الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البنزين في فنزويلا··· موضوع محرم وتكلفته مرتفعة

البنزين في فنزويلا··· موضوع محرم وتكلفته مرتفعة
8 نوفمبر 2007 02:38
في بلد يدعي الانتقال إلى الاشتراكية مثل فنزويلا، مايزال المستفيدون الأساسيون من السخاء الحكومي أشخاصا مثل ''نيكولاس توريزانو'' -رجل الأعمال الذي جمع ثروته من الاتجار في القطاع العقاري واستيراد المعدات- والأكثر من ذلك يفخر رجل الأعمال الفنزويلي بامتلاكه سيارة هامر، غير أنه مقارنة مع سائقي السيارات في الولايات المتحدة الذين يعانون من ارتفاع سعر البنزين فإن السيد ''توريزانو'' لا يدفع سوى ما يعادل 1,50 دولار لملء خزان سيارته بفضل الدعم الحكومي لأسعار البنزين الذي دام لعقود طويلة أصبح من الصعب إيقافه، أو التفكير في مراجعته· فسعر جالون البنزين الذي يصل في الولايات المتحدة إلى 2,68 دولار، لا يكلف في فنزويلا أكثر من سبعة سنتات· لكن ''توريزانو'' الذي يمتلك سيارات شخصية من أنواع مختلفة ''بي إم'' و''مرسيدس'' و''فريراي'' و''بورش'' يقول ''إن ذلك هو الفائدة الوحيدة في بلد تكثر فيه التحديات والمصاعب''· في الواقع يعتبر العديد من الفنزويليين أن دعم البنزين حق من الحقوق الثابتة، حتى لو كان هذا الحق يتخطى احتياجات الفقراء الذين يعتمدون على المواصلات العامة غالية الثمن· وبحسب تقديرات الاقتصاديين يكلف دعم سعر البنزين الحكومة الفنزويلية تسعة مليارات دولار في السنة، ويتفق الرئيس شافيز نفسه مع المنتقدين على أن استمرار الدعم في صورته الحالية يمثل تهديداً حقيقياً لمشروع تحويل فنزويلا إلى مجتمع اشتراكي بسبب استنزافه لقسط كبير من أموال مبيعات الشركة الوطنية للنفط التي يمكن توجيهها نحو تمويل برامج الرعاية الاجتماعية؛ ومع ذلك اعتبرت أسعار البنزين من الموضوعات المحرمة في فنزويلا طيلة العقود السابقة، لا سيما بعد الأحداث الأليمة التي شهدها العام 1989 بعد اندلاع مظاهرات حاشدة احتجاجاً على الزيادة في أسعار البنزين انتهت بمقتل المئات، وربما الآلاف من الأشخاص· وكان لتلك الاضطرابات دور في تشجيع ''شافيز'' على القيام بانقلابه الأول الفاشل عام 1992 الذي قذف به إلى الواجهة· بعد إعادة انتخابه لفترة ست سنوات جديدة خلال شهر ديسمبر الماضي، وصف ''شافيز'' أسعار البنزين ''بالمقززة''، وقال إن حكومته تخطط لرفعها على أن يمول ذلك من قبل ''أصحاب سيارات ''بي إم''، أو السيارات الكبيرة ذات الدفع الرباعي''، لكنه سرعان ما صرف انتباهه إلى قضايا أخرى· وفي هذا السياق أصبحت العلاقة بين السلم الأهلي وأسعار البنزين المنخفضة -لدرجة توزيعه مجاناً- واضحة للجميع، وهو ما تؤكده ''جانيث لارا'' -موظفة في بورصة الأسهم بكاركاس- قائلة: إذا رفعت أسعار البنزين فإن الناس سيتمردون، لأنه الشيء الوحيد الرخيص في البلاد· فمع ازدهار قطاع النفط الذي رفع مداخل الأغنياء والفقراء على حد سواء تواجه فنزويلا أكبر نسبة تضخم في أميركا اللاتينية وصلت إلى 16 بالمائة، هذا وقد انخفضت العملة المحلية ''بوليفار'' بحوالي 50 بالمائة خلال السنة الجارية، وتراجع سعر صرفه إلى أدنى مستوى له وصل إلى ستة آلاف مقارنة بالدولار· ويعتبر البنزين السلعة الوحيدة المتواجدة في السوق بوفرة مقارنة مع المواد الأخرى التي لا تكف الجرائد المحلية عن نقل قصص تسابق المواطنين للحصول عليها مثل الحليب والبيض· وبسبب المناخ الاقتصادي الهش وغير المستقر يصعب العبث بأسعار البنزين لما قد يترتب على ذلك من تداعيات اقتصادية وسياسية وخيمة؛ ويرجع الخبراء جذور دعم الحكومات الفنزويلية المتعاقبة لسعر البنزين إلى أربعينيات القرن المنصرم عندما فرض اليساريون سقفاً محدداً على الأسعار بعد إطاحتهم بحكومة الجنرال ''إسياس مدينا أنجريتا''· ولأن أرباح مبيعات البنزين كانت تستفيد منها شركات النفط الأجنبية في ذلك الوقت، اعتبر الإجراء خطوة تقدمية لإعادة توزيع المداخيل النفطية على الفنزويليين· ورغم رفع القادة السياسيين لأسعار البنزين خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات خلال الأزمة المالية، امتنع ''شافيز'' عن رفع الأسعار طيلة التسع سنوات السابقة من فترته الرئاسية، وليست فنزويلا هي البلد الوحيد الغني بموارده النفطية الذي يعاني من دعم أسعار البنزين، بل هناك أيضا إيران، الحليفة الوثيقة لفنزويلا، التي هزتها اضطرابات في شهر يونيو الماضي بعدما لجأت الحكومة إلى تقنين توزيع البنزين الذي كان سعره لا يتجاوز 34 سنتا للجالون· غير أن ازدهار عادة شراء السيارات في فنزويلا أرغمت الحكومـــة على إبقاء أسعار البنزين منخفضة· فقد ارتفع حجم مبيعات السيــارات في فنزويـــلا إلى 49 بالمائــة خلال التسعة أشهـــر الأولى من هذا العام مقارنة مع السنة الماضية، وذلك بسبب القيمة الاستثمارية التي تكتسيها السيارات في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي· يضاف إلى ذلك ما تعانيه الصناعة النفطية في فنزويلا من تهريب للوقود إلى كولومبيا المجاورة، حيث الأسعار مرتفعة· وبعد نشر تقرير في فنزويلا أعلنت فيه شركة ''جنرال موتورز'' عزمها استيراد ثلاثة آلاف سيارة هامر بسبب ازدياد الطلب، تساءل الرئيس ''شافيز'' في خطاب تلفزيوني بنوع من الغضب ''أي نوع من الثورة هذه؟، هل هي ثورة الهامر؟، كلا إنها ثورة الحقيقة''· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: فنزويلا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©