الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عراق 2012.. انهيار سياسي وتدهور أمني

30 ديسمبر 2012 20:47
(أبوظبي)- بدأ العراق عامه المنصرم للتو (2012) وأراضيه خالية تماماً من الوجود العسكري الأميركي الذي كان قد دام نحو تسع سنوات أعقبت دخول القوات الأميركية في أبريل 2003. ومع نهاية العام كانت الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي على حافة مواجهة عسكرية مع حكومة كردستان بعد أن غرقت في أتون أزمة سياسية تُعَدّ الأخطر منذ انطلاق العملية السياسية في العراق التي مرت بمطبات واحتقانات كانت تصبغ المشهد السياسي طوال العام من أول يوم فيه إلى آخر يوم. فبعد أقل من شهر على استكمال الانسحاب الأميركي من العراق في نهاية ديسمبر عام 2011، خرجت الخلافات العميقة بين رئيس الحكومة نوري المالكي ومعارضيه إلى العلن إثر إصدار القضاء مذكرة اعتقال ضد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي. واتهم منتقدو المالكي رئيس الوزراء بالوقوف وراء هذه القضية لتصفية خصومه السياسيين، ولجأ الهاشمي إلى كردستان، لتلاحقه مذكرة وجهتها الحكومة العراقية إلى الإقليم بتسليمه و14 من معاونيه في 9 يناير 2012، ثم لم يلبث الهاشمي أن توجه إلى تركيا ليحصل فيها على اللجوء وعائلته، وقد رفضت تركيا لاحقاً تسليمه للسلطات العراقية، ما فتح باباً من التوتر بين حكومتي تركيا والعراق. وفي ذروة هذا التوتر، دعا نائب رئيس الجمهورية في إيران رضا رحيمي إلى إقامة اتحاد بين بلاده والعراق، وذلك خلال زيارة المالكي إلى إيران في 23 أبريل 2012. وأجمع السياسيون في بغداد بتنوع انتماءاتهم، على أن مواقف المالكي وخطابه المتشنج، عقد الوضع ودفع الأمور إلى نقطة اللاعودة. وعمد رئيس الجمهورية جلال طالباني في 15 يناير إلى جمع الفرقاء السياسيين في اجتماع يمهد لمؤتمر وطني كان دعا إليه، ليجنب العراق انهيار اتفاق تقاسم السلطة بين الكتل السياسية الذي جاء بحكومة المالكي (اتفاق أربيل)، ودخولها في دوامة عنف طائفي جديدة، لكنه فشل في التوصل إلى حل للأزمة التي زادت تعقيداً. وكانت القائمة العراقية قاطعت جلسات مجلس النواب العراقي منذ أواخر عام 2011، احتجاجا على استئثار المالكي بالسلطة» داعية إياه إلى احترام اتفاق تقاسم السلطة أو التنحي عن منصبه، لتنتهي المقاطعة بحلول 29 يناير 2012، بعد أن حث المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى العراق مارتن كوبلر في 22 يناير العراقية على حل الأزمة داخل مجلس النواب وليس بمقاطعة جلساته. وكانت حكومة المالكي اعتقلت بعض أفراد مكتب الهاشمي وبينهم موظفتان. ونشرت منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان تقريرها السنوي في 22 يناير 2012 أكدت فيه أن حكومة المالكي تقمع الاحتجاجات وتلاحق المعارضين وتعذب المعتقلين. وطالبت المنظمة السلطات العراقية بوقف عمليات الإعدام كافة، وإلغاء العقوبة. لتردف ذلك منظمة العفو الدولية في 28 يناير بإعلان أبدت فيه قلقها على مصير الموظفتين في مكتب الهاشمي المعتقلتين، واللتين تأكد تعرضهما للتعذيب. الأزمة مع كردستان وفي تطورات الوضع السياسي طالت يد المالكي رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري وعضو آخر فيها فاتهمهم بقضايا فساد، واعتقلوا في 13 أبريل، ليطلق القضاء العراقي سراحهما بعد يومين في 15 أبريل عام 2012. دفع المشهد المتأزم القائمة العراقية والتحالف الكردستاني والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر إلى عقد اجتماع في أربيل في 27 أبريل 2012، لبحث سبل نزع فتيل التوتر بين الحكومة المركزية ببغداد إقليم كردستان من جهة، وبين المالكي وفرقاء العملية السياسية من جهة أخرى، إضافة إلى بحث إمكانية الإطاحة بالمالكي، لكن الصدر أكد