السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

عم أحمد: أتمنى إنشاء متحف تراثي حول الأسفار قديماً

عم أحمد: أتمنى إنشاء متحف تراثي حول الأسفار قديماً
10 نوفمبر 2007 01:47
يعشق المرء أن يتحدث عن ذكرياته وما عايشه من أحداث، خاصة في أيام صباه وشبابه إذا تقدم به العمر، فيحب أن يرددها في المجالس، بحلوها ومرها، ويسترجعها بصورة مستمرة مع أبنائه والمقربين إليه، وتكون نقطة الحوار الرئيسة مع من عايشوها من الأصدقاء·· المواطن أحمد عباس حسين موظف بشرطة الشارقة،عمره تجاوز الستين عاماً، شاهد على حقبة زمنية مهمة في تاريخ الدولة، حيث كان يعمل سائقاً لسيارة نقل ركاب بين إمارات الدولة ''قبل الاتحاد'' وسلطنة عمان في خمسينات القرن الماضي، وهو واحد من بين هؤلاء العاشقين للحديث عن الذكريات، بل إن الأمر تطور لديه، فلم يكتف بسردها أو الحديث عنها في المجالس فقط، بل فكر في توثيقها ونقلها بصورة حية للراغبين في معرفة المزيد عنها، حيث خصص ركنا في منزله في عجمان وضع فيه مجسمات قام بتصميمها بنفسه لأنواع السيارات المختلفة التي كانت تستخدم في تلك المهمة، وكذلك المقاهي التي كانوا يمرون بها، وذكريات يسردها خلال الأسطر التالية· يقول أحمد عباس: ''عشت مرحلة مهمة في تاريخ الدولة في نهاية الخمسينات من القرن الماضي وكنت صبياً وقتها، وكنت أعمل سائقاً على سيارتي من نوع ''فورد'' القديم وكانت سيارات مفتوحة بها أسياخ ''طربال'' من أعلى ليتقى المسافرون ''العبرة'' من حرارة الجو في الصيف وبرودته وأمطاره في الشتاء، وتتسع لحمل 25 إلى 30 شخصا، إضافة إلى أحمالهم من الفواكه والأقمشة والملابس وغيرها من السلع التجارية الأخرى التي كان يتزود بها المسافرون من دبي إلى عمان لبيعها في الأسواق التجارية والكسب منها، وكان الراكب يدفع 20 روبية إضافة إلى أجر عن السلع التي يحملها وكانت الرحلة تنطلق من منطقة ''الصبيخة'' في دبي إلى سلطنة عمان، مروراً بأماكن عديدة ومعالم لها دور كبير في نقل واقع الحياة قديماً· وأضاف أن الرحلات كانت تبدأ بعد صلاة العصر، وكان هناك مطعم ''حمدان'' وهو مطعم مشهور في تلك المنطقة يتوافد إليه المسافرون ليتجهوا بعده صوب عجمان، من خلال طرق رملية غير معبدة، حيث يستريحون بعض الوقت عند بئر ''طوي'' الشيخ راشد بن حميد النعيمي ويقومون باستخراج المياه عند طريق الدلو، تطور الأمر بعد ذلك وتم رفع المياه بماكينات حديثة· طرق وعرة وأشار إلى أنه يتذكر تلك الرحلات، بين دبي وعمان، بتفاصيلها، حلوها ومرها، حيث كانت تستغرق من يومين إلى ثلاثة أيام، وكانت الطرق وعرة جداً تتزايد وعورتها مع الخوض في الرحلة في مناطق ''الغلي'' في مدينة الذيد بالشارقة مروراً بجبل ''قرون الحمار'' ويوجد بها مطعم ''حياة عبد الله'' يستريح فيه المسافرون بعض الوقت· قائد السفينة واستطرد: بعد أخذ قسط من الراحة يواصل سائق السيارة المسير إلى عمان مروراً بمنطقة الجمارك ''الأسود'' وكان القائمون على تلك المهمة يطلقون لقب ''قائد السفينة'' على السائق ويسجلون هذا المسمي على أوراقهم الرسمية ثم يقومون بتفتيش الأمتعة ومن ثم تحصيل الجمارك المفروضة على السلع القادمة من دبي، وبعد الانتهاء من تلك المهمة تواصل الرحلة مسيرتها ويبدأ إنزال الركاب إلى الأماكن التي يقصدونها، حيث كانت الرحلة تمر على أكثر من 30 منطقة مثل ''السويق'' و''مصنعة'' و''برشة'' وكذلك مسقط ونزوى وغيرها· رحلة ممتعة أضاف أحمد عباس أن الرحلة، على الرغم من عنائها وصعوبتها، إلا أنها كانت ممتعة إلى حد كبير، حيث كانت فرصة للاستمتاع بجمال الطبيعة الربانية التي وهبها الله لتلك المناطق، وكذلك رؤية الكثير من الحيوانات البرية مثل الغزلان والأرانب والحمير الوحشية وغيرها من الكائنات التي تجوب تلك الصحارى، مشيراً إلى أن الرحلة كانت لا تخلو من الاستمتاع بسماع الطرب من قبل المسافرين من خلال اقتناء البعض منهم لـ ''البشتخته'' وهو جهاز ''الجرامافون'' خلال الاستراحات وخاصة في الليل إذا كانت الأجواء معتدلة، كما أنها لا تخلو أيضاً من جلسات السمر والاستماع إلى القصص والروايات التي يتبادلها المسافرون تخفيفاً على أنفسهم من مكابدة الرحلة· مشروع تراثي وأضاف أنه يتمنى إقامة مشروع تراثي كبير مستقبلاً من خلال مجسمات خشبية يلقي خلالها الضوء على الرحلات القديمة التي كانت تمر بها السيارات سواء الداخلية بين أبوظبي ودبي وعجمان والشارقة وكذلك الرحلات الخارجية بين إمارات الدولة وسلطنة عمان لتكون بمثابة متحف تراثي يستطيع زائره التعرف على عادات وتقاليد أهل الإمارات قديماً·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©