الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أوروبا تسير على الطريق الاقتصادي القديم نفسه

أوروبا تسير على الطريق الاقتصادي القديم نفسه
13 فبراير 2011 21:22
بوقوع معظم الدول الأوروبية تحت قبضة أزمة الديون ومعاناة برامج التقشف، يعتقد الكثيرون أن قادة الاتحاد الأوروبي مشغولون بمراجعة النماذج الاقتصادية سعياً وراء الحصول على طرق كفيلة بنمو دولهم في ظل المنافسة العالمية المحتدمة. وإذا كان الأمر كذلك، فإنهم لم يفصحوا عن أي تفكير جذري. ولم تأت إستراتيجية النمو للعقد القادم التي أعلن عنها مؤخراً في بروكسيل بأي جديد يذكر، بالرغم من أن آخر حزمة أهداف والمراد منها جعل أوروبا أكثر الأقاليم قوة في العالم بحلول 2010، لم تحقق المطلوب. وعلى مدى العقد الماضي فضلت المفوضية الأوروبية وهي ذراع الاتحاد الأوروبي لصياغة السياسات، النموذج “الأنجلو ساكسوني” الذي يتميز بالأسواق ذات النظم المتساهلة، على تلك الدوافع الدولية المتبعة في كل من فرنسا وايطاليا، وإلى حد ما في ألمانيا. ولم يتغير ذلك كثيراً باستثناء عامي الأزمة المالية اللذين كشفا النقاب عن بعض القصور في ذلك النمط. وانتعشت بريطانيا وأيرلندا لبعض الوقت إثر تبنيهما نموذج السوق الحرة، لتعانيا بعدها من الانفجار الائتماني والفقاعة العقارية ليطلب منهما تأميم المصارف الضعيفة. ومع ذلك، فإن النموذج القاري للدول الكبيرة الذي يتسم بأسواق عمالة أكثر تنظيماً وبحكومات لا تألو جهداً في التدخل لمساعدة القطاعات الصناعية الضعيفة، لا يكاد يخلو من الضرر. وخير شاهد على ذلك اليونان والبرتقال وإيطاليا التي تهدد ديونها الضخمة وحدة منظومة اليورو. ويقول أحد السفراء على هامش اجتماع “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” في باريس “يفرح عدد لا يستهان به من الناس بالرقص على قبر النموذج “الأنجلو ساكسوني”. لكن الأمر ليس بتلك السهولة التي يتصورونها”. وبينما كانت معاناة فرنسا وإيطاليا أقل من دول أخرى في الاتحاد، وقف بطء النمو عائقاً في طريقهما خلال سنوات الازدهار الاقتصادي. وجعل ذلك إصلاح العجز الاقتصادي أكثر صعوبة، بالإضافة إلى التحديات المستقبلية مثل الاحتفاظ بسير النظم المعيشية. وتشير المشاكل الأخيرة في فرنسا التي جاءت نتيجة للتغييرات المحدودة في قوانين التقاعد، إلى أن المزيد من الخطوات ربما تجر البلاد إلى مشاكل أكبر. ومع هذا، فإنه وبإحجام المستثمرين العالميين عن توفير تمويلات أقل تكلفة لسد فجوات الميزانية، لا تتوفر خيارات كافية. وينظر البعض الآن إلى نموذج “الرأسمالية الاجتماعية” في ألمانيا، التي لاقت قبولاً جماعياً، في ظل دعم الحكومة كلما دعت الضرورة. وآتت سنوات الإنتاج أُكلها، كما أثمرت جهود تغييرات سوق العمالة وقيود الأجور حيث تعتبر ألمانيا أقوى اقتصاد في المنطقة. ويقول جان بيتر رئيس وزراء هولندا الأسبق “يبدو أن نموذج “الرأسمالية الاجتماعية”، أقل مرونة من نموذج “أنجلو ساكسون” الذي لاقى قبولاً أكثر في قارة أوروبا. وينبغي تطبيق المراقبة بالطريقة المثلى حيث الحاجة لشفافية ووحدة أكثر. وبالمفهوم الأوسع وإذا رغبت أوروبا في دخول جو المنافسة، فعليها انتهاج نمط سوق العمالة