الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رخاء كردستان العراق··· الجانب الآخر من الحقيقة

رخاء كردستان العراق··· الجانب الآخر من الحقيقة
8 نوفمبر 2007 02:32
عند النظر إليها من الخارج، تبدو كردستان العراق وكأنها قاب قوسين أو أدنى من الحرب، حيث يحتشد آلاف الجنود الأتراك على الحدود، ويتخذ آلاف المقاتلين من أكراد العراق ''البشمرجة'' مواقعهم في جبال ''متين''، وهم على أهبة الاستعداد لشن هجوم مضاد، في حالة ما إذا أدت العمليات العسكرية التركية إلى إلحاق الأذى بالمدنيين الأكراد، كما يقول قادتهم المحليون· لكن بمجرد أن تطوف في الأسواق والشوارع الجانبية، فإنك سترى الجانب الآخر من الحقيقة أمام ناظريك، وهو أنه على الرغم من تهديدات تركيا، فإن احتمالات نشوب حرب شاملة أقل احتمالا مما قد يعتقده الكثيرون؛ ذلك لأن الرخاء الذي تنعم به المنطقة ذو منشأ تركي في الأساس· فعلى الرغم من أن تركيا كانت تتوجس دوما من أكراد العراق، إلا أنها استثمرت الكثير في إقليمهم، خصوصا بعد تنامي ثروتها· علاوة على ذلك تعتبر كردستان العراق سوق تصدير كبيرا للمزارعين وملاك المصانـــع الأتراك، الذين سيعانون إذا ما حال حائل بينهم وبين التجارة مع هذه المنطقة· علاوة على ذلك، نجد أن الخوف الذي اعترى الأكراد طويلا من هيمنة قوى أجنبية عليهم، يتصادم الآن على ما يبدو مع مظاهر الرفاهية النسبية المتزايدة التي لا تخطئها العين، والتي يمكن رؤيتها في هذه المدينة وغيرها من المدن الكردية والتي لم يكن أحد يحلم بها منذ عقد واحد من الزمان، والتي جاءت كلها ممتطية ظهر الاستثمارات التركية وبضائعها الاستهلاكية وخبرتها الهندسية· ففي مدينة ''دهوك'' أكبر مدينة في الشمال الغربي لكردستان تأتي 80 بالمائة من الاستثمارات الأجنبية من تركيا، كما أن سبعة من أكبر مشاريع البنية التحتية والاستثمارات في المدينة، تبنى من قبل شركات المقاولات التركية، وذلك كما يقول السيد ''ناجي سعيد'' -مهندس حكومي كردي يشرف على عملية إنشاء فندق تصل تكلفته الى 25 مليون دولار- إنه على الرغم من أن المشروعات الكبرى في المدينة مثل الجسر العلوي والمتحف والفندق يتم تمويلها من قبل حكومة إقليم كردستان، فإن المستثمرين الأتراك يقومون في نفس الوقت ببناء 3 مشاريع إسكانية كبيرة تضم أيضا مستشفى ومدرسة ومحطة بترول ومركز تسوق· وفي مشروع كبير لإنشاء مجمع مكاتب يرتفع لخمسة عشر طابقا ويقع في قلب دهوك، نجد أن جميع المهندسين وعمال الإنشاء من الأتراك، في الوقت الذي لا يوجد فيه أي مهندس كردي في هذا المشروع أو غيره من المشروعات الكبيرة، كما يقول ''أحمد شاهين'' - مدير هندسي تركي- بأن المراكز التجارية الكردية في هذه المدينـــة تمتلئ بالعديد من البضائع الاستهلاكية التركية من كافة الأنواع، كما تمتلئ أرفف محالها التجارية بكافة أنواع البضائع التركية المختلفــة؛ ويقول أحـــد مــلاك تلــك المراكز التجارية إن البضائع الأخرى الموجودة في ''دهوك'' مـــن غيــر المنشأ التركـــي جاءت عن طريق المنفذ التركي في زاخـــو· وتقول الكرديـــه ''شيميران أشكري'' -34 عاما-: ''البضائع التركية هي الأفضل، بل ويمكن أن أقول إنها أفضل من البضائع السورية والإيرانية، وليس لدينا مشكلة في