الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متاعب أهل زوجي

متاعب أهل زوجي
13 فبراير 2011 21:35
المشكلة: إنني عزيزي الدكتور أدور في دوامة، ومشكلتي متشعبة، وتتلخص في أنني تزوجت وأنا صغيرة، ورزقني الله أربعة أبناء، ولدان وبنتان، ثم توفي زوجي، وكانت تربية أبنائي من البداية على عاتقي، وأبوهم رحمة الله عليه بعيد كل البعد عنا لظروف كثيرة، وكنا في هذه الفترة كلها نسكن مع أهله وأمه “خالتي”، لكن رغم هذا كانت تعاملني بقسوة وتحاول أن تسيطر على أبنائي الكبار وتكرهم فيني، وكنت أذوق العذاب، واتجهت لأن أعمل من أجلهم بعد وفاة زوجي، وبعد سنة أنعم الله علينا بمنزل، وهذا الشيء ضايق خالتي وأعمام أبنائي، وكثرت مضايقاتهم لي من خلال تواصلهم مع أبنائي، وأصبحت أصارع كل الاتجاهات، حيث إن أهلي بعيدون عني، وأهل زوجي لا يسألون عني أبداً. ومرت السنون ووجدت أنه لا بد أن أتزوج كي أحمي نفسي من كلام الناس، حيث إنني أسكن بعيداً عن أهلي. المهم أنه كلما تقدم لي أحد كنت أرفض، وكلما تعرضت لموقف صعب وضغوط حياتية كنت أشعر بمدى حاجتي لوقوف رجل معي، المهم أنني تزوجت منذ أقل من سنة تقريباً، وهذا الشيء كان صدمة بالنسبة لأهل زوجي، وزادت مضايقتهم لي من خلال أبنائي، وهم مسيطرون على الابن الأكبر والبنت الكبرى، فعندما يذهبون عندهم يرجعون بوجه آخر، والآن مشكلتي مع ابني “17 سنة” وابنتي “15 سنة”، فابني يرى أنني مجرمة، ويعاندني في كل شيء ولا ينتبه لدروسه وتفكيره كله في كماليات الحياة، مثل السيارة وغيرها، والله يشهد أنني لم أقصر فيه بشيء، كان كل ما يطلب شيئاً أقوم بتلبيته إياه، لكنه أصبح لا يبالي لكلامي ويعاندني ويحاول مضايقتي دائماً، واكتشفت أن أعمامه يمرون عليه خلسة ويذهب معهم ويشجعونه على عدم سماع كلامي، والبنت صارت تعاملني بقسوة شديدة، لدرجة أنها أصبحت تسب وتشتم وتقول أنا لا أريد أن أجلس عندك، وفكرت في حل لهذه المشكلة، فقلت لهم إن كانت راحتكم عند جدتكم وأعمامكم فاذهبوا هناك، ورحبوا بالفكرة، لكن الصدمة في رفض أعمامهم هذا الاقتراح، وقالوا لهم ابقوا مع أمكم، لأن ذلك ـ في مصلحتهم ـ لكنهم يرحبون بهم في وقت الإجازات فقط، ولا يريدونهم عندهم أثناء الدراسة حتى لا يتحملون هذه المسؤولية الكبيرة. احترت ماذا أفعل، والذي يؤكد لي أن هذا كله من تأثير جدتهم وأعمامهم هو أن أبنائي الصغار لا يذهبون هناك ولا يفعلون ما يفعلونه الكبار، رغم أنني أشجعهم أن يزوروا جدتهم لصلة الرحم وهم يرفضون بشدة. أرجو منكم مساعدتي بالنصيحة في كيفية التعامل مع أبنائي ومع أهل زوجي، مع العلم أنني قطعت علاقتي معهم عندما زادت مقالبهم وتحريضهم لأبنائي. أم سرور النصيحة: لا بد أن تعلمي أختي الفاضلة أن مشاعر أم الزوج تكون في كثير من الأحيان مشوبة ببعض الغيرة من زوجة ابنها، حتى وإن كانت خالتك، فأنت أصبحت زوجة ابنها، وتراجع موقعك كابنة أخت لها. إدراك مثل هذا الأمر ضروري لمعرفة الوضع النفسي لأم الزوج التي ربما تكون طيبة جداً في تعاملها مع الآخرين، ولكنها تقسو وربما تظلم أحياناً زوجة ابنها. وحقيقة هذا الأمر أن معظم البيوت لا تخلو من شيء مما ذكرت، ولكن بدرجات متفاوتة. ولا تنسي أيضاً أنها تنظر إلى أبنائك على أنهم أبناء ولدها، فهم بنظرها أبناؤها، وفي غياب والدهم يرحمه الله ترى أن لها دوراً في حياتهم، ولذلك ترين التدخل ومحاولة التحكم في حياتك بقدر أكبر مما يتناسب مع دورك كأم. ولعل ما زاد الأمر سوءاً في نظرها ونظر أعمام أبنائك أنك سعيت للاستقلال بحياتك عنهم، بالعمل، ثم بالمنزل، وأخيراً بالزواج. ..