخصها، إنه واجب يلزمنا به الدين، وضرورة تفرضها طبيعة العصر، واحتياج تؤكده متطلبات التنمية، فلن نحقق آمال الشعب ونصفه مكبل بقيود المفاهيم البالية، أو معطل عن المشاركة بدعوى تقاليد واتجاهات تتعارض مع جوهر الدين، وفلسفة التراث ودروسه، ومنهج العصر في تفسير قانون الحياة)· مكانة مرموقة بدورها قالت سعادة نورة السويدي مديرة الاتحاد النسائي العام: ''سيظل زايد نصير المرأة هو صاحب الفضل فيما وصلت إليه المرأة الإماراتية من تقدم ومكانة مرموقة، كما له الفضل فيما وصلت إليه دولتنا الحبيبة·· فزايد -رحمه الله وطيب ثراه- صاحب رؤية صادقة وخطة محكمة وكان يمتلك من بعد النظر والسياسة الحكيمة ما جعله يبني وطنه على أسس متينة· وتضيف السويدي: على صعيد المرأة، قام -رحمه الله- بالعمل في اتجاه النهوض بالمرأة الإماراتية لتأخذ دورها كاملاً في المجتمع بفضل توجيهاته، فهو القائد المعلم ورعايته المستمرة لشؤونها وإيمانه بدورها في المشاركة في بناء الوطن جنباً إلى جنب مع الرجل، متسلحة بالعلم والمعرفة والإيمان بالله وسنة رسوله، فكانت البداية أنه شجعها على التعليم، فدخلت المدارس والجامعات، ثم شاركت في كل مناحي الحياة، وعملت طبيبة ومعلمة ومهندسة ومديرة وموظفة، ووصلت اليوم إلى أعلى المراتب والمناصب القيادية، كوزيرة وبرلمانية·· وكل ذلك كان نتيجة لما أكده -رحمه الله- بأن المرأة ليست نصف المجتمع من الناحية العددية، بل هي كذلك من حيث مشاركتها في مسؤولية تهيئة الأجيال، وتربيتها تربية سليمة كريمة، وفي مساهمتها في بناء هذا المجتمع وتقدمه· وأضافت السويدي أن المرأة الإماراتية ستظل أهلاً للثقة والدعم الكبير الذي منحها إياه الوالد الشيخ زايد -رحمه الله، فهذه هي المرأة التي تمثلها رائدة النهضة النسائية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك -حفظها الله- التي آلت على نفسها أن تكون نموذجاً مشرفاً وقدوة صالحة أمام ابنة الإمارات من مختلف الأجيال ونذرت حياتها بكل إخلاص وتفان من أجل خدمة قضايا المرأة الإماراتية والارتقاء بها، فلا مبالغة إن قلنا بأن مسيرة النهضة النسائية تمثل فعلاً استثنائياً ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل في الوطن العربي، لأن المرأة استطاعت في عهد زايد أن تشرق فكراً وعلماً وعملاً ومكانة· نهج زايد بدورها قالت سعادة آمنة عمير المديرة التنفيذية لمؤسسة التنمية الأسرية: لم ولن تنسى المرأة الإماراتية زايد الخير، فقد كان -رحمه الله- الأب والقائد والداعم الأول لمسيرة تقدمها وعطائها في هذا الوطن، ومسيرة المرأة الإماراتية قد بدأ انطلاق ركبها من الإنجازات قبل 3 عقود، حتى صار لها هذا التاريخ، فالبداية كانت مع الجمعيات النسائية المنتشرة في جميع أنحاء الدولة تؤازر خطواتها وتحتضن إبداعاتها وتطرح للمجتمع أفكارها وتطلعاتها، لذلك كانت المكانة المرموقة التي بلغها العمل النسائي إحدى آمال المرأة الإماراتية وحققها المغفور له بإذن الله زايد الخير عندما دعم جهود المرأة بتأسيس جمعية نهضة المرأة الظبيانية عام 1973 التي كان لها دور رائد وقيادي في مساعدة المرأة والنهوض بها· وحرص -رحمه الله- باستمرار على متابعة العمل النسائي عن قرب، وقدم يد العون والمساعدة اللازمة والدعم اللامحدود من أجل إبراز المرأة لمواهبها وقدراتها والتعبير عن إبداعاتها· وأضافت: ها هو خلفه ربان السفينة وقائد الوطن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''، يكلل كل تلك الإنجازات بإنجاز جديد للمرأة الإماراتية بإنشاء مؤسسة التنمية الأسرية، لتكون فلسفة تستمد جذورها من نهج زايد الخير في دعم ورعاية المرأة الإماراتية· الرعاية الإنسانية من جهتها قالت سعادة ناعمة المنصوري عضو مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة وشؤون القصر، ومديرة مركز مطبعة المكفوفين: إن الشيخ زايد كان وسيظل حاضرا في قلوبنا وفي قلب كل امرأة في هذه الدولة·· حاضرا بما وصلت إليه من إنجازات، وحاضرا بما قدمه إليها من حياة كريمة، لها