الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الداخلية العراقية... ومكاسب الصورة الجديدة

الداخلية العراقية... ومكاسب الصورة الجديدة
10 نوفمبر 2007 01:01
في تصريح لافت أعلن وزير الداخلية العراقي يوم الأربعاء الماضي، أنه سيسمح للقوات العراقية بمداهمة مقرات شركات الأمن الغربية للتأكد من تقيدها بشروط ترخيص الأسلحة، وهو ما يفتح المجال أمام اندلاع مواجهات عنيفة بين العراقيين والحراس الغربيين المدججين بالسلاح· وقد جاءت هذه الإجراءات الصارمة من قبل السلطات العراقية في أعقاب حادثة إطلاق النار التي تورطت فيها شركة ''بلاكووتر'' وأسفرت عن مقتل 17 عراقياً· وفي هذا السياق أوضح ''جواد البولاني'' -وزير الداخلية العراقي- قائلا: ''ستخضع جميع الشركات إلى المراجعة الدقيقة، وأي شركة لا تلتزم بالقوانين سيسحب منها ترخيص العمل''، مضيفاً: ''إنها تسمى شركات أمنية، وليس شركات لانتهاك القانون''· ومن جهة أخرى كان مسؤولون عراقيون قد اعترفوا للمرة الأولى -خلال زيارة قاموا بها إلى مقر وزارة الداخلية العراقية- بأنهم يوافقون على التقديرات الأميركية التي تشير إلى أن حوالي 190 ألف مسدس وبندقية آلية تم تزويدها إلى القوات العراقية في العامين 2004 و2005 لا يُعرف مصيرها· ولتفادي فقدان المزيد من الأسلحة -التي يُخشى وقوعها في أيدي عناصر الميليشيات- أنشأ المسؤولون العراقيون قاعدة بيانات معلوماتية، سعياً لاسترجاع الأسلحة المفقودة؛ وقد حرص المسؤولون العراقيون يوم الأربعاء الماضي على إطلاع الزوار على النظام المتطور لتتبع الأسلحة، وحرصوا خصوصاً على إطلاع الصحفيين الأجانب؛ وقال الجنرال ''عبد الكريم خلف''، المتحدث باسم وزارة الداخلية موضحاً عمل الوزارة، ''لقد فقدنا 190 ألف قطعة سلاح لأننا لم توزعها بالشكل المطلوب، لذا قمنا باستحداث قاعدة البيانات المتطورة''· وقد وزعت تلك الأسلحة التي يجهل مصيرها اليوم عندما كان الجنرال ''ديفيد بيترايوس'' -قائد القوات الأميركية في العراق- مكلفا بتدريب القوات العراقية وتجهيزها خلال العامين 2004 و·2005 وأقر الجنرال ''بيترايوس'' أن شغله الشاغل انصب وقتها على تسليح القوات العراقية قبل وضع نظام لتتبع عملية توزيع الأسلحة· وقد حمل المسؤولون العراقيون يوم الأربعاء الماضي الجيش الأميركي، وإن كان على نحو لائق، مسؤولية فقدان الأسلحة، مشيرين إلى أنه كان من المستحيل عليهم تتبع الأسلحة بينما لم يزودوا بالمعلومات الضرورية بشأنها مثل أرقامها التسلسلية· ويبدو أن شوارع بغداد تشهد صراعاً حقيقياً حول من يسيطر عليها، لا سيما في الشوارع القريبة من المنطقة الخضراء؛ فقد لاحظ حراس الحماية الغربيون انتشار القوات العراقية بالقرب من مقار الشركات الغربية، وإيقافها للعربات التي يقودها الحراس الغربيون بحثاً عن الأسلحة· ومن غير المستبعد أن يؤدي التمادي في هذه الإجراءات خارج المنطقة الخضراء، إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين القوات العراقية وعناصر الشركات الأمنية· ويبدي حراس الأمن الغربيون حذراً خاصاً من نقاط التفتيش التابعة لوزارة الداخلية العراقية خوفاً من أن تكون مزيفة، فضلا عن خوفهم من عناصر وزارة الداخلية التي يسيطر عليها أحيانا رجال الميليشيات وتورطت سابقاً في أعمال القتل الطائفي· وكثيراً ما تواجه المواكب الغربية معضلة الاختيار بين الوقوف عند نقاط التفتيش، أو مواصلة الطريق دون توقف، وهو ما ينطوي أيضاً على مخاطر أخرى· ولأن المواكب الغربية التي تشرف عليها شركات الأمن الخاصة، تتولى حماية المدنيين الأميركيين البارزين، فضلا عن المسؤولين العسكريين، فقد تحول صراع الحكومة العراقية مع هذه الشركات إلى نزاع بالوكالة مع الولايات المتحدة· وقد ظهر الصراع بشكل خاص عقب حادثة إطلاق النار في 16 من شهر سبتمبر الماضي، حيث سارعت الحكومة العراقية إلى إعلان نيتها حظر شركة ''بلاكووتر'' عن العمل في العراق، غير أن الحكومة أُحرجت بعد ذلك عندما اكتشفت أن خياراتها القانونية محدودة· وقامت الولايات المتحدة، بعد أن فرضت بعض القيود على الشركة، بإرجاعها مرة أخرى للعمل في العراق لاستكمال مهام حماية الشخصيات الأميركية· واستناداً إلى نتائج التحقيق الذي أجرته السلطات العراقية خلصت الحكومة إلى أن العناصر التابعين لشركة ''بلاكووتر'' والمتورطين في إطلاق النار على المدنيين العراقيين ارتكبوا جريمة قتل، فيما لم يعلن بعد مكتب التحقيقات الفدرالي عن نتائج التحقيق الذي قام به· وتبدو نذر الصراع في شوارع بغداد أكثر وضوحاً في قرار وزارة الداخلية العراقية بتسجيل الأسلحة التي يحملها عناصر الميليشيات الشيعية، وتقول إنها تستخدمها لحماية بعض الأحياء؛ وعندما سُئل الجنرال ''خلف'' عن المناطق الواسعة في بغداد التي تسيطر عليها عناصر ميليشيا جيش المهدي، أشار إلى أنها أيضا ستخضع للمراقبة، مؤكداً ذلك بقوله: ''في المستقبل القريب ستنظم حملة واسعة لضبط الأسلحة، ونحن ننتظر استكمال قاعدة البيانات''· وقد تفاجأ المسؤولون في وزارة الداخلية العراقية حيال التعاطف الدولي الذي استقبلت به نتائج التحقيق العراقي الذي اتهم شركة ''بلاكووتر'' بقتل مدنيين عراقيين، وهي الوزارة التي كانت في السابق محط تشكيك وانتقادات بسبب ولاءاتها المريبة وانحيازها الطائفي؛ وبتركيزها على الإجراءات الجديدة التي تسعى إلى فرضها لضبط الأسلحة، وتسعى وزارة الداخلية إلى الإفادة من الزخم المتولد عن التحقيقات وتورط الشركة الأمنية الأميركيـــة لتحسين صورتهـــا· ويبـــدو أن الاستراتيجية المتبعة لهذا الغرض هي الاعتراف بأن كلا من القوات الأميركية والعراقيــــة ارتكبت أخطاء في الماضي، لكنها مصـــرة اليوم على تجاوز ذلك من خلال الإجراءات الصارمـــة المعتمـــدة مؤخراً والرامية إلى ضبط الأسلحة، حتى تلـــك التي تمتلكهــــا شركـــات الأمن الغربيــة· جيمس جلانز- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©