الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

المرأة الكردية·· الهروب من غسل العار

المرأة الكردية·· الهروب من غسل العار
12 نوفمبر 2007 02:28
تحتل المرأة مكانة متميزة هنا في كردستان العراق، ولكنها تبدو محاصرة بمجتمع يقبل كثيرا من التحرر في الملبس أو العمل، ولكنه يرفض أن يعطيها حريتها كاملة· مجتمع تهيمن عليه ذكورية الجبال التي تعتبر النساء جزءاً من القطيع الذي يمتلكه الراعي· في المقابل تسعى المرأة الكردية إلى كسر حلقة التبعية للرجل، فهي تنظر بعيداً إلى الشمال من العالم، معتبرة أن من حقها أن يكون لها حقوق فتيات أوروبا، ولكن رجال الجبل مازالوا يسعون إلى جرها إلى سجن نساء الجنوب· وعندما جاء المستشرقون الأوروبيون في بدايات القرن العشرين إلى كردستان العراق، لفت نظرهم المكانة التي تحتلها النساء الكرديات في المجتمع· ووفقاً لوصف المستشرق الشهير مينورسكي فإن الكرد يعتبرون من شعوب المنطقة تفتحاً في الموقف من المرأة· فالنساء الكرديات يحملن تاريخاً طويلاً في العمل السياسي والاجتماعي والثقافي· ولكن هذه المكانة تراجعت بسبب الصراعات التي احتدمت في الإقليم عبر العقود الثلاثة الأخيرة· وتظل لعبة الشد والجذب قائمة ومستمرة·· إنها قصة أحلام ''هي'' في مواجهة تعنت ''هو''· تأخذ المسافة بين أربيل والسليمانية أقل من 3 ساعات، لكن مشهد النساء في الشوارع يجعلك تشعر أنك خرجت من مدينة عربية محاظفة هي أربيل إلى مدينة شبه غربية هي السليمانية· الفرق بين مجتمع العشيرة المحافظ الذي يقتل النساء على جرائم ''الشرف'' ومجتمع الحضر الذي تتمتع فيه المرأة بحقوق قد تحسدها عليها رفيقاتها في العالم العربي· هوة واسعة تفصل بين المرأة الكردية في أربيل والسليمانية، فبنت السليمانية تخرج إلى العمل وتشارك الرجل في الساحة السياسية والثقافية وتزاحمه في كل مكان، بينما بنت أربيل مازالت تعيش في كنف الرجل ابن المجتمع المحافظ·· ولكن يظل العامل المشترك هو عيون بنات الجبل الجميلة التي تشدك إليها بسحرها الذي يميز بنات ''الجن'' الكرديات· غسل العار هناك 533 امرأة انتحرن أو قتلن في 2006 بسبب جرائم ''غسل العار'' في إقليم كردستان العراق، هذه الأرقام كشفت عنها وزارة حقوق الإنسان في الاقليم في تقريرها الأخير الذي صدر في أبريل الماضي· وأشار التقرير إلى أن المرأة الكردية تتعرض لكافة أنواع العنف الذكوري من الضرب والاعتداء الجنسي والوعيد بالقتل والسب والقذف والزواج القسري والخطف والإبعاد عن الدراسة· كارثة القتل باسم ''غسل العار''، على يد الأسرة أو العشيرة للفتيات الكرديات اللاتي يشك أهلهن، مجرد الشك، في سلوكهن، تؤرق حكومة إقليم كردستان خاصة في ظل الانتقادات الدولية العنيفة لهذه الظاهرة المنتشرة خاصة في المناطق العشائرية· في المقابل فإن طارق جوهر (سائق 33 عاماً) يؤكد لنا أنه لا حل أمام السلطات في هذه القضية، فعندما تقتل الفتاة لا يتقدم أحد للإبلاغ عن القاتل، وتخشى السلطات في الوقت نفسه من المواجهة مع عشيرتها، فينتهي الأمر دائما إلى القيد ضد مجهول· ووصل الأمر بسبب القيود المفروضة على المرأة إلى أن العشرات من النساء يقدمن على حرق انفسهن هربا من