الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نفحات قصائد «أهلليل» في الواحة الحمراء

نفحات قصائد «أهلليل» في الواحة الحمراء
11 يناير 2016 23:32
مختار بوروينة (الجزائر) تألق شيوخ «التراثية» في إمتاع جمهور المهرجان الثقافي «أهلليل» بنفحات رائعة من قصائد هذا الفن الأصيل الذي يسلب الروح ويسافر بالوجدان في الفضاء الصحراوي وأيام الزمن الجميل للواحة الحمراء «تيميمون» في عمق الجنوب الجزائري بولاية أدرار (1543 كلم عن الجزائر العاصمة). وأبدت 30 فرقة مشاركة (الطبعة 9 من 5 إلى 9 يناير) استماتة كبيرة في التميز والتعريف بـ«أهلليل» والعمل على المحافظة عليه وضمان تناقله بين الأجيال خاصة أنه مصنف ضمن روائع التراث الإنساني اللامادي من طرف المنظمة الأممية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في 2005، ويستمد تعابيره من الطريقة البديعة التي يؤدى بها من طرف سكان قصور «قورارة» في مختلف المناسبات التي تمر بهم، ليشكلوا لحظة أدائه حلقات منسجمة في مشهد روحاني تمتزج فيه عبارات التهليل والصلاة على الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) ومدح الأولياء والصالحين والتغني بالأحداث والأساطير التي مرت على المنطقة حسبما ذكر باحثون، وشيوخ هذا التراث الأزلي. ويتم أداء تراث «أهلليل» في مستويات مختلفة (ثران لمسرح والأوفروتي) حسب سرعة الأداء ومقدمة القصيدة نهايتها، وفي وضعيتي الوقوف (أهلليل)، والجلوس (تقرابت) في شكل حلقات رجالية أو نسائية أو مختلطة حيث يتوسط الحلقة الشخص المعرف محليا بـ«أبشنيو» والذي يحاكي المايسترو أو قائد الجوق الذي يفتتح الأداء والعرض «الأهلليلي» واختتامه بطرق مختلفة في التصفيق بالأيدي. ويعد الفقيد مولاي عبد الحي الشرويني، الذي حملت طبعة هذه السنة اسمه، واحدا من أعلام تراث «أهلليل»، ومن الذين أدوا دورا بارزا في المحافظة عليه بقصور منطقة «شروين» الواقعة بالشمال الغربي لإقليم «قورارة» باعتبارها حاضرة من حواضر الإقليم، وفضاء لمختلف الأنشطة الدينية والاجتماعية والشعبية ولأهمية خزائن مخطوطاتها العلمية، مشكلة علامة فارقة في صقل شخصية هذا الرمز الذي عرف بالزهد والورع وجسدها في قصائد «الأهلليل» التي تلقى مبادئها الأولى على من سبقوه من الشيوخ. ويرى الباحث «إسماعيلي» أن الشيخ الشرويني الذي توفي سنة 1190 هجرية عرف إلى جانب نشاطه العلمي الديني والصوفي بالمنطقة كشاعر جوال يؤدي قصائد «الإيزلوانات» وهو جمع كلمة «إيزلوان» بالأمازيغية (أداء قصائد أهلليل) منذ مرحلة شبابه في مختلف رحلاته بقصور الإقليم متأثرا بالبيئة التي ترعرع فيها. ولعل من أبرز تلك القصائد التي مازالت تؤدى حاليا هي قصائد «سدي العزيز أمولانا» و«أرسول سيدي مولانا» و«الله أيا رسول الحبيب محمد» وغيرها من القصائد الكثيرة التي تحتاج إلى الجمع والتدوين باعتبار أن معظمها مازال يتداول شفهيا سيما تلك التي تؤدى باللهجة «الزناتية». وقد كانت هذه القصائد - يضيف الباحث - بمثابة أرشيف شفهي لمختلف الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال القرون الغابرة، ولعل من أبرزها تلك التي تسجل ظهور الشيخ «سيدي الحاج بلقاسم» الذي يعتبر مؤسس احتفالية «سبوع» المولد النبوي الشريف بإقليم قورارة في القرن العاشر الهجري إلى جانب مرثياته التي نظمها ووثق من خلالها لرحيل المشايخ في تلك الفترة التاريخية. وفي هذا الجانب دعا الباحث في الثقافة الشعبية العارفين باللسان «الزناتي» بالمنطقة إلى الإسراع في جمع أكبر ما يمكن جمعه من قصائد هذا الرمز التراثي وترجمتها إلى مختلف اللغات لأنها تعتبر بحق ذاكرة للأمة وبرهانا لتجذرها في الحضارة بمختلف أبعادها. وكحلقة أساسية في ضمان ذلك التواصل بين الأجيال التي تعاقبت على المنطقة، مازال الشيخ «بازا أمحمد» من جمعية «مولاي يعقوب» التراثية يصنع التميز والإبداع في أدائه لقصائد تراث «أهلليل»، ويرافقها بتلك الحركات الرائعة والمعهودة لديه أثناء توسطه للفرقة، مساهما بذلك في انسجامها وحماستها للأداء، ومانحا دعما معنويا إضافيا للجمعيات التراثية الشبانية والمساهمة في تلقينها تقنيات وطرق تطبيقية في كيفية أداء هذا التراث، مفيدا أن قصته الطويلة مع «أهلليل» بدأت منذ ريعان شبابه في سبعينيات القرن الماضي، بدأها بأداء هذا التراث ليصل به المطاف الآن إلى العمل على تلقينه على مستوى مدرسته الخاصة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©