الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

شربل عون يرسم صورة الوحش الذي سكن الإنسان في 30 لوحة

شربل عون يرسم صورة الوحش الذي سكن الإنسان في 30 لوحة
13 فبراير 2011 21:54
(دبي) - يرسم الفنان اللبناني شربل صموئيل عون من ذاكرة مثقلة بالحرب اللبنانية التي عاشها في طفولته، فهو يرسم الفضاءات الملوثة مثلما يرسم التشوهات في حياة الناس والمجتمع، يجسدها في حرائق ووجوه بلا ملامح وبقدر من البؤس وما يحيل إلى الخطوط والأسلاك. هذه بعض ملامح المعرض الذي افتتح في “آرت سبيس غاليري” بدبي في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي ويستمر حتى الخامس من مارس المقبل. والفنان عون هو مهندس معماري ونحات ورسام في آن واحد، يرسم بواقعية تعبيرية مؤثرة، ويترك انطباعا بـ”السواد” حسب ما أطلق على سلسلة من لوحاته، حيث يشتغل بنظام السلسلة، فهناك سلسة من ثلاث لوحات، وأخرى من تسع، وثالثة من عشر. لكن أعماله لا تنفصل عن بعضها فهي في حد ذاتها عبارة عن سلسة متصلة بخيوط وثيقة، ولهذا يغرق زائر المعرض في طوفان من وجوه الكائنات المشوهة. ومن خلال حوالي ثلاثين عملا ضمها المعرض الذي حمل عنوان “نبض”، يجسد الفنان الكارثة الإنسانية والاجتماعية التي عاشها اللبنانيون في الحرب، لذلك تكثر في عناوين أعماله مفردة الحرب والمعاناة الفردية والجماعية، وتكثر الألوان الحارة التي تكتسب هنا رمزية خاصة في إحالتها على الجحيم وأهواله، سواء في لوحات الوجوه أو الأجساد المهدودة، وحتى الأزهار المحروقة. فثمة عيون توحي بالذعر والرعب، وعيون أخرى توحي بالغضب. في سلسلة لوحات بعنوان “المشرد” نقف أمام خمسة أعمال يصور فيها الفنان رجلا برأس إنسان وجسد حيوان غريب الشكل، إنه تكوين غرائبي لكن ليس بعيدا عن تصور الواقع في مكان وزمان ما. إنها تعبير عما لحق بالإنسان من تشوهات الداخل وليس الخارج، تشوه الروح لا الجسد فقط. هناك خطوط كثيرة في لوحات الفنان، وفي كل خط هناك عاطفة، وإذ تتراكم الخطوط تكون النتيجة تجميعا لهذه العواطف. ورغم واقعية هذه الأعمال ووضوحها، فهي لا تسجن المشاهد في إطار ضيق، وإنما هي تمتلك طاقة تتجاوز النموذج، الطاقة التي تكمن وراء الخطوط أو في الجانب البصري الذي نستطيع من خلاله أن نرى النموذج في بعض الأحيان. كما يمكن للمشاهد أن يشعر بالشفافية التي تأخذ إلى أبعاد أخرى. تلعب الألوان وأسلوب مزجها على سطح اللوحة دورا أساسيا في إشاعة إيقاعات متناغمة، مثلما يشتغل الفنان على علاقات الضوء مع الظل، والتكوين مع الخطوط والأشكال. ويستخدم الفنان في عمله المواد المختلطة، لكن بقدر من الكثافة اللونية حينا، وبشفافية عالية في القليل من الأعمال التي قد لا تنتمي إلى هذه التجربة. كل ذلك يجعله ينقل صورة الوحش الذي سكن الإنسان في مرحلة الحرب الأهلية، ويبرز الكثير من المشاعر الإنسانية تجاه تلك الحرب ومن أشعلوا نيرانها، والوقود الذي هو من البشر في نهاية المطاف. إنها تجربة فريدة في تعبيرها عن التفاعل مع مشاعر الإنسان المتضاربة تجاه البشاعة والرعب، والتعبير الرمزي أو الواقعي بكل الأدوات الفنية الممكنة. ما يظهر أن التعبير عن القبح يمكن أن يكون فنا جميلا، بصرف النظر عن وجهة نظرنا في هذه اللوحة أو تلك. إنه الفن الوحشي في أقصى تجلياته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©