الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العبد تنتصر للإنسان

العبد تنتصر للإنسان
3 نوفمبر 2007 00:41
هي واحدة من أجمل المسرحيات الـ38 التي عُرضت إلى الآن في إطار تظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية''، وتعالج ظاهرة العولمة من خلال اللجوء إلى الماضي لاستحضار الصراع المرير الذي دام قروناً بين البيض والسود في الولايات المتحدة وإسقاطه على ما يجري الآن في مناطق متفرقة من العالم· مسرحية'' العبد'' قدمتها جمعية ''الموجة'' لولاية مستغانم غرب الجزائر، وهي من إخراج بوجمعة جيلالي، بينما كان ''الإعداد الدرامي'' لمحمد شرقي الذي يفضل هذا الوصف على الاقتباس، ويقول: إنه لم يقتبس نص الكاتب الأميركي لوروا جونز- أو أميري بركة بعد إسلامه في 1964- بل قام بـ''إعداده درامياً'' والحفاظ على روحه مع تحيينه ليتناسب مع ما تعيشه الشعوب المستضعفة في الألفية الجديدة وما تعانيه من ويلات· حياة مستحيلة تقوم فكرة الكاتب أميري بركة على ضرورة فك الارتباط بين البيض والسود في أميركا لاستحالة العشرة بين الطرفين، وهو ما يقوم به بطل المسرحية ''ووكر'' من خلال تطليق زوجته البيضاء التي أنجبت له ابنتين والعودة إلى حيّ الزنوج للاندماج معهم مجدداً، ويبدو أن الكاتب لوروا جونس قد عكس جزءاً من سيرته الذاتية في مسرحيته؛ حيث قام بتطليق زوجته اليهودية الشقراء، واعتنق الإسلامَ سنة ،1964 وحوّل اسمه إلى أميري بركة، وعاد إلى حي ''هارلم'' قي نيويورك ليوغل في التطرف ويرفض حتى السود البورجوازيين المندمجين في عالم البيض، وبذلك ينقل أميري مشاكله وهواجسه إلى العالم الخارجي، ويصبح أحد أبرز رواد الأدب الأميركي الزنجي الجديد· يقوم ''ووكر'' بزيارة طليقته وأم ابنتيه قصد استعادتهما منها ومن زوجها الجديد ''براد'' ليقوم بتربيتهما وفق قيم السود لا البيض، وتقابله الطليقة وزوجها بالكثير من الرفض والتبجح والاستعلاء، فيستفز ذلك ''ووكر'' القادم من زمن العذابات والآلام فيقرر الثورة، وقبلها يدور بين الطرفين حديثٌ طويل عن ثقافتيهما وقيمهما وأفكارهما، ويرفض ''ووكر'' ديمقراطية البيض ومساواتهم، ويبين أنها مجرد شعارات فارغة يخالفونها يومياً بممارساتهم ضد السود وضد شعوب العالم، وفي الحوار كثيرٌ من الإسقاطات على الوضع الدولي الحالي ونظرة أميركا إلى ''الديمقراطية'' و''تحرير الشعوب''، وأمام تنامي غطرسة ''براد'' وتماديه في التعالي واحتقار السود، يشتد غضب،''ووكر''،ويقتله ثم يسوق وراءه جيشاً يدك به حضارة البيض دكاً، وينتهي العرض بمشهد مهول للخراب وسقوط أميركا في يد السود· المقاومة بالمسرح يقول محمد شرقي مقتبس النص: إذا كان النص الأصلي يحكي عن ليلة سقوط أميركا ويتنبأ بذلك، فإننا ركزنا في المسرحية على أننا كلنا عبيد إزاء النزعة المهيمنة والواسعة للعولمة؛ علينا تكوين جبهة ثقافية مضادة للعولمة، ويبقى النص مفتوحاً على عدة قراءات، لأن هذا ''العبد'' قد يكون في العراق أو فلسطين أو في أية منطقة مستعمَرة ويعيش شعبها الاضطهاد؛ العبد يمرُّ من مرحلة التصدي إلى مرحلة التحدي والمقاومة ويحقق الانتصار، والمسرحية تعكس الواقع الموضوعي للمتخيل الذاتي الذي يتيح الوسائل جميعها جمالياً ويبرِّر مشروعيتها· أما المخرج الجيلالي بوجمعة فقال: ''لقد ذهبنا إلى أميركا بسلاسلنا لنقتبس هذا النص؛ مشاكل الزنجي قبل قرون لا يزال الناس يعانونها إلى الآن، نريد من خلال هذه المسرحية محاربة العولمة والهيمنة على العالم، عبر الفن''· ''العبد'' بمثابة بيان لتحرير أرواح العبيد حيثما كانوا في العالم، وفيها برع الممثلون الشباب، ضمن صرامة وحدة الرؤية الدرامية، في أداء أدوارهم وتجسيد صراعات البيض والسود في مشاهد عنيفة تعبيراً عن فلسفة تحقيق الحرية عبر المواجهة الشاملة ضد قوى الغطرسة والهيمنة، إلا أن بعض النقاد رأى أن مسرحية ''العبد'' كانت جد مرتفعة عن قدرات الممثلين الشباب، ولو أداها فنانون أكثر خبرة وحنكة لأمكنهم استيعاب فلسفة النص وروحه بشكل أفضل·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©