والإنتاج المفتوحتين بينما هي تعيد النظر في مفاهيم رفاهية الدولة. وأوفت المفوضية الأوروبية منذ العام 2000 بالتزاماتها لفتح الأسواق، وتقديم عدد من الأهداف الطموحة التي وضعتها الحكومات في مبادرة تعرف باسم “إستراتيجية لشبونة”. وحددت الإستراتيجية أهداف لتحقيق متوسط نمو اقتصادي يصل إلى 3% في السنة، بالإضافة إلى عملية توظيف كاملة أي 70% من عدد السكان بحلول العام الماضي. لكن لم يحقق أي من الاثنين. ومع ذلك تم تحقيق عدد لا بأس به من هذه الأهداف مثل تحسين سلم الأجور وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة في بعض البلدان. كما كان من المقترح أن تبذل الدول الأوروبية مزيداً من الجهد لدعم الاقتصاد الرقمي والأعمال التجارية الصغيرة، بالإضافة إلى خفض النظم وتحسين المنافسة في أسواق الغاز الطبيعي والاتصالات والكهرباء. وأرجأت المفوضية العمل بهذه الخطة واستبدالها بما يعرف بخطة “أوروبا 2020”، التي وصفها جوزيه مانويل رئيس “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” بأنها “نمط جديد لنمو أوروبا”. لكن وكما حدث من قبل لم تفلح التوقعات. ويبدو أن الحزمة الجديدة مختلفة نسبياً، حيث تتميز بثمان مبادرات جديدة تتركز حول الابتكار وكفاءة المصادر. ومن الواضح أن السوق الحرة هي الاتجاه السائد لتؤكد على هيمنة طبيعة القطاعات الوطنية والصناعات. ويركز هذا الاتجاه على “الإصلاحات الهيكلية” ، وهي الوصفة المناسبة لخفض عجز الميزانيات وللأسواق التي تفتقر إلى التنظيم وللقضاء على العقبات التي تقف في طريق النمو، مثل من خلال المساعدات الحكومية للقطاعات الضعيفة. ويظل خفض عجز الميزانيات على رأس القائمة حيث يضيف جوزيه “لا يمكننا تحقيق النمو بدون الوحدة النقدية وذلك لسبب بسيط وهو وبغياب الثقة لا توجد استثمارات، وبدون الاستثمارات لا يمكن تحقيق النمو”. وحث السكرتير العام “لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” الدول الأعضاء على انتهاج مبدأ الهيكلة حتى في ظل معاناة الكثير من الدول من برامج التقشف. وأن هذه التغييرات الهيكلية ضرورية عند حدوث الطوارئ، وهذا هو التوقيت المناسب لإجرائها. ومن أهم محفزات ذلك التغيير هي ضمان مستقبل عملة اليورو. ويصعب القول في أن إتباع قوانين الاتحاد الأوروبي كافية للقيام بذلك. وتعتبر أيرلندا مثال مناسب لسوء المعاملة والتي كانت تتلقى الثناء الكثير خلال العقد الماضي لفتح أسواق سلعها وخدماتها وأسواق رأس المال. وأشار التقرير الذي أصدرته المنظمة قبيل اندلاع الأزمة المالية، لقوة أداء اقتصاد أيرلندا في العقد الماضي وإلى قوة أسسه. وتعرف التقرير على نقاط الضعف خاصة البنية التحتية والمقدرة المالية العامة للتعامل مع ارتفاع متوسط أعمار السكان. لكنه، أثنى على سياسة الهجرة وإلى الربحية العالية التي تتمتع بها المصارف الأيرلندية ومن ثم مقدرتها على تحمل الصدمات الكبيرة. وقامت الحكومة مؤخراً بتأميم “البنك الأيرلندي” وهو رابع مصرف وطني كبير يتم تأميمه بموجب شروط برنامج المساعدات العالمية المقدم لأيرلندا بنحو 67,5 مليار يورو (89,1 مليار دولار). نقلاً عن: «انترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©