الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش الباكستاني...عقدة الأزمة وحلها

الجيش الباكستاني...عقدة الأزمة وحلها
17 نوفمبر 2007 01:18
في آخر مرة علق فيها الرئيس ''برويز مشرف'' الدستور، وأقال قضاة المحكمة العليا ولاحق الأحزاب السياسية-في العام 1999- لاقى دعماً واسعاً من جميع الأطراف المعنية، كالقيادة العليا في الجيش، والعواصم الرئيسية في الغرب، والنخبة المكونة من رجال الأعمال، فضلا عن الفئات المتعلمة من الطبقة الوسطى· غير أن معظم ذلك التأييد الداخلي تآكل اليوم بسبب استمرار الحرب على الإرهاب والتقارب المريب، في نظر الباكستانيين، الحاصل بين الرئيس ''مشرف'' والولايات المتحدة؛ ورغم ذلك واصل الرئيس ''برويز مشرف'' هيمنته على الحياة السياسية بفضل دعم المؤسسة العسكرية التي يعتبرها البعض الآخر من يقف بجانب الرئيس في الأوقات العصيبة التي يمر بها حالياً· الواقع أن الجيش الذي يعتبر أقوى المؤسسات الباكستانية وأكثرها استقراراً، كان قد اضطلع على الدوام بأدوار مهمة، حيث غالبا ما تدخل لفرض الاستقرار في الحياة السياسة، سواء مباشرة أو من خلف الستار· ويمكن للاضطرابات التي يشهدها الشارع الباكستاني، بالإضافة إلى استياء واشنطن، أن تدفع الجيش إلى التدخل مرة أخرى باعتباره الحكم الأخير في الصراعات السياسية الباكستانية· غير أن البعض الآخر يذهب إلى أن الجيش يظل في مجمله وراء الجنرال ''مشرف''، ويبقى الأمر المؤكد أن المؤسسة العسكرية لن تسمح لمكانتها على الساحة الداخلية أن تتعرض للاهتزاز· في هذا الإطار يقول ''إكرام سيجهال'' -الصحفي بدورية ''الدفاع''، وجنرال متقاعد في الجيش الباكستاني-: ''إن الجيش دائماً ما يتردد في التمرد على القائد الأعلى، لكن الضغط على مشرف في اتجاه التخلي عن بذلته العسكرية ''قد يكون الطريق الوحيد لاسترجاع الجيش لصورته''· فقبيل اندلاع الأزمة السياسية خلال الأسبوع الماضي، تصرف ''مشرف'' بثقة الرجل العسكري الذي يدين له الجيش بولاء تام؛ وبرغم أن هذا الولاء لن يتغير في المستقبل المنظور تبقى الحقيقة أن الجيش الباكستاني، الذي يتمتع بهوية قوية ويلتزم بمهامه، أكثر ارتباطاً بالأمة منه بمكتب الرئيس، وهذا ما يؤكده الدور الثابت للمؤسسة العسكرية في الحياة السياسية الباكستانية ''حسن عسكري رزفي'' -الأستاذ السابق للدراسات الباكستانية في جامعة كولومبيا- يعلق بقوله: ''سيكون الجيش جزءا من عملية التغيير السياسي في البلاد''، مضيفاً: ''قد يلعب دور الوسيط بين الأحزاب السياسية كما قام بذلك في السابق، وسواء كان الأمر مباشراً، أم لا فإن الجيش في النهاية سيتدخل لاجتراح الحل''· الواضح أن إعلان الرئيس ''برويز مشرف'' حالة الطوارئ يشبه إلى حد كبير الانقلاب العسكري الذي قام به ضد رئيس الحكومة السابق ''نواز الشريف'' في العام ·1999 فمرة أخرى يعود ''مشرف'' إلى تعليق الدستور وملاحقة المعارضة والتضييق على النظام القضائي؛ غير أن الاختلاف هذه المرة يكمن في ردود الفعل السيئة التي قوبلت بها خطوة ''مشرف''، إذ لم يقتصر الأمر على تراجع دعم حلفائه في واشنطن، بل قد امتد إلى الشارع وتهديد تحركه بالخروج عن السيطرة، وهو الأمر الذي ينظر إليه الجيش الباكستاني بقلق بالغ· والأكثر من ذلك أن الضغوط تفاقمــت على الجيش الذي أصبح مطالباً حاليـــاً بإرجـــاع الاستقرار إلى البلاد على غرار المرات السابقة مع احتمال أن يطلب قادة الجيش -رغم استبعاد ذلك- من ''مشرف'' الخروج من الثكنات العسكرية وممارسة مهامه كرئيس مدني، خوفاً من انتهاك الدستور· وفي هذا الصدد يوضح ''إكرام سيجهال'' قائلا: ''لقد تعهد مشرف أمام المحكمة العليا بخلع بذلته العسكرية، وهو ما تعهد به أيضا أمام القادة العسكريين، لكن اليوم وفي ظل حالة الطوارئ لم يعد الأمر واضحاً، فالجيش يريده أن يبقى وفي الوقت نفسه يريد منه الوفاء بتعهده''· ورغم أنه لم يحدث في السابق انقسام في صوف الجيش الباكستاني، بحيث لم ينقلب في تاريخه على أحد أفراده وهو في الحكم، إلا أن هناك سوابق مارس فيها قادة الجيش ضغوطاً على الحكام العسكريين أرغمتهم على التنحي· وفي هذا السياق يلاحظ ''كمال متين الدين'' -محلل مستقل وجنرال سابق في الجيش- أن الجنرال ''أيوب خان'' وهو أول حاكم عسكري في باكستان، كان قد أجبر على تقديم استقالته في ظروف مشابهة عندما نزل المواطنون إلى الشارع· ومع أن الجنرال ''مشرف'' أحاط نفسه بالموالين في صفوف الجيش وقوات الاستخبارات، وفي بعض الأحيان استبدال كبار الضباط بالمفضلين لديه، إلا أن ذلك قد لا ينفــع ''مشرف'' كثيراً إذا ما تفاقم الاحتجاج الشعبي وثار الشــارع الباكستاني، حيث لن يكــون أمام الرئيس من خيار سوى التنازل عن السلطة، على الأقل في صورتها العسكرية· اللافت أن السنوات الثماني من حكم الجنرال ''مشرف'' تنتظم في نسق تكرر في الأنظمة العسكرية السابقة؛ ففي كل المرات التي تولى فيها الحكام العسكريون السلطة في باكستان، تدفقت المساعدات الخارجية على البلاد لتحفيز النمو الاقتصادي ومساعــدة باكستــان على منافسة أسرع الاقتصاديات الدولية نمواً؛ فقد ارتفع الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 9 بالمائة طيلة السنوات التي قضاها ''مشرف'' في السلطة بفضل المساعدات الخارجية؛ والأهم من ذلك أن المؤسسة العسكرية نجحت في المرات الثلاث الفائتة من الحكم العسكري في تعزيز ترسانتها من الأسلحة وقوة حضورها بفضل المساعدات العسكريــة السخيــة التي تتلقاهــا من الولايــات المتحدة؛ بينما كانت فترة حكم الجنرال ''ضياء الحق'' محتلة المرتبة الثالثة من حيث المعونات العسكرية بعــد إسرائيل ومصــر، كما تلقت على امتداد سنوات ''مشرف'' سبعة مليارات دولار من المساعدات العسكرية· شاهان مفتي- إسلام أباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©