الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

النفط يحطّم كل الحواجز.. ومخاوف كبيرة من عودة وشيكة لشبح التضخم العالمي

النفط يحطّم كل الحواجز.. ومخاوف كبيرة من عودة وشيكة لشبح التضخم العالمي
11 نوفمبر 2007 00:11
خلال الأيام القليلة الماضية، فجّرت ظاهرة الارتفاع السريع لأسعار النفط المخاوف لدى المحللين الاقتصاديين العالميين من عودة شبح التضخم إلى العالم عندما أثبت سعر النفط أنه قادر على القفز فوق كل الحواجز· وهو على وشك تحطيم الحاجز النفسي التاريخي الذي يبلغ 100 دولار للبرميل· وفي الولايات المتحدة، تزايدت المخاوف من شبح التضخم وحيث أصبح التصدي لهذه المشكلة والدفاع عن الدولار الضعيف الذي سجّل هبوطاً قياسياً في الأيام الأخيرة، الشغل الشاغل للخزانة الفيدرالية الأميركية والبنوك المركزية العالمية· ومنذ نهاية شهر أوكتوبر الماضي وحتى الآن، بلغت الإجراءات الحمائية التي اعتادت الخزينة الفيدرالية الأميركية أن تتخذها لمقاومة التضخّم، أعلى مستوياتها· وتأتي هذه المخاوف أيضاً في وقت عمدت فيه البنوك المركزية في دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى عقد اجتماع عاجل يوم الخميس الماضي للبحث في وضع سياسة جديدة لأسعار الفائدة مبنية على أساس التباطؤ الاقتصادي العالمي الناتج عن أزمة القروض العقارية في الولايات المتحدة· ووصف مسؤول في البيت الأبيض السعر الجديد للنفط بأنه (مرتفع جديد) بعد أن بلغ سعر برميل نفط غرب تكساس الذي يؤخذ كمقياس، 98,62 دولار يوم الأربعاء الماضي· وهو أعلى بنحو 60 بالمئة مما كان عليه في شهر يناير الماضي· نظرة متشائمة ويذكر تقرير نشرته صحيفة (فاينانشيال تايمز) الخميس الماضي أن المخاوف من شبح التضخم تعزّزت عقب صدور تحذير من وكالتين عالميتين رائدتين في مجال التحليل الاقتصادي لمستقبل أسعار النفط والمواد الغذائية· الأولى هي الوكالة الدولية للطاقة التي تنبأت بحدوث نقص كبير في الإمداد بالنفط الخام قبل حلول عام 2015 سيكون مصحوباً بارتفاع مفاجىء في أسعاره لا يمكن التحكم به وفق المعايير والضوابط المتبعة الآن· والوكالة الثانية هي منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة التي نشرت توقعات تشير إلى أن الأسعار العالمية للمواد الغذائية سوف تبقى على ارتفاعها في عام 2008 بعد أن سجلت بالفعل أرقاماً قياسية غير مسبوقة· ونقلت الصحيفة عن علي أرسلان جوركان مدير قسم المحاصيل في الفاو قوله: (تبدو النظرة إلى مستقبل الدول المستوردة للنفط والغذاء قاتمة)· يحدث كل هذا في وقت أثبت فيه الدولار هشاشة لا نظير لها وعجزاً لم يكن متوقعاً عن الصمود حتى أمام الأعاصير الاقتصادية الضعيفة· وهو ما فتىء يتهاوى أمام الضغوط القوية للسوق التي دفعته إلى حالة الانخفاض المتواصل والسريع أمام الاسترليني واليورو· وكان مما زاد من ضعفه صدور تصريح عن مسؤول مالي رسمي في الصين أشار فيه إلى أن الخزانة المركزية الصينية قررت تبديل 1,430 مليار دولار من مخزونها من القطع الأجنبي بسلة من العملات القوية الأخرى كاليورو· وسجل اليورو القوي في المقابل ارتفاعاً غير مسبوق أمام الدولار عندما بلغ 1,47 دولاراً فيما ارتفع الجنيه الإسترليني إلى سعر لم يبلغه خلال 26 سنة مضت حين بلغ الأربعاء الماضي 2,107 دولار· وكان لعاملي السعر المرتفع للنفط والضعف الاستثنائي للدولار، أن يقفزا بسعر الذهب إلى مستوى قياسي لم يبلغه منذ 28 عاماً عندما بلغ سعر الأوقية 845,40 دولاراً؛ وهو أقل بقليل من سعره القياسي التاريخي الذي يبلغ 850 دولاراً للأوقية· كما سجلت الفضة سعرها