السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رب أزمة نافعة

8 نوفمبر 2007 15:36
هل انتهت الأزمة التي تفجرت يبن شريكي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، إلى حل يعيد المياه إلى مجاريها؟ أم أن الأزمة الحادة والتي أدت إلى قرار المكتب السياسي للحركة بتجميد مشاركة وزرائه في مجلس الحكومة المركزية ما تزال قائمة تنتظر حلا؟ هنالك قراءتان لتفسير الوضع المأزوم الذي يعيشه الحكم الآن، فإذا اعتمد المرء على ما جاء على لسان الرئيس ونائبه الأول -في مؤتمرهما الصحفي- قبيل مغادرة البشير إلى الجنوب الأفريقي، فإنه سيرى أن الأزمة قد انفرجت، وأن الإعلان الفعلي بانفراجها سيتم عقب عودة الرئيس من رحلته الأفريقية، والنائب الأول من زيارته الأميركية، وقد تدعم هذه القراءة المتفائلة ما صرح به المبعوث الأميركي الخاص للسودان -عقب اجتماعاته بطرفي الحكم- والتي أكد فيها، أنه وجد لدى الطرفين رغبة أكيدة في تجاوز خلافاتهما والعمل على تطبيق اتفاقية السلام وملحقاتها، وأن موعد السودانيين مع تحقيق هذه البشرى السارة لن يتأخر كثيرا، والجميع في الخرطوم يعلمون الدور الكبير الذي قام به مبعوث الولايات المتحدة الخاص في حل الأزمة ونزع فتيل الانفجار، وذلك رغم أن النائب الأول شكر (غير السودانيين) على جهودهم في مساعدة السودان في تجاوز أزمته، وهي جهود كما قال: ''لن تذهب هدرا وإن الحركة لن تخذلهم''، فإنه لن يسمي غير السودانيين الذين وجه لهم الشكر وطمأنهم بالوعد!! القراءة الثانية، التي تؤكد أن الأزمة ما تزال قائمة، وأن حلها لم يتوفر بعد، وهو ما جاء على لسان القيادي البارز في الحركة الشعبية ''دينق ألور'' بأنه مادام قرار تجميد مشاركة وزراء الحركة في الحكومة قائما، فإن الأزمة لم تحل! ولكن في خضم التفاصيل الكثيرة والمتشعبة، والتي يصعب متابعتها ومع تعدد القراءة للمشهد السياسي من زاوية أزمة شريكي الحكم، فإن السؤال الجوهري يبقى قائما؛ فالأزمة ليست وليدة لقرار الحركة الشعبية بتجميد مشاركتها في الحكومة المركزية، وإنما ذلك القرار هو أحد إفرازات الأزمة الجوهرية والأساسية التي يواجهها الحكم القائم، وبالتالي يعانى منها السودان -الوطن والشعب-، جوهر الأزمة كامن في طبيعة ونوعية الشراكة التي انعقدت في ''نيفاشا'' بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، فهي (شراكة) دخل فيها الطرفان، ولدى كل منهما أجندته الخاصة التي لم يفصح عنها للطرف الآخر،·· ليس ذلك فحسب بل حتى الوسطاء والشركاء الأجانب الذين (اقنعوا) الطرفين بقبول الشراكة هذه كانت رؤيتهم (الاستراتيجية) قاصرة على تحقيق سلام الجنوب وإيقاف الحرب، ولم يكونوا مستعدين للنظر في المسألة السودانية بكاملها، إلا في حدود إنهاء حرب بين الشمال والجنوب يجب إيقافها، وكل التفاصيل اللاحقة واضح فيها أنها تنظر للعملية برمتها على أنها (عملية انتقالية) ستستمر لسنوات ست، وما يهم آنذاك، هو أن تستمر الفترة الانتقالية بدون كثير مصاعب وخلافات بين الشريكين تنسف أساس (اتفاق سلام السودان)! ولكن، إذا كان للأزمة الأخيرة من فائدة (وللأزمات السياسية أحيانا فوائد)، فلأنها خلقت مناخا فرض وسيفرض أكثر على الشريكين أن يدخلا في حساباتهما الطرف الثالث، والأهم في المعادلة السودانية الشديدة التعقيد، ذلك الطرف هو بقية الشعب السوداني الذي في لحظة طيش سياسي تجاهلوه، وتصوروا أن بمقدور حزبين مسلحين -المؤتمر والحركة- أن يديرا اللعبة السياسية السودانية وأن يقررا المصائر بمعزل عن مشاركة بقية اللاعبين، وهم الأغلبية الصامتة حتى الأمس؛ وللتأكد من ذلك عليه العودة إلى جملة خطابات قادة الحركة الشعبية، منذ أن أعلنوا عن قرار تجميد مشاركتهم في الحكومة المركزية، فهناك حديث عن المصالح الوطنية بشكل غير مسبوق، وكذلك عن التحول الديمقراطى، والانتخابات الحرة النزيهة، والوحدة الوطنية وتجديد الإرادة السياسية، وتعزيز السلام، واحترام الدستور، وحكم سيادة القانون··· إلخ، وهي لغة غابت عن خطاب الحركة خلال العامين التاليين بوفاة زعيمها الدكتور ''جون قرنق''، وافتقدت معها ذلك الزخم والتأييد الجماهيري الواسع الذي منحه الشعب السوداني لها عند عودتها إلى الخرطوم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©