الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

النقاش.. البحث عن النزعة الإنسانية عند المفكرين

النقاش.. البحث عن النزعة الإنسانية عند المفكرين
10 نوفمبر 2007 01:54
رجاء النقاش كاتب وناقد مصري اشتهر بعذوبة الأسلوب وسلاسة التعبير، فكتاباته أُنمُوذَج حي لرهافة المشاعر، وهي أقرب ما تكون للغة الشعر، وقد يرجع هذا إلى ثقافته الواسعة ومعرفته العميقة بتراث الأدب العالمي، فضلاً عن الظروف الصعبة التي نشأ فيها، فكان تفاعل هذه العوامل هو الذي صاغ لنا أسلوب ''رجاء'' ليتميز عن كثير من معاصريه بنزعته الإنسانية · تأملات عميقة وكتاب '' شخصيات وتجارب'' الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب لرجاء النقاش تضمن تأملات عميقة لكثير من المواقف لبعض الشخصيات التي تأثر بها وأثرت فيه، حيث يسعى إلى الكشف عن بعض الجوانب في حياة بعض الشخصيات، ومن خلال عرض هذه الجوانب وتلك المواقف يحاول المؤلف التصدي لقضايا عديدة نعيشها، وخاصة إذا كانت تلك المواقف تتعلق بشخصيات مثل، نور الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، والمتنبي، وسقراط، فضلاً عن رواد النهضة والتنوير في مصر من أمثال الأفغاني، ومحمد عبده، وطه حسين، وسعد زغلول، وغيرهم ممن كانت لهم إسهامات واضحة في الحياة العامة للمجتمع المصري، فنجد كاتبنا يتحدث عن مواجهة نور الدين زنكي للحملة الصليبية التي تكونت من مليون مقاتل، وعلى رأسهم العديد من ملوك وأمراء وأميرات أوروبا، ولم يكن جيشه بضخامة جيوش الصليبيين، ولكنه انتصر عليهم بقوة الإيمان وصلابة الإرادة، وقد اشتهر زنكي بالعدل والزهد في بريق الدنيا والحكم، ورباطة الجأش، وهو ما مكنه من قهر الإفرنج، بالرغم من الاختلال الواضح في موازين القوى لصالح الصليبيين، وعن صلاح الدين الأيوبي، فهو يتحدث عن إنسانيته في أشد مواقف الحرب ضراوة وزهده في متاع الدنيا، حتى أن جنازته خرجت كما يقول مؤرخه القاضي ابن شداد - بالدين، ثم يتحدث ناقدنا الكبير عن الإحساس الرفيع بالذات لدى المتنبي الذي قال عن نفسه: الخيل والليل والبيداء تعرفني/ والسيف والرمح والقرطاس والقلم، ويقول في موضع آخر: إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشداً· الضعف الإنساني ويخلص إلى أن اعتزاز المتنبي بنفسه يرجع إلى عريق نسبه وإنتمائه إلى البيت العلوي، بالإضافة إلى الفقر الذي عاناه في صباه، مما دفعه إلى جمع المال، كما يحدثنا عن غضب المتنبي على المجتمع العربي الممزق في زمانه، وبعد ذلك يحدثنا عن الحسد وما فعله لكل من ابن تيمية، وسقراط، فالأول قضى نحبه في محبسه، والثاني مات محكوماً عليه بالإعدام، ورغم ذلك فإن التاريخ خَلّدَ هاتين الشخصيتين، وألقى بأعدائهم ممن دبروا لهم الدسائس في غياهب النسيان، وكاتبنا هنا يشدد على أهمية تمسك الإنسان بالمبادئ السامية من تقوى وشجاعة وجرأة في الحق، وعن الصبر يقول رجاء النقاش، إن الصبر لايعني العجز عن التمرد، فكل صبر ينطوي على قوة تمرد كامنة فيه، كما أنه لا يوجد شيء أسمه الضعف الإنساني، وهو يستشهد على ذلك بنابغة الأدب العربي طه حسين، الذي تحدى اعاقته وظروف نشأته الصعبة، وأخذ يكافح حتى أصبح طه حسين الذي نعرفه جميعاً، وعن جمال الدين الأفغاني يقول، إن دعوة الإفغاني لاستخدام الكلمات التي ''تنقر حبات القلوب'' والبعد عن التفكير اللفظي والحث على التفكير الموضوعي كان لها أبلغ الأثر في تكوين جيل جديد من الزعماء والمفكرين الذين نادوا بالتحرر الاجتماعي والاقتصادي، ومنهم محمد عبده، وسعد زغلول، وقاسم أمين، وأحمد لطفي السيد، وطلعت حرب وغيرهم، فكانت أفكار الأفغاني وكلماته أنوارا تضيء العقول ولم تكن ابداً مجرد مصطلحات بلاغية فارغة من أي مضمون·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©