الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سُنة العراق.. رعب «داعش» و«الحشد»

15 ابريل 2016 23:02
في وقت تتحرك فيه القوات العراقية وحلفاؤها لاستعادة المدن ذات الأغلبية السنّية الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش» بشيء من البطء والتردد، يغمر الغالبية العظمى من أهل السُّنة العراقيين الخوف من منقذيهم ولا يثقون بتلك القوات التي تسعى لتحريرهم من الإرهابيين. ولكن.. ما المستقبل الذي تنشده الغالبية العظمى من العراقيين لوطنها؟ لقد ألقت دراسة حديثة الضوء على هذه النقطة، ورسمت صورة بائسة لعراق منقسم مذهبياً بشكل كبير، وقد عمدت شركة متخصصة باستطلاعات الرأي تُعرف باسمها المختصر IIACSS، لإجراء سلسلة من عمليات سبر الآراء في العراق على المستويين الوطني والمحلي باستخدام تقينات علمية متطورة لاختيار العيّنات من كل المناطق العراقية بما فيها تلك التي تقع تحت سيطرة «داعش» منذ عام 2014. وقد أظهرت نتائج الاستطلاعات التي أجريت خلال الأشهر القليلة الماضية أن العراقيين السُّنة والشيعة ينظرون إلى الموقف الأمني في وطنهم من زوايا مختلفة تغلب عليها الصبغة المذهبية. والسؤال: ما موقف العراقيين إزاء مشكلة الأمن في وطنهم؟ كشفت البيانات التي تمكنّا من جمعها خلال شهر فبراير الماضي (2016)، أن العرب من أهل السُّنة يتخوفون من القوّات التي تسعى إلى تحريرهم من تنظيم «داعش» في الموصل، حيث انطلقت حملة استعادتها من سيطرة التنظيم قبل فترة قصيرة، . وقال نحو 74 في المئة من السُّنة الذين استطلعت آراؤهم إنهم لا يرغبون في التحرر إذا كان سيأتي على أيدي الجيش العراقي. إلا أن هذا الشعور بانعدام الثقة في الجيش العراقي يفوقه شعور موازِ بعدم الثقة في المليشيات الشيعية ومقاتلي البشمركة الأكراد. وقد أجمعت آراء 120 سنياً شاركوا في الاستطلاع في مدينة الموصل بنسبة 100 في المئة على رفض تحريرهم على أيدي مقاتلي الشيعة والأكراد. واتضح من ذلك الشعور العام بفقد الثقة في القوى التي يُفترض فيها تحرير السنة العراقيين من بطش مقاتلي تنظيم «داعش». ولكن.. هل هذا يعني أن السُّنة يدعمون تنظيم «داعش»؟ الجواب هو: «لا». ليس لأن السُّنة يؤيدون «داعش»، بل إن الغالبية العظمى منهم يعارضونه. وقد أظهر استطلاع آخر أنجزته الشركة ذاتها في شهر يناير الماضي (2016)، أن 99 في المئة من الشيعة و95 في المئة من السُّنة في كل مناطق العراق يعارضون ويرفضون «داعش». وإذا كانت كل هذه النسبة من أهل السُّنة تعارض «داعش»، فلماذا إذن يعبرون عن كل هذا الخوف من الجيش العراقي والمليشيات الشيعية والبشمركة الكردية التي يقال إنها تعمل جميعاً على تحريرهم منه؟ يكمن السرّ في تمسك السُّنة العراقيين بهويتهم الوطنية وقناعتهم الراسخة بأن مجتمعهم لن يحظى بالمعاملة العادلة في ظل الحكومة العراقية الشيعية وحلفائها. ثم كيف أدت النزعة المذهبية والإثنية إلى اتساع الشرخ في العراق؟ أظهرت بيانات تتعلق بآراء عامة العراقيين أن السُّنة العراقيين يرون أن مجتمعهم تعرّض بالفعل لمعاملة غير عادلة من طرف الحكومة الشيعية. ومن خلال الاستطلاع الذي نظمته الشركة في شهر فبراير الماضي، عبر 44 في المئة من السُّنة المشاركين فيه عن اعتقادهم بأن الأغلبية السُّنية في الرمادي لا يتم التعامل بها بإنصاف بعد أن تم تحريرها من مقاتلي «داعش». وفي مقابل ذلك، يعتقد 76 في المئة من الشيعة المشاركين في الاستطلاع أن مواطني الرمادي سيعاملون بطريقة عادلة. ويبدو بوضوح أن الانقسام المذهبي سيكون سيّد الموقف بعد تحرير العراق من تنظيم «داعش». وقد أثبتت نتائج استطلاع آخر نظمته الشركة ذاتها في شهر أبريل الماضي في أوساط العراقيين، وجود تباين كبير بين مواقف السُّنة والشيعة فيما يتعلق بعدالة الحكومة العراقية في منح كل العراقيين الحقوق نفسها. وعبرت الغالبية العظمى (91 في المئة) من أهل السُّنة عن عدم اقتناعها بأن العراقيين يُعاملون على قدم المساواة فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية. ويضمر العراقيون العرب السُّنة شكوكاً إزاء المليشيات الشيعية، أعمق من تلك التي يضمرونها للحكومة العراقية. وعندما سئلوا في استطلاع شهر فبراير عن موقفهم من المليشيات الشيعية في المناطق والمدن السُّنية، قال 93 في المئة منهم إنهم يشعرون بالخوف منها. وفي المقابل، قال 7 في المئة من الشيعة الذين استطلعت آراؤهم إنهم يتخوفون من سلوكيات المليشيات الشيعية في المناطق السُّنية. * مدير بحوث التسويق في شركة IIACSS في العراق ** أستاذ العلوم السياسية في جامعة «آكرون» - أوهايو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©