الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البيوت أسرار

البيوت أسرار
18 مارس 2010 20:00
بعد فوات الأوان نورا محمد (القاهرة) - كنت أتلوى وأتمزق ألماً عندما جاءني المخاض فجراً في الولادة الأولى فتركني زوجي وتوجه للنوم في غرفة أخرى إلى أن استيقظ ووجدني على نفس الحالة أتصبب عرقا، وبدلا من أن يخفف عني بكلمة رمقني بنظرة ذات مغزى، تنم عن استياء وتأفف وارتدى ملابسه وغادر وهو يلقي على مسامعي كلماته ولا يريد أن ينظر في وجهي وقال إنه سيتصل بأمي لتحضر لكنني لم استطع تحمل الألم وارتفعت صرخاتي حتى سمعتها جارتي وجاءت مهرولة، وفزعت مما رأت واستدعت سيارة ونقلتني إلى المستشفى وبعدها لحقت بي أمي وتمت الولادة في عصر نفس اليوم، وعندما علم أنني وضعت أنثى رفض الحضور وعاد إلى المنزل ونام، وعدت في اليوم التالي إلى بيت أبي وأنا انتظر أن يأتي زوجي ليطمئن علينا ويرى طفلته الأولى لكنه لم يفعل، حتى مضى أسبوع كامل وفوجئت به يتصل بي ويطلب مني العودة إلى المنزل، وفعلت رغم عدم الرضا عن تصرفاته البعيدة عن العقل والمنطق والشهامة والرجولة. لم يكن ذلك أول موقف يكشف عن أخلاقياته وتصرفاته، فقد كان استمرارا لما اعتدته منه منذ زواجنا، فقد اكتشفت أنني زوجة لرجل عكر المزاج، لا يعرف الدعابة ولا الابتسامة ويحفظ قاموس الشتائم بكل مفرداته ويضرب ويثور لأتفه الأسباب وربما بلا سبب، ويعنفني حتى على أخطاء الآخرين التي لا ذنب لي فيها، هل تتخيلون أنه يعاقبني على تصرف امرأة أخرى لا يعجبه في فيلم أو مسلسل وكأنني فعلته؟، لا يرضى عن أي شيء افعله ولا يرحب بزيارة أي شخص من أسرتي وأقاربي رغم انهم يأتون دائما محملين بالهدايا والفواكه والحلوى ولا يحب ان يزور أيا منهم في بيته، حتى صنع ما يشبه القطيعة بيني وبينهم لأنهم لا يريدون أن يعكروا صفو حياتي أكثر مما هي عكرة. خمسة أولاد وبنات لم يشفعوا عنده ليحسن أخلاقه أو يراجع تصرفاته، وظل على أحواله كما هو بلا تغير يذكر، وإن كان مع هذا يؤدي واجبه نحو بيته وأبنائه بقدر ما يستطيع بلا تقصير لكنه يمن علينا عند كل نفقة ينفقها سواء في المأكل أو الملبس أو المصروفات الدراسية، وتدرج أبناؤنا في مراحل التعليم المختلفة متلاحقين. وكرست كل وقتي وجهدي من أجل تعليمهم حتى حصلوا جميعا على مؤهلات عليا، نجاحهم كان عزائي الوحيد لاحتمال مسيرة العذاب الطويلة مع رجل لا أتمناه، ويرفضه أولاده الذين لم يشعروا يوما بحنانه، كانوا يشعرون بمعاناتي، ويعايشون كل تفاصيل مأساتي، يواسوني احيانا، ويصل بهم الأمر في أحيان اخرى إلى أن يدفعوني لطلب الطلاق، لكنني استبعدت ذلك تماما، فلو كان ذلك خياري لحدث منذ الشهور او الاسابيع الاولى من زواجنا. تخرج الأبناء والبنات من الجامعات المختلفة وحصلوا على وظائف وتزوجوا واستقل كل منهم بحياته بعد ربع قرن او يزيد من معاشرة هذه الرجل الذي ظل على حاله حتى بعد أن انتشر الشيب في رؤوسنا واصبحنا جدين، ثم هاجمته الأمراض وبدأ يشعر بالضعف، ويمسك لسانه، او ربما لأنه غير قادر على الكلام الكثير