الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لعبة الوقت

لعبة الوقت
16 نوفمبر 2007 23:23
أزمنة تمتد ومساءات تحنو، وصباحات تبلل الروح بالوداعة! يا لدقات ساعة الوقت حين تلهم المرء كأنها نقر متقن لكعب حصان على أرض صلبة، نسمات هواء ترتجف على أثرها وريقات الشجر! لم تعتد الصبية اللهو والمساءات باردة كأنها على موعد مع بزوغ الفجر! ولم نعرف الظهيرة إلا على قرارها الساخن، تلتصق بصفة الرمضاء، كأنها خلعت رداءها الأخير، وانحنت على مساءات الشتاء الباردة! لم تعد الشموس تزهو كما لو أنها قرصان من سيوف تسلط على الرقاب أو تحيل الأجساد إلى تلك السمرة، لم تعد العصافير تشاغب الظلال المحتشدة أو ترف في فيض من غصن إلى آخر، كل الأغصان ظلال وارفة ومهد لعش، ولذة لحياة رغد، فقد انحدر وهج الظهيرة، كأنها هجعت إلى السلم، فما دهاء الدهر الا سلطان ينحني إلى مبتغى الزمن حتى سلطان الظهيرة! بلابل الوقت آتية إلى الروض تحتفل من أجل رقصة العمر! و طيور السنونو المهاجرة تسعى قادمة من دهاليز السماء الباردة! لتسكن سواحل الخليج العربي، هنا دفئها الأجمل! تمكث زهاء شهور، ترسم مدا أبيض، تتحدث لغة القوم، ويعدها البحر بلقمة شهية، وتقرأ تفاصيل الأرض جيدا، ثم تعود إلى مسارها بعد أن ترقص وتغني من وحي الوجوه السمر! فيا لها من رحلة سلام ما بين الشرق والغرب!! لتغادر نحو السماء أوحيث يحتضنها الأفق! فما تبقى من رتلها يتريث، وكأنها على موعد من الإحساس المتدفق بامتداد الشتاء هناك، فكلما امتد مكوثها هنا أو كلما أصبح للصيف نفحات تغادر! أنها في رحى الزمن المسافر تعد وتحصي المدة في إتقان وبدقة متناهية تسعى، فكم آلت إلى سواحل الشغب تدرك المدن تلو المدن وتحلق على السراب البكر! في الشتاء ينصهر الوقت في بوتقة ذات مدار واحد، ومعالم على أثرها تتعاشق الدقائق سريعا، لتتوالد بنكهة لها رائحة الاخضرار المخضل بالورود، والعيون ترنو الى مساحة من الزهور والمروج، كأن لها رغبة في حياة تبزغ من جديد على عزف له لحن فريد! ترى للمطر وحيا من الغيوم، وإذا ما هطل صفاء الروح ونقاء النفس، يتساقط من حيث لا تشعر ومن حيث يمتد تبدو فواصل الوقت متزنة وطرية! يبقى للزمن ما يوحي بهذا النسيج من الوقت المتأصل في حياة تلد انتظاما من أجل أن تطهر نفسها من العبث المتراكم، كأن فكرة الوقت تعمد الهدوء والترقب، تفرز عزفا من الانفعال، رتم يسكن إلى النفس، حيث الطبيعة لها محض تجليات، وللوقت لعبة المدارات، وللحياة مقاييس زمنية في خضم الحراك الذي يلهم الإنسان بالتمازج في بوتقة من التجلي نحو الأفق!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©