الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سريلانكا: الحرب الدموية والمصالحة العصية

سريلانكا: الحرب الدموية والمصالحة العصية
28 ابريل 2009 03:26
سواء أُعلن الانتصار في غضون أيام أو أسابيع، فإن حرب الجيش السريلانكي ضد ''نمور التاميل'' التي كان يبدو أنها لن تنتهي أبداً باتت تقترب من نهايتها أخيراً على ما يبدو• وإذا كان الفوز في المعركة ربما قد تحقق، فإن ثمة مخاوف حقيقية من استمرار غليان النزاع الإثني الذي كان وراءها أصلا• وقد بدأت المواجهة الأخيرة، على ما يبدو، في هذه الحرب التي تعد واحدة من أطول حروب آسيا، حين اقتحم الجيش آخر معاقل ''نمور التاميل''، في قطاعٍ ساحلي صغير شمال البلاد• وقبل عامين فقط، كان ''نمور التاميل'' يبسطون سيطرتهم على مناطق واسعة من شمال وشرق سريلانكا تعادل من حيث مساحتها تقريباً بلاد التاميل التي تمتد على شكل هلال، والتي يحارب المتمردون من أجل بسط السيطرة عليها منذ •1983 وقبيل أشهر فقط، كان ''النمور'' ما يزالون يحكمون قبضتهم على شمال الجزيرة، التي تعد معقلهم التقليدي؛ غير أنه مع نهاية الأسبوع، لم يتبق من الأراضي التي يسيطر عليها النمور سوى كيلومترات مربعة قليلة، يحاصرها الجيش الذي يتقدم بقوة• أما اليوم، فيفيد عدد من التقارير بأن زعماء ''النمور'' أخذوا يستسلمون• وفي العاصمة كولومبو، تحول حديث الناس إلى ما سيحدث حين ينتهي القتال• وفي هذا السياق يقول جيهان بيريرا، المعلق البارز ومدير ''مجلس السلام الوطني'' في سريلانكا، وهو منظمة غير حزبية، إن الحرب ستضع أوزارها نهائياً، وبعد وقت قريب• وعلى رغم أن بيريرا، على غرار الكثيرين، يتوقع أن يجرب المتمردون الناجون ''بعض الأعمال الإرهابية اللافتة''، إلا أنه يرى أن ''النمور كقوة مقاتلة قد قُضي عليهم''• وهو رأي يشاطره فيه ''فيناياجامورثي موراليثاران''، المعروف بلقب الكولونيل كارونا، وهو الزعيم السابق لـ''النمور'' في الشرق والذي قدم انشقاقُه عنهم وانضمامه إلى صف الحكومة عام 2004 مساهمة كبيرة في النجاحات العسكرية الأخيرة التي حققها الجيش• ففي مقابلة معه بمقره المحصن في كولومبو، توقع الكولونيل كارونا، الذي يشغل حاليا منصب وزير الاندماج والمصالحة الوطنية، أنه حالما يُقتل زعيم ''النمور'' فيلوبيلاي برابهاكاران -الذي لن يستسلم وينبغي أن يقضى عليه- فإن ''النمور'' سيكونون من الضعف بحيث لن يستطيعوا إعادة رص صفوفهم بعد ذلك• ولكن يرى بعض المراقبين هنا أنه إذا كان النمور قريبين من نهايتهم، فإن القضية التي غذَّت وحافظت على معركتهم الطويلة ليست كذلك• ولا خلاف على أن ''نمور التاميل'' عبارة عن مليشيا قاتلة أشاعت الخوف والرعب بين التاميل أنفسهم الذين تزعم أنها تمثلهم؛ حيث تقوم بتجنيد المدنيين، بمن فيهم الأطفال الصغار؛ وفي الآونة الأخيرة، استعملت، حسب عدد من التقارير، المدنيين الذين علقوا في آخر معقل لها كدروع بشرية• ولكن على رغم وحشية هذه المليشيا، إلا أن كفاحها الطويل في نزاع عرقي مرير بين التاميل والسنهال لن ينتهي بنهاية الحرب• فقد عانى التاميل الهندوس في سريلانكا من عقود من التمييز على يد الأغلبية البوذية السنهالية، والذي يبدو أكثر وضوحاً اليوم في نسب الوظائف الحكومية والمناصب الأكاديمية المخصصة لهم• وعلى سبيل المثال، فإن قوات الشرطة في الجزيرة جميع أفرادها تقريباً من السنهال• غير أن الطريقة التي تنفَّذ بها الحرب ضد ''النمور'' تجعل الأمور بالنسبة للتاميل المتضررين من هذه المعاملة أسوأ؛ فإذا كانت التقديرات تشير إلى أن نحو 100 ألف شخص قُتلوا في الحرب الطويلة التي تعرفها الجزيرة، فإن الجهود الأخيرة للقضاء على النمور أدت إلى تكلفة بشرية باهظة جداً بين التاميل في الشمال؛ حيث قدرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع أن 6400 مدني قتلوا خلال هذا العام وحده، بينما جُرح 14 ألف شخص آخرين• وقد اتهمت الحكومة أيضاً على نطاق واسع بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد التاميل، مثل اختطاف وقتل المئات من التاميل الشباب في العاصمة كولومبو• وفي هذه الأثناء، يرى كثير من المراقبين أنه إذا كانت الحكومة جادة بخصوص إحلال سلام دائم في سريلانكا، فإن عليها أن تعمل بسرعة على مساعدة أولئك اللاجئين عبر توفير الرعاية اللازمة لهم في المخيمات، ثم إعادة توطينهم بأسرع وقت ممكن• ولابد على المدى الطويل من نوع من أنواع تفويض السلطة في المناطق الشمالية والشرقية من سريلانكا• وفي هذا الإطار يقول ''بايكياسوثي سارافاناموتو''، وهو المدير التنفيذي لـ''مركز البدائل السياسية'' في سريلانكا والمثقف التاميلي البارز: ''لابد من تسوية سياسية، وإلا فهناك دائماً خطر أن يكون ثمة دعم جديد للمتمردين''• وقد شكل الرئيس ''راجاباكسا'' لجنةً، بمشاركة جميع الأحزاب، أنيطت بها مهمة وضع مخططات حول تفويض السلطة في المناطق التي يشكل فيها التاميل أغلبية السكان، غير أن ثمة مخاوف من ألا تطبَّق على نحو مناسب، وخصوصاً أن تجربة شرق الجزيرة، الذي طُرد منه ''النمور'' على أيدي الجيش في ،2007 لا تشجع كثيراً بشأن آفاق تفويض السلطة• فقبل عام تقريباً، أُجري اقتراع لانتخاب مجلس إقليمي هناك؛ ولكن السلطة لم تُنقل أبداً إلى المجلس المنتخَب لأسباب ذكرت ''مجموعة الأزمات الدولية'' منها: ''العنف وعدم الاستقرار السياسي والتردد في تفويض السلطة للإدارات المحلية''• بيد أن حتى أشد منتقدي الحكومة يُظهرون الآن مسحة تفاؤل وأمل بخصوص فرصة سريلانكا اليوم لإحلال سلام دائم يحتضن التاميل والسنهال معاً حيث يقول بيريرا، المشار إليه أعلاه وهو من السنهال: ''من قبل كنا نراوح مكاننا بسبب حالة الجمود• أما اليوم، فعلينا أن نتقدم إلى الأمام -من دون أن يُترك سكان سريلانكا التاميل في مؤخرة الركب''• ميان ريدج - سريلانكا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©