الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنابوليس... الجميع عالق بين الغموض والوضوح

أنابوليس... الجميع عالق بين الغموض والوضوح
13 نوفمبر 2007 01:45
يبدو مؤتمر سلام الشرق الأوسط المتوقع انعقاده برعاية أميركية في نهاية الشهر الحالي، ضعيفاً في محتواه حتى الآن، وأقرب إلى أن يكون مجرد مرحلة أولية لبدء مفاوضات رسمية حول معاهدة سلمية بين طرفي النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني· وقد تلاحظ أن كلاً من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين قد خفضوا كثيراً من توقعاتهم وآمالهم السابقة في هذا المؤتمر، لدرجة أنهم لم يعودوا يطلقون عليه حتى كلمة ''مؤتمر''، واستعاضوا عنها بكلمة ''اجتماع مشترك'' بين الطرفين لا أكثر· ويواجه المفاوضون الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء، صعوبات كبيرة في الاتفاق حول إصدار إعلان موجز مشترك بشأن ما سيكون عليه شكل السلام النهائي بينهما، وكما يقول مسؤولون من جانبي كل من ''إيهود أولمرت'' ومحمود عباس أبومازن، فإن لهما تصوراً عاماً لما يريدان التوصل إليه، إلا أنهما يتفاديان التعبير عنه كتابة أو بأي شكل آخر علني، مخافة التكلفة السياسية الكبيرة لأي تنازلات ربما يضطران إلى تقديمها لاحقاً· وقبل انعقاد هذا اللقاء المقرر له مبدئياً الخامس والعشرين والسابع والعشرين من الشهر الحالي في مدينة ''أنابوليس'' بولاية ''ميريلاند'' الأميركية، فقد بدأ أعضاء تحالف حكومة ''أولمرت'' تحذيرهم من مغبة المضي أكثر مما يجب في تحديد موقفهم ورؤيتهم لإنهاء النزاع· وفي ذات الوقت يكابد المفاوضون الفلسطينيون في سبيل تحديد موقفهم التفاوضي منفردين، دون حصولهم على أي مساعدة تذكر في تحديد هذا الموقف، من قبل محمود عباس ''أبومازن''· إلى ذلك ذكر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، من المقربين لـ''أولمرت''، تفضيل فريقهم المفاوض للحديث عن مجرد بدء المفاوضات لا أكثر، بسبب عدم تمكنه من إعداد ورقة تفاوضية مشتركة بين أعضائه· هذا وربما تعود ''كوندوليزا رايس'' وزيرة الخارجية الأميركية إلى المنطقة في زيارة أخيرة قبل انعقاد اللقاء، بهدف دفع الطرفين وحثهما على تحديد موقف أكثر دقة وتقارباً إزاء الحل الممكن للنزاع· وفيما لو اتسمت أي من الأوراق المقدمة بالغموض في لقاء ''أنابوليس'' المرتقب هذا، فإن ذلك لن يقلل من أهميته أو اعتباره ضمن الجهود المبذولة لبدء المفاوضات الأولية حول عملية خريطة طريق السلام، التي ظلت تراوح مكانها منذ عام ·2003 وتدعو المرحلة الأولية هذه من المفاوضات، الطرف الفلسطيني إلى ضرورة تلازم جهوده المبذولة في بناء المؤسسات الحكومية مع جهود مكافحة الإرهاب، في حين تُطالب إسرائيل بالكف عن توسيع مستوطناتها في أراضي الضفة الغربية، وهو ما ينظر إليه الجزء الغالب من المجتمع الدولي على أنه أمر غير شرعي، إضافة إلى إزالة محطات التفتيش الكثيرة التي أقامتها في تعارض صريح مع الدستور الإسرائيلي نفسه· هذا وقد صرح ''أحمد قريع'' كبير المفاوضين الفلسطينيين قائلاً: ''إن ما نحتاجه حقاً لإنجاح لقاء أنابوليس المرتقب هذا، هو تنفيذ المرحلة الأولى من خريطة الطريق؛ وبما أن هناك شكوكاً متبادلة بيننا والجانب الإسرائيلي طوال السنوات السبع الماضية، فإننا أحوج ما نكون إلى بناء الثقة المشتركة الآن''· لكن وعلى الصعيد العملي، فإن شيئاً من هذا لن يتحقق مطلقاً قبل انعقاد لقاء أنابوليس· فبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي ''إيهود أولمرت''، يبدو إطلاق سراح المزيد من السجناء الفلسطينيين قبيل انعقاد اللقاء المذكور، أشد صعوبة من إعلان المبادئ المشترك بينه والجانب الفلسطيني· ليس ذلك فحسب، بل تبدو خطوة كهذه أكثر تهديداً وزعزعة لـ''أولمرت'' من الناحية السياسية، على حد قول المسؤول الإسرائيلي الذي رفض ذكر اسمه· وبين هذا وذاك لا يزال الجانبان يخوضان صراعهما الداخلي الخاص، بشأن التنازلات الواجب تقديمها فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية: ترسيم الحدود النهائية الفاصلة بين إسرائيل وفلسطين، والوضع النهائي للقدس واللاجئين الفلسطينيين· وبينما اتفق طرفا التفاوض على ترك مسألة مصير القدس جانباً في هذه المرحلة، إلا أنهما لا يزالان على خلاف كبير فيما بينهما بشأن القضايا الرئيسية الأخرى أيضاً؛ فعلى سبيل المثال، يلح الفلسطينيون على أن تكون الرؤية واضحة أشد الوضوح إزاء ترسيم الحدود النهائية لدولتهم المستقبلية، في ذات الوقت الذي يؤثرون فيه الغموض فيما يتعلق برؤيتهم لمسألة تقرير لاجئيهم الذين غادروا ديارهم إبان حرب عام 1948؛ وبالنتيجة فهم يتخوفون من مجرد التصريح بلا جدوى الحديث عن التمسك بعودة اللاجئين إلى ديارهم تارة أخرى الآن· أما إسرائيل فهي تتعمد من ناحيتها أن تكون في أشد الغموض إزاء الترسيم النهائي لحدودها وتقرير مصير مستوطناتها والأراضي التي احتلتها، ذلك أن هذه الأراضي هي كرت التفاوض الرئيسي الذي ظلت تمسك به دائماً· وفي الوقت نفسه يرغب ''أولمرت'' في أن يكون على أشد الوضوح فيما يتعلق بتقرير مصير اللاجئين الفلسطينيين· والموقف الثابت الذي لا يتزحزح عنه ''أولمرت'' ووزيرة خارجيته ''تسيبي ليفيني''، أنه لا مجال البتة لعودة أي من أولئك اللاجئين إلى ما أصبح الآن أراضي إسرائيل، مع تأكيد القول إن أراضي الدولة الفلسطينية التي سيتم الإعلان عنها، هي التي ستكون الموطن الطبيعي لجميع الفلسطينيين· وعليه فإن ''أولمرت'' يبدي تردداً ملحوظاً إزاء مجرد الأخذ بأي اعتبارات إنسانيـــة ربمــا تبرر حدوث بعض الاستثنــاءات في مسألة عودة اللاجئين هـــذه، مثلما حاولت إدارة كلينتون الأخذ بها سابقــاً في محادثــات كامب ديفيد· كما يصر ''أولمرت'' على ضرورة اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل باعتبارها دولة يهودية، وفي هـــذا الإصرار ما يشير إلى محاولة أخرى منه لقفل الطريق أمــام عــودة اللاجئيــن الفلسطينييــن· يشار إلى أن الترتيبات الجارية لعقد لقاء ''أنابوليس''، مسبوقاً بالزيارات العديدة التي قامت بها ''كوندوليزا رايس'' إلى المنطقة، قد أفرزت مفردة جديدة في القاموس السياسي الإسرائيلي المستخدم حالياً ألا وهي "lecondel" وهي عبارة مقتبسة من الاسم الأول لـ''كوندوليزا رايس''، وتعني عندهم الحديث الذي لا يفضي إلا إلى القليل من النتائج التي تكاد لا تذكر· وحتى في حال توصل لقاء ''أنابوليس'' المرتقب إلى صفقة سلام ما -وهذا ما يشكك في حدوثه الكثيرون-، فإنه ليس مرتقباً لهذه الصفقة أن تنفذ قبل مضي عدة سنوات· والسبب هو هواجس إسرائيل الأمنية وحساباتهـــا لمرحلـــة ما بعـــد الانسحــاب من أراضي الضفة الغربية؛ فكيف لها أن تضمن عدم تكرار مــــا حـــدث لهــــا في قطـــاع غزة، من هيمنة حركة حماس واستمرار تعرض مدنها الشماليـــة للاعتــداءات والهجمـــات الصاروخية على مواطنيها؟! ينشـر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: تل أبيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©