رغبته في عدم التجديد للمالكي معارضاً فكرة الإطاحة به. وتكرر اللقاء الثلاثي للكتل المعارضة للمالكي في النجف، ليمهلوا المالكي فرصة لتنفيذ اتفاقات أربيل، لكن الأخير فاقم الوضع بتصعيد المواقف مع كردستان. تطور الموقف بين الإقليم و الحكومة المركزية بعدما وقعت كردستان عقوداً نفطية مع شركات أجنبية من دون موافقة بغداد،قبل أن توقف تصدير النفط عبر الحكومة أربعة أشهر إثر خلاف مالي. وزادها اشتباك مسلح خلال محاولة القوات الحكومية اعتقال كردي، وقرار المالكي تشكيل قوات (دجلة) لتولي مسؤولية المناطق المتنازع عليها، ما تحول إلى توتر على الأرض دفع الجانبين إلى حشد قوات قرب هذه المناطق. وحذرت الأوساط السياسية العالمية من شبح حرب أهلية ألقيت تبعاتها على المالكي الذي لم يبال بأية تحذيرات، واندفع يتهم قادة القائمة العراقية التي يتزعمها أياد علاوي واحدا تلو الآخر، فطالت اتهاماته نائبه صالح المطلك الذي وصف المالكي بـ«الديكتاتور»، ولوح المالكي بمذكرات اعتقال، وسط قلق أميركي ومساع لاحتواء الأزمة بين الفرقاء السياسيين. وحذر الرئيس العراقي في 26 مايو من خطورة الوضع الراهن في العراق بسبب الأزمة السياسية التي أصبحت مخاطرها تهدد مؤسسات الدولة والاقتصاد والأمن، وناشد السياسيين بدء حوار وطني. ولم تفلح جهود مجلس النواب والأكراد والقادة السياسيين في ثني المالكي المنفرد بالسلطة عن توجهاته، وسط سيل من الاجتماعات يقابلها إصرار من المالكي على الهيمنة على الجيش والشرطة والقوات الأمنية التي باتت تهدد العراقيين، فقاد حملات اعتقالات وسط العراقيين وكل من يرفض هيمنته أو يعارضه. وعجز طالباني ورئيس البرلمان أسامة النجيفي عن عقد مؤتمر وطني للحوار وحل الأزمة السياسية، وطالبت المعارضة المالكي باحترام الاتفاقيات المبرمة بين القادة السياسيين، وفي مقدمتها اتفاق أربيل دون جدوى، ورفضت كتلته تمرير اقتراح بسحب الثقة عنه إلى مجلس النواب بعدما طرح طالباني فكرة مؤتمر المصالحة الذي لم ينجح أحد في عقده حتى نهاية عام 2012. اتهامات بالفساد وواجهت حكومة المالكي عواصف الفضائح التي تكشفت أوراقها بالتتابع، فأعلن وزير الاتصالات محمد علاوي استقالته على خلفية «مشاريع فساد حكومية»، وأبعد المالكي محافظ البنك المركزي العراقي سنان الشبيبي الذي اتهم رئيس الوزراء بمحاولة «الاستيلاء على الاحتياطي للعملة الصعبة»، كما وضعت فضيحة صفقة السلاح الروسي حكومة المالكي في مهب الريح، فأطاحت بالناطق الحكومي علي الدباغ و طالت وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وآخرون، ما زالوا يخضعون لتحقيقات مجلس النواب.ووسط ذلك الإرباك، قررت الحكومة العراقية إلغاء البطاقة التموينية في 7 نوفمبر ما أشعل الشارع العراقي، لتعود مضطرة إلى إعادة النظر بقرار وقف توزيع المواد الغذائية ضمن نظام البطاقة التموينية، في 11 نوفمبر 2012. وانتهى العام على وقع عصيان مدني في محافظة الأنبار وتظاهرات احتجاجية في المحافظات الأخرى بعد أن قامت قوات المالكي باعتقال أفراد حماية وزير المالية رافع العيساوي وسط أنباء عن اغتصاب سجينات. المشهد الأمني.. طاحونة الدم أمنياً استقبل العراق عام 2012 بتفجيرات على خلفية التوتر السياسي، فبلغت حصيلة ضحايا العنف خلال عام 2176 قتيلاً و4292 جريحاً في جميع مدن العراق. وأسفرت أعمال العنف في يناير وفقاً لتقارير رسمية من وزارات الصحة والدفاع والداخلية عن مقتل 151 شخصاً وجرح أكثر من 321 آخرين. وشهد فبراير مقتل 140 شخصاً وإصابة 237 باعتداءات، أكبرها سلسلة هجمات في بغداد ومحافظات صلاح الدين وديالى وكركوك، أسفرت عن مقتل 50 شخصاً وجرح 72 آخرين في 23 فبراير. وفي مارس، بلغت حصيلة قتلى العنف نحو 150 قتيلاً عراقياً و272 جريحاً، وكان أكبرها مقتل 27 شرطيا وإصابة 13 آخرين