الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مظاهرات جورجيا··· عودة إلى التاريخ المضطرب

مظاهرات جورجيا··· عودة إلى التاريخ المضطرب
6 نوفمبر 2007 00:06
لليوم الثالث على التوالي تستمر تظاهرات عشرات الآلاف من المعارضين للحكومة الجورجية واحتجاجاتهم ضدها أمام مبنى البرلمان، فيما يبدو أشبه بانتفاضة شعبية جديدة للثورة الوردية التي عصفت بالقيادة السابقة ودفعت بالرئيس الحالي ''ميخائيل سكاشيفيلي'' إلى سدة الحكم، وسط موجة عارمة من وعود وآمال الإصلاح السياسي· لقد أذهل هذا التحالف المعارض المؤلف من عشرة أحزاب بقدرته على حشد حوالي 50 ألف متظاهر من المحتجين، والدفع بهم إلى شوارع العاصمة الجورجية ''تبليسي'' يوم الجمعة الماضي، احتجاجاً على خطط أعدتها الحكومة بغرض إحداث تعديلات على النظام الانتخابي في البلاد، على الرغم من أن هذا الائتلاف لم يمض أكثر من شهر واحد فحسب على تأسيسه! على رغم الصغر النسبي لحجم هذه المظاهرات -قياساً إلى المشاركة الشعبية الواسعة للجورجيين في ثورتهم الوردية- إلا أنها ربما تقف شاهداً على استمرار المد الثوري في جورجيا حتى الآن، فبينما أبدى بعض زعماء المعارضة الجورجية استعدادهم للتفاوض مع نظام ''سكاشيفيلي'' وتقديم بعض التنازلات، تمسك آخرون بمطالبتهم باستقالته وتنحيـــــه عن منصبـــه· ومن بين هؤلاء ''جورجي خايندرافا'' -الوزير السابق بحكومة ''سكاشيفيلي''، الذي يعتقد أن الرئيس قد أهدر فرصته سلفاً- ويتطلع الجميع الآن إلى حكومة جديدة بعد أن سئموا النظام الحالي· تشير موجة الاحتجاجات هذه إلى احتمال عودة التاريخ الجورجي إلى سابق عهده المعروف بالاضطرابات السياسية، فمنذ أن نالت هذه الجمهورية الجبلية الوعرة الصغيرة التي يقــدر عدد سكانها بنحو 5 ملايين نسمة استقلالها من الاتحاد السوفييتي، توالى على قيادتها ثلاثة رؤساء صعد كل واحد منهم على صدر موجة عاتية من التأييد الشعبي، لكي ينتهي به الحال أخيراً إلى تخييب آمال شعبه وإثارة غضبه ونقمته عليه· فقد لقي الرئيس ''زفياد جامساخورديا'' -انتخب عام 1991 بأغلبية شعبية بلغت نسبتها 87 في المائة من مجموع أصوات الناخبين- مصرعه إبان حرب أهلية صعدت بالرئيس ''إدوارد شيفرنازده'' - وزير الخارجية السوفييتي الأسبق- إلى دفة الحكم في عام ·1992 ورغم نجاح ''شيفرنازده'' في بسط الاستقرار في البلاد ووضعها على طريق التحول الديمقراطي، إلا أنه وجهت إليه اتهامات لاحقة بشأن تزوير نتائج الانتخابات البرلمانية، فأرغم على تقديم استقالته إثر اندلاع الثورة الوردية ضده· وفي الانتخابات العامة التي أجريت في العام نفسه، كان الفوز فيها من نصيب الرئيس ''سكاشيفيلي'' -المعروف بقربه يوماً من شيفرنازده- نتيجة إحرازه لنسبة 97 في المائة من جملة أصوات الناخبين· وعلى رغم وعود الإصلاح السياسي التي قدمها ''سكاشيفيلي''، إلا أن الحال قد انتهى به إلى إثارة نقمة غالبية الجورجيين من مختلف التيارات والأحزاب السياسية· وكما