الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

بسبب الدول المتعطشة للطاقة العالم على مشارف أزمة نفطية حادة

بسبب الدول المتعطشة للطاقة العالم على مشارف أزمة نفطية حادة
16 نوفمبر 2007 23:10
بعد أن شارفت أسعار النفط على الوصول الى عتبة المائة دولار للبرميل فإن العالم اصبح يتجه نحو ثالث أزمة له طوال تاريخه في مجال الطاقة، إلا ان الصدمة الحالية تختلف اختلافا جوهريا عن ازمتي النفط السابقتين علاوة على ما تنطوي عليه من تأثيرات عالمية اكثر اتساعا واطول امدا فيما يبدو، وتماما كما حدث في ازمتي الطاقة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي فإن ارتفاع الاسعار الحالي اصبح يسبب القلق والآلام لجموع المستهلكين ويشعل المخاوف بشأن آثاره على مجمل الاقتصاد العالمي، ولكن وعلى خلاف ازمتي النفط السابقتين واللتين نجمتا عن انقطاع مفاجئ في الصادرات من الشرق الأوسط فإن الاسعار هذه المرة اخذت تتصاعد باستمرار بسبب ارتفاع الطلب في الدول الصناعية المتقدمة في نفس الوقت الذي تمكن فيه مئات الملايين من الصينيين والهنود من مغادرة هوة الفقر وشهدت فيه العديد من الاقتصادات الناشئة الاخرى نموا بوتيرة متسارعة، وكما يقول لورانس جولدستين الاقتصادي في مؤسسة بحوث الطاقة في واشنطن: ''هذه اول صدمة للطاقة في العالم يقودها الطلب''· وحسبما جاء في التحليل الذي اوردته صحيفة ''انترناشونال هيرالد تريبيون'' مؤخرا فإن التنبؤوات الخاصة بأسعار النفط المستقبلية استمرت تتسم بالتفاوت والاختلاف حيث يرى بعض المحللين انها ستنخفض في العام المقبل الى 75 دولارا للبرميل أو الى مستويات اقل من ذلك بينما يتوقع البعض الآخر ان تستقر على مستوى 120 دولارا للبرميل، ولكن من المؤكد ان لا احد يتوقع عودتها الى مستوى 20 دولارا للبرميل كما كان سائدا قبل عقد من الزمان ما يعني ان المستهلكين بات يتعين عليهم ان يتطلعوا الى عصر جديد يتسم بارتفاع هائل في تكاليف الطاقة والوقود· ومما لاشك فيه ان جذور هذا الارتفاع المدهش في اسعار النفط - بنسبة 56 في المائة في هذا العام وبمعدل 365 في المائة منذ عقد من الزمان - يكمن تطور ايجابي يتمثل في ازدهار غير مسبوق للاقتصاد العالمي، فالطلب من الصين والهند وحده بات يتوقع له ان يبلغ الضعف خلال العامين القادمين في الوقت الذي يستمر فيه اقتصاداهما في التوسع واتجاه المواطنين لشراء المزيد من السيارات وانتقالهم بالملايين الى المدن الكبرى بحثاً عن اساليب وانماط للحياة اشبه بتلك التي اعتادها الغربيون، ولكن ومع استمرار ارتفاع الاسعار فإن الاقتصاد العالمي ربما بات على اعتاب الدخول الى منطقة مجهولة لا قبل له بمثيلها في السابق، فهذه الزيادة في الاسعار لا تبدو مؤثرة حتى الآن بشكل سلبي على النمو الاقتصادي رغم ان العديد من الاقتصاديين بدأوا يتساءلون عن طول الفترة التي يمكن ان تستغرقها هذه الزيادة· وكما يقول الفاتح بيرول كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية: ''ان هذه الاسعار عالية بشكل مبالغ ومن شأنها ان تلحق اضرارا جسيمة في نهاية المطاف بالمنتجين والمستهلكين على حد سواء''· ويذكر ان اسعار النفط المستقبلية تم التعامل بها بسعر 95,67 دولار للبرميل في بورصة نيويورك للسلع يوم الجمعة الماضي بعد ان شهدت انخفاضا من مستوى 98 دولارا للبرميل للبرميل في اوائل ذلك الاسبوع، إلا ان السعر اصبح عرضة للتقلبات كما ان العديد من المحللين باتوا يتوقعون ان الحاجز النفسي بسعر 100 دولار للبرميل بات من الممكن بلوغه في وقت ما خلال الاسابيع القليلة المقبلة· أرخص من الحليب والمياه النفط مازال لم يبتعد كثيرا عن اعلى مستوياته التاريخية على اعتبار احتسابه بمقياس التضخم والتي وصل اليها في ابريل من عام 1980 بعيد اندلاع الثورة الايرانية، ففي ذلك الوقت قفزت اسعار النفط الى ما يعادل 101,70 دولار للبرميل بالمبالغ النقدية الحالية، ولكنه ظل وفي معظم فترات القرن العشرين رخيص الثمن وبالغ الوفرة، وطوال حقبة التسعينات على سبيل المثال استمر متوسط السعر في حدود 20 دولارا للبرميل بل وحتى بمقاييس اليوم فإن النفط ما يزال ارخص ثمنا من الحليب والمياه المعبأة والتي تكلف على التوالي 150 دولارا و180 دولارا للبرميل· وكما تقول ليندا كوك عضوة مجلس ادارة شركة رويال دوتش شل العملاقة في مجال النفط: ''ان المخاوف اليوم باتت تنصب على الكيفية التي يمكن من خلالها لقطاع الطاقة مقابلة النمو المتوقع في الطلب على المدى الطويل''، فالطلب على النفط اصبح الى ازدياد وبوتيرة غير مسبوقة، اما بالنسبة للعرض فهو مازال يجاهد لمواكبة الطلب وهو التحدي الأكبر من نوعه الذي سيواجهه قطاع الطاقة كما تقول كوك· الهند والصين اصبحت الصين اكثر من أي دولة اخرى تمثل عقدة هذا التحدي بعد ان تحولت الى ورشة اقتصادية عالمية خلال فترة العقد الماضي قبل ان تصبح ايضا احد كبار مستهلكي الطاقة في العالم، وشهد اقتصادها نموا بوتيرة بالغة السرعة بمعدل يقترب من 10 في المائة في كل عام منذ حقبة التسعينات ما ادى الى خروج حوالي 300 مليون نسمة من وهدة الفقر· لذا فقد جاء هذا التسارع في عملية التصنيع على حساب الطلب على النفط الذي تضاعف الى ثلاثة امثاله منذ العام 1980 ليحول الصين من مجرد دولة مكتفية ذاتيا الى مستورد بالكامل للنفط الخام، وغني عن القول ان الهند والصين يؤمان معا حوالي ثلث اعداد البشرية جمعاء قبل ان يطالب هؤلاء المواطنين بضرورة تأمين متطلبات الحياة من الكهرباء وتوافر السيارات و سائر انواع سلع المستهلك، بل اصبح بامكانهم بصورة متزايدة تحمل كلفة هذه السلع والخدمات ومنافسة الغرب على النهل من هذه الموارد، وبهذه الطريقة اصبح هذان العملاقان الآسيويان يدليان بتأثيرات خطيرة على توازن الطاقة العالمية· والآن فإن الصين تستهلك فقط ثلث ما تستهلكه الولايات المتحدة الاميركية من النفط والتي ظلت تحرق ربع انتاج النفط العالمي في كل يوم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©