الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طوكيو وواشنطن··· التحالف الأمني وتابوهات الماضي

طوكيو وواشنطن··· التحالف الأمني وتابوهات الماضي
4 نوفمبر 2007 01:40
على الرغم من التصريح الذي أطلقه رئيس الوزراء الياباني السابق ''شينزو آبي'' بأن دعم بلاده العسكري لعملية ''الحرية الدائمة'' سيظل قائما من خلال تنحيه عن السلطة، فإنه من المؤكد أن سفن البحرية اليابانية ستبحر من المحيط الهندي عائدة إلى الوطن خلال هذا الشهر· ومعلوم أن اليابان تدعم الجهود التي تتزعمها الولايات المتحدة للقضاء على ''طالبان'' واعتقال أسامة بن لادن أو قتله من خلال عملية تزويد بالوقود في البحر؛ غير أن الحزب ''الديمقراطي'' الياباني المعارض يواصل معارضته الشديدة لتمديد التشريع المرخِّص لهذه العملية، والذي انقضى في بداية شهر نوفمبر الجاري· وقد أصابت آفاق الانسحاب الياباني من العملية بعض المتعاطين مع اليابان والمراقبين لها من داخل إدارة بوش وخارجها بالقلق· فبعد سيطرة الحزب ''الديمقراطي'' الياباني على الغرفة العليا للبرلمان الصيف الماضي، سعى السفير الأميركي- الذي تمكن من قضاء عامين في اليابان من دون الالتقاء مع زعيم الحزب ''الديمقراطي'' الياباني إيشيرو أوزاوا- إلى مقابلته وجهاً لوجه··· في محاولة لإقناعه بالعدول عن معارضته· كما سافر كل من ''مايكل جرين''رئيس قسم آسيا بمجلس الأمن القومي السابق، و''كورت كامبل'' نائب مساعد وزير الدفاع في عهد الرئيس بيل كلينتون، وحتى وزير الخارجية السابق كولن باول إلى طوكيو ليقولوا للمسؤولين هناك إن سحب البحرية اليابانية من مهمتها في المحيط الهندي سيضر بالعلاقات الأمنية الأميركية- اليابانية· أما صحيفة ''واشنطن بوست''، فقد اعتبرت في إحدى افتتاحياتها أن أوزاوا ''كان يستغل المشاعر المعادية للولايات المتحدة - لمصالح حزبية سياسية قصيرة الأمد''، وحذرت من ''ضرر دائم قد يلحق بالتصور الأميركي والدولي لإمكانية الاعتماد على اليابان''· غير أن الضغوط من هذا القبيل الصادرة عن مسؤولين قلقين بخصوص سد حاجيات الإدارة الأميركية يمثل تغاضياً عما ينبغي أن يُنظر إليه باعتباره المصلحة الحقيقية طويلة الأمد للولايات المتحدة· ذلك أن ثمة حاجة مشروعة اليوم لتغذية وتشجيع نقاش حقيقي وعقلاني في اليابان حول إيجابيات وسلبيات المشاركة في عملية عسكرية تقودها الولايات المتحدة وتفتقر إلى التأييد الشعبي· إذ من شأن نقاش من هذا النوع أن يؤدي في نهاية المطاف إلى فهم أكبر بين البلدين حول مواضيع من المؤكد أنها لن ترحل· في هذه المرحلة، لن يكون لرحيل السفن اليابانية تأثير كبير وقد لا يكون له أي تأثير عملي على الحرب في أفغانستان· غير أن دلالة مشاركة اليابان حتى الآن، واستياء الجمهور الياباني متواصلان· لقد كانت هذه أول مشاركة لوحدة عسكرية من اليابان زمن الحرب خارج مناطق سيادتها منذ 1945 - وذلك بعد شهرين من هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية· وقد جادل الحزب الديمقراطي الياباني المعارض بأنه لا ينبغي لليابان أن تشارك بقوات عسكرية في مهمات بالخارج إلا عندما تحظى هذه العمليات بموافقة الأمم المتحدة عليها، غير أن الموقف الأميركي في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر والقائل بـ''إما معنا أو ضدنا''، إلى جانب التصريح العلني لـ''ريتشارد أرميتاج'' وكيل وزارة الخارجية الأميركي حينها، من أنه من المهم بالنسبة لليابان أن ''تدعم الولايات المتحدة'' سهلت كثيراً مهمة رئيس الوزراء الأسبق جونيشيرو كويزومي في تمرير القانون في