ولأسرتها، فقد امتدت أيادي سموه البيضاء إلى كل أسرة المرأة باعتبارها المحور الذي يدير هذه الأسرة التي هي نواة المجتمع وأساسه كما علمنا -رحمه الله، فكانت رعايته الإنسانية لأبنائه من شعبه كما مستوى رعايته لأبنائه، حيث اعتبر -طيب الله ثراه- جميع شعب الإمارات أبناءه، ونحن كنا ولازلنا نقول بابا زايد رحمه الله· وأضافت: ''أريد أن أشير إلى رعاية الشيخ زايد واهتمامه اللامحدود بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، فكان -رحمه الله- يوصى بالاهتمام بهم، ويأتي دائما لزيارتهم ويتفقد أحوالهم، وكان يقول هذه الفئة عزيزة علينا ويجب أن تتوفر لها كل أشكال الدعم والرعاية والعناية والاهتمام، وأن تقدم لهم كافة أنواع التأهيل ليمارسوا حياتهم بالشكل الطبيعي على أرض وطنهم الإمارات مثلهم مثل أقرانهم وإخوانهم الأسوياء، فلا فرق بين سوي ومعاق في حب الوطن والانتماء إليه''· وأكدت ناعمة المنصوري أن دولتنا من الدول المتقدمة في مجال هذه الرعاية والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك في إسهاماته الخيرية على مستوى دعهم لهيئة الهلال الأحمر، وها هم أنجاله وأبناؤه يواصلون هذه المسيرة الخيرة· أقوال زايد في المــرأة إنني أشجع عمل المرأة في المواقع التي تتناسب مع طبيعتها، وبما يحفظ لها احترامها وكرامتها كأم وصانعة أجيال· ؟ المرأة تشكل إحدى دعائم مجتمع الإمارات، لأنها الابنة والأخت، وهي الأم التي تربي الجيل الجديد· إنني على يقين بأن المرأة في دولتنا الناهضة تدرك أهمية المحافظة على عاداتنا الأصيلة المستمدة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في أساس تقدم الأسرة والأسرة هي أساس تقدم المجتمع كله· محمد القاسمي: لن ننسى الوالد الذي استقرت محبته في القلوب الشارقة - أحمد مرسي: قال الشيخ محمد بن صقر القاسمي وكيل وزارة الصحة المساعد مدير منطقة الشارقة الطبية: ''كلما مرت علينا ذكرى وفاة الوالد القائد زايد نتذكر لحظة وداع الحكيم والإنسان والقائد فنشعر بالحزن وألم الفراق، بعد أن رحل عنا قائد هذا الوطن وباني نهضته، تاركاً لنا ذكرى معطرة بتراب الوطن ونخيله ومساجده وحدائقه، فيها الأمل للأبناء، وحكمة الأفعال والأيام، لمناطق كانت صحراء قاحلة، لتكتسي كثبان رمالها باللون الأخضر وتصبح الإمارات مركزاً للعلم والإبداع وعنواناً للتطور والحداثة''· وأضاف أن الوالد القائد زايد رحل بجسده فقط ولكن ظلت وتدوم ذكراه العطرة في نفوس أبناء الوطن وكل من يعيش على أرضه الطيبة بعد أن وضع أسسا كبيرة ورصينة لدولة فتية حجزت لها مكانة مميزة بين بلدان العالم المتقدم، مشيراً إلى أن النهضة المتسارعة التي حققتها الإمارات في عهد المغفور له بإذن الله الوالد زايد قل أن تتحقق لأي مجتمع آخر في مثل هذا الزمان، فما تحقق في عهده أذهل الجميع وبات مضرب الأمثال في كل التجارب العالمية وأصبح محل دراسة في كافة الأقطار· وذكر الشيخ محمد بن صقر القاسمي، أن الخير الذي خلفه لنا القائد زايد كثير وشمل كافة النشاطات وفي جميع الأصعدة، وأن أفضل ثمار هذا الخير هو الخلف الصلح الذي تربى وشب على نهج القائد متمثلاً في أبناء هذا الوطن، متسلحين بالحكمة والبلاغة ومواجهة الزمن، والسعي إلى التزود بالعلم والمعرفة، منوهاً إلى أن ''حكيم العرب'' أعطى الوطن الشيء الكثير، فأصبح زايد الوطن والوطن زايد، فجعله ساحة للتسامح والمحبة والأخوة، وصوت الوحدة في تعانق الإمارات السبع، فجعلها نموذجاً وحدوياً فريداً، فكان القائد عربيا بامتياز، ووحدوياً خارج قانون الانفصال، وحمل همّ الأمة في أصعب الأوقات، فارساً وحكيماً ومعلماً وطبيباً يداوي جروح الأمة بأكملها· وأضاف: عاش القائد زايد نموذجاً حياً للحكمة والبصيرة التي أوصلت وطن الإمارات إلى بر الأمان، فلا يمكن لأحد أن ينسى سيد الوطن والقلب والكلمة ومن استقرت محبته في قلوب الجميع· زايد ضمير الأمة وحكيم العرب وقائد دولي فذّ علي الهنوري: أجمع عدد من الفعاليات السياسية والثقافية والتربوية في ذكرى رحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه'' أن زايد لم يرحل عن وجدان الأمة العربية والعالمية وخاصة بين أبناء شعبه، فالمواطنون دائماً يعيشون على صدى ذكره الطيب فزايد نقش صورته على قلوب الجميع الأطفال قبل الكبار بفضل فطنته وحكمته السياسية وحبه الطاهر، لاسيما وأن زايد كان يعامل شعبه وكأنهم أبناؤه والوطن العربي قضيته وبيته الكبير وشعوب العالم جزء من كيانه· وقال سعادة عيسى حمد بوشهاب: لا يمكن في أي حال من الأحوال أن نقول إن الشيخ زايد رحمه الله رحل عن دنيا الإمارات أو العالم الإسلامي لأن ذكراه الطيبة وسياسته الحكيمة وعقله الراجح ومواقفه الإنسانية والسياسية لا تزال ماثلة أمام الكل وهي لا زالت محط أنظار العالم لهذا الرجل الفطن الذي خرج من الصحراء ليكون المعلم الأول والأوحد في كيفية إدارة الأمور والأزمات· وأشار بوشهاب إلى أن شعب الإمارات منعم بخير وكرم وحب زايد الذي أوجد لهذه الأمة وطناً ودولة حققت الإنجازات بسبب بعد النظر الذي كان يتمتع به لهذا لا يسع شعب الإمارات إلا ان يرفع أكف الدعاء بأن يغفر له ذنوبه ويدخله فسيح جناته لاسيما وان زايد جاهد من أجل قيام الاتحاد بين إمارات الدولة والنهوض بأبناء شعبه في مختلف إمارات الدولة، لافتاً إلى أن زايد لم يركز اهتماماته فقط في أبوظبي والعين، ولكن معدنه الطيب أبا ذلك وأراد الخير للجميع، وقد تحقق ما كان يصبو إليه، بل امتد خيره إلى جميع بلدان الوطن العربي والعالم الإسلامي وبقية دول العالم· وأضاف بوشهاب: لا زلنا نلمس نتائج ومآثر زايد أينما ذهبنا وغدونا فالمواطن الإماراتي أينما ذهب في مختلف دول العالم يحظى بالحب والتقدير والاحترام ويعامل معاملة المواطن في الدول الأجنبية والعربية·· كل تلك المؤشرات لم تأت من فراغ، بل بفضل العمق الاستراتيجي الذي خطط له الشيخ زايد ومد جسور التعاون والحب والاحترام بين جميع أقطار العالم واليوم لا زالت دولة الإمارات العربية المتحدة تتبع نفس النهج وبخطى زايد على يد القائد الكريم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله'' تمشي سفينة الاتحاد بكل ثقة فخليفة الخير لم يألو جهداً من أجل خدمة ورفعة الإمارات وجعلها تتبوأ المكانة المرموقة بين دول العالم المتقدم· بدوره قال ثامر سعيد سلمان نائب الرئيس للشؤون الإدارية والمالية بشبكة جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا: إن زايد الخير هو الوالد وضمير الأمة إسلامياً، وحكيم العرب عربياً، والقائد والرائد الفذ دولياً·· غمرتنا الخيرات في حياته وسكنت العبرات مآقينا بعد رحيله·· فها نحن نخلد الذكرى الثالثة لانتقاله إلى دار البقاء وقد خلَّف وراءه عقوداً حافلة بالعطاء وخلفاً صالحاً لمواصلة مسيرة النماء، اصطفاه الرفيق الأعلى في أيام مباركة من خير أشهر العام، فكان رمضان أول من رثاه، فخفقت قلوبنا ولهجت ألسن الملايين من المسلمين بالدعاء له والترحم عليه في تلك العشر الأواخر من الشهر الفضيل، فصرنا نتذكره كلما أقبلت ذكرى وفاته ونتضرع إلى الله أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته، كما أسكن هو ما لا يحصى من الأسر في حياته، وأن يبني له قصوراً في الجنة كما بنا آلاف المساجد التي لا تزال مآذنها الشامخة شاهدة على إنجازاته· وأضاف: كان رحمه الله كحامل المسك الذي ما التقى بجمع إلا وحذاهم بريحه الطيبة، ملأ الدنيا وملك قلوبنا في حياته ومماته· بكى على فراقه الشيب والشباب، والقاصي قبل الداني، وافتقد وطأَ قدميه الثرى والحجر، واستوحش لرحيله النخيل والشجر· أوفانا كل الحقوق وزيادة، وعجزنا عن إيفائه جزءاً من حقه بعد الرحيل· كان أبا عطوفا ووالدا حنونا على كل أبناء شعبه، وأخا عزيزا لكل العرب والمسلمين· بكلمة واحدة: كان ''أمة''! بشخصيته الفذة، أجمع الجميع على الإعجاب به، بإيمانه العميق وبصيرته النافذة وحسن تخطيطه استطاع قيادة نهضة بلاده وتوحيد آمال شعبه، بخبرته الحصيفة تمكن من توحيد أبناء شعبه فأضحى محل تقدير بكل الإمارات· سخَّر كل ما