الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان••• خطة عاجلة لاحتواء طالبان

باكستان••• خطة عاجلة لاحتواء طالبان
28 ابريل 2009 03:24
من المرتفعات المطلة على العاصمة الباكستانية، إسلام آباد، تلوح للمتنزهين في يوم صحو معالم المدينة التاريخية من مسجد فيصل إلى روالبندي، مقر الجيش الباكستاني، لكن ثمة الآن خوفاً من أن يأتي يوم قريب تتحول فيه تلك المنطقة الخضراء ذات الأشجار الكثيفة إلى غطاء مثالي لاختباء مقاتلي ''طالبان'' وهم يمطرون إسلام آباد نفسها بالقنابل والصواريخ• فقد بات واضحاً اليوم مسعى ''طالبان'' للسيطرة على مجمل باكستان، بعدما دخل مسلحوها في الأسبوع الماضي إلى منطقة ''بونير'' التي تضم مليون نسمة، وتبعد بحوالي 70 كلم فقط عن العاصمة، وهو ما حدا بالمسؤول العسكري البارز في الجيش الأميركي، ''مايك مولين''، إلى عقد اجتماع عاجل مع المسؤولين في إسلام آباد، وإرسال باكستان لقواتها لإعادة فرض النظام وإن كان الضرر الناتج عن المهادنة السابقة مع ''طالبان'' قد وقع وبدأت تظهر تداعياته الخطيرة سلفاً• وفي هذا المقام صرح أحد السياسيين من منطقة ''بونير'' نفسها لصحيفة ''نيويورك تايمز'' قائلا: ''كنا نشعر بالقوة عندما وقفت الحكومة إلى جانبنا، ولكن عندما بدأت تضعف توقفنا عن مقاومة طالبان''• ويتوقع أن ينضم العديد من أتباع ''القاعدة'' من الطاجيك الذين دخلوا ''بونير'' إلى ''طالبان'' لتعزيز صفوفها استعداداً لموجة جديدة من الهجمات القادمة، وذلك في وقت توشك فيه ''طالبان'' أصلا على بسط نفوذها على ألف ميل مربع من المناطق الآمنة داخل الحدود الباكستانية• ويبدو أن احتمال فشل القيادة السياسية في وقف زحف ''طالبان'' يُقرب واشنطن أكثر من أي وقت مضى من سيناريو المكالمة الهاتفية التي ستوقظ المسؤولين الأميركيين في الفجر وتخبرهم بأن الأسلحة النووية قد وقعت بالفعل في أيدي المتشددين، مع أن الولايات المتحدة لم تبخل على حلفائها في باكستان وقدمت لهم الكثير من الدعم المالي والسياسي لفترة طويلة ودون أدنى شروط فقط لترى الأمور تغرق في دوامة الفوضى• فبعد مرور ثمانية أشهر على توليها مقاليد السلطة لم تستطع الحكومة الحالية انتزاع أجزاء واسعة من أراضي باكستان من نفوذ ''طالبان''• وبالطبع لم تكن هذه هي باكستان التي كانت بينظير بوتو تريدها كزعيمة منتخبة ديمقراطياً، بحيث يبدو أن بعض السياسيين في باكستان فقدوا جزءاً من مصداقيتهم السياسية تجاه الناخبين وتجاه الشعب الذي أوصلهم إلى السلطة ليظل هاجسهم الوحيد هو حماية مصالحهم بدل توفير الخدمات الحيوية للمواطنين، أو حماية حقوقهم الثابتة• ويبدو أيضاً أن قرارات بعض الساسة مرتبطة أكثر بالرغبة في الحفاظ على الذات من حماية الدولة، كما أن خطواتهم تحركها دوافع تكتيكية هدفها الإبقاء على الكرسي بدل السعي إلى حماية الهدف الاستراتيجي المتمثل في الحفاظ على الطاولة التي تضم حولها الكراسي كافة• فأين إذن تكمن خريطة الطريق لباكستان مزدهرة تعكس رؤية مؤسسها في انبثاق أمة إسلامية علمانية وحديثة؟ المفارقة أن المشكل يرجع بالأساس إلى التزام القائد الحالي للجيش، الجنرال أشفق كياني، بإبقاء المؤسسة العسكرية بعيدة عن السياسة، فأهمية الجنرال كياني في الحفاظ على الاستقرار كانت واضحة عندما تدخل لإخماد الصراع الذي اندلع مؤخراً حول إعادة كبير القضاة السابق إلى منصبه دون إطلاق رصاصة واحدة، لكن هذا الاحترام الذي يكنه كياني لبعض النخبة السياسية المرتبطة بمصالحها يدفع البلاد إلى شفير الهاوية، ولاسيما أن الوقت لم يعد في صالحه• فمن المتوقع أن يتقاعد الجنرال بعد 15 شهراً، كما أن غياب الثقة بينه وبين الرئيس زرداري حول دور الجيش في إدارة شؤون البلاد جعل الرئيس يسعى إلى استبدال كبار ضباط الجيش لضمان حمايته، فإذا ظل زرداري في السلطة لفترة ثانية حتى 2013 سيكون عليه بموجب القانون استبدال 33 من جنرالات الجيش الذين يرأسون هيئة الأركان، ولكن مع الأسف قبل أن يبسط زرداري سيطرته على الجيش بوضع الموالين له في المناصب العليا ستكون فلول ''طالبان'' من الطاجيك والأوزبك والشيشان قد دخلت المقر الرئاسي، من الباب العريض• وفي ظل هذا الوضع غير المستقر تحتاج باكستان إلى خطة جذرية لدحر ''طالبان''، بحيث يتعين على زرداري وكياني ورئيس الوزراء السابق نواز شريف الجلوس إلى طاولة اجتماع عاجل يعقد في بلد مسلم حتى لا يعطي الانطباع بوجود تدخل أميركي، بهدف بلورة خطة تتصدى لما وصفته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ''بالتهديد الوجودي''• على أن يجرى الاجتماع بحضور مراقبين أميركيين (إما وزيرة الخارجية نفسها، أو مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز) وألا يغادر أحد القاعة حتى يتم التوصل إلى اتفاق حاسم• وعلى الخطة أن تلتزم بالعناصر التالية: - يتعين إعادة تعريف المقاتلين باعتبارهم عناصر أجنبية من الطاجيك والأوزبك والشيشان والأفغان وغيرهم بدل إعطائهم وصف طلبة المدارس الدينية• - يتعين على زرداري من أقصى اليسار وشريف من أقصى اليمين، ومن خلال بيان مشترك، إعلان الحرب الشاملة على مرتزقة ''طالبان'' ومنح قائد الجيش الغطاء السياسي الذي يحتاجه للتحرك بحرية داخل الحدود الباكستانية على أن يكون الهدف هو استرجاع وادي سوات ومنطقة ''بونير'' وباقي المناطق التي وقعت تحت سيطرة ''طالبان''• - من جانبها على أميركا أن تقدم الدعم العسكري اللازم مثل أجهزة الرؤية الليلية وتكنولوجيا الرصد الاستخباري، فضلا عن الطائرات بدون طيار، ولطمأنة جيران باكستان تتعهد الولايات المتحدة بضمان عدم استخدام تلك الأسلحة والمعدات التي ستمد بها الجيش الباكستاني خارج الحدود سواء في الهند، أو في أفغانستان• - وبالإضافة إلى الدعم العسكري يتعين على أميركا رفع مساعداتها المالية إلى مستوى الحرب الباردة، فإذا كانت واشنطن مستعدة لإنفاق مئة مليار دولار لإنقاذ صناعة السيارات فإن تخصيص خمسة إلى عشرة مليارات دولار ليس بالثمن الباهظ لضمان عدم سقوط أسلحة باكستان النووية في أيدي ''طالبان''• أما إذا عجز المجتمعون عن الاتفاق على خطة محددة لمواجهة الأخطار المحدقة بباكستان حينها على أميركا أن تنسحب وتعرض في اليوم التالي على صفحات ''نيويورك تايمز'' خطة الطوارئ الخاصة بها لتأمين الترسانة النووية في باكستان• منصور إعجاز رجل أعمال أميركي من أصل باكستاني ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©