قسوة التقاليد والأعراق القبلية القديمة· وتقول وزيرة الدولة لشؤون المرأة في حكومة إقليم كردستان العراق جنان قاسم علي لـ''الاتحاد'' إن حكومة الإقليم شكلت بالفعل لجنة متابعة للحد من ظاهرة القتل باسم الشرف بعد أن أخفق القانون الذي صدر في 2002 عبر برلمان الاقليم في كبح جماح الظاهرة رغم إقرار عدم تخفيف العقوبة في حالة القتل باسم ''غسل العار''· واعترفت الوزيرة بأن السلطات التنفيذية قد تبدو مقصرة احياناً في تطبيق القانون، ولكنها أكدت أن الكثير من العوائق تحول دون تنفيذ العقاب في القاتل من أهمها قيام العشيرة والأسرة بالتغطية وعدم الإبلاغ بسبب الخوف من الفضيحة· وأشارت الوزيرة إلى أن هناك ضرورة للتوعية بأحكام الدين الإسلامي وحقوق المرأة بين الأكراد لاقتلاع هذه الظاهرة من المكان· وتقول إن الدين الإسلامي وضع شروطا واضحة لتطبيق حد الزنا، ولا يمكن لأحد أن يقتل على أساس الشك أو التكهن، فهذا حرام شرعاً· وتشكو جنان من أن التقاليد تقف حاجزا امام تطور المرأة في اقليم كردستان العراق، في المقابل هناك نقص واضح في الوعي حول حقوق وواجبات المرأة· وتؤكد ضرورة سعيها إلى ادخال تعديلات ومواد في المناهج الدراسية توضح حقوق المرأة لإزالة الآثار السلبية التي خلفها الماضي· مطرقة السياسة وسندان العنف تحمل المرأة الكردية تاريخاً طويلاً من العمل السياسي في اقليم كردستان العراق· فالمرأة الكردية لها دور مهم من الناحية السياسية، ومع ذلك نجد القليلات جداً وصلن إلى مستوى القيادة السياسية ولكنهن شاركن بشكل فعلي في الساحة السياسية الكردية مثل دورهن في المشاركة الفعالة والأساسية في برلمان كردستان حيث وصل عددهن إلى (28) امرأة من مجموع (111) نائبا في البرلمان مع أخذ بعض المناصب المهمة مثل وزيرة، وكيلة وزيرة، مديرة عامة، قاضية· وتشير وزيرة الدولة لشؤون المرأة إلى اهمية دور المرأة في الاقليم، حيث انها أثبتت وجودها في الحكومات المتعاقبة، ويوجد عدد من العضوات في البرلمان الكردستاني وعدد من المنظمات· وتقول إن المنظمات النسوية تشكلت منذ 1991 وبعدها صارت هذه المنظمات تشكيلات قوية وتأخذ دعماً من الخارج وتنفذ برامج لتنمية وعي المـــــــــرأة وظروفها في الاقليم· ولكنها تستدرج بالقول إن دور المرأة في القرار السياسي في الاقليم مازال ليس على مستوى الطموحات، ولكنها تحاول أن تلعب دوراً أكبر· وتشير جنان الى أن المرأة عليها أن تثبت وجودها أولا في عملها السياسي وفي الحكومة لتستطيع المطالبة بدور سياسي أكبر والذي لا يوازي دورها النضـــالي، ولكنها تؤكد أنه لا يوجد أي تهميش متعمد من قبل القيادة السياسية في الاقليم· ولكن هذا الدور تأثر بالحروب والصراعات الطــــــويلة، وتشير الوزيرة إلى أنه بالنسبة للمرأة في المجتمع العراقي بشكل عام وكردســــــــتان بشكل خاص فإن الحروب والصراعات والحصار كانت لها اكبر تأثير على وضعية المرأة، حيث تحملت أدوارا مزدوجة في ظل غيـــــــاب الزوج على الجبهة أو سجون نظام صدام حسين إلى جانب الفقر والمعاناة الاقتصـــــــادية، مما أثــــــر سلبا على أوضاع المرأة اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا· وتؤكد جنان