أوتي من موارد مالية لتنمية الموارد البشرية والاستثمار في الإنسان، بنى الطرق وشق الجسور وشيَّد المدارس والمراكز والمعاهد والجامعات والمكتبات، وأوفد البعثات العلمية إلى شتى الأقطار والأمصار ورفع أهل العلم إلى أرقى الدرجات، فأوصل الإمارات العربية المتحدة دولة وشعبا إلى مصاف الأمم المتقدمة التي تحظى باحترام كل العالم واجه مع إخوانه من القادة العرب أحداثاً حبلى بالتحديات، كان يسعى دوماً إلى إزالة موجبات الخلاف، لكن يحترم من يختلفون معه، فكان نعم المشير والمستشير· رجل الإصلاح وقال ثامر سعيد: ''كان رجل الإصلاح الكبير ورجل المبادئ، همه الأول إرساء دعائم الوحدة العربية ومناصرة المسلمين وكل القضايا العادلة· لم يحد قط عن خدمة الآخرين شعباً وأمة· كان ناصر المستضعفين في مختلف أرجاء المعمورة، فكان لا يتوانى عن إرسال الدعم والمساندة لكل بقعة نكبت، حيث تجده أول المبادرين بتقديم يد العون دون تمييز بين أي من أعضاء الأسرة الإنسانية· قهر الصحراء وحوّلها إلى جنة خضراء زايد·· نصير البيئة وفارس التنمية المستدامة إعداد- أمجد الحياري: حظيت حماية البيئة وتنميتها ومواجهة قضاياها باهتمام بالغ من قبل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه'' وبرز هذا جلياً في برامج وخطط التنمية بأبعادها المختلفة حيث اهتمت الدولة بالآثار الاقتصادية والاجتماعية على البيئة فقامت بالدراسات العلمية وأنشأت المؤسسات والهيئات الخاصة لإدارة وحماية البيئة كما حرصت على رسم الاستراتيجيات البيئية وتحديد أولويات العمل البيئي مثل مكافحة تلوث الهواء وتلوث الماء ومكافحة التصحر وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية· فمع توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي عام 1966 حرص الشيخ زايد ''رحمه الله'' على الاهتمام بالقضايا البيئية حيث حظر الصيد في إمارة أبوظبي منذ عام ،1977 فضلا عن معجزة زراعة الصحراء والتي تعتبر أحد أهم الإنجازات الخالدة للشيخ زايد ''رحمه الله'' حيث استطاعت دولة الإمارات وبفضل سياسته الحكيمة ترويض الصحراء والتغلب على طبيعتها القاسية الجافة، ودرجات الحرارة العالية لتتحول إلى أرض خضراء· كما حرص الشيخ زايد ''رحمه الله'' على أن تتخذ دولة الإمارات مجموعة هامة من الإجراءات وتضع برامج عمل لمكافحة التصحر منها الاهتمام بالمياه الجوفية وإنشاء السدود واستخدام مخصبات التربة وإنشاء مصانع الأسمدة والاهتمام بالزراعات المقاومة للملوحة· كما عمل على تشجير جانبي الطريق بين العين وأبوظبي وكان هذا المشروع بداية نجاح زايد في معالجته قسوة الصحراء، وبفضل هذه التوجهات انتشر اللون الأخضر في مساحات واسعة من الصحراء· ثم بدأت الرقعة الخضراء تتسع من الغابات والنباتات والحدائق الأمر الذي يدعو إلى الفخر حيث تمكنت دولة الإمارات من إعادة الخضرة إلى المناطق الصحراوية· وكانت حكمة الشيخ القائد وفطرته التي ارتبطت بالبيئة تنظر إلى أفق بعيد ولم تقف عند حد حمايتها وإنما اتجهت كذلك إلى تنميتها وتطويرعناصرها المختلفة، فأنشأت عدداً من المحميات الطبيعية من أهمها محمية جزيرة صير بني ياس التي تعد واحدة من أكبر المحميات التي أقامها الإنسان في شبه الجزيرة العربية من حيث المساحة والنوعية حيث تضم أنواعاً نادرة من الحيوانات والطيورالمهددة بالانقراض فأصبحت ملاذاً وموئلاً للحيوانات البرية والطيور وبشكل خاص حيوانات الريم والنعام والغزلان العربية والمها معقوفة القرون· ويعود الفضل في نجاح خطط وبرامج الحفاظ على المها العربي إلى الاهتمام الشخصي والخاص للشيخ زايد حيث كان من أوائل الذين تنبهوا في بداية الستينات إلى أن المها العربي أصبح مهدداً بالانقراض فأصدر توجيهاته بأسر ما يمكن منها حيث تم أسر 4 منها وأمر من أجل الحفاظ عليها بتأسيس أول حديقة حيوان في العين، وبعد بدء عمليات تطوير جزيرة صير بني ياس بدأ برنامج توطين المها وأسفرت جهود الإكثار عن نجاح منقطع النظير فازدادت أعدادها في الدولة حتى أصبحت دولة الإمارات الآن