ساركوزي يطوي صفحة القطيعة بين فرنسا وأميركا

طوى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صفحة القطيعة بين باريس وواشنطن، مؤكداً أن فرنسا صديقة لأميركا· وبرز خلال كلمة ساركوزي أمام الكونجرس أمس الأول وفي المؤتمر الصحفي ''الدافئ'' مع الرئيس الأميركي جورج بوش في واشنطن أن الرئيس الفرنسي جاء برسالة تشدد على التوافق مع الرؤى الأميركية بشأن أفغانستان وإيران ولبنان، ولكن مع استمرار بعض الخلافات خاصة بشأن العراق، التي أمتنع عن ذكرها تقريباً في كلمته أمام الكونجرس· فيما مدح بوش الرئيس الفرنسي كثيراً ووصفه بانه ''يشبهه'' لأنه يحب حل المشاكل· وفي رسالة صداقة وود واضحة، اعتبر ساركوزي أنه منذ أن ظهرت الولايات المتحدة على الساحة، والوفاء بين الشعب الفرنسي والشعب الأميركي لم يهتز أبداً· وأوضح أنه ''يمكن بين الأصدقاء أن تكون هناك اختلافات في الرأي وخلافات ومشاحنات، لكن في الصعوبات والمحن نكون مع أصدقائنا وإلى جانبهم، ندعمهم ونساعدهم''· وشدد بالقول إنه ''في الصعوبات والمحن كانت أميركا وفرنسا دوما جنباً إلى جنب تساند كل منهما الآخرى، وتساعدها وتحارب كل منهما من أجل حرية الأخرى''· وجدد الرئيس الفرنسي رفضه التام لاحتمال امتلاك إيران أسلحة نووية· ورحب المتحدث باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك بالموقف الفرنسي من طهران، وأكد ماكورماك أن فرنسا شريك رئيسي لأميركا في هذه القضية· الحرب في أفغانستان بشأن الحرب في أفغانستان، أكد الرئيس الفرنسي أن باريس ستبقي على مشاركتها العسكرية في أفغانستان طالما اقتضى الأمر· وقال ساركوزي في خطابه أمام الكونجرس إن ''فرنسا ستبقي في أفغانستان طالما اقتضى الأمر، لآن القضية تتعلق بمستقبل قيمنا وقيم حلف شمال الاطلسي''· وشدد على أن الفشل ليس خياراً· وأوضح أن ''الإرهاب لن ينتصر لآن الديموقراطيات ليست ضعيفة، ولآننا نشعر بالخوف من هذه الهمجية الجديدة، وأميركا تستطيع الاعتماد على فرنسا في المعركة ضد الإرهاب''· وقال الرئيس الفرنسي في مؤتمره مع بوش إنه يدرس إمكانية تعزيز عديد العسكريين الفرنسيين المنتشرين في أفغانستان· ويبلغ قوام الوحدة الفرنسية في أفغانستان نحو ألف جندي يتمركز أغلبهم في كابول وحولها وفي قاعدة قندهار بالجنوب، وتقدم 3 طائرات ''ميراج'' فرنسية إسناداً جوياً للقوة الدولية للمساعدة الأمنية في افغانستان ''إيساف''· العراق وبشأن الملف العراق، أكد الرئيس الفرنسي خلال مؤتمره مع بوش أنه مع عراق موحد، مشيراً إلى أنه ليس هناك مصلحة لأحد في تفكيك العراق· واعرب ساركوزي عن تأييده لـ''عراق ديموقراطي ومتنوع، تتمكن فيه كل شريحة من المجتمع في أن تعيش مع الشرائح الأخرى، عراق يحكم نفسه بنفسه، عراق يمتلك الوسائل لضمان أمن كل شخص''· وتهرب ساركوزي من الرد على سؤال بشأن إمكانية مساعدة فرنسا الولايات المتحدة في الخروج من ''المستنقع العراقي''· ومن جانبه عبر الرئيس الأميركي عن أمله في تخفيف الخلافات في وجهات النظر مع الفرنسيين بشأن العراق· وأوضح بوش أنه ''كانت هناك وجهات نظر مختلفة حول العراق للفرنسيين والاميركيين''، لكنه استدرج بالقول ''لا أشعر باختلاف الآن''· وشكر بوش ساركوزي على ايفاد وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير إلى بغداد قبل شهرين· واوضح أن الزيارة ''كانت رسالة واضحة بأن للحرية قيمة كبيرة، وأنه عندما يكافح الناس للعيش بحرية فيتوجب على الأشخاص بيننا الذين يعيشون في رغد مجتمع حر ان يساعدوهم''· لبنان وعبر الرئيس الأميركي عن ارتياحه للاتصالات التي تجريها فرنسا مع سوريا حول الأزمة السياسية في لبنان· وقال بوش مشيراً إلى ساركوزي خلال مؤتمرهما الصحفي المشترك في فرنون بفيرجينيا ''لدي شريك في السلام''· وأوضح الرئيس الأميركي أن ''ساركوزي شخص لديه رؤية واضحة، وقيم أساسية، شخص يرغب في اتخاذ مواقف صارمة من أجل السلام''، وقال إنه مرتاح للرسائل التي ترسلها