أن المرأة الكردية تتمتع بقوة الشخصية، حيث انها استطاعت أن تقف في مواجهة كافة هذه الظروف والحفاظ على المجتمع الكردي· وتشير إلى أنه بجانب الحقوق السياسية، فهناك أمور كثيرة على المرأة أن تسعى للحصول عليها وأهمها الاستقلال الاقتصادي· فالمرأة مازالت رهينة زوجها وقبل ذلك والدها وأخيها وتتقيد بالتقاليد· فهناك أهمية بالغة لأن تصبح المرأة معتمدة على نفسها اقتصاديا· هاربات من جحيم لبنان إلى جنة العراق تستقبل اللبنانية ''ايفلين عاد'' (28 عاماً) الزبائن بفندق خمس نجوم في اربيل بابتسامة جميلة، لا تفارقها طوال ساعات العمل الطويلة في استقبالات الفندق الفخم· وتقول ''جئت إلى كردستان العراق بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان، فبعد الحرب لم يعد هناك عمل لنا ووضع بلدنا أصبح صعباً للغاية، فكان لابد من البحث عن بديل، ولم أجد غير عرض عمل هنا''· جاءت ايفلين مع مجموعة من الفتيات اللبنانيات في سبتمبر ،2006 في أول مجموعة من اللبنانيات العاملات في مجال الفندقة إلى كردستان، حيث تدير شركة لبنانية عدة فنادق سياحية جديدة في أربيل· وتشير ايفلين إلى أن اهلها وأصدقاءها في بيروت اعتبروها ''مجنونة'' لقدومها إلى العراق، وتستطرد بالقول إن ''العرض المالي كان مغرياً، في المقابل لا أمل في لبنان بعد الحرب والصراعات الداخلية''· وتقول إنها لم تخش القدوم إلى هنا، فقد اخذت قرارها هذا في أسبوعين بعد بحث على شبكة ''الانترنت'' وسؤال اصدقائها عن الوضع الأمني، وتأكدت من أن الوضع ربما أفضل من لبنان· وتوضح أن كثيرا من الناس عندما يرونها يسألون نفس السؤال ''شو بتعملي هون؟!''، ''هل يترك أحد لبنان ليعيــــــــش في كردستان؟!''· ولا تخفي ايفيلين شعورها الجارف بالحنين إلى بيروت، ولكنها تحاول مع صديقاتها الحياة بشكل شبه طبيعي، حيث يعشن معاً في سكن مشترك، ويأكلن المأكولات اللبنانية ويتسامرن معاً بعد أوقات العمل· وتقول ايفيلين إنها لا تزال بعد كل هذه الشهور تشعر بغربة هنا في أربيل، فالناس ينظرون إلى اللبنانيات كأنهن شيء غريب في وسط لا يتعود سريعا على الغرباء· وبالطبع يثير الكثير من الإشاعات عنهن فقط لكونهن لبنانيات· وأثار اهتمامي أن ايفلين وصديقاتها اللبنانيات ليس لديهن أي صديقات أو أصدقاء أكراد، في المقابل لهن صديقات عراقيات هربن من بغداد للعمل معهن في نفس الفندق· وتقول إن الاكراد مازالوا على الفطرة ويعيشون حالة الحرب التي عانوا منها طويلاً· وتقول الفتاة البيروتية الجميلة إن صديقاتها العراقيات يشاركنها هموم الحرب والتهجير، وانها وصديقاتها يحاولن التهدئة من روع العراقيات بالقول إن الحروب تنتهي· وقبل أن أسألها: وهل الحرب انتهت في لبنان؟، تجاوبني بابتسامة تحمل حسرة وحزنا لتفتح ألبوم عائلتها وتريني ذكرياتها في جبال لبنان وشواطئ بيروت الجميلة، وعينها تكاد تذرف بالدموع· وتؤكد ايفلين أنها ستبقى عامين آخرين على الأقل في كردستان، وأنها أقنعت عدداً من صديقاتها في بيروت بالمجيء إلى اربيل للعمل· فهي تؤكد أن فرص العمل متوفرة والوضع غير مشجع في لبنان وعلى قولها ''ما في شيء في لبنان، هون في شيء''!