البرلمان· كما أن العديد من اليابانيين شعروا بأن لا خيار لديهم عدا الوقوف إلى جانب القوة العظمى الوحيدة بالعالم في وقت كانت كوريا الشمالية منهمكة في اختبار صواريخها بموقع غير بعيد عن السواحل اليابانية· وفي الأشهر الستة التي تلت ذلك، قدمت البحرية اليابانية ما يزيد على 70 مليون برميل من النفط بالمجان للسفن الأميركية على الخصوص، ولكن أيضا للسفن البريطانية والباكستانية وبلدان أخرى مشاركة ضمن ''تحالف الراغبين''· ولكن الإمدادات السنوية انخفضت اليوم إلى أقل من عُشر المستويات العالية المسجلة في ·2002 وعلاوة على ذلك، فقد كشف الحزب ''الديمقراطي'' الياباني في وقت سابق من هذا العام عن بيانات تُظهر استعمال بعض الوقود المقدَّم للولايات المتحدة من أجل دعم عمليات البحرية الأميركية في العراق، وهو ما يعد خرقاً سافراً للقانون الياباني المرخِّص لهذه المهمة· الواقع أن اليابان قطعت شوطاً طويلاً في تقليص وإنهاء تابوهات مرحلة ما بعد الحرب؛ حيث بعثت بجنود من قوات ''الدفاع الذاتي'' للمشاركة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كمبوديا وموزمبيق ومرتفعات الجولان وتيمور الشرقية، إضافة إلى مناطق أخرى· غير أن الجدل داخل اليابان لم يتوقف، ولاسيما بشأن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد ''طالبان'' والذي يفتقر للدعم الرسمي من الأمم المتحدة· بيد أن النشاط العسكري المتوسع لليابان تزامن أيضاً مع صعود في القومية التي يؤججها الشعور بانعدام الأمان المرتبط بصعود الصين والسلوك التهديدي لكوريا الشمالية· وكان ''آبي''، الذي اكتسب شعبية من خلال صرامته وحزمه تجاه بيونج يانج، قد أكد على أهمية التعليم في زرع وترسيخ الوطنية، ودفع باتجاه استعادة الأدوار التقليدية للرجال والنساء، وتعهد بإخراج، اليابان من ''مرحلة ما بعد الحرب'' عبر بدء عملية إعادة كتابة ''دستور اللاحرب'' الذي فرضه الاحتلال الأميركي· غير أن الهزيمة النكراء التي مني بها الحزب ''الديمقراطي الليبرالي'' الحاكم في انتخابات يوليو، واختيار ''ياسو فوكودا''، الذي يعد أكثر اعتدالاً ويصنف ضمن ''الحمائم'' ليكون خلفاً لـ''آبي''، عكسا قلقاً في أوساط الناخبين حول ما يشبه انعطافاً قوياً للبلاد إلى ''اليمين'' خلال السنوات القليلة الماضية· وإضافة إلى ذلك، فإن العديد من اليابانيين يشعرون اليوم بالخيانة من قبل واشنطن بسبب ''موقفها اللين'' من بيونج يانج، والذي يمكن أن يوقف التقدم مع كوريا الشمالية حول مصير المختطَفين اليابانيين· ومن جهة أخرى، فقد وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة ''أساهي شيمبيون''، خلال الآونة الأخيرة، أن 48 في المئة من اليابانيين يعارضون تمديد البرلمان الياباني لعملية التزويد بالوقود، في حين أيدها 28 في المئة· ومثلما أن الأميركيين منخرطون في سجال ساخن حول الطريق الذي ينبغي أن تسلكها بلادهم، فإن اليابانيين شرعوا منذ بعض الوقت في نقاش جاد بينهم حول الطريقة الأفضل التي يمكنهم أن يساهموا بها في الاستقرار العالمي· ولكن الأحداث التي شهدتها تركيا وباكستان مؤخراً تظهر مدى هشاشة التحالفات التي يقف وراءها زعماء لا يتوفرون على دعم سياسي واسع من قبل ناخبيهم· ولذلك، فعلى الزعماء الأميركيين أن يساعدوا الزعماء الأجانب على بناء الإجماع من خلال النقاش الصحي بدلاً من وصف أي زعيم أجنبي يختلف معهم من حيث السياسة بأنه ''معاد للولايات المتحدة''· كاتبة متخصصة في الشؤون اليابانية وزميلة بمؤسسة Asia Society ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©