الحكومة الفرنسية لسوريا· وأضاف بوش أن '' هدفنا المشترك هو بقاء الديمقراطية في لبنان وازدهارها، بحيث يكون قدوة للباقين''· وأشار إلى أن أميركا ستعمل مع فرنسا وآخرين لكي ترى العملية الديمقراطية تنجز في لبنان بحلول 24 نوفمبر المقبل· وهو موعد الاستحقاق الرئاسي الثالث والأخير في لبنان· باكستان وبشأن الوضع في باكستان، أعلن بوش أنه اتصل هاتفياً بالرئيس الباكستاني برويز مشرف ليبلغه بضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في يناير المقبل، وبأن عليه أن يتخلى عن منصبه كقائد للجيش· ومن ناحيته، أعتبر الرئيس الفرنسي أن الوضع في باكستان ''مقلق'' مؤكدا على ''ضرورة إجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن'' في هذا البلد مضيفا ''لا نحارب المتطرفين بوسائل المتطرفين''· وقال ''من المهم جدا أن تتمكن باكستان من تنظيم انتخابات وكما قال الرئيس بوش، اتمنى أن يحصل هذا الامر في أسرع وقت ممكن''· وأوضح ساركوزي ''اذكر بانه بلد من 150 مليون نسمة ويمتلك السلاح النووي· من المهم جداً أن لا نستيقظ يوم ما على حكومة في باكستان تكون حكومة متطرفين''· واضاف ساركوزي ''هناك مبادئنا، هناك قيمنا، هناك القيم التي ندافع عنها ويجب أن نستمر في الدفاع عنها· وهناك ايضا تعقيدات الوضع· يجب إجراء الانتخابات''· الحلم الأميركي أشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بـ''الحلم الأميركي'' في كلمته أمام الكونجرس الأميركي· وقال ساركوزي إن الحلم الأميركي اثبت للجميع أن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان ليست قيما طوباوية (مثالية)، بل على العكس فهي السياسة الأكثر واقعية وأكثر قدرة على تحسين مصير كل فرد· وأضاف الرئيس الفرنسي أن '' هنا، يعلم أبرز الأميركيين وأكثرهم تواضعاً أيضاً أن لا شيء مستحيل، وأنه يجب العمل لتحقيق الفوز، إن عظمة أميركا تكمن في النجاح في تحويل حلمها إلى أمل لكل الناس''· وأشاد ساركوزي بتضحيات القوات الأميركية التي جاءت لتحرير فرنسا وأوروبا في الحربين العالميتين الأولى والثانية وقال ''لن تنسى فرنسا أبداً تضحية أبنائكم''· معركة المناخ طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الولايات المتحدة أمس الأول بـ''تصدر'' معركة مكافحة التغييرات المناخية، ولكنه لم يدع الولايات المتحدة إلى التوقيع على بروتوكول ''كيوتو''· وتمسك ساركوزي بالرأي الذي تعتنقه أوروبا على نطاق واسع بان الولايات المتحدة أكبر منتج في العالم للانبعاثات الضارة لابد أن تنضم لأوروبا كصوت دولي لدق جرس الانذار بشأن التهديد الذي يشكله تغير المناخ· وقال ساركوزي '' إن أولئك الذين أحبوا هذا البلد ذات المساحات الشاسعة والمتنزهات القومية والمحميات الطبيعية يتوقعون من أميركا أن تقف إلى جوار أوروبا في قيادة - أكرر- قيادة المعركة ضد ارتفاع درجة حرارة الأرض التي تهدد بتدمير كوكبنا''· ترحيب فوق العادة حظي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ''52 عاماً'' الذي يعتبر اكثر الرؤساء الفرنسيين تأييدا للولايات المتحدة خلال عقود بترحاب شديد في الولايات المتحدة، عادة ما يحظى به البريطانيون الذين جعلتهم ''علاقتهم الخاصة'' اقرب حليف للولايات المتحدة· وحيا الرئيس الأميركي جورج بوش ساركوزي بجولة في ماونت فيرنون وهي مزرعة أول رئيس أميركي تقع جنوبي واشنطن مباشرة· وتصافحا وابتسما وربت بوش على ظهر ساركوزي قبل أن ينتقلا الى داخل المنزل المقام على تل والذي يطل على نهر بوتوماك لإجراء المحادثات· واختيرت ماونت فيرنون لتكون مكانا للمحادثات لتذكر بالتحالف الطويل بين البلدين الذي يعود إلى أكثر من 200 عام الى حرب الاستقلال الاميركية· ولم يجعل ساركوزي من انجذابه للثقافة الاميركية سرا ويقول مسؤولون في البيت الابيض انه وبوش استخدما لقاءات عقدت في وقت سابق بما فيها اجتماع غير رسمي في مجمع أسرة بوش في اغسطس لتوثيق العلاقات الشخصية·