استهلاك البضائع التركية، ولكننا نشعر بالقلق ولا نريد أن نحارب''· هناك مؤشرات متنامية على أن تركيا ذاتها لا تريد أن تخوض معركة كبيرة في الإقليم؛ فرئيس الوزراء ''رجب طيب أردوجان'' ألمح خلال الزيارة التي قام بها إلى واشنطن مؤخرا، أن أي عمليات عسكرية تقوم بها تركيا في منطقة كردستان، ستركز على رجال حرب العصابات التابعين لحزب العمال الكردستاني'' بي· كي·كي'' الذين يستخدمون المناطق الجبلية الوعرة كملاذ لهم بعد قيامهم بعمليات ضد تركيا· فقد قال ''أردوجان'': لقد اتخذنا قرارا بمتابعة عملياتنا· كما يحاول السيد ''أردوجان'' إن يقنع الشعب التركي بأنه يعمل ضد رجال حرب العصابات الأكراد وأن الولايــات المتحــدة تؤيــده في موقفــه هذا· مع ذلك فإن المحللين في تركيا يعتقدون أن أي معركة سيقوم الجيش التركي بخوضها هناك ستكون محدودة، وفي جميع الأحوال، فإن الأمر الواضح هو أن الزيارة التي قام بها ''أردوجان'' إلى أميركا قد أرضت الرأي العام والصحافة التركية، بدليل أن تلك الصحف قد ظهرت يوم الثلاثاء وهي تحمل عناوين رئيسية وصفت فيها زيارة أردوجان لواشنطن، بأنها بمثابة'' ضوء أخضر للعملية'' وكان القوميون الأتراك المتشددون الوحيدين الذين عبروا عن شعورهم بخيبة الأمل منها، ولكن كان واضحا في جميع البرامج الحوارية التي أذاعتها محطات التلفزة المختلفة أن الجميع تقريبا يرحبون بالنتائج التي تمخضت عنها· بشكل عام يقول القادة السياسيون والعسكريون في المدينة: إنهم مستعدون لرد أي عدوان تركي، وإن تعرض المدنيين لأي أخطار سيكون بمثابة ضوء أحمر لن يمكنهم السكوت عليه· هناك قلق مشترك بين القـــادة الأكـــراد في المدينـــة من أن تكون تركيا قد تعمدت استغلال الهجمات الأخيرة التي قام بها مقاتلو حزب العمال الكردستاني ضدها، كذريعـــة لشـــن هجوم على إقليم كردستـــان والقضــــاء على استقلاله الذاتي، يقول أحد القـــادة الأتراك في المدينـــة تعليقا على ذلك: إن تركيا ''لم تكن تريـــد حتى سماع اسم كردستان، فكيف يمكن لها أن تقبل بأن تكون دولــة مستقلــة''· وعلى الرغم من ذلك، فإن السنوات التي خاضت فيها تركيا معارك ضد حزب العمال الكردستاني في هذه المناطق، وبالذات في منطقة ''بارنامي'' أدت إلى نشوء نوع من العلاقة الوثيقة الغريبة بين تلك المنطقة وبين القوات التركية؛ ففي منتصف التسعينيات تقريبا سمح الحزب الديمقراطي الكردستاني وهو أكبر حزب في غرب كردستان للجيش التركي باحتلال عدة قواعد عسكرية على الجانب العراقي من الحدود، عندما كان الحزب وتركيا يخوضان معا الحرب ضد الـ'' بي· كي·كي''· في الوقت الراهن يقيم مقاتلو البشمرجة في معسكر مجاور لقاعدة جويـــة تركيـــا في ''بامارني'' تضم عشـــرات من الدبابات والعربات المدرعة، ويقوم الجنود الأتراك بالخروج من القاعدة في شاحنات مسلحة بالمدافع لتسليم الطعام للجنود الذين يقودون الدبابـــات التي تحمـــي القاعدة الجويــــة من أي هجمات محتملة، كما يشترون حاجياتهم من المحال التجاريـــة فــــي المدينـــة دون أي مشكلات أو عقبات كما يقول المسؤول السياسي في مركــــز مراقبــــة كردي قريب من القاعـــدة· مراسل نيويورك تايمز في دهوك- العراق ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©