السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... وأولوية مكافحة الفساد

13 فبراير 2011 21:53
سودرسان راجفان القاهرة تقاسم كل المصريين تقريباً شعوراً واحداً وهم يبدؤون عهداً جديداً يوم السبت الماضي، إنه شعور مفاده: من أجل التقدم إلى الأمام، يجب أن يستعيد البلد الأموال والممتلكات المهمة التي يُزعم أن عناصر في النظام السابق، أو المحيطين به، قد حصلوا عليها على نحو غير مشروع خلال السنوات الماضية. وفي هذا الإطار، قال محمد طارق، 20 عاماً، وهو طالب في كلية الطب كان يرتدي سترة كتب عليها "النصر لمصر": "أموالنا قد نُهبت"، مضيفاً: "إذا استطاع الرئيس المقبل استعادة تلك الأموال، فإنه سيُظهر أنه ليس مثل النظام القديم. كما أن من شأن ذلك أن يعيد لمصر كرامتها ويجلب للحكومة الاحترام". المشاعر السائدة بين عشرات الآلاف من الناس الذين تقاطروا على ميدان التحرير يوم السبت الماضي من أجل الاحتفال بالانتصار الذي حققوه يُبرز إلى أي مدى سيحدد مصيرُ مبارك مستقبلَ ثورتهم والقدرة على علاج الجروح التي مازالت متقرحة جراء عقود من التجاوزات. فبعض المتظاهرين قالوا إن مبارك ينبغي مساءلته على بعض التجاوزات. بينما قال آخرون إنهم يفضلون تركه يعيش حياة هادئة في مصر. ولطالما كانت ثروة المقربين من النظام المصري، مصدر استياء في بلد يعاني من ارتفاع معدلات البطالة، والفقر المدقع، وارتفاع الأسعار، واعتقاد جماعي بأن الأشخاص الذين لديهم علاقـات قويـة بهـذا النظام وحزبه الحاكم فقط يمكنهم النجاح مالياً. وفي هذه الأثناء، يتعهد زعماء المعارضة بالدفع في اتجاه تحقيق كامل وشامل في التعاملات. وبالنسبة لبعض الأشخاص الذين تم استجوابهم يوم السبت، يمثل تعقب ما يقال إنه ثروة للنظام السابق وشركائه وإعادتها إلى مصر أولويةً ملحة لا تقل أهمية عن رؤية حكومة ديمقراطية مدنية تحل محل المجلس العسكري الحالي الذي تولى إدارة شؤون البلاد. وفي هذا الإطار، قال محمد فتوح، 29 عاماً، الذي يعمل في قطاع السياحة: "إذا استطعنا استعادة بعض المليارات التي تم الاستيلاء عليها، فإنني سأكون راضياً بما حققته ثورتنا". وإذا كان الرئيس الزائيري موبوتو سيسي سيكو، والرئيس الفلبيني فيرديناند ماركوس، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي مؤخرا، قد فروا جميعاً إلى المنفى، مما صعَّب استعادة ثرواتهم، فإن مبارك بالمقابل تعهد، في الوقت الراهن على الأقل، بالبقاء في مصر، مما يتيح فرصة فريدة لإصلاح وتقويم أخطاء الماضي، مثلما يقول كثير من المصريين في حوارات معهم. وفي هذا السياق، يرى أحمد سيف، 26 عاماً، وهو موظف في أحد البنوك، أن مبارك ساهم مساهمة كبيرة في بناء مصر وتحويلها إلى دولة حديثة وقوة إقليمية، رغم القمع والاستياء اللذين أنتجهما حكمه إذ يقول: "إنه رجل متقدم في السن اليوم؛ وينبغي أن يبقى هنا". وتوقف لحظة ثم أضاف سبباً آخر: "ثم إنه إذا غادر البلاد، فإننا لن نسترجع أموالنا أبداً". والواقع أن قلة قليلة فقط تعرف حجم ثروة مبارك. فبعض الشائعات، التي انتشرت على شبكة الإنترنت، تذكر أرقاماً متضاربة حول هذه الثروة. هذا بينما يقول محللون متخصصون في شؤون الشرق الأوسط وتقارير إخبارية في وسائل الإعلام الناطقة بالعربية إن مبارك وعائلته حافظا على معظم ثروتهم في ممتلكات عقارية تمتد من الساحل المصري على البحر الأحمر إلى لندن ولوس أنجلوس ونيويورك، وفي حسابات مصرفية. ويذكر أيضأ أن عدداً من المتظاهرين احتجوا مؤخراً على النظام في حي بيلجرافيا الراقي جنوب غرب لندن، حيث يصل ثمن العقارات هناك إلى 20 مليون دولار. ويقول بعض المحللين إن عائلة مبارك ربما تكون استفادت من عدد من الصفقات التجارية المبرمة بين الحكومة ومستثمرين وشركات أجنبية حين كان مبارك رئيساً للبلاد، أو أن ثروته تعود ربما إلى الفترة التي سبقت توليه المنصب الرئاسي. غير أن مبارك كان مسؤولاً عن شؤون مصر لفترة طويلة جداً لدرجة يصعب معها تحديد الأشياء التي قد يكون حصل عليها من خلال الدولة، والأشياء التي اكتسبها على نحو خاص. ومن ناحية أخرى، وحسب كارلي كورشيو، الخبيرة الاقتصادية في منظمة "النزاهة لمالية العالمية" غير الربحية التي تتعقب التسربات المالية غير الشرعية، فإن الأنشطة المالية غير الشرعية والفساد يمتصان أكثر من 6 مليارات دولار من خزائن مصر كل عام. ويتوقع أن تكون مصر قد خسرت ما بين 2000 و2008 ما يصل إلى 57.2 مليار دولار، هذا علماً بأن العديد من المصريين يكسبون نحو دولارين في اليوم. "انظر إلى فقرهم"، تقول نسرين أشرف، 22 عاماً، التي كانت تحمل العلم الوطني مشيرةً إلى مجموعة من الفقراء الجالسين على بطانيات متسخة: "ثمة الكثير من الفقراء لماذا؟ لماذا؟". وتقول نسرين إنها لم تعرف طيلة حياتها رئيساً آخر غير مبـارك؛ ولكنهـا وعلى غرار كثير من الشبان والشابات الذين تم استجوابهم ما زالت تكن له نوعاً من الاحترام إذ تقول: "لقد كان مثل والـدي وأنـا أحبـه، ولكننـي لا أريده أن يعود". ثم أضافت: " أريده أن يشعر بما يشعر به المصريون". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©