تمتلك اكبر عدد منها يصل إلى ما يزيد على 2,500 حيوان· وفي عام 1977 وجه الشيخ زايد ''رحمه الله'' بإكثار طائر الحبارى الآسيوي في الأسر في حديقة حيوان العين حتى قبل أن يصبح مهدداً بالانقراض حيث أعلن في عام 1982 عن تفقيس أول فرخ في الأسر في دولة الإمارات، وفي عام 1989م تم تأسيس المركز الوطني لبحوث الطيور وأطلق برنامجه الطموح لإكثار الحبارى الآسيوية والذي تطور من بداية متواضعة حتى وصل إلى إنتاج ما يزيد عن 200 طائر في عام ،2004 وهو يسير باتجاه تحقيق هدف بعيد المدى حدده الشيخ زايد ''رحمه الله'' بإنتاج 10,000 طائر حبارى آسيوي سنوياً وعلى أن يتم إطلاق معظمها لزيادة أعداد المجموعات البرية· ويعتبر مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية (برنامج إكثار الحبارى) بميسور بالمملكة المغربية الذي أنشئ بتوجيهات من المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد أول مركز في العالم استطاع أن يطبق الاستراتيجية العالمية للحفاظ على الحبارى· أبطال الأرض في شهر أبريل 2005 اختار برنامج الأمم المتحدة للبيئة ''يونيب'' المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد واحدا ضمن سبع شخصيات عالمية بوصفهم أبطالا للأرض وذلك اعترافاً وتقديراً لجهوده التي حققها في سبيل حماية البيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي مناطق أخرى من العالم· ميدالية الفاو اعترافاً من منظمة الأغذية والزراعة الفاو بجهود الشيخ زايد ''رحمه الله'' في خدمة البشرية واهتمامه الكبير بقضايا الزراعة والغذاء ومصادر المياه، قررت في شهر مايو 2001 منحه ميدالية اليوم العالمي للأغذية، وفي ديسمبر عام 1995 منح الشيخ زايد ''رحمه الله'' جائزة تقديرية وميدالية ذهبية من نفس المنظمة تقديراً لجهوده في نشر التنمية الزراعية داخل دولة الإمارات ومساهماته في عدد من الدول النامية في هذا المجال· تكريم عالمي نال المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد في مارس 1997 جائزة (الباندا الذهبية) من الصندوق العالمي لصون الطبيعة تقديراً للجهود التي بذلها في مجال الحفاظ على البيئة وحماية الحياة البرية ليكون بذلك أول رئيس دولة يحصل على جائزة بيئية عالمية، ومنح الشيخ زايد ''رحمه الله'' في يونيو من العام 1997 شهادة الدكتوراة الفخرية في مجال الزراعة من جامعة عين شمس، كما اختارته منظمة المدن العربية في دورتها السادسة التي عقدت بالدوحة في مارس 1998 لنيل جائزة ''داعية البيئة''، وفي نفس العام اختير كأبرز شخصية عالمية من قبل هيئة رجل العام الفرنسية تقديراً لجهوده في مكافحة التصحر والاهتمام بالبيئة والمشاريع الإنمائية، وبمناسبة يوم البيئة العالمي في يونيو 2000م كرمت لبنان الشيخ زايد ''رحمه الله'' واختارته رجل البيئة لنفس العام وتسلم شهادات التقدير وهدايا تذكارية تاريخية من معهد الجودة اللبناني· رجل البيئة حظيت جهود الشيخ زايد البيئية باحترام وتقديرالمنظمات والمؤسسات العربية والإقليمية والدولية في أكثر من مجال، فقد نال ''رحمه الله'' العديد من الجوائز على المستويين العربي والدولي حيث منح مهرجان الشباب العربي والذي عقد في بيروت خلال شهر سبتمبر 1993 المغفور له الشيخ زايد لقب رجل البيئة والإنماء لعام 1993 وذلك تقديراً لدوره الرائد في حماية البيئة ومكافحة التصحر، وفي نفس العام منحته جامعة الدول العربية وشاح رجل الإنماء والتنمية تعبيراً عن اعتزاز كافة الشعوب العربية والإسلامية بجهوده المقدرة في مكافحة التصحر والاهتمام بالبيئة والمشاريع الإنمائية على مستوى الإمارات والدول العربية والإسلامية الشقيقة، وفي عام 1995 حصل الشيخ زايد ''رحمه الله'' على جائزة مركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات بجدة الشخصية الإنمائية لعام ·1995 زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله -القائد الوالد في القلب والضمائر د·موزة غباش ''الاتحاد يعيش في نفسي وقلبي وأعز ما في وجودي ولا يمكن أن أتصور