ربما يكون من السهل أن يشار عليك في هذه الحالة إلى تجاهلهم وأن تعيشي حياتك بأكبر قدر ممكن من الاستقلالية. لا سيما أنهم لا يقدمون شيئاً يذكر لك. لكن المشكلة الحقيقية في موقف ابنك وابنتك منك. والأمر هنا ينبغي النظر إليه من جانبين: الأول تأثير جدتهم وأعمامهم عليهم، والثاني كونهم في مرحلة المراهقة وما يصاحبها من تغيرات نفسية وجسدية تؤثر على سلوكيات المراهق وتعامله مع الآخرين. .. يشعر كثير من المراهقين أن زواج الأم بعد الطلاق أو الترمل بأنه أنانية واهتمام من الأم بنفسها وإهمال لأبنائها. ومع أن الزواج حق للمرأة المطلقة أو الأرملة، إلا أنه يفسر في ذهنية المراهق أحياناً بأنه تضحية بالأبناء مقابل سعادة الأم. بالتأكيد يصعب على المراهق إدراك الاحتياجات التي تمر بها المرأة في ظل غياب زوج تعتمد عليه بعد الله في حياتها، لا سيما إن لم يكن لها سند قوي يوفر لها حماية كافية من الظروف الصعبة التي تمر بها. ولذلك تكون ردة الفعل المتوقعة في الغالب شعور بالرفض لهذا الرجل الغريب الذي بدأ في احتلال مكان الأب في حياة أمهم وبالتالي حياة المراهق نفسه. .. أمامك مدخلان للتعامل مع أبنائك الكبار، الأول مناقشتهم بهدوء حول الموضوع، وشرح الملابسات التي تتعرضين لها وحاجتك لوجود زوج يسد الاحتياج الذي تعانينه بعد فقد زوجك، وفي ظل بعدك عن أهلك وابتعاد أهل زوجك السابق عنك. احرصي على أن يكون النقاش معتمداً على عرض الحقائق أمامهم، ومن ثم طلب رأيهم في الموضوع حتى تصلي بالتالي إلى أن يقولوا رأيهم فيه بعقلانية وتجرد، بعيداً عن العواطف. أكدي لهم أنك تتفهمين مشاعرهم، وأنك لا تطلبين منهم أن يحبوا زوجك الجديد مثل أبيهم، ولا أن يعاملوه مثله، ولكن يكفي أن يكون التعامل بالحسنى. أما المدخل الثاني فهو إظهار أن أهلك بالعموم يصعب عليهم مساندتك، ولا داعي لذكر أهل زوجك السابق تحديداً، فقط اظهري أن من تتوقعين منهم الوقوف إلى جانبك غير قادرين على ذلك، وبالتالي فأنت عاجزة عن مواجهة ظروف الحياة بشكل مناسب. اتركيهما يكتشفان أن أعمامهما لا يريدون تحمل المسؤولية التي تنازلت عنها لهم، خاصة عندما أظهرت موافقتك على انتقالهما إليهم. أكدي لهما أن ابتعادهما عنك ثقيل على نفسك، وأنك لا تتمنين حصول ذلك، ولكنك مستعدة لعمل أي شيء فيه مصلحتهما وسعادتهما وراحتهما. ..استمري بارك الله فيك في حث الأبناء الصغار على التواصل مع أجدادهم وأعمامهم، فهذا في الأصل حق وواجب، ولك أجر الحرص على صلة الرحم. ومن ناحية أخرى، ستجدين بإذن الله ثمرة عملك هذا وبركته إن لم يكن في القريب العاجل، فسترينه لاحقاً. فالناس أحياناً يكابرون في بعض المواقف، وعندما يرون ردة فعل الآخرين سلبية، فإن هذا يجعلهم يبررون لأنفسهم المكابرة وعدم تقديم التنازلات أو حتى اللين في المواقف. في حين أن الشخص الذي يصل قرابته ويقدم المعروف لهم يجعل الصورة دائما لصالحه. .. إصرارك على حسن التعامل معهم سيثبت لهم أنك لم تقصري في حقهم بشيء، وسيدركون بإذن الله أنك لم تنشغلي بنفسك عنهم، كما يصور لهم الشيطان ذلك. إضافة إلى أن هذا الأسلوب هو ما يرضي الله تعالى، ويقدم نموذجاً جيداً لأبنائك، يتعلمون منه حسن الخلق لمستقبل أيامهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©