بهجمات مسلحة على نقاط تفتيش حديثة في الأنبار صباح 5 مارس. وفي أبريل قتل نحو 120 شخصاً وأصيب 202 آخرون بأعمال عنف، كان أكبرها في 20 تفجيرا استهدف بغداد والتأميم والأنبار وديالى في 19 أبريل. وفي مايو قتل 112 شخصاً وأصيب 90 آخرون، وكان أكبر الاعتداءات بمحافظة نينوى، إذ قتل في تفجيرين أحدهما انتحاري 5 أشخاص وأصيب 26 آخرون في 15 مايو. وشهد يونيو ارتفاعاً بمعدل العنف فقتل 210 أشخاص وأصيب 645 بتفجيرات. وكان شهر يوليو أكثر الشهور دموية منذ عامين، فبلغ عدد القتلى خلاله 325 شخصاً، وبلغ عدد المصابين697 شخصاً. وكانت أكبر الهجمات سلسلة انفجارات في كربلاء والتاجي شمال بغداد والقادسية وأسفرت عن مقتل 44 شخصاً وإصابة 60 آخرين. وفي أغسطس بلغ عدد ضحايا العنف في العراق 164 قتيلاً و260 جريحاً في اعتداءات، كان أكبرها مقتل 14 شخصاً في 5 هجمات في تكريت وبلد والدجيل وطوزخورماتو ب محافظة صلاح الدين في 3 أغسطس. وفي سبتمبر بلغ عدد القتلى الذين سقطوا في هجمات في أنحاء العراق 365 قتيلاً، وبلغ عدد الجرحى في سبتمبر 683 شخصاً آخرين من بينهم 453 مدنياً و120 جندياً و110 من الشرطة.وشهد شهر أكتوبر تراجعاً في ضحايا العنف، حيث قتل 156 شخصاً وأصيب 180 آخرون، وفقاً لبيانات رسمية. وكان أكبر الهجمات مقتل 11 شخصاً وإصابة 48 بانفجارين في منطقة الكاظمية شمال بغداد، وإطلاق نار استهدف مسؤولين في الموصل بنينوى في 20 أكتوبر. كما أسفرت سلسلة التفجيرات بعدة مدن عراقية عن 30 قتيلاً و90 جريحاً في 27 أكتوبر. وشهدت أيام عيد الأضحى مقتل 44 شخصاً وإصابة 150 آخرين بسلسلة تفجيرات في عدة مدن. أما نوفمبر فبلغ عدد القتلى 121 قتيلاً وأصيب 321 آخرون بأعمال عنف وفقا للتقارير الرسمية، أكبرها سقوط 26 قتيلا و30 جريحا ب انفجار سيارة مفخخة أمام معسكر للجيش العراقي في التاجي شمال بغداد في 6 نوفمبر. واختتم ديسمبر العام بحصيلة 120 قتيلاً و110 جريحاً باعتداءات وتفجيرات توزعت الشهر بين المدن العراقية وفقاً لتقارير رسمية، أكبرها مقتل 10 أشخاص وإصابة 16 آخرون بتفجيرات في مدن عراقية عدة منتصف ديسمبر. القمة العربية على وقع تظاهرات وانفجارات خرجت تظاهرات سلمية في المدن العراقية مطلع مارس مع تأزم الأوضاع المعيشية والتي ألقى الشعب العراقي بمسؤوليتها على عاتق حكومة قاصرة متهمة بـ»الاستبداد» وكتل سياسية وبرلمان عاجزين عن محاسبة الحكومة أو كبح جماحها. وواجهت حكومة المالكي التظاهرات السلمية بالقمع. واستمرت التظاهرات طيلة مارس تقريبا، فخرج نحو مليون عراقي احتجاجاً على إخفاق الحكومة في تحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الخدمات. جاء هذا بينما كانت بغداد تستعد لاستضافة القمة العربية في نهاية مارس، حيث عمدت الحكومة إلى فرض إجراءات أمن مشددة، وسط تدهور سياسي وأمني. وعولت الحكومة العراقية على استعادة سمعة البلد الدولية باستضافة هذه القمة وهي أول ظهور للعراق على الساحة الإقليمية منذ أكثر من عقدين. ونشرت حكومة المالكي نحو 100 ألف عنصر من قوات الأمن لحراسة مئات نقاط التفتيش في 26 مارس لتنعقد القمة العربية في 29 مارس. ورغم ذلك، وقعت 3 انفجارات قرب المنطقة الخضراء صبيحة 29 مارس حيث انعقدت القمة، التي شارك فيها لأول مرة منذ اجتياح العراق للكويت عام 1991 أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إضافة لرئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، ورؤساء لبنان وتونس والسودان والصومال وموريتانيا وجزر القمر والسلطة الفلسطينية، ورئيس وزراء الأردن، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فيما أوفدت قطر وفداً متدني المستوى الدبلوماسي، ومثل السعودية سفيرها لدى الجامعة العربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©