في يوم من الأيام أن أسمح بالتفريط به أوالتهاون في مستقبله·''·· بهذه الكلمات الغالية للقائد الغالي، أبدأ كتابتي عنه·· فالشيخ زايد رحمه الله، كانت له فلسفة خاصة في قلوب أبناء الخليج العربي عموما والوطن العربي بشكل عام··· إن شعوب المنطقة العربية عرفته من خلال عيون شعبه وقرأته ملحمة يصعب على التاريخ أن يدون مثلها·· هذه حقيقة آمن بها شعب الامارات، وآمن بها أصحاب المنطق في كل الأرض، وحقيقة تغنت بها شعوب لسان حالها يقول(بيض الله وجه الشيخ زايد)· واليوم ونحن نكتب في هذه الذكرى الأليمة لرحيله، إنما نعي كل الوعي أن خلفه الصالح حمل الأمانة عنه واستمر عطاؤه وما زال يتدفق خيره في كل مكان· وفي ذلك اليوم البعيد عندما انطلقت مواكب التشييد والبناء إلى أرض الآفاق كان الشيخ زايد رحمه الله لا يضع بذور البناء في الأرض والعمران والشجر فقط، بل كان يزرع بذوره الصلبة في الإنسان كذلك، فها هو شعبه يواصل مسيرات التقدم والازدهار وهاهم يصرون على بناء صروح التنمية فهي تزداد اليوم شموخا ورسوخا··· وها هي الامارات تسمو إلى أعلى مراتب المجد والرقي، وتقف في زهو واعتزاز تباهي الدنيا بإنجازاتها وتتطلع الى تحقيق المزيد ·· وصنع غد اكثر اشراقا· ويؤكد أبناؤها على ما قاله الراحل الغالي·· (اننا نتطلع الى غد مشرق دعامته القوة وسنده الحق ومضمونه التكاتف والتآزر وأساسه الأخوة والتضامن وشعاره فعل الخير وتحقيق السلام ونسأل الله العزيز الحكيم ان يلهمنا سبل الرشاد وان يوفقنا جميعا لصالح الأعمال)· رحمك الله يا زايد وصدقت اقوالك وافعالك بل سبقت افعالك كل أقوالك، فها هي سنوات التحول العظيم مستمرة وها نحن شعبك نجني ما زرعته أيها القائد أخضر يانعا، ونحصد انجازاتك الشامخة في كل مكان ومجال، جنانا خضراء ومدنا حديثة وخدمات عصرية وصناعات متطورة واجيالا واعية لتشكل كلها قلائد مضيئة على صدر الوطن وترصد بأسمى معاني العز والافتخار، وتنشد روحه ملحمة حب لك حاضرا وغائبا وتعترف بفضلك دائما· نعم كنت في حياة شعب يقول نحن نزداد شموخا وفخرا بوجودك وفي غيابك يقول ستبقى ابدا رمزا للحياة الهانئة الكريمة وملحمة بناء وتوحيد توارثناها اجيالا وراء اجيال ·· وستبقى حكمتك مضربا للأمثال· سماته الشخصية الرفيعة رسمت توجهاته زايد··· والسياسة الخارجية السعد عمر المنهالي الصبر إحدى صفات الحكماء، والحكمة لا تأتي عبثاً، فهي نتاج تجارب وخبرات وخلاصة متاعب وأهوال لا يتحملها إلا من كان الصبر أهم محددات شخصيته، وهو ما كان أهم محددات شخصية المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه لا تجد صعوبة تذكر في شخصيته، ففي شفافيته ووضوح دواخله قوة السهل الممتنع، ومن الصحراء وقسوة حياتها تعامل مع العالم أجمع بسهولة ويُسر، وانطلق بفطرته ليبهر العالم المُعقد بقدرات وسمات فاقت التعقيدات الدولية· لا يمكن إطلاقاً نكران الدور الأساسي الذي لعبه القائد الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله'' في رسم الحدود الرئيسية في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة حتى قبل قيام الدولة الاتحادية، فقد بدأت خطوطها العريضة تظهر بقيام الشيخ زايد ''رحمه الله'' بتذليل العقبات وتهيئة النفوس بين حكام الإمارات للتصالح، بالعلاقات الودية الطيبة والاحترام والتقدير المتبادل، فكانت النتيجة أن أدت هذه السياسة إلى انفراج العلاقات وشيوع أجواء من الأخوة والتعاون شكلت القاعدة الصلبة والركن الركين للاتحاد، وموجهاً لعلاقات الأخوة والتعاون مع دول الجوار، معتمداً في ذلك على أسلوب حل القضايا العالقة بشكل مباشر وصريح، واعتماده على تعامله الشخصي في تسوية الخلافات، مستخدماً اللقاءات الشخصية الرسمية وغير الرسمية والدعوات المستمرة للزيارات وتبادل التهاني بالمناسبات وخطابات التهنئة وغيرها من السبل كجسر لمد الصداقة والسلام للجميع، وكطريق لتبديد أي علامات للتنافس والعداء· لعبت سمات شخصية المغفور له الشيخ زايد دوراً محورياً في تشكيل أهداف السياسة الخارجية