السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دعم إثيوبيا: الإصلاح والسلام

17 نوفمبر 2007 01:19
قبل تسع سنوات اندلعت أول حرب عصرية بين بلدين أفريقيين في جنوب الصحراء مخلفة وراءها في فترة قصيرة لا تتجاوز العامين أكثر من 100 ألف قتيل· واليوم تلوح في الأفق نذر حرب جديدة قد تشتعل على الحدود القديمة بين إثيوبيا وإريتريا، حيث ساهمت الأموال والأسلحة المتدفقة من بعض العناصر الراديكالية في منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن القوات التي يتم تدريبها في إريتريا، في تعزيز حركة التمرد التي تنشط في إقليم أوجادين بجنوب شرق إثيوبيا· ومن نافلة القول إن حرباً جديدة في منطقة القرن الأفريقي ستقوض الاستقرار الهش، كما ستدعم العناصر الإسلامية المتطرفة التي تنتعش في ظل أجواء من الاضطرابات والقلاقل· ومع الأسف يساهم الكونجرس الأميركي، من حيث لا يدري، في تأجيج الصراع والتشجيع على الحرب من خلال مشروع القرار الذي يدرسه حالياً ويهدد بقطع المساعدات التقنية الموجهة إلى إثيوبيا التي تعتبر من أقرب حلفائنا في المنطقة، إذا هي، من ضمن أشياء أخرى، لم تطلق سراح المعتقلين السياسيين، ولم تقر نظاماً قضائياً مستقلاً وتضمن حرية وسائل الإعلام· والواقع أن إثيوبيا قامت في الآونة الأخيرة بسلسلة من الخطوات الإصلاحية؛ مثل الإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين وإصلاح قانون الانتخابات البرلمانية بما يسمح بمشاركة أكبر للمعارضة السياسية في الانتخابات التشريعية، كما صادقت على قانون جديد للإعلام يلبي المعايير الدولية· لذا فبتوجيه اللوم مباشرة إلى إثيوبيا وإحراجها على الساحة الدولية من خلال إقرار مشروع القانون، فإن الكونجرس يصطف إلى جانب الجهاديين الإسلاميين والمتمردين، مع ما يرافق ذلك من زعزعة للاستقرار في منطقة حيوية بالنسبة للمصالح الأميركية· ولعل المقاربة الأكثر مواءمة لمقتضى الحال، مقارنة مع تلك التي يسير عليها الكونجرس، هي دعم إثيوبيا ومساعدتها في التغلب على الأخطار المحدقة بها· ولن يتم ذلك دون الوقوف إلى جانبها لحل خلافاتها الحدودية وضمان دخولها في حوار مع المتمردين والقادة التقليديين، ثم السماح بتحقيق دولي للبحث فيما ينسب إلى الجيش الإثيوبي من تجاوزات، بما في ذاك المزاعم التي تتحدث عن وقوع جرائم قتل واغتصاب· وقد بدأت إثيوبيا بالفعل في الاستجابة للمطالب الدولية عبر السماح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالدخول إلى منطقة التمرد لمساعدة المدنيين وتقديم الدعم اللازم للأبرياء· أما إريتريا فتطالب من جهتها بأن تكون الحدود هي نفسها التي تم رسمها قبل خمس سنوات، وهو مطلب مشروع لو لم يطرح مشاكل بالنسبة للقرى المسلمة والمسيحية التي تعتبر نفسها في الجانب الخطأ من الحدود، لاسيما أنها متقاطعة فيما بينها وتقضم أراضيَ وطرقاً في البلدين المجاورين· وبدلاً من الاصطفاف إلى جانب دون الآخر، مما قد يؤدي إلى نشوب حرب ضروس في المنطقة، يجدر بالولايات المتحدة دفع الحكومتين الإثيوبية والإريترية إلى رفع أيديهما عن السكان وتركهم، على جانبي الحدود وفي المناطق المتنازع عليها، كي يتوصلوا إلى اتفاق مشترك يضمن حقوق الطرفين وينزع فتيل الحرب· ولا ننسى أن إثيوبيا هي بلد يضم 77 مليون نسمة، تشمل المسيحيين والمسلمين الذين يعيشون في سلام جنباً إلى جنب، وهي أيضاً تسعى بخطوات حثيثة إلى إرساء الديمقراطية، رغم الأخطار الداخلية والخارجية الرامية إلى تقويضها· ولعل ذلك ما يحتم على الكونجرس الأميركي التخلي عن مشروع القرار القاضي بقطع المساعدات التقنية الموجهة إلى إثيوبيا واللجوء بدلاً من ذلك إلى الدبلوماسية الخلاقة للتعامل مع نذر الحرب والتمرد· فيكي هودلستون باحث في معهد بروكينجز الأميركي تيبور ناجي دبلوماسي أميركي سابق في أديس أبابا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©