الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسة الأميركية تجاه إيران وتداعيات الحرب الاختيارية

السياسة الأميركية تجاه إيران وتداعيات الحرب الاختيارية
5 نوفمبر 2007 00:34
الأسبوع الماضي، قررت الإدارة الأميركية المضي قدما في قرارها المثير للجدل بوصف فرع من القوات المسلحة الإيرانية -''فيلق القدس'' التابع للحرس الثوري- منظمة إرهابية، وفرض عقوبات جديدة على إيران· رحب المسؤولون الإسرائيليون بهذا التصعيد الأميركي للضغط على إيران، معتبرين إياه -على ما يبدو- إنجازا لإسرائيل في مجال السياسة الخارجية، وللعدد الكبير من المراقبين الأميركيين الموالين لإسرائيل الذين يحثون على تبني سياسة شرسة ضد إيران· غير أن -ومثلما حذر من ذلك عدد من الساسة والخبراء الأميركيين- مبادرة الإدارة الأميركية ضد هذه القوة النخبوية أمر محفوف بالمخاطر، فقد تمهد لمواجهة عسكرية مع إيران، على اعتبار أنه يمنح الولايات المتحدة صلاحية توجيه ضربات ضد الحرس داخل إيران، وبالتالي مقدمة لهجمات على منشآت إيران النووية؛ غير أن الإدارة الأميركية شددت على أن هذه الخطوات جزء من استراتيجية دبلوماسية، وليست خطوة في اتجاه الحرب· بيد أن العبرة بالأفعال وليست الأقوال؛ والزخم نحو الحرب قد بدأ· ولذلك، فعلى الذين يقيِّمون مزايا هذا الاتجاه أن يدرسوا تداعيات ''حرب اختيارية'' أخرى على مصالح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في ضوء المستنقع العراقي وقدرة إيران على الرد· من وجهة النظر الإيرانية، فإن عجز إسرائيل عن حل المشكلة الفلسطينية له صلة قوية بالانتقاد الإسرائيلي الأوتوماتيكي لطهران، بسبب ما حدث في قطاع غزة الخاضع لسيطرة ''حماس''؛ والحال أن التضخيم والتهويل بشأن تأثير إيران على ''حماس''، أو تحميـــل إيران مسؤوليــــة فشـــل حل ''الدولتين'' -مثلما فعلت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس-لا يمكن تصديقه، ثم إنه لا يمكن أن تكون إيران كبش فداء لما من الواضح أنه فشل لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الموالية لإسرائيل، وعجزها عن تبني مقاربة متكافئة ومتوازنة· اللافت أن الولايات المتحدة لا تعمد إلى إشراك إيران إلا حينما تكون في حاجة ماسة إليها، باستثناء ذلك، فإنها تلجأ إلى أسلوب الإكراه والإرغام، كما أن العقوبات أحادية الجانب التي فرضتها واشنطن الأسبوع الماضي لها تداعيات فورية تتمثل في القضاء على فرص أي حوار أمني أميركي-إيراني ذي معنى· فعلى سبيل المثال، أبدت طهران مؤخرا مؤشرات على رغبتها في التوصل إلى اتفاق حول ''حوادث البحر'' مع الولايات المتحدة، وذلك تلافيا لحرب عرضية في الخليج العربي· ولكن التدابير الجديدة التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد إيران تجعل اختراقات من هذا القبيل أمرا مستحيلا· علاوة على ذلك، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية طعنت في المزاعم بخصوص انتشار نووي إيراني، حيث أكدت بعد عمليات تفتيش مكثفة غياب أي دليل على استخدام البرنامج النووي الحالي لأغراض عسكرية، وهو ما زكته تصريحات مراقبين إسرائيليين مرموقين مثل ''مارتن فان كريفلد''، فقد قال في حوار أجرته معه مجلة ''بليبوي'' ونشر في عدد يونيو الماضي: ''إننا لا نواجه خطر التعرض لضربة بسلاح نووي إيراني، ولكننا لا نستطيع قول ذلك بصراحة لأن لدينا تجارب سابقة بخصوص استعمال أي تهديد من أجل الحصول على أسلحة، فبفضل التهديد الإيراني، نحن اليوم بصدد الحصول على أسلحة من الولايات المتحدة وألمانيا''· وإيران، التي لم تغزُ أي بلد منذ القرن الثامن عشر، توصف اليوم بأنها ''إسلامية فاشية'' عازمة على تدمير إسرائيل؛ والحال أنها -بعيدا عن الخطابات- تَعتبر إسرائيل تهديدا ''خارج المنطقة'' وغير مناسب لحسابات الأمن القومي الإيراني، ماعدا في سياق تدخل إسرائيلي في السياسة العرقية لإيران أو ما شابه· ثم إن إيران لا تعارض فكرة حل الدولتين بالنسبة للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، بل إن زعماء إيرانيين عديدين، ومنهم الرئيس السابق ''علي أكبر هاشمي رفسنجاني''، أعلنوا أن إيران ستلتزم بما يختاره الفلسطينيون· إلى ذلك، فإن التلفزيون الإيراني يبث برامج متعاطفة مع ''الهولوكست''، واليهود ممثَّلون في البرلمان الإيراني، وغير ذلك من الأمور التي تفند الصورة الهتلرية التي يرسمها بعضهم لإيران؛ وعلاوة على ذلك، فإن تاريخ إيران، ومخاوف الأمن القومي الإيراني الحالية، والمصالح المشتركة مع الولايات المتحدة بخصوص النظامين الحاليين في بغداد وكابول تدحض وتكذب الصورة التي يتمسك بها كثير من الساسة والمراقبين الإسرائيليين· وتأسيسا على ما سلف، يتعين على إسرائيل أن تتخلى عن التهديدات المتكررة ضد إيران، والتي لا تؤدي إلا إلى تأجيج حالة التوتر الحالية في منطقة الشرق الأوسط المضطربة· فكلما تعرضت إيران لهذه التهديدات، كلما أصبحت هذه التهديدات تنبؤات بالإمكان حدوثها· إن أي ضربة لإيران - والتي يروَّج لها باعتبارها الطريقة الوحيدة لمنع إيران من اكتساب سلاح نووي- ستكون لها عواقب كارثية ومخالفة لما هو مرجو منها، فمن شبه الأكيد أن إيران ستعمل في هذه الحالة على الانسحاب من اتفاقية حظر الانتشار النووي، وتعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والسعي وراء امتلاك قنبلة ذرية بالفعل· وعليه، فإن مصالح إسرائيل بعيدة المدى ستكون في خطر في حال مواجهة أميركية-إيرانية، والتي مما لاشك فيه أن العالم الإسلامي سينسبها إلى مخططات إسرائيل ومؤامراتها· والأكيد أن الإيرانيين القوميين سيمحون حينها كل ذكرى من تاريخ تعاطفهم مع اليهود· كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©