للبلاد، فشخصيته المتقبلة فطرياً لثقافة الحوار والتفاعل الحضاري، وتوجهه المتفتح ورفض الانعزال -رغم الميراث التاريخي والجغرافي للمنطقة المنغلق- صفات أثرت على تصوراته لصنع القرار المتعلق بالسياسة الخارجية؛ فالنصرة والمؤازرة من طبيعة ابن الصحراء وهو ما صبغ سلوك الدولة الخارجي، وحدده دستورها في جعل نهج السياسة الخارجية يرتكز على أساس أن ''تقوم السياسة الخارجية للدولة على نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية، وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب على أساس ميثاق الأمم المتحدة والأخلاق الدولية المثلى''· أما في هيكل صنع القرار فقد كان رئيس الدولة أحد ثلاث جهات تختص وحدها بالسياسة الخارجية، وذلك حسب نص القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1972 بأن السياسة الخارجية للدولة هي من اختصاص المجلس الأعلى ورئيس الدولة ومجلس الوزراء، ولذا فإن السياسة الخارجية للدولة لم تشهد يوماً ازدواجية أو ارتباكاً بسبب وضوح نهج وأساليب المغفور له بإذن الله وبخصوص المحدد الاقتصادي، فقد تحركت أهداف السياسة الخارجية بوسائل وفرها لها الوضع الاقتصادي المتميز للدولة بحراك ذي هوامش عالية استخدمها المغفور له بإذن الله بحنكة عالية وتخطيط فريد في خدمة مصالح الدولة بطريقة تفيد دوائر اهتماماته الرئيسية في محيطه العربي والإسلامي والدولي· إنجازات زايد تنمو وتزدهر د·محمد العسومي عندما نذكر اسم زايد ''طيب الله ثراه''، فإن الكثير من الأشياء الجميلة تتوارد إلى أذهاننا، الشهامة والتواضع والابتسامة الأبوية الصادقة وحب الوطن والخير والعدالة والانجازات الكبيرة التي نقلت مدن دولة الإمارات من مدن صغيرة الى مدن جميلة توفر للمواطنين والمقيمين فيها حياة كريمة ومن اقتصاد أولي الى اقتصاد متقدم ومتنوع· في يوم حزين، في الثاني من نوفمبر لم يكن يوما عاديا لنا في الإمارات أو في الوطن العربي، لقد امتزج الحزن مع الإصرار على إعطاء الراحل الكبير التكريم الذي يليق بمكانته في نفوس أبناء شعبه، ابتداء من توديع الآلاف له على امتداد كيلومترات طويلة وليس انتهاء بالمحافظة على انجازاته وتطويرها· عندما تشتد محن الأمة من المحيط الى الخليج تجد زايد في مقدمة الساعين للم الشمل وبذل مساعيه الحميدة، ولو استمع العالم لرأي زايد ونفذت اقتراحاته لما شهدنا المأساة التي يتعرض لها العراق حاليا ولحافظنا على أرواح مئات الآلاف من النساء والأطفال الأبرياء· أما عندما تتعرض إحدى البلدان الصديقة لمحنة او كارثة، فإن مساعدات زايد ستكون أولى المساعدات التي ستصل لإعانة المتضررين بغض النظر عن جنسياتهم أو دياناتهم أو انتماءاتهم، فالشعور الإنساني النبيل عند زايد لا يعرف هذه التقسيمات، فالإنسان عنده هو الإنسان كما خلقه سبحانه وتعالي وكما اشار الى ذلك في اكثر من مناسبة· لذلك ليس غريبا أن يملك زايد كل هذا الحب من أبناء شعبه، فهذا الحب متبادل وسبق التعبير عنه في الكثير من المناسبات، إذ لا زلت أذكر جيدا اللقاء التيلفزيوني مع بعض الوجهاء والأعيان وممثلي صندوق الزواج والحرص الصادق الذي أبداه زايد الخير في ذلك اللقاء لتوفير احتياجات المقبلين على حياة جديدة من المواطنين· لقد كان حديثا نابعا من القلب وموجها من أب حنون لأبناء وطنه كافة يقدم لهم خلاصة تجربة انسانية راقية، تجربة تمتزج فيها حكمة القائد بتجارب الحياة، بفترة صعوبات ما قبل النفط مع مرحلة الخير والرخاء· انجازات زايد وأعماله الانسانية لا يمكن حصرها وسيسجلها التاريخ بأحرف من نور، ففي العام الاخير من حياته الحافلة بالعمل والانجازات قدم لشعبه انجازا مهما وكبيرا تمثل في احتلال اقتصاد الدولة ولأول مرة لثاني اكبر اقتصاد في العالم العربي، وكأنه بذلك يقدم بابتسامته الأبوية هدية ثمينة لأبناء شعبه، تلك الهدية الغالية التي تتطور وتنمو يوما بعد يوم ليكبر الصرح الذي بناه قائد حكيم وضع التاريخ اسمه الى جانب القادة الكبار الذين خلدتهم اعمالهم وانجازاتهم · لماذا يخلد العظماء ؟ د· خليفة علي السويدي ها هي الأيام تمضي سراعا، ومعها تتجدد الذكريات، وتتفاعل المشاعر كي نقف وقفات مع ذكرى زعيم راحل هو المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة وراسم استراتيجية تطورها وازدهارها، ومع هذه الفترة التي نعيشها في حياتنا من المهم جدا أن نتذكر ما كنا عليه وكيف تحقق ما يشهد به الواقع ، ويأتي سؤال قد يحتار الانسان في الاجابة عنه وهو لماذا يخلد العظماء ؟ ومن المحاولات الجادة في هذا المجال ما قاله المؤرخ أرنولد توينبي: ''إن التحدي هو الذي يخلق رجل الأحداث و القادة لا يزدهرون في أسهل الظروف التي تتحداهم كلما زاد التحدي صاروا أكثر عظمة، والشعوب تعجب بالأعمال قبل الرجال واذا ما اعجبت بالاعمال فإنها سرعان ما تمنح الثقة للرجال وتعطيهم زمام القيادة·''·· ولعل الرجل عندما تحدث بكلماته بعد أن درس سير العظماء قد قارن بين زعماء كثر حتى وصل لهذا الأمر والذي لو درسنا خلاله سيرة الشيخ زايد يرحمه الله لرأينا صدق هذا الأمر، فقد تولى المغفور له شأن هذه الدولة من عمق الصحراء، تلك البيئة القاسية التي تعلم من خلالها الكثير، فقد عاش حياة العوز كما عاشها من كان حوله من الرجال، فمن يتأمل في الصور التي تتحدث بواقعية عن الدولة في مطلع السبعينيات يجد أن الحاكم والمحكوم كانا يعيشان حياة الفقر المدقع، ولكن التحدي الذي ينجح به الانسان في الصحراء يجعله قادرا على العيش الجاد وراغبا في التطور·· ولكن من أين يبدأ ذلك النمو أنها روح التفاؤل التي قادت المرحوم الشيخ زايد لكل جديد؟·· ففي إحدى كلماته يقول ''إنني متفائل بمستقبل هذا البلد ومستقبل هذه الأمة·· لقد بنى الأسلاف من أجل هذا الجيل كما تبنون أنتم للجيل القادم·· ''·· ومن أجل بناء ذلك المستقبل كانت له رحمه الله رؤية تتلخص في قوله '' إن الثروة ليست في الامكانات المادية وحدها، وإنما الثروة الحقيقية للأمة هي في رجالها، وإن الرجال هم الذين يصنعون مستقبل أمتهم·· إن التاريخ مليء بالشواهد على هذا النوع من الرجال··''·· ولو تأملنا مرة أخرى في ماكتب في هذه الفقرأت لرأينا أن التطبيق العملي يكمن في كلمة خالدة له وهي : إننا نؤمن بدور العلم في بناء الانسان، وإن العلم أساس كل تقدم ومنبع كل حضارة وإن أفضل استثمار للمال هو في خلق أجيال من المثقفين والمتعلمين من أبناء البلاد· تلك كانت مقدمات نقلتها لكم من كتاب الفرائد من أقوال زايد والذي أصدره مشكورا مركز الوثائق والبحوث في الدولة·· ومن تلك المقدمات نصل الى بعض النتائج بعد تحليلها· الأمة بحاجة الى قائد ينتمي لها ويعرف الواقع الذي تعيشه لأنه واحد من هذه الأمة ، وكلما زادت الفجوة بين القائد والشعب فقد ذلك الزعيم دوره في القلوب ، لقد كان زايد يرحمه الله واحدا من هذه الأمة عاش همها وذاق مرارة الأحداث كغيره لذلك لما من الله تعالى على هذه الأمة بالخير كان منّ أولوياته أن يعم هذا الخير كل من ذاق الحرمان في حياته، ومن هنا رأينا العديد من المشاريع التي درت ولازالت على أبناء هذا الوطن من ينبوعها الصافي ما تروي به عطش الأيام· ولكن الخير إن كان في يد لا تقدره فإنها تسرف في التعاطي معه لذلك ركز الشيخ زايد يرحمه الله على العلم، وكان من أولويات الحكومة منذ أن أسست، فعند قيام الدولة أي في عام 1972 كان عدد المدارس لايجاوز 95 مدرسة موزعة في المدن الرئيسية في الدولة يدرس فيها 30 ألف طالب وكان يصرف لهم التغذية والملابس المناسبة، لأن الناس كانوا في فقر لا يعرفه الا من ذاقه، كما تم ابتعاث 700 طالب خارج الدولة لإكمال دراساتهم لأنه لم يكن في الدولة تعليم عال يذكر ، ومع استمرار نفس النهج فإننا نرى أن في الدولة اليوم أكثر من 1313 مدرسة يتعلم فيها 676084 من التلاميذ ، وتضاعفت أعداد مؤسسات التعليم العالي الحكومية و الخاصة حتى تجاوزت الأربعين مؤسسة، أردت أن أختم المقال بهذه الاحصاءات حتى نقول للتاريخ إن القائد العظيم قد أنجب قادة كراما على نهجه سائرين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©