كان رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون يرفض دائما الظهور بالسترة الطويلة السوداء والفيونكة البيضاء إرضاء لليساريين في بلاده· ومع ذلك فقد أكد بهذا المظهر الذي غالبا ما ينسب للطبقة الراقية على أهمية كلمة المبادئ الخاصة بالسياسة الخارجية الجديدة لبريطانيا· وكان السؤال الرئيسي الذي ساد التحليلات التي عنيت بكلمة رئيس الوزراء البريطاني الثلاثاء الماضي: ''ماذا يعني براون بسياسة ''الدولية الحيادية؟''· ورأت صحيفة ''ديلي تليجراف'' المحافظة في كلمة براون ''طريقا ثالثا لبراون بين عداء حزب العمال التقليدي للولايات المتحدة وإمبريالية توني بلير الجديدة الموالية للرئيس الأميركي جورج بوش''· وأشارت صحيفة ''جارديان'' الليبرالية اليسارية إلى أن براون لم يعد يستخدم تعبيرات مثل ''الحرب على الإرهاب'' خلافا لما درج عليه سلفه بلير وأنه ''لم يشر للحادي عشر من سبتمبر ولو بكلمة واحدة''· وأكد رئيس الوزراء البريطاني بدلا من ذلك على أن الإرهاب ليس وحده هو أتون المخاطر التي تهدد عالمنا· وقال إن العالم يحتاج إلى حلول عالمية لتحديات عالمية مثل عدم الاستقرار الذي ينطوي عليه سقوط الدول وتداعيات التغير المناخي والهجرة من الدول الفقيرة والأوبئة التي تسود العالم وانتشار الأسلحة النووية·
وربما كانت ثقة براون بالثقل الأميركي في العالم هي التي دعته لهذه اللهجة التصالحية والتأكيد على قوة العلاقات البريطانية الأميركية وذلك عندما أكد أنه كان دائما ''معجبا بأميركا'' وأنه ليس لدى لندن أي علاقة بالعداء لأميركا، كما أن الولايات المتحدة مازالت أهم شريك لبلاده· وفسر بعض المعلقين هذه التأكيدات على أنها تعبير عن غيرة البريطانيين من التقارب بين واشنطن وبرلين وبين برلين وباريس· ويرى هؤلاء المعلقون أن ظهور الود بين بوش وميركل وبوش والرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي أثار غيرة براون بعدما رفض الارتماء في أحضان بوش خلال زيارته له في منتجع كامب ديفيد بداية الصيف الماضي· أما بالنسبة لصحيفة ''ديلي تليجراف'' فقد وضحت كلمة براون وبتعبير وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية مارك مالو براون أن بريطانيا لم تعد بالنسبة لأميركا كسيفين في غمد واحد، وقالت إن أميركا التي يحبها براون منذ زمن هي أميركا كيندي وأميركا الليبرالية وليست أميركا جورج بوش·
عدد اليوم