قالت ''منانا رافتادزي'' -عاملة بمجال رعاية الأطفال ومن المشاركات في مواكب السبت الاحتجاجيــة الأخيرة-: ''لست راضية عن أحوال بلادي خلال الأربع سنوات الماضية''، مضيفة قولها: ''أريد للرئيس أن يتحلى بالشجاعة اللازمة التي تجعله يقف أمام المواطنين ويعترف لهم علناً بأخطائه وعيوبه''· وضمن ما عنته ''منانا'' بتلك الأحوال التي لم تعجبها، التشريعات المتشددة التي وضعت مؤخراً لمكافحة الجريمة، والتي زج بسببها أعداد كبيرة من الشباب اليافعين في السجون عقاباً لهم على جنايات وجنح صغيرة لا ترقى إلى تلك العقوبة· كما تزايدت شكاوى صغار المستثمرين والأعمال من سياسات الخصخصة، خاصة مما يصفه هؤلاء بأنه انتهاك لحقوقهم· وفي الوقت نفسه يتزايد قلق المثقفين والمفكرين الجورجيين مما يرونه فيه انجرافاً للحقوق والحريات الديمقراطية في البلاد· وفوق ذلك تواصل تكلفة الغذاء والوقود ارتفاعها، في تواز مع ارتفاع معدلات البطالة في البلاد· أما ''تينا خيداشيلي'' -إحدى قياديات الحزب الجمهوري المعتدل ومن الناشطات في تنظيم التظاهرات الأخيرة هذه- فقد قالت: ''إن هذه المواكب الاحتجاجية لا تقتصر على الجانب السياسي وحده، لأنها تعبر عن غضب شعبي، وعن شعور عام في الشارع الجورجي بأن ما فعله الرئيس ''سكاشيفيلي'' خلال سنواته الأربع الماضية هذه، هو أنه أعطى انطباعاً عاماً بأنه ضد كل فرد من أفراد الشعب الجورجي شخصياً· يذكر أن هذا التحالف المعارض كان قد تشكل قبل شهر واحد من مظاهرات عطلة نهاية الأسبوع الماضي، على إثر اعتقال وزير الدفاع ''إراكيل أوكروشيفيلي'' باتهامات تتعلق بالإهمال والفساد السياسيين· تنحصر مطالب المعارضة حتى الآن بإطلاق سراح ما تصفهم بالسجناء السياسيين، إلى جانب الحيلولة دون خطط الرئيس الرامية لتأجيل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في موسم الربيع المقبل حتى موسم الخريف، وكذلك منعه من إجراء عدد من التعديلات الانتخابية التي يعتبرها زعماء المعارضة منافية للديمقراطية؛ أما ''الحزب الجمهوري'' فهو أكثر ميلاً لإقالة الرئاسة الحالية مع تحويل جورجيا إلى جمهورية برلمانية أقرب إلى النظام المعمول به في بريطانيا· لكن وعلى رغم افتقار المعارضة الجورجية إلى قائد سياسي واحد، على غرار ما كان عليه الرئيس الحالي ''سكاشيفيلي'' إبان الثورة الوردية، بينما تبدو المظالم الشعبية المرفوعة أقل حدة مما كانت عليه في تلك الثورة، إلا أن تكتيك استمرار المظاهرات الشعبية هذه، لا يزال يمثل تهديداً جدياً لاستقرار التجربة الديمقراطية اليافعة في هذا البلد، على حد تحذيرات المراقبين والخبراء، ومن بينهم ''الكساندر روندي'' -رئيس ''مؤسسة الدراسات الاستراتيجية والدولية''-، الذي من رأيه أن جورجيا ليست على استعداد للتحول الديمقراطي بعد، شأنها في ذلك شأن بقية الجمهوريات الأخرى فيما بعد العهد السوفييتي· داريا فيزمان - تبليسي فريد فاير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©