القياسي الذي لم تبلغه خلال 27 عاماً، وارتفع البلاتين بدوره إلى سعره القياسي الجديد· الشرق الأوسط ·· اللاعب الأكبر ويقول تقرير كتبه المحلل الاقتصادي دينو ماهتاني في الفاينانشيال تايمز تحت عنوان (المفتاح في يد دول الشرق الأوسط)، أن أي انقطاع بالإمداد النفطي يمكن أن يحدث في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، لا بد أن يزيد من حدّة ارتفاع الأسعار في الدول المستوردة· ويشير ماهتاني إلى ما سبق للرئيس جورج بوش أن قاله في خطابه حول حالة الاتحاد العام الماضي من أن بلاده تعوّدت (إدمان استيراد النفط) من البلدان غير المستقرّة من العالم، واقترح حلاً نظرياً بحتاً لهذه المشكلة عندما أوعز باتخاذ التدابير اللازمة لتخفيض معدلات الاستيراد من تلك الدول بالاعتماد على بدائل لمصادر الطاقة بما فيها الوقود الحيوي وخاصة الإيثانول بالإضافة إلى مصادر الطاقات المستدامة ومنها الطاقة الشمسية· ويشير التقرير إلى أن بحوثاً صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة نشرت الأربعاء الماضي، أفادت بأن الدول الصناعية الكبرى الأكثر استهلاكاً للطاقة بما فيها الولايات المتحدة، سوف تصبح أكثر تأثراً بأي انقطاع محتمل في الإمداد من دول الشرق الأوسط· ويكمن السبب الأساسي لهذا الحكم بالطلب الهائل على النفط في الهند والصين اللتين تطلقان سلسلة من البرامج التنموية والمشاريع الاقتصادية الهائلة· ووفقاً للمعطيات والبيانات الإحصائية الراهنة، سوف يقفز معدل الطلب على النفط في الهند والصين مجتمعتين من 5,4 مليون برميل يومياً خلال عام ،2006 إلى 19,1 مليون برميل في اليوم عام ·2030 ومعظم هذه الكميات الهائلة من النفط سوف تستورد من الدول المنتجة في الشرق الأوسط· والآن، تستورد الهند 60 بالمئة من نفطها من منطقة الشرق الأوسط مقابل 45 بالمئة تستوردها الصين من المنطقة· وفي عالم تسوده توقعات بشحّ متزايد في كل من المخزون والإمداد النفطي، يمكن لأي انقطاع في الإمداد من الشرق الأوسط أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار كافة السلع والمنتجات والخدمات في الدول المستوردة للنفط· ويقول ماهتاني: (ولما كانت الدول الشرق أوسطية المنتجة للنفط متمثلة ضمن منظمة أوبك، فإن تزايد الاعتماد على نفطها الخام لا بدّ أن يزيد من قوتها ويجعلها أكثر قدرة على التحكم في كل من الإنتاج والأسعار)· وأدت التطورات السياسية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية إلى زيادة مخاوف الدول المستوردة من تطور الظروف إلى الحالة التي يتم فيها قطع الإمداد؛ ومن أهم هذه التطورات التداعيات المحتملة للحرب على العراق، والنشاطات الإرهابية والعلاقات التي تتزايد توتراً بين الغرب وإيران· ومن أمثلة هذه الحساسية المفرطة لأسعار النفط من الأوضاع السياسية الممضطربة في الشرق الأوسط، أن أسعار النفط ارتفعت في شهر سبتمبر الماضي لمجرّد صدور تقارير عن الاختراق الجوي الإسرائيلي لمواقع مزعومة لأسلحة نووية في شمال سوريا· ولا شك أيضاً أن التوتر القائم الآن بين تركيا وحزب العمال الكردستاني أسهم في رفع الأسعار أكثر وأكثر بالرغم من أن أياً من هذين الطرفين المتخاصمين لا يمثل دولة منتجة قوية للنفط· ويبقى العامل الأهم في الاضطراب والتوتر السياسي الذي تشهده المنطقة وهو احتمال توجيه الولايات المتحدة لضربة عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية وما يمكن أن يترتب عنها من تداعيات لا يمكن لأحد أن يتوقع نتائجها وخاصة على الإمداد والأسعار·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©