· كتابة التاريخ على نول ''هذا السجاد ليس سجاداً فقط، إنه كتاب تاريخنا الوحيد''، هكذا تكلم محمود حسن صاحب أحد محلات بيع السجاد في اربيل وعلى وجهه تبدو ملامح الحسرة الشديدة على ما آل إليه وضع صناعة هذا السجاد الذي يسير بخطى سريعة على طريق الانقراض· تتعدى شهرة السجاد الكردي موطنه إلى جميع أنحاء العالم، فعندما يعرف الأصدقاء انك متوجه إلى كردستان العراق، يسألونك هل تذهب لشراء قطعة سجاد كردي؟· ويمثل هذا السجاد قطعة فنية فريدة مصنوعة يدوياً، وتتجاوز ذلك إلى كونها السجل الفني الوحيد والفريد لتاريخ سكان الجبل الذين لم يعرفوا طريقاً إلى الريشة والازميل للرسم والنحت فاستخدموا ''النول'' البسيط وصوف وشعر الماعز والخرفان ليكتبوا تاريخهم ويسجلوا أساطيرهم، حامليه معهم في رحلاتهم عبر الوديان· وتعكس قطعة السجاد الصغيرة طبيعة حياة العشائر الكردية في الجبل وتسجل تطورهم وأساطيرهم، حيث ترى بوضوح في خطوطها البسيطة بساطة حياة هؤلاء وخشونتها الظاهرة· وعندما تدخل محلاً لبيع السجاد في اربيل أو السليمانية تشم رائحة عبق التاريخ، ولكن يحاصرك في المكان السجاد المصنوع آليا والمرسوم عليه كافة الرموز الدينية الاسلامية والمسيحية والرسوم التقليدية للفتيات الكرديات او الزعامات التاريخية للأكراد· ويقول محمود إن صناعة السجاد في كردستان العراق تتعرض للانقراض لعدة أسباب أهمها عدم توفر العمالة التي تعمل لنحو 20 يوماً في صناعة قطعة سجاد واحدة مقابل أجر زهيد لا يزيد عن 30 دولاراً· ولا يوجد في كردستان العراق سوى معمل واحد لصناعة السجاد اليدوي هو مركز ''كزنزان''، والذي يعمل به 73 عاملة فقط· ووفقاً لمحمود فإن المطروح في سوق اربيل اليوم من السجاد أغلبه قادم من إيران، حيث هناك تنتعش صناعة السجاد اليدوي ومركزها في منطقة قلادوزة الحدودية، بينما السجاد المصنوع في كردستان العراق عمره عشرات السنوات· ويشير محمود إلى أن القطعة الصغيرة من السجاد اليدوي يصل سعرها إلى 40 دولاراً والكبيرة اكثر من 100 دولار· في المقابل فإن المشتري لهذا السجاد غير موجود بسبب فقر الأكراد الذين يتحولون عن شراء السجاد اليدوي إلى السجاد الصناعي الرخيص· في الوقت نفسه لا يتوفر السوق الخارجي لتصدير السجاد الكردي· وأبرمت حكومة إقليم كردستان العراق في سبتمبر الماضي اتفاقاً مع عدد من الشركات الأميركية للترويج للسجاد اليدوي، وفتح الطريق أمام هذا السجاد للوصول إلى المعارض الدولية، في محاولة لإنعاش هذه الصناعة التي تواجه خطر الانقراض· ويوضح محمود أن السجاد والكليم الكردي يُنسج من الصوف أو شعر الماعز على أنوال ضيقة نسبياً، وتستخدم في صنعه ألوان طبيعية مستخرجة من الأزهار الجبلية وتضاف إليها مواد تثبيت طبيعية أيضا لإدامة الصبغة· ويشــدد على أن سر شهرة السجاد الكردي عالمياً هو جودته ونقوشه وكــــــونه لا تدخل إليه أي مواد مصنعة على الإطلاق· وفي محاولة للحفاظ على التراث الكردي الذي يحمله السجاد، تأسس في 2005 متحف النسيج الكردي في قلعة أربيل· ويضم هذا المتحف البسيط نحو 400 قطعة نادرة من السجاد يرجع تاريخها إلى ما بين 50 و110 سنوات·
المصدر: أربيل-السليمانية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©