ورأيت من واجبي أن امارضه واعتني به، وقمت برعايته كما ينبغي اصطحبه إلى الاطباء، وأقدم له الدواء في مواعيده المحددة ولو بعد منتصف الليل، لا أنام إذا كان يتألم على عكس ما كان يفعل معي، وبعد عدة اشهر وافته المنية، ولم أفرح لرحيله، ولكنني استرحت من قسوته بعد رحلة طويلة متصلة من المعاناة، وتنفست الصعداء، وشعرت ربما لأول مرة بالاستقرار رغم انني الآن أصبحت وحيدة تماما، بلا عمل او مهام تشغلني سوى احتياجاتي الشخصية، ورضيت بهذه الأوضاع، انتظر أحدا من أبنائي وبناتي يزورني لبضع دقائق كل عدة أسابيع وهو متعجل، وكان ذلك يكفيني. قمت من نومي في ليلة مفزوعة من هول ما رأيت في كابوس مزعج، حيث رأيت كبرى بناتي تتألم وتطاردها أشياء غريبة تلتف حولها، تحاول أن تلتهمها، لا أدري إن كانت ثعابين أم حيوانات وحشية مفترسة، المهم أنها كانت مخلوقات لم أرها في الواقع، ولم أشاهد مثلها في افلام الخيال العلمي، كل ذلك يحدث وأنا أيضا أعاني مما أرى غير قادرة على تحريك قدمي لا بالهروب ولا لنجدتها، حتى استيقظت وأكاد لا استطيع التقاط أنفاسي، وجسدي يرتعش ولا اقدر على التماسك واستعذت بالله من الشيطان ولم انم بعد ذلك إلا بصعوبة بالغة خشية أن تعاود هذه المخلوقات مطاردتها لابنتي، وكتمت هذا الكابوس ولم ابده لاحد من ابنائي وبناتي لكن القلق سيطر عليًّ خشية حدوث مكروه لابنتي، وكنت أترقب لعدة أسابيع حتى جاءت لزيارتي، ولاحظت عليها تغيرا وان هناك ما يشغل بالها، وعندما فاتحتها وقلت لها انني ارى على وجهها شيئا غير عادي نفت وأكدت أنها على ما يرام، وأفصحت لها عن بعض ما استشعرته بأن هناك ما يشوب علاقتها بزوجها، أو بمعنى أدق هناك امرأة غيرها في حياته أثارت غيرتها، فإذا بها تنكر هذا كله جملة وتفصيلا، ثم تلملم حاجياتها وتحمل طفلتها وتعود إلى بيتها، اطمأن قلبي وأنا أدعو ألا يتحقق الكابوس وأن يكون مجرد أضغاث أحلام، لكن المخاوف تراودني، وتضرب رأسي وتشغل فكري. وعادت اليَّ ابنتي بعد أسابيع تحمل طفلتها وحقيبة ملابسهما، لم يكن المشهد في حاجة لتفسير او شرح، تركتها تستريح حتى غلبتها دموعها، تذكرت الكابوس الذي رأيته في منامي، وقلت في نفسي إنه بدأ يتحقق، ولم يمض كثير من الوقت حتى اخبرتني أن زوجها هذا الطيب الوديع على علاقة بامرأة اخرى، وتحققت ظنوني وشكوكي وثارت ثائرتي كأنني بركان انفجر ورحت أكيل له الاتهامات والأوصاف واصفه بما يقال عن كل خائن ومخادع ولا أتذكر ما خرج من فمي وقتها حتى لاحظت على وجه ابنتي إنكارا لأن رد فعلي اكبر بكثير مما كانت تتوقع وجاء ابني الأكبر واخبرته بما حدث وبقراري الذي اتخذته ووافقني وايدني مؤكدا أن هذا هو التصرف المناسب. وجاء زوج ابنتي يبدي ندمه ويعلن توبته عما بدر منه وانه مجرد تصرف لم يصل إلى حد النزوة أو الخروج عن المألوف ولم يرق إلى الخيانة وانه متمسك ببيته وزوجته وابنته وانه لن يتخلى عنهما ابدا ولديه كامل الاستعداد لتقديم أي ضمانات يطلبونها ولاحت على وجه ابنتي بوادر تسامح وقبول لأعذاره ورغبة في العودة معه فعادت ثورة بركاني اكثر مما كانت وقلت فيه اكثر مما قال مالك في الخمر وفوجئ بذلك ولم يستطع أن يلاحق كلماتي ورأيت عجزه عن محاولة مجاراتي وكنت سعيدة في داخلي مما افعل فتماديت إلى أقصى قدر إلى أن ترك المكان وانسحب من المعركة مهزوما وعاد الى بيته وتوليت بعد ذلك شحن ابنتي وتعبئة أفكارها بأن تحافظ على كرامتها وألا تتساهل معه وهو لا يستحق أو انه لا يوجد رجل يستحق وبدأت تستجيب للقرار الذي اتخذته أنا وشقيقها بأنه لابد من الطلاق وهو القرار الوحيد المناسب للخيانة لأنها لو عادت اليه فستكون امرأة بلا كرامة ولابد من تأديبه. وعندما عاد في المرة الثانية في محاولة لمصالحتها كان نصيبه اكثر من المرة الأولى ولم يستطع المقاومة وألقيت على أم رأسه بالقرار النهائي بأن يطلقها فاختل توازنه وفشلت كل مساعيه ورفضنا كل أعذاره ولم يستسلم وظل عاما يروح ويجيء والنتيجة واحدة وكان ما أردت وحصلت ابنتي على الطلاق وايضا حقق لها رغبتها في أن تحتفظ بالطفلة معها وبعدها بعدة اشهر تزوج واستقرت حياته. الآن اعترف بأنني انتقمت من هذا الرجل وفعلت ما عجزت عن فعله مع زوجي وأشعر بالذنب والندم والألم بعد فوات الأوان واعترف أيضا بأنني ارتكبت جريمة في حق ابنتي وزوجها وطفلتهما وأخشى أن أموت واتركها وحيدة في خضم بحر الحياة تجني الثمار المرة لفعلتي وما يزيدني ألما أنها ترفض الزواج حتى لا تتركني وحدي وأنا في هذا العمر وليس أمامي حاليا إلا صورة زوجي السيئة وأتذكر كل ما فعله معي على مدى اكثر من ربع قرن وزوج ابنتي الذي لم يفعل عشر معشار ما فعل زوجي ولا ادري كيف استطيع تصحيح هذا الخطأ الجسيم. الفكرة التي تلح على رأسي الآن أود أن أذهب إليه واعترف له بكل شيء لكن لا أعرف كيف يكون رد فعله. ميزان العدالة سنوات في الحرام أحمد محمد (القاهرة) - سعيد مدخن قديم ربما منذ أن كان في العاشرة من عمره، مثل الكثيرين من أقرانه الذين تركوا المدرسة مبكراً ولم يهتموا بالتعليم ووجدوا متعتهم بعيداً عنه وهم لا يدركون عاقبة تصرفاتهم وقراراتهم التي لم يردعهم أحد عنها، وعندما ارتقى نحو مرحلة الشباب استطاع أصدقاؤه إقناعه بأن رجولته لن تكتمل إلا إذا تعاطى المخدرات في جلسات الفرفشة، أوهموه بأنه سيظل طفلاً في عيون الناس ما لم تكن له صولات وجولات في سهرات الليل المتأخرة بعد ما ينتهي من عمله في ورشة إصلاح السيارات، أما سهرة السبت فهي خاصة جداً لأنها تأتي قبل يوم الأحد إجازته الأسبوعية، ورغم دخله الكبير من عمله فإن المخدرات كانت كافية؛ لأن تلتهمه أولاً بأول، وكأنه يتضرر من وجود أموال معه، ولم يكن جده واجتهاده وتفانيه في مهنته إلا للحصول على المزيد من المال ليكفي هذه السهرات التي تلتهم أي أموال. وتزداد أوهام «سعيد» في رأسه بأنه لا يستطيع أن يتوقف عن «المزاج» الذي يدفعه للعمل والحياة، بل هو الحياة نفسها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما امتد إلى أنواع كثيرة من المخدرات، في انسياق أعمى وراء التجريب والبحث عن متعة زائفة. عشر سنوات كاملة وحياته على وتيرة واحدة، في الليل والنهار، بين العمل والسهر، دون أن يتحمل أو يشارك في مسؤولية أسرته الفقيرة وإخوته الكثيرين وكلهم تحت خط الفقر بكثير، ولو أنه استقام لكفي دخله الكبير الجميع ونقلهم إلى المعيشة الطيبة، إلا أنه لم يفكر إلا في نفسه وملذاته وأصدقاء السوء، الذين كان يبحث عنهم ويبحثون عنه كأنهم أصدقاء حميمون مخلصون ولا يريد أن يعترف أنهم مخربون يدمرون حياته ويدمر حياتهم. وعندما بلغ «سعيد» الخامسة والعشرين من عمره وبدأ يفكر في الزواج لم يبحث عن فتاة تحافظ على بيته وشرفه، وإنما اختار شقيقة أحد أصدقائه الذين يقضي معهم سهراته، كثيراً ما يشاهدها في بيته فهو يتردد عليه كثيراً، وتقوم الفتاة بخدمتهما، وتشاهد كل ما يفعلونه، شغفته حباً وهو يراها تروح وتجيء أمامه في المسكن الصغير بملابس البيت العادية وطار عقله ليس لأنها تستعصي عليه ولا لأن أهلها سيرفضونه، ولكن لأنه لا يملك ما يقدمه لها أو يشتري به بيتاً أو عشاً يصلح للإقامة، وعندما فاتح صديقه برغبته في الزواج من «سيدة» لم يجد ممانعة ولا رفضاً، بل ترحيباً وموافقة دون قيد أو شرط، والفتاة نفسها لم تكن لديها عليه تحفظات فهي الأخرى تعرفه، وتشعر بما يكنه لها؛ لأن نظراته تنم عما بداخله، فجأة وجد نفسه أمام مسؤولية جسيمة عاجزاً عن تحملها ولا بد أن يقوم بها، أفاق من غيبوبته الطويلة في السنين الماضية، فلم يحسب حساباً لذلك وكأنه أخذ على غرة، وربما لأول مرة لا يشعر بلذة السهرة ولم يستمتع بها، فاهتمامه وتفكيره في البحث عن مخرج من هذا المأزق، الذي تحول إلى مشكلة بدلاً من أن يكون سعيداً وحاول الهروب من ذلك إلى المزيد من تعاطي المخدرات. بعد أخذ ورد وشد وجذب، اتخذ قراره وهو يكاد ينفجر من الضحك، متهماً نفسه بالغباء الشديد، فكيف يكون الحل تحت قدميه، ويبحث عنه بعيداً، ما كان سبباً في إفلاسه، هو نفسه سيكون السبب في ثرائه وحل مشكلاته كلها، نعم تجارة المخدرات، ولم يتردد وبدأ مشواره نحن جمع المال، ووجد المسألة بسيطة وربما غاية في البساطة من وجهة نظره، فكل ما يفعله الحصول على كمية صغيرة ويقوم بترويجها على أصدقائه الكثيرين الذين عرفهم في هذه الأجواء خلال السنوات الطويلة الماضية، وجرت الأموال في يديه غزيرة، فالربح وفير والعائد سريع بأقل مجهود، وندم على ما فات من عمره دون أن يفعل ذلك. وتمكن خلال عدة أشهر من أن يشتري شقة متواضعة ويؤثثها ويقيم حفلاً شعبياً في الشارع ويتم زفافه وينتقل مع «سيدة» إلى عشهما الجديد، لكنه بعدها لم يفكر لحظة في عواقب ونهاية الطريق الذي اختاره، استمر كذلك وقد منح عقله إجازة حتى عندما رزق بطفلة جميلة بريئة أطلق عليها اسم «بسمة»؛ لأنها رسمت البسمة في المنزل كان يحاول أن يقنع نفسه بأن ما يفعله لتأمين مستقبلها حتى لا تعيش حياة الفقر والعوز مثله ومثل أمها التي لم تستنكر هي الأخرى أفعال زوجها وهي تعرفها بكل تفاصيلها ولا يخفى عنها شيء منها، بل تساعده وتعاونه فيها أحياناً. وكانت النهاية الطبيعية أن تصل أخبار التجارة المحرمة إلى رجال الشرطة الذين راقبوا تحركاته وعرفوا كل ما يفعله وألقوا القبض عليه ولا سبيل للإنكار أو التملص من الاتهام فالمخدرات في جيبه ويتم حبسه وتنقلب حياته رأساً على عقب ووجد نفسه مقيد اليدين ومقيد الحرية في غرفة مظلمة وخلال عدة أسابيع عاد إلى نقطة الصفر خالي الوفاض وكل ما جمعه من أموال أو ما تبقى لديه أخذه المحامي كأتعاب لكي يدافع عنه أمام المحكمة أملاً في الحصول على البراءة لم يبق له ولا لأسرته أي شيء وحتى البراءة التي كان يطمع فيها لم يحصل عليها وجاء حكم محكمة الجنايات بمعاقبته بالسجن المشدد سبع سنوات وأصبح وحيداً في زنزانته يعاني الفقر وأما ما لم يكن يتوقعه ولم يخطر له لحظة على بال، فهو أن زوجته أم ابنته شريكة حياته لم تفكر مرة في زيارته خلال محنته هذه، ولا حتى في محبسه ولم يجد مبرراً لذلك كان بينه وبين نفسه يختلق لها الأعذار ربما تكون مريضة أو لا تستطيع أن تراه في هذه الحال أو تشفق عليه وتود أن تحافظ على كرامته، ليست وحدها فأخوها صديقه كان كذلك وبقية الأصدقاء اكتشف متأخراً أنهم مجرد أوغاد انفضوا من حوله جميعاً ولا يعرفون الوفاء فقد كانت صداقتهم وهمية وعلاقتهم تقوم على الخداع. الوحيدة التي زارته في سجنه هي أخته، كانت تتردد عليه بين الحين والآخر كل عدة أشهر، طلب منها أن تحضر معها ابنته «بسمة» لقد بلغت الرابعة منذ أيام ولم يرها منذ فترة طويلة، لا يريد أن تذهب إلى هذا المكان، لكن الشوق غلبه، ومازال أمامه الكثير من السنين ولا يستطيع أن يصبر دون أن يراها، ألح على شقيقته في طلبه، بعدما رفضت زوجته أن تزوره معها، ولكن وافقت على أن تذهب الصغيرة مع عمتها، احتضن «سعيد» طفلته «بسمة» وبكى ربما لأول مرة في حياته، وراح يتمتم بكلمات غير مفهومة كأنه يعتذر لها عن فعلته ويعدها بالتوبة وعدم العودة إلى هذا الطريق، حاول أن يتماسك ويسألها عن أحوالها وكيف تعيش مع أمها وحدهما، وبكل براءة الأطفال أخبرته بأنهما ليسا وحدهما هي وأمها وإنما يتردد عليهما الكثير من الشباب، يقضون الليل أو معظمه، وأحياناً يبيتون مع أمها، وانتفض الرجل كأنما لدغته عقرب وهو عاجز عن فعل أي شيء تجاه هذه الخائنة التي اعتقد خطأ أنها حزينة من أجله ومعتكفه في المنزل أسفاً عليه. انتهت الزيارة وعادت الصغيرة مع عمتها التي واجهت زوجة شقيقها بما قالته الطفلة التي لا تعرف الكذب، فلم تعلق إلا أنها نهرتها واتهمتها باختلاق هذه الافتراءات. وما أن خلت بها حتى قامت بتعذيبها بالكهرباء وكيها بالنار حتى لا تردد ما قالته مرة أخرى وأن تعدل عنه، والصغيرة تصرخ ولم تتحمل كل هذا وسقطت مغشياً عليها، وبعد عدة ساعات لفظت أنفاسها، وفي الصباح توجهت الأم إلى الوحدة الصحية لاستخراج تصريح بالدفن، لكن الطبيب اكتشف أن الوفاة ليست طبيعية، وألقي القبض على الأم لتعترف بجريمتيه ويتم تقديمها إلى محاكمة عاجلة، وتعاقبها محكمة الجنايات بالسجن المؤبد خمسة وعشرين عاماً. وعندما علم «سعيد» بالحكم وهو في محبسه عبر عن استيائه؛ لأنه لن يستطيع أن ينتقم منها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©