السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عصابات النفط في نيجيريا...وعنف يلفه الغموض

عصابات النفط في نيجيريا...وعنف يلفه الغموض
17 نوفمبر 2007 01:18
رغم أن ''روزماري دوجلاس''، المواطنة النيجيرية من مدينة ''بورت هاركورت'' لا علاقة لها بقطاع النفط في بلادها، الذي يضخ أكثر من مليوني برميل في اليوم بعد استخراجها من الأراضي السبخة في دلتا النيجر، إلا أن العنف الذي يغلف المنطقة اقتحم عليها منزلها ونزل عليها ضيفاً ثقيلا في شهر سبتمبر الماضي، عندما هشمت رصاصة ذراعها اليسرى بينما كانت نائمة مع ابنتها البالغة عامين من عمرها· ''لا أعرف لماذا حدث ذلك معي''، هذا ما تقوله ''روزماري'' بألم، وهي تروي بدهشة وذهول كيف اجتاح العنف الحي الذي تقيم فيه ليكتسح المدينة بأكملها، مضيفة ''إني لا أتدخل في أي شيء، وليس لي علاقة بالسياسة وأمورها''· والواقع أن العنف الذي ضرب منطقة دلتا النيجر في السنوات الأخيرة كان موجهاً بالأساس إلى شركات النفط الأجنبية، والعمال الأجانب، فضلا عن ضباط الشرطة وأفراد الجيش المكلفين بحماية تلك الشركات؛ وعلى امتداد العامين الأخيرين عانت المنطقة من الاختطافات وعمليات تفجير أنابيب النفط، بالإضافة إلى استهداف محطات الضخ وثكنات الجيش· لكن في الأيام الأخيرة تحولت أفواه البنادق إلى الداخل واندلعت معارك مفتوحة في مدينة ''بورت هاركوت'' النيجيرية المتهالكة والمليئة شوارعها بالحفر؛ وعلى غرار المستنقعـــات المنتشرة بكثافة في المنطقـــة تبقى الأسباب الحقيقية للعنف غامضة وغير مفهومة، ومع ذلك يمكن إرجاع الصراع الدامي إلى التنافس المحتدم بين العصابـــات المختلفة المرتبطة بدورها بالزعماء السياسيين الذين استخدموها كميليشيات خاصـــة خلال الانتخابات المحلية والفدرالية في شهر أبريل الماضي، وذلك حسب نشطاء حقوق الإنسان وأعضاء سابقين في العصابات، فضلا عن عمال الإغاثة في المنطقة· في ذلك الإطار يقول ''أنياكوي نسيريموفو'' -من معهد حقوق الإنسان والقانون الإنساني في مدينة ''بورت هاركورت'' النيجيرية-: ''إن ما يحدث اليوم لا ينفصل عن السياسة، ذلك أن العصابات هي جزء لا يتجزأ من السياسة، بعدما أصبحوا جزءا من النظام، ونحن من ندفع ثمن ذلك بدمائنا''· ومع أن العصابات الحالية تختلف عن الجماعات المسلحة التي كانت تهاجم في السابق الصناعة النفطية، إلا أنها ليست منفصلـــة عنها تماماً، حيث تشكل تلك العصابات حلقة أخرى من العنف المتكرر في المنطقة، والذي يرجع أول ظهور له مع اكتشاف النفط في العام ·1956 فمنذ عودة الديمقراطية إلى نيجيريا عام 1999 دأب السياسيون في جميع أنحاء البلاد، على توظيف العصابات لترويع الخصوم السياسيين وتزوير الانتخابات، فقد كشف تقرير أصدرته ''هيومان رايتس ووتش'' في أكتوبر الماضي، أن النظام السياسي يعاني من تآكل خطير بسبب الانتشار الواسع للفساد والعنف إلى درجة أنه أصبح أشبه -في بعض المناطق- بمؤسسة إجرامية منه بنظام حكومي· وحتى الانتخابات التي أجريت في شهر أبريل الماضي شهدت عمليات تزوير على نطاق واسع وتخللتها أعمال عنف خطيرة، ما حدا بالمراقبين الدوليين إلى التشكيك في مصداقيتها· لكن من بين جميع المناطق النيجيرية تبقى دلتا النيجر الأكثر تأثراً بالعنف، حيث يُتيح السيطرة على الحكومة المحلية الاستئثار بمليارات الدولارات من عوائد النفط، وهو ما يسمح بتشكيل المزيد من الميليشيات· وبحسب أعضاء سابقين في العصابات ونشطاء في منظمات حقوق الإنسان، لجأ حزب ''الشعب الديمقراطي'' الحاكم، بالإضافة إلى أحزاب المعارضة إلى أفراد العصابات في دلتا النيجر خلال الانتخابات، ما أدى إلى فوز الحزب الحاكم بأغلبية ساحقة؛ وفي تلك الانتخابات حصل أحد أقوى زعماء العصابات ''سوبوما جورج'' على حصة الأسد من إدارة أعمال العنف، لأنه -حسب المراقبين- أبان عن قوة هائلة قبل الانتخابات، عندما تمكن من الهرب من السجن بعد هجوم جريء نفذه عناصر عصابته لإنقاذه؛ ولم يتردد زعيم العصابة لاحقاً في التجول علانية بسيارته في شوارع مدينة ''بورت هاركورت'' دون أن يجرؤ أحد على اعتقاله· غير أن العصابات الأخرى التي استاءت من احتكار ''سوبوما جورج'' السيطرة على المدينة والاستئثار بالعقود الأمنية، شرعت في مهاجمة أفراد عصابته معرضة حياة المدنيين، الذين حوصروا في مواجهات بين الطرفين، للخطر· الأكثر من ذلك، لجوء العصابات إلى اختطاف الأبرياء، حيث قامت في هذا الصدد باختطاف امرأة عجوز هي أم المحافظ الجديد، وطالبت بفدية لإطلاق سراحها، كما تعمد العصابات إلى احتجاز أطفال المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال للحصول على الأموال، أو انتزاع مكاسب سياسية· وقد وصل العنف إلى حد لم يعد معه المستشفى الرئيسي في المدينة قادراً على استقبال ضحايا الأعيرة النارية الذين تجاوزوا خلال فترة الأسبوعين من شهر أغسطس الماضي 71 إصابة ليستمر تدفق الجرحى والمصابين المدنيين على المستشفى بسبب المعارك الدائرة في المدينة بين أفراد العصابات· تقول ''إبينادو بوب مانويل'' -الطالبة الجامعية- إنها كانت في البيت برفقة خالتها وأختها الصغرى عندما اندلعت المعارك بين الجنود وأفراد العصابات الذين سيطروا على المنطقة، فتلقت رصاصتين في الفخذ، فقدت على إثرها الوعي بسبب كميات الدماء الكبيرة التي نزفت منها· وقد أعلنت الحكومة بعد تجدد المعارك أنها أرسلت وحدة خاصة من الجيش النيجري لملاحقــة العصابــات، وفرض القانون في المناطق التي تسيطر عليها· لكن رغم الهدوء النسبي الذي عم المدينة بعد وصول القوات النيجرية، مازال المدنيون يتوجسون من اندلاع المعارك مرة أخرى وتعرضهم لابتزاز العصابات الخارجة عن القانــون· ليديا بولجرين-نيجيريا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©