الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سامراء... أرض الكوابيس وحقل الألغام

سامراء... أرض الكوابيس وحقل الألغام
13 نوفمبر 2007 01:47
ألا ما أبسط العرض: إن على الجيش الإسلامي تسليم أسلحته إلى مليشيا سنية متمردة يقودها تنظيم القاعدة في العراق، وعليه أن يعلن استسلامه خلال مدة لا تتجاوز أسبوعاً واحداً من تاريخ الإنذار! ولكن المؤسف أن تاريخ الاستسلام المحدد قد مضى، ما أدى لاشتعال نيران التنافس الطائفي في مدينة سامراء· يذكر جيداً ''أبو إبراهيم'' عضو ''الجيش الإسلامي ''تفاصيل ذلك الاجتماع العاصف الذي عقد في شهر سبتمبر، وحدّة المواجهات التي حدثت بين مجموعته والمجموعة الأخرى التي كانت تتخفى تحت مظلة ما يسمى بـ''دولة العراق الإسلامية''، لتضع حداً بذلك لسنوات من التعاون في تلك المدينة، التي تأكدت فعلاً للأميركيين استحالة ترويضها· وفيما تذكّره ''أبو إبراهيم'' يوم السبت الماضي، أن ممثلي تلك الجماعة قالوا لهم ''سوف نقتلكم عن بكرة أبيكم بعد مضي مهلة الأسبوع المحددة، لأنكم إما أن تكونوا معنا أو ضدنا''· ومنذ ذلك التاريخ، لقي الكثيرون حتفهم أثناء تصاعد المواجهات المسلحة بين شتى المليشيات المتحاربة فيها· في هذه المدينة التي تبعد نحو 75 ميلاً شمالي العاصمة بغداد، كانت مجموعة سنية متمردة، قد أقدمت على تفجير أحد المزارات الشيعية قبل ما يقرب من العامين، ما أدى إلى توسيع نطاق الحرب الأهلية الدائرة فيها· وحدثني ''أبو إبراهيم'' عن وقوع أسوأ الاشتباكات المسلحة بين مجموعته والمجموعة الأخرى، على بعد حوالي 10 أميال فحسب جنوب غربي المدينة· وقد أسفرت تلك الاشتباكات التي دارت لمدة ثلاث ساعات متواصلة حسب إفادته، عن مصرع 18 من مقاتلي تنظيم القاعدة في العراق، بمن فيهم القائد المحلي للتنظيم بسامراء· وبما أن هذه المعارك تدور الآن في الأساس بين المجموعات السنية -وهي ذات الجماعات التي قطعت عهداً على نفسها فيما مضى بمحاربة القوات الأميركية والمتحالفين معها- فهي تشير الآن إلى حدوث ما يشبه الثورة السنية على تنظيم القاعدة العراقي· ولذلك فإن لمعارك سامراء هذه، علاقة تكاد لا تذكر بمحاربة القوات الأميركية، لكونها تعبر عن حدة التنافس بين المليشيات السنية نفسها، وعن تدافع بعضها البعض نحو السلطة والنفوذ· كما تظهر من ناحية أخرى، أن المدنيين هم الضحايا الرئيسيون لهذه الاشتباكات المسلحة، على رغم انشقاق المزيد من الجماعات والمليشيات السنية عن تنظيم القاعدة وخروجها عليه في كافة أنحاء البلاد تقريباً· ومنذ اجتماع سبتمبر المذكور، واصل الوضع الكابوسي السيئ للمدينة تدهوره نحو الأسوأ والأكثر دموية ووحشية، ذلك أن قوة ثالثة لها ضلع فيما يجري بالمدينة -والمقصود هنا، قوات الشرطة الوطنية العراقية المثيرة للشكوك والجدل، والتي وجهت إليها اتهامات شتى بالإفراط في استخدام القوة والعنف-، ويخضع قسم هذه الشرطة في مدينة سامراء، لقيادة ''راشد فليح محمد''، وهو ضابط شيعي كان قد طرد من وظيفة شبيهة له في العاصمة بغداد في خريف عام ،2006 بسبب مزاعم واتهامات وجهت إلى الفصائل التي يقودها بشن هجمات طائفية على مجموعات أخرى· مهما يكن فقد أسفرت سلسلة عمليات القتل والاختطاف التي قامت بها المجموعتان السنيتان المتنافستان خلال الأسابيع القليلة الماضية، عن تحويل المدينة كلها إلى حقل من حقول الألغام القابلة للانفجار في أي لحظة· وكما قال ''إياد عوض'' -ميكانيكي بالغ من العمر 28 عاماً، وهو مواطن من سامراء-: إنه لأمر مؤسف أن يقتتل العراقيون فيما بينهم مهما كانت الظروف والمبررات، والأكثر أسفاً أن القاتل والضحية هما معاً من أبناء هذه المدينة· يذكر أن عدداً من شباب المدينة العاطلين قد انضموا إلى صفوف تنظيم القاعدة إثر الغزو الأميركي في عام ،2003 بينما لجأت قوات الأمن والجيش السابقين إلى تأسيس مجموعة ''الجيش الإسلامي'' المنافسة له؛ وكان تنظيم القاعدة في بادئ الأمر هو الأكثر قدرة على استقطاب أعداد أكبر من المقاتلين، بسبب قدرته المالية على دفع رواتب مقاتليه وتجنيد الخبرات القادرة على صنع المتفجرات والقنابل القذرة، وكذلك استقطاب العناصر الأمنية المتخصصة· لكن ومنذ وقت مبكر من حلول عام 2004 بدأ انشقاق المجموعات يزداد يوماً بعد الآخر، بسبب سياسات قتله واستهدافه لمن يسميهم بالمتعاونين مع المحتلين الأميركيين من أبناء العراق· وبالنتيجة، تصاعدت الانشقاقات بين القبائل والعشائر نفسها، وغرست الفتنة بين الأهل والأقارب· ويعتبر ''الجيش الإسلامي'' منطقتي وسط سامراء وناحية المعتصم الواقعة على بعد 15 ميلاً جنوباً، معاقل نفوذ رئيسية له، خاصة بعد انتزاعه المنطقة الأخيرة هذه من الفصيل الآخر المنافس له في الشهر الماضي،· ولا يزال مقاتلو تنظيم القاعدة في العراق، يسيطرون على الضواحي الشرقية لسامراء، إلا أن مقاتلي الجيش الإسلامي يواصلون زحفهم باتجاههم· وبينما تعهدت بعض الفصائل التابعة للجيش الإسلامي بمقاتلة ما يسمى بـ''المواطنين المهتمين'' الذين تمولهم القوات الأميركية، فإن الملاحظ أن الفصائل التابعة للجيش نفسه هنا في مدينة سامراء لم تبد استعداداً بعد لفتح جبهة قتال جديدة كهذه· إلى ذلك قال أحد مواطني سامراء معلقاً: بعد كل هذا الذي حدث ولا يزال في هذه المدينة، فإن علينا أن نسأل القوات الأميركية والعراقية وجماعات المليشيات المسلحة عن الأهداف التي يريدون الوصول إليها بالضبط؛ مضيفا: إن المؤسف أن بعض مقاتلي المليشيات المسلحة يستخدمون بيوت المدنيين ليطلقوا منها النيران على خصومهم، وما أن يعود الذين تعرضوا للهجوم للرد والثأر، حتى تنغرس رصاصاتهم في أجساد وصدور الضحايا المدنيين الأبرياء من ساكني تلك البيوت· محرر للشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©