الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في الساعة 25 كونستانتان جيورجيو تنبأ بحلول عصر بروليتاريا الآلة منذ عام 1948

في الساعة 25 كونستانتان جيورجيو تنبأ بحلول عصر بروليتاريا الآلة منذ عام 1948
16 نوفمبر 2007 23:17
في رواية رائعة كتبها الأديب والمفكِّر الروماني الشهير كونستانتان جيورجيو الحائز على ''جائزة نوبل في الآداب'' عام 1948 تحت عنوان (الساعة الخامسة والعشرين)، حذّر من التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنتج عن التفوُّق العددي للآلات بالنسبة للبشر التي يستخدمونها· وتنبأ بعصر مقبل يصبح فيه البشر كلهم مجرّد عبيد لبروليتاريا الآلات التي تتفوق عليهم عددياً· وقال على لسان مُصلح اجتماعي تقمّص شخصيته في الرواية وأطلق عليه اسم كوروغا: (لقد أشرف العالم على دخول ساعته الخامسة والعشرين؛ وهي التي لن تشرق الشمس من بعدها على الحضارة البشرية أبداً، والتي لن يحلّ بعدها يوم جديد· إنها الساعة التي سيتحول فيها البشر إلى أقلية بروليتارية عديمة القدرة على التفكير لا وظيفة لها غير إدارة جحافل الآلات وصيانتها وتنظيفها)· ويستعير جيورجيو كثيراً من الأمثلة والأحداث الصاخبة والمتلاحقة التي تعجّ بها روايته لوضع صورة لعالمنا الجديد الذي تسخّر فيه الأحاسيس البشرية كلها لضمان استمرارية هذا النظام المتميز بكثير من عناصر الانحراف الفكري والأخلاقي· ويختار كونستانتان لروايته بطلاً من عامّة الناس أطلق عليه اسم ''إيوهان موريتز''، وهو ينتمي إلى فئة من الناس توصف بالتخلّف والسذاجة لمجرّد رفضها لعبودية الآلة والانصياع للقوانين الجائرة التي وضعت لخدمتها· واختار جيورجيو فترة الحرب العالمية الثانية المضطربة كإطار زمني لأحداث روايته· وهو يصوّر الملايين من الناس وهم يقتلون بوحشية كبيرة دفاعاً عن مصالح واعتبارات مادية لا تصب في النهاية إلا في مصلحة مصنّعي الأسلحة والآلات· ويحطّ الظلم والفساد الأخلاقي لفئة الحكّام المستبدين رحاله في بيت ريفي صغير يسكنه موريتز مع زوجته الفلاحة الجميلة سوزان في إحدى القرى الرومانية النائية· فيعتقله قائد الشرطة ويسجنه في أحد المعسكرات الرومانية حتى يتمكَّن من الاستفراد بزوجته· وتحتل الجيوش النازية رومانيا فتعثر على موريتز الذي يتم نقله من معسكر اعتقال إلى آخر لينتهي به المطاف في مصنع للأزرار تابع للجيش النازي يعمل فيه بطريقة ''السخرة''· وتتلخص وظيفته هناك بالوقوف أمام سير متحرك تمر فوقه علب كرتونية مملوءة بالأزرار المصنعة فيقوم بترتيبها فوق بعضها على أحد طرفي السير استعداداً لشحنها· وتكون سرعة وصول العلب على السير موافقة لأقصى سرعة يمكن لموريتز أن يرفع بها العلب من فوقه· وأثناء انهماكه في هذا العمل المرهق، يقوم بحك رأسه فيخسر أثناء ذلك بضع ثوانٍ من آلية العمل مما يؤدي إلى تراكم العلب فوق السير وتوقف العمل في المصنع كله· وكان ما ناله موريتز من هذا الخطأ الشنيع أن خضع لأقسى أنواع التعذيب والاضطهاد· هذه هي العقوبة التي تنتظر كل من يتقاعس أو يتلكأ عن أداء عمله في خدمة الآلة؛ ويا لها من صورة رائعة يمكنها أن تفسّر حال البشرية اليوم· وبالرغم من أن جيورجيو مات قبل أن يسمع شيئاً عن جهاز الكمبيوتر أو الموبايل، إلا أنه وضع أسس التنبؤ بحال العالم هذه الأيام· فلقد أصبح ''خدم المعلومات'' يشكلون أكثر من 80% من الفئات العاملة في المجتمع الأميركي وأكثر من ذلك في اليابان وأوروبا الغربية؛ وهم الذين يوصفون بأنهم أولئك الذين يؤدون أعمالهم من خلال الشاشة ولوحة المفاتيح وينتشرون في كل دوائر العمل من دون استثناء· ونادراً ما ترى مسؤولاً كبيراً إلا وتراه يداعب لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو يضع الموبايل على إذنه· ويقول بعض الخبراء والمتنبئين بمستقبل ثورة المعلومات والآلات الذكية إن العصر الذي كان ينشغل فيه الخبراء والمهندسون في إعمال فكرهم لابتكار الآلات ذات الوظائف الجديدة سوف يأفل عندما ستظهر جحافل الآلات القادرة على ابتكار الآلات· وعندئذ، لن تبقى ثمة من حاجة للإنسان لأن يستعمل دماغه على الإطلاق لأن الثورة التي يقودها الإلكترون كافية